الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صناعة صورة العدو
بدأت الإدارة ووسائل الإعلام الأمريكية، تسلط الضوء على خطر ما أسموه (الإرهاب أو التطرف الإسلامي) على العالم وأمريكيا بالذات، من خلال نشر تقارير وأفلام وتحقيقات عن المنظمات الإسلامية المختلفة، وعلى رأسها تنظيم القاعدة، لصناعة صورة العدو، أو الوحش الذي يهدد الحضارة والإنسانية، حيث رسمت وسائل الإعلام صوره قاسية لتنظيم القاعدة، ولأسامة بن لادن المدجّج بأسلحة الدمار الشامل، والذي يقود مجموعة من القتلة الذي يستخدمون الأسلحة البيولوجية والكيميائية للقضاء على أعداد كبيرة من الأميركيين وسواهم. وقد عززت هذه الصورة وساهمت في تضخيمها بعض قيادات التنظيمات الإسلامية، من خلال بعض تصرفاتها وتصريحاتها، المسيئة والساذجة والغبية، والتي لا تمت بأيه صله للإسلام (1).
ففي 21 نوفمبر 1994م أذاعت شبكة تلفزيون P.B.S الأمريكية برنامجاً عن الجهاد في أمريكا .. أعده وعلق عليه الصحفي المعروف (ستيفن امرسون)، الذي اشتهر بتحقيقاته عن الإرهاب الدولي. وفي البرنامج انطلقت حناجر المتطرفين الإسلاميين تصرخ وتزوم وتهدد بنسف الحضارة الأمريكية .. وسفك دماء غير المسلمين
…
وإعلان الجهاد في سبيل الله من البيت الأبيض، والكونجرس ومجلس الأمن. وقال المعلق: أنهم يهدفون إلى مقاتلة الكفار وإقامة إمبراطورية إسلامية. وفي اليوم التالي لعرض برنامج الجهاد في أمريكا، عرضت نفس المحطة برنامجاً آخر بعنوان (الأصولية الإسلامية والديمقراطية) ندد فيه عمر عبد الرحمن بالديمقراطية الغربية ووصفها بالتدني والحقارة (2).
وبعد انقضاء أربع سنوات على انفجار اوكلاهوما سيتى، وخمس سنوات على بث شريط الجهاد في أمريكيا، بث فيلم وثائقي ثان، عزز القلق الشعبي إزاء المسلمين، وأظهر هذا الفيلم الأذى الذي لا يمكن أن يلحقه بسمعة الإسلام إلا أحد ادعيائه. ففي إنتاج بدا انه تتمه لفيلم الجهاد في أمريكا، قدمت شبكة ب. ب. س
(1) من نيويورك إلى كابول- محمد حسنين هيكل ص131
(2)
صلاة الجواسيس - عادل حمودة ص11
شريطاً يحمل عنوان (الإرهابي والقوة العظمى) تناول خطاب أسامة بن لادن، الذي قدم نفسه كمدافع عن الإسلام. حيث يزعم الفيلم ان بن لادن قام بدور رئيس عام 1998م في تفجيري سفارتي أمريكا في كينيا تنزانيا، كما قدم تحقياً عن عمليات القصف الانتقامي الأمريكي لأهداف في السودان وأفغانستان. وفي هذا الشريط الوثائقي أعطى بن لادن صورة مزيفه، بشعة، فاسدة عن الإسلام. فباسم الدين دعا المسلمين إلى قتل الأمريكيين أينما استطاعوا ومتى استطاعوا، وهى دعوة تنتهك مبادئ العدل التي تطبع الإسلام، انتهاكاً فاضحاً، وشدد على أن أمريكا هي عدو الإسلام الرئيس وقال: إنه يتوجب على المسلمين محاربتها.
ومها يكن الدافع الذي أدى إلى تفجر نقمة ابن لادن، فقد أظهره منتجو الشريط بصورة المسعور، إذ عمدوا إلى حذف المقاطع التي تضمنت عبارات متقدة، مشوبة بإحساسه بالظلم الواقع من جانب أمريكا (1). وفي البرنامج اعترف رجال المخابرات الأمريكية ورجال المباحث الفيدرالية: إن علاقتهم بالمتطرفين بدأت خلال الحرب الأفغانية .. أنهم دربوا منهم حوالي 20 ألف مقاتل
…
والمعنى .. أن الأمريكيين هم الذين ربوا هذه الديناصورات التي استدعوها من أزمنة غابرة ليقاتلوا بها أعداء الله
…
السوفيت الكفار في أفغانستان (2).
وينقل (بول فندلى) حديث دار بينه وبين أحد أصدقائه عن الأثر الذي تركته تلك المقابلة عن الإسلام حيث يقول صديقه: "يثير قلقي سعودي متطرف يعيش في أفغانستان، ويعد نفسه مسلماً، وهو متهم بأنه الدماغ المخطط للإرهاب. لقد أجريت معه مقابلة تلفزيونية الليلة الماضية. إنني لا أتذكر اسمه، غير انه بدأ على الشاشة كالممسوس".
سألته: هل يدعى أسامة ابن لادن؟ فأجاب: هو بعينه. لقد أظهرت نشرة الأخبار هذا الشخص، وأظهرت الإسلام، بمظهر سيء. قد يكون أصدقائك المسلمون أناساً رائعين، إلا أن صورة المسلمين التي عرضها التلفزيون في الأسبوع الماضي بعيده عن أن تكون جذابة. والواقع أنى وجدتها مقلقة ومهينة". ويعلق فندلى على
(1) لا سكوت بعد -- اليوم - بول فيندلى-.ص99 - 100
(2)
صلاة الجواسيس - عادل حمودة ص9 - 19