الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صورة العدو التاريخي القديم المتمثل بالعالم الإسلامي، لكن الغرب كان أيضاً ـ بحاجة ـ إلى وسيلة لإقناع مواطنيه بمصداقية هذا الاكتشاف الجديد والقديم، لذا كان طبيعياً أن يحاول ترسيخ ملامح البعبع من خلال تقديم الأصولية الإسلامية، والإرهاب الإسلامي في صورة العدو العنيف" (1).
ومعلوم أن الصهاينة والإسرائيليين يدركون أن الخطر الحقيقي، الذي يتهدد كيانهم هو ظهور تيار إسلامي قوى في الدول العربية. ونجد مشاعر مماثلة تساور العديد من المسيحيين ـ الأصوليين في ـ أمريكيا، فهم يعتقدون أن بقاء إسرائيل قوية جزء من مخطط الله، ويعتبرون المسلمين تهديداً لهذا المخطط، ولهذا يرى هؤلاء أن عليهم مواصلة معاداة المسلمين، لأن إسرائيل لا تزال في حالة تأهب عسكري، لمواجهة الدول الإسلامية المجاورة في غالبيتها (2). ولهذا فإن الأصوليين المسيحيين أكثر عداوة للإسلام والمسلمين، بل وأكثر جرأة في الطعن في الإسلام، وجرح مشاعر المسلمين، من حلفائهم اليهود. كما تدل عليه تصريحات (فرانك غراهام) و (بات روبرتسون) و (جيري فالويل) حول الإسلام خلال العام المنصرم. وقد لاحظت الكاتبة الأميركية (جريس هاسيل) أن الأصوليين المسيحيين في أميركا "مستعدون لتقبل نقد موجه لفرنسا أو إنجلترا، أو ألمانيا، أو إيطاليا، أو الولايات المتحدة، أو أي بلد آخر في العالم، لأن ذلك شأن سياسي، أما نقد إسرائيل فهو يساوي عندهم نقد الرب ذاته"، حسب تعبيرها (3).
تبدُّل الصياغة وصناعة صورة العدو
عندما غزا (صدام حسين) الكويت في أب 1990م، زود ـ من غير قصد ـ مخططي وزارة الدفاع بالشيء الذي كانوا يبحثون عنه، منذ تولي (غورباتشوف) قيادة الاتحاد السوفيتي. إنه عدو جديد يمكن للولايات المتحدة أن تضع عليه الملامة، وخطر على الأمن يبرر المحافظة على إنفاق عسكري مماثل لفترة الحرب
(1) المستشرقون والإسلام معالجة منهجية خاطئة ـ إبراهيم محمد جواد
(2)
لا سكوت بعد ـ اليوم ـ بول فيندلى ص12
(3)
يد الله - غريس هالسل ص 80
الباردة (1). وبعد أن تدخلت أمريكا ودمرت القوات العراقية وأخرجتها من الكويت، رأت أن توسع نظرتها للعدو الجديد باتخاذ الإسلام كعدو بديل، حيث كانت أول مره يرفع فيها شعار (الإسلام عدو بديل) على المستوى السياسي الغربي، في (منتدى الشؤون الأمنية الدولية) في ميونيخ عام 1991م، وكان الذي استخدم هذا التعبير، هو وزير الدفاع الأمريكي آنذاك ـ ونائب الرئيس الأمريكي حالياًـ ديك تشيني. وقد ـ لقي موقفه حينئذ ـ ردود فعل شديدة، في البلدان الإسلامية، وفي أوساط ثقافية ودينية غربية، تخوّفت مما يعنيه الصدام الكامن وراء تلك الشعارات، التي وصلت إلى مستويات مؤثرة في صناعة القرار السياسي الأمريكي ذو المنطلقات الصهيونية (2).
وقد سبق رفع شعار (الإسلام عدو بديل) ظهور العديد من الدراسات والأبحاث التي قامت بها كثير من مراكز البحث والجامعات الغربية، وبالتعاون مع دوائر استخبارية غربية، بهدف التعرف على أنجع الطرق لمواجهة الصحوة الإسلامية أو ما سموها بالأصولية الإسلامية، "بحيث أضحى موضوع دراسات الشرق الأوسط في الغرب هو ابرز العناوين التي تتم تحتها عملية الرصد والدرس والتحليل للعالم الإسلامي عامة، والعربي خاصة، من كافة الجوانب، من العقيدة إلى فن زراعة البساتين، والتي تطورت وتوسعت بشكل هائل منذ الحرب العالمية الثانية، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، ويكفي أن نعرف أن عدد المتفرغين للبحث في هذا المجال في جامعات أمريكا وكندا كان 363 في عام 1969م فأصبح 670 عام 1986م، وان عدد أعضاء (رابطة دراسات الشرق الأوسط)، في أمريكا عام 1977 م كان 823 عضواً، موزعين على 39 مجالاً، أهمها مجالات التاريخ والسياسة، والأدب، والدين، والاقتصاد، وعلوم الإنسان، والاجتماع، والتعليم، والقانون"(3). ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل حرصت دول الغرب، خاصة أمريكا، على أن تنشئ مؤخراً عشرات المراكز في داخل البلاد الإسلامية ـ تحت مسميات مختلفة ـ لتتولى مهمة الرصد والفحص، وجمع المعلومات المباشرة، لتصب هناك في مراكز التخطيط والقرار، هذا
(1) قرن أمريكي آخر - نيكولاس غايات - ترجمة رياض حسن - ص 150.
(2)
الإسلام عدو بديل (هدف تابث وصياغات متغيره) - نبيل شبيب - اسلام اون لاين 12/ 1/2001
(3)
الأصولية في العالم العربي - دكمجيان - دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع/ المنصورة، 1989