الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحذيرات قبل الحرب
يقول خبراء الآثار: "إن المتاحف العراقية تعرضت لثلاثة أنواع مختلفة من السرقة، وهي أعمال التخريب والنهب الفردية، وسرقات لقطع أثرية محددة بتكليف من عصابات إجرامية، إضافة لما وصفوه بأعمال تخريب ثقافي متعمد بدوافع دينية أو سياسية. ولكن أهم عمليات السطو التي تعرضت لها المواقع الأثرية في العراق، تتمثل في هجوم قام به مائتي مسلح بمدافع رشاشة على مدينة نمرود الأثرية ومتحفها في نينوى شمال بغداد ونهب محتوياتها، وتقطيع تمثال ثور ذي جناحين في موقع شورباك بالمحافظة ذاتها.
ورغم تحذيرات عدة جهات من نقابات ومؤسسات من أن وضع الآثار العراقية لا يسر في حالة الحرب، ومطالبتهم بحمايتها خاصة من قبل اليونسكو، التي أصدرت بياناً في بداية العمليات العسكرية طالب فيه أمينها العام بالمحافظة على المواقع الأثرية من التدمير والنهب، فإننا شاهدنا متحف بغداد الأثري تصله أيدي لصوص الحضارات والتاريخ. وهنا يقول (جيريمي بلاك) المتخصص في الآثار العراقية في جامعة أوكسفورد:"لقد تم تنبيههم -أي الأمريكيين ـ إلى ذلك وكان من الممكن تفادي ما حدث"، مشيراً إلى استقبال مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية علماء آثار أميركيين، جاءوا لتنبيه المسؤولين العسكريين من احتمال تعرض المواقع الأثرية للنهب، وحددوا نحو خمسة آلاف موقع أثري تحتاج إلى الحماية. كما قام (جيسون ماكجير) ـ وهو عالم آثار من جامعة شيكاغو ـ بإطلاع القادة العسكريين الأميركيين على الأهمية التاريخية للعراق، حيث أبلغ العلماء أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ستعمل على تشكيل مجموعة عمل لدراسة مشكلة التعرض المحتمل لهذه الآثار للتدمير (1).
كما شدد المجلس الأعلى للآثار بمصر على أهمية الحفاظ على التراث الحضاري العراقي في خضم الحرب الدائرة هناك، باعتباره تراثاً عالمياً، وحملت اللجنة الدائمة للآثار المصرية الولايات المتحدة وبريطانيا مسؤولية الحفاظ على الممتلكات الثقافية العراقية، تنفيذاً لاتفاقية لاهاي الصادرة عام 1954 م واتفاقية
(1) الاثار في العراق بين ايدي لصوص الحضارات - محمد سيدي - الجزيرة نت
التراث العالمي الصادرة في باريس عام 1972م بشأن حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة. ولكن خبراء الآثار أصيبوا بالقلق حينما وجدوا أن الولايات المتحدة وبريطانيا لم تصدقا على معاهدة لاهاي لعام 1953م، التي تلزم الأطراف الموقعة عدم مهاجمة المناطق الحضارية أثناء الحروب إلا إذا كان هناك وجود لمنشآت عسكرية. ولهذا طالبت اللجنة في بيان أصدرته قبل الحرب الولايات المتحدة وبريطانيا بالإمتناع عن قصف الأهداف العراقية المدنية، خاصة المنشآت والمواقع والمتاحف الأثرية والتاريخية، حيث نبه البيان إلى أن استخدام القنابل ذات القدرات التدميرية الهائلة، التي تخترق باطن الأرض، من شأنه تدمير الآثار المدفونة تحت سطح الأرض التي لم تكتشف بعد. وأشار البيان إلى المخاطر التي تهدد متحف بغداد الأثري الذي يضم حوالي 100 ألف قطعة أثرية من كنوز الحضارات العراقية المتعاقبة منذ ما قبل التاريخ، وحتى الألف الأول الميلادي. وأهابت اللجنة بالمنظمات الدولية كالأمم المتحدة واليونسكو والمنظمات غير الحكومية للتدخل الفوري، لوقف عمليات القصف واتخاذ الخطوات (1).
كما بعث مدير عام اليونسكو إلى السيد (كوفي عنان) رسالة في شهر نوفمبر 2002 م أبلغه بأهمية التراث الثقافي العراقي، وضرورة المحافظة عليه، وعندما بات وقوع الحرب وشيكاً بعتت اليونيسكو رسالة إلى السلطات الأميركية بينت فيها خارطة المواقع الأثرية والتاريخية، وقائمة المتاحف العراقية المعروفة لدى المنظمة الدولية للمتاحف. حيث رد على الرسالة الميجور (فارولا) من الجيش الأميركي وقال:"إن السلطات الأميركية ستأخذ الإجراءات اللازمة، ولكن في أرض الواقع (2). وطبعاً أخذت الإجراءات اللازمة، كما رأى الناس كلهم على شاشات التلفزة الجنود الأميركيين يقفون، والناس تنهب وتسرق كل شيء، حيث علق وزير الدفاع الأميركي (رامسفيلد) على ذلك بقوله: "إن ما حدث في العراق يتحمل مسؤوليته النظام الديكتاتوري التسلطي الذي كان قائماً هناك". أما (بول وولفويتس) نائب وزير الدفاع الأميركي
(1) موقع الإسلام أون لاين.
(2)
قناة الجزيرة 14ـ4ـ2003 ـ ما وراء الأحداث / تدمير حضارة العراق/- تقديم احمد منصور