الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهناك، بالإضافة إلى بعض عملائها الدائمين الذين قدموا خدمات اكثر من إرسال القوات، والذين كانوا يتحركون ويصرحون وفق سيناريوهات الإدارة الأمريكية. ونتيجة لإحجام دول رئيسة محترمة عن المشاركة في هذه الحرب، أجرت الولايات المتحدة مشاورات في مجلس الأمن، لاستقدام قوات متعددة الجنسيات إلى العراق. وتعكس الخطوة الأميركية أزمة حقيقية تواجهها إدارة بوش في ضوء خسائرها البشرية المتصاعدة في العراق والتي ألجأتها إلى عرض جزء من الكعكة في العراق على من كانت تريد معاقبته على معارضته الحرب (1).
البروباغاندا والتشويه الإعلامي في الحرب على العراق
لا يزال السجال بشأن دور الإعلام الغربي قبل وخلال وبعد الحرب على العراق على أشده. وربما جاز القول إن النقد الراهن لهذا الإعلام، الصادر عن مؤسسات ومؤلفين ومختصين غربيين، هو من أشد ما تعرض له هذا الإعلام خلال نصف القرن الأخير. ويأتي هذا النقد بعد التطور الهائل في وسائل الإعلام الغربي واختراقها لأسقف عالية، تسنمها موقع السلطة الرابعة في الديمقراطيات الحديثة، حيث هي الراصد والمراقب اليومي عن كثب لأداء السلطات الثلاث الأخرى. لكن هذا كله في وقت السلم، أما في وقت الحرب فإن هذا الإعلام يتردى ـ كما يبدو لمعظم المساهمين في كتاب (اكذب علي) ـ ليصبح مجرد ماكينة من الكذب تعيد إنتاج الخطاب الرسمي وتحتفي به. فهذا الكتاب يشكل صفعة قوية لأداء الإعلام الأميركي والبريطاني في الحرب على العراق، وهو وثيقة إدانة حقيقية. ويبدو أنه كلما بدأت المؤسسة الرسمية في الولايات المتحدة وبريطانيا تأمل بإغلاق ملف مبررات الحرب على العراق، تفاجأ بضربة جديدة تعيد فتح الملف من الصفحة الأولى، وهذا الكتاب ليس سوى إحداها.
الإعلام يؤيد التوسع الإمبريالي: وقف الكاتب البريطاني (جون بلجر) ضد الحرب دون هوادة، ويراها غطرسة إمبريالية أميركية تعكس عجرفة القوة، ولا علاقة لها بأي مسوغ من المسوغات التي سيقت لتبريرها. وهو يلحظ كيف انجرف الإعلام
(1) الجزيرة نت ـ ماجد ابو دياك الأحد 18/ 7/1424هـ الموافق 14/ 9/2003م
وراء الشهوة الإمبريالية الإمبراطورية؟ ، وعمل على جعل ما هو خارج عن نطاق التصور وكأنه أمر عادي، أمر عادي أن يدمر بلد وتنتهك سيادته، ويحتل دون قرار من مجلس الأمن، ويتم ذلك كله ضد رأي الغالبية الكاسحة من العالم. في خضم ذلك التمدد الإمبريالي يغدو تصنيع الرأي العام في البلدين، وفي العالم، وتهيئته للحرب، وتسويق مسوغاتها أمراً حيوياً. ولتحقيقه كانت المؤسسة الرسمية قد عمدت إلى ممارسة الكذب الصريح، وتشويه الحقائق عن طريق تضخيم صغيرها، وإغفال كبيرها، وأحياناً تخليق جديدها من الصفر. والتساؤل الذي يتوقف عنده (بلجر) وغيره كثيرون، هو إلى أي مدى يمكن للرأي العام في الغرب أن يمرر عمليات التسويغ تلك، ويقبل إغلاق ملف الحرب بالسرعة التي يأملها السياسيون (1).
الإعلام وإستراتيجية الحرب: في معمعمة عملية الحرب، احتل الإعلام موقع القلب، وكان أن نظر له باعتباره رديفا إستراتيجياً لا يمكن التعامل معه بخفة. لم يتم الاعتراف بمركزيته فقط في دعم المجهود الحربي، بل اعتبر جزءاً لا يتجزأ وأساسياً من ذلك المجهود. لذلك فإن محاكمات أداء ذلك الإعلام التي أعقبت قيام الحرب وانتهاء مرحلتها العسكرية المباشرة، توازت ـ ولا تزال تتوازى ـ مع المحاكمات التي تقام لإعادة النظر والتشكيك في الحرب نفسها، وبناء على الاعتبارات والذرائع التي شنت بسببها. لكن الانطباعات العامة التي ترددت في معظم بقاع العالم كانت تحوم حول اتهام مركزي موجه إلى الإعلام الغربي، أو بدقة أكثر الإعلام الأميركي والبريطاني والمتلفز منه على وجه التحديد، مفاده أن هذا الإعلام انحاز بتياراته الرئيسة إلى منطق الحرب، ولم يسأل القائمين عليها كما هي أصل مهمته:(المساءلة والتشكيك). بل عوض ذلك ضحى بالمهنية والموضوعية، داس على كل المدارس الإعلامية التي كان ريادياً في تكريسها في حقل الإعلام، وتمترس في خندق الحكومات.
كسر الاحتكار الإعلامي: في التغطية الإعلامية للحرب واستكمالا لفرادة تلك الحرب، اخترع البنتاغون فكرة (الصحفيين المرافقين) ، الذي رافقوا وحدات الجيش،
(1) اكذب عليّ: البروباغاندا والتشويه الإعلامي في الحرب على العراق تحرير: ديفد ميلر-الناشر: فيرسو، لندن-ط1 2004 - عرض/ كامبردج بوك ريفيوز 4/ 3/2004م الجزيرة نت