الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقاصد بعيدة على طريقة عصا موسى؛ يتوكأعليها ويهشُّ بها على غنمه، وله فيها مآرب أخرى؟ (1).
الحرب على الإرهاب ـ ضرب أفغانستان
قال (جورج بوش) في التقرير القومي، الذي أعلنه في 20 سبتمبر 2001 م:"حربنا على الإرهاب تبدأ بالقاعدة، لكنها لا تنتهي عندها. لا يجب أن يتوقع الأمريكيون معركة واحدة، بل حملة طويلة لا سابق لها على كل بلد، وكل منطقة. الآن الاختيار: أما أن تكونوا معنا، وأما أن تكونوا مع الإرهابيين .. على أن الكفاح ليس كفاح أمريكا وحدها .. انه كفاح العالم بأسره .. انه كفاح حضارة. وأضاف: "أن الولايات المتحدة لن تسمح لأي طرف بأن يتحدى تفوقها العسكري بمثل ما كانت الحال في الحرب الباردة، ولن تنتظر الولايات المتحدة قدوم التهديد إليها، ولو كمجرد احتمال، وإنما هي التي ستذهب إليه لضربه عسكرياً على نحو استباقي" (2).
وإذا أخذنا في الاعتبار التصريحات التي عرضنا لها سابقاً حول الحرب الإستباقية، والحرب غير المتوازنة، فإن هذا يعنى أن البداية المعلنة للحرب على ما يسمى بالإرهاب لم تكن في 11 سبتمبر، بل أنها كانت خطة مرتبة ومعدة منذ زمن طويل، للتحول إلى إمبراطورية، والعودة إلى الإمبريالية، وإخضاع الدول التي تهدد الولايات المتحدة للاحتلال المباشر أو الوصاية. حيث أعيدت صياغة الرأي العام الأميركي، ليتقبل أي تنازل عن الحريات والحقوق الشخصية المقدسة، وعن أي قيمة أخلاقية. وهنا يقول منسق شؤون الإرهاب (فرانسيس إكس تايلور) في مقدمة التقرير الأميركي السنوي عن الإرهاب في العالم:"إن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة على الإرهاب دبلوماسية، وإستخباراتية، وقانونية، وعسكرية، واقتصادية". وقد أمكن إقامة تحالف عالمي ضد الإرهاب يضم 150 دولة، وشملت الحرب 189
(1) أمريكا و الارهاب- ص 5 - موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة ا الإنترنت- http://www.awu-dam.org
(2)
خطورة أمريكا - ملفات حربها المفتوحة في العراق- نويل مامير، باتريك فاربيار - ترجمة ميشال كرم ص23.
دولة، وجماعة، وهيئة، وفرداً، جمدت أصول أموالهم، وقامت دول عدة بتعديل قوانينها، لتمنع تمويل الإرهاب وفقاً للرؤية الأميركية التي اعتبرت، فيما اعتبرت- مساعدة أسر شهداء فلسطين تشجيعاً للإرهاب. وعرضت 136 دولة مساعدات عسكرية على الولايات المتحدة، ومنحت 89 دولة حق التحليق للطائرات العسكرية الأميركية، ومنحت 76 دولة حق الهبوط لهذه الطائرات، ووافقت 23 دولة على استضافة القوات الأميركية وقوات التحالف المشاركة في حرب أفغانستان، وعززت 55 دولة المجهود الحربي الأميركي (1).
وهكذا لم يتأخر رد الفعل الأميركي على أحداث 11 سبتمبر، وجاء بثماره بقلب نظام طالبان، الذي كان يحمي أسامة بن لادن. فيما اتفق على حل سياسي في أفغانستان بجمع القبائل الأفغانية، ولكن (مراحل) أخرى من الحرب على الإرهاب كانت قادمة (2)،حيث بدأت أميركا في عمليات مواجهة شاملة مع من اعتبرتهم مسئولين عن أحداث تدمير برجي مركز التجارة العالمي، دون الدخول في تدقيق قضائي، وأثارت جوا من الكراهية ضد المسلمين، لأنها كانت تشعر بالحاجة إلى البحث عن ضحية أي ضحية، لتغطية الفشل الإستخباري في اكتشاف الحدث، وخلفياته وتداعياته. فالقضية لم تكن عقاب مجرم تثبت جريمته بالطريقة القضائية، بل هي مسألة يراد منها تنفيذ أكثر من مخطط سياسي (3)، حيث فرضت الولايات المتحدة في حربها على أفغانستان والقاعدة، ثم في حربها على العراق، نظاماً عالمياً جديداً يستثني الشرعية الدولية، ولا يقيم وزناً لهيئة الأمم المتحدة، ويفرض مفاهيمها للإرهاب، مع أن مفهومها للإرهاب ليس واضحاً، أو محدداً، بل هو خاضع لمواقف يومية ورؤى متغيرة تتناقض في ما بينها، وعلى العالم أن يتبعها في نزواتها وتناقضها وجهلها (4).
(1) سفر الموت .. من أفغانستان إلى العراق (وثائق الخارجية الأميركية) - محمود المراغي-ط1 2003 - دار الشروق، القاهرة- الجزيرة نت
(2)
الكل أميركيون؟ .. العالم بعد 11 سبتمبر 2001 - المؤلف: جون ماري كولمباني- كامبردج بوك ريفيوز
(3)
المدنس والمقدس .. أميركا وراية الإرهاب الدولي-المؤلف: السيد محمد حسين فضل الله- عرض/إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت- ط1 2003 - رياض الريس للكتب والنشر، بيروت
(4)
المدنس والمقدس .. أميركا وراية الإرهاب الدولي-المؤلف: السيد محمد حسين فضل الله- عرض/إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت
فتقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب، اعتمد المادة الثانية والعشرون من القانون الأميركي (2656 دي) الذي يعرف الإرهاب بأنه عنف متعمد بدوافع سياسية، يجري ارتكابه ضد أهداف غير محاربة، بواسطة جماعات شبه قومية أو عملاء سريين، ويهدف عادة إلى التأثير في الجمهور. ويفسر مصطلح غير محاربة على أنه يتضمن المدنيين والعسكريين الذين يكونون وقت الحادثة غير مسلحين أو خارج الخدمة وكذلك المنشآت العسكرية أو العسكريين في حالة عدم وجود أعمال عدائية في تلك المواقع، مثل التفجيرات ضد القواعد الأميركية في أوروبا، والفلبين، وأماكن أخرى. ويعنى الإرهاب الدولي، الذي يشمل مواطنين أو أراض أكثر من دولة، ويعنى مصطلح جماعات إرهابية، أية جماعة تمارس الإرهاب، أو أية جماعة لها جماعات فرعية هامة تمارس الإرهاب الدولي.
وبالرغم من أن هذا التعريف يغفل أمور كثيرة وتم وضعه ليتناسب مع المصلحة الأمريكية، لتبرير حربها على العالم الإسلامي، وأيه جهة تحاول مقاومة الهيمنة الأمريكية، حيث تغافل عن إرهاب الدولة التي تمارسه أمريكا وإسرائيل، وخلط بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للشعوب، إلا أن التقرير المشار إليه يفضح الادعاءات الأمريكية حول الإرهاب الإسلامي، http://www.aljazeera.net/NR/exeres/ حيث سجل التقرير 348 عملية يعتبرها إرهابية، وقعت في أنحاء العالم في العام 2001م، وكان نصف هذه العمليات عمليات استهدفت خطوط النفط في كولومبيا، التي تملكها شركات أميركية، ووقعت 194 عملية من بين هذه العمليات في أميركا اللاتينية، و68 في آسيا، و33 في أفريقيا، و29 في الشرق الأوسط، و17 في أوروبا. وقد قتل في هذه العمليات 3547 من بينهم حوالي ثلاثة آلاف هم ضحايا تدمير برجي المركز العالمي للتجارة في نيويورك. وبالطبع فإن التقرير يتجاهل الذين قتلتهم إسرائيل، أو الذين قتلوا في أفغانستان، ومن بينهم على سبيل المثال ألف أسير قتلوا خنقاً في شاحنات مغلقة. وكانت الأغلبية الساحقة من القتلى، أو كلهم عدا 677 شخصا- في الولايات المتحدة وإسرائيل، مما يعنى أن الحرب هي في الحقيقة موجهة لبلد واحد هو الولايات المتحدة وحليفه الأساسي، إسرائيل وليست حرباً عالمية كما يريدنا التقرير أن نعتقد. ويبدي التقرير والتصريحات الرسمية المرافقة أن العدو هو ما يهدد المصالح