الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصولية الأمريكية المتطرفة
في العصر الحاضر تنامى الدور الذي يلعبه الدين في الحياة الأمريكية بصوره مخيفة، بسبب تنامي قوة وتأثير الحركات الأصولية المتطرفة، التي تمكنت من الوصول إلى سدة الحكم أخيراً، ممثله بالرئيس المؤمن (جورج دبيليو بوش)، الذي يعكس بصورة دقيقه تماماً طبيعة بلده الذي يحكمه. فنسبة المؤمنين بالله في الولايات المتحدة تصل إلى 95% من السكان، وهي أكبر نسب التدين في العالم، بينما في أوروبا قد لاتصل النسبة إلى 65 %. كما أن الولايات المتحدة تحتوي على اكبر عدد من الكنائس في العالم، حيث أن هناك كنيسة لكل 865 مواطنا، وهو ما وصفه معهد (جالوب) للاستطلاعات تعليقا على استطلاع كان قد أجراه في مايو 2002 م، بأن ذلك حقيقي لأنه توجد رغبة عميقة إلى الاتجاه للشؤون الروحية. فهي حالة من الظمأ إلى الله. فبينما يصل عدد الأمريكيين الذين يذهبون إلى الكنيسة مرة واحدة في الأسبوع إلى 70% على الأقل تصل النسبة إلى 20% فقط في أوروبا الغربية، و 14% في أوروبا الشرقية، وبذلك فإن أمريكا على عكس أوروبا تريد أن تثبت بوضوح أن الحداثة لا تعنى التحلل من الدين (1).
(1) 1).
كما أن أمريكا تعتبر نفسها (وطن الله)، وهذا وعى قديم متزايد ومترسخ الجذور منذ هروب (الكالفنيين) اتباع المصلح (كلفن)، على الباخرة (ماي فلارو) عام 1620م، الذين اعتبروا أنفسهم حجاجاً إلى وطن الخلاص، أو إلى مملكة الرب. وهذا الوعي التاريخي هو الذي عمل على منع الفصل بين الدين والدولة في أمريكا، ورفض اعتبار الدين إيماناً ذاتياً وعلاقة شخصية بين العبد وربه. ومنذ ذلك الحين وفيما بعد عام 1620م تم تأسيس أمريكا على أساس أنها دولة دينيه، وسيطر الدين على الدولة منذ ذلك الوقت وحتى الآن. فحاليا توجد العديد من الطوائف البروتستانتية اليمنية المتطرفة التي تقود الجميع. واستطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى تزايد هذه المجموعات بصورة مخيفة ((عودة المسيح المنتظر لحرب العراق بين النبوءة والسياسة - احمد حجازي السقا ص 48
ونظراً للمكانة التي يحتلها اليمين المسيحي الجديد في الحياة السياسية بالولايات المتحدة، فإنه من المفيد المقارنة بينه وبين منهاج التطهريين، الذين اتسمت آراؤهم بالأهمية في الفترة الاستعمارية والأيام الأولى لتأسيس الدولة، وهناك تشابهات عدة. فهناك تشابه في الأهداف، فكلاهما يرنو إلى الولايات المتحدة كدولة تمتثل لقوانين ومشيئة الرب كما يفهمونها. ويجب أن تتوافق الأخلاقيات الخاصة والعامة مع تعاليم الكتاب المقدس، الذي يفسر بشكل محافظ. كما يرغب كلاهما في استخدام العملية التشريعية لضمان توافق القانون المدني مع القانون الديني وتطبيقه على المؤمنين وغير المؤمنين. وأخيراً فإن كلاهما يرى أن المدارس العامة تأتي بعد البيت والكنيسة، كعنصر أساسي في تدريب الأبناء وفق معتقداتهم. وتضرب هذه الأهداف بجذورها في فهمهم للاهوت بشكل متشابه إلى حد بعيد، فهناك حقيقة واحدة مطلقة أوحى بها الرب للبشر ـ الرب والمتصف بالقوة والملك فالبشر مخطئون وضائعون بدون الرب، والولايات المتحدة أمة الرب المختارة، لتكون مثالا للحياة الورعة في الدنيا (1).
ويرصد (صموئيل هنتنغتون) مظاهر الصحوة الدينية في الولايات المتحدة خاصة خلال عقد التسعينيات، وهي صحوة سادت مختلف الطوائف الدينية الأميركية، وعلى رأسها الجماعات الإنجليكية التي زادت بنسبة 18% خلال التسعينيات، ونجحت في بناء عدد كبير ومؤثر من المؤسسات السياسية. ويؤكد (هنتنغتون) حقيقة أن المجتمع الأميركي هو أكثر المجتمعات الأوروبية تديناً، ما يجعله أرضا خصبة لعودة الدين، خاصة بعد أن ضاق الأميركيون بشكل متزايد منذ الثمانينيات بالمشاكل الأخلاقية، التي انتشرت في مجتمعهم. ويقول: إن هناك عودة عامة للدين في أميركا انعكست على الروايات الأميركية، وظهرت في الشركات والمؤسسات الاقتصادية، كما أثرت على الحياة السياسية من خلال الحضور الكبير، للقضايا الدينية والمتدينين في إدارة الرئيس الأميركي الحالي (جورج دبليو بوش). ويبشر بأن العودة للمسيحية ـ التي تعد أحد الركائز الأساسية للهوية الأميركية - تمثل عاملاً هاماً في دعم الهوية الأميركية ونشرها خلال الفترة الراهنة. كما أن الصحوة الدينية - وفقاً لتحليل
(1) الدين والسياسة في الولايات المتحدة -ج1ـ مايكل كوربت ـ جوليا ميشتل كوربت ص159