الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تمكن الشعب اليهودي على مدى العقود الستة الماضية من إنشاء دولة كان ذلك الحاخام المتواضع سيتفاخر بها. إنكم بنيتم مجتمعاً عصرياً في أرض الميعاد. إنكم أصبحتم منارة للشعوب التي تحافظ على تراث إبراهام ويتسحاق ويعقوب، وإنكم أقمتم صرحاً ديمقراطياً عظيماً سيبقى إلى الأبد وسوف يمكنكم دوماً الاعتماد على وقوف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانبكم.
بارك الله فيكم (1).
بوش والمسلمين
في مقابل هذه المواقف السابقة للرئيس بوش من اليهود، نجد مواقفه من المسلمين على النقيض. فمن سخريات القدر أنه بالرغم من أن الرئيس (بوش) مدين للمسلمين في أمريكيا بوصوله للحكم ـ حيث أعطوه 70% من أصواتهم، في حين أعطى اليهود أصواتهم للمرشح الديمقراطي (آل جور) ونائبه اليهودي (ليبرمان) ـ ولكن بالرغم من ذلك قلب بوش ظهر المجن للمسلمين، وتعرض المسلمون في أمريكيا، وفي العالم لأسوأ حملة إرهاب وتعصب وملاحقة في تاريخهم، بسبب حملة التضليل والتزييف التي قادتها إدارته الجمهورية اليمينية المتطرفة ضد المسلمين، فبعد أحداث11 سبتمبر في نيويورك، دعا الواعظ الأصولي (بات روبرتسون) أتباعه للصلاة "كي يمنع الرب انتشار الإسلام في أمريكا" كما قال: إن الإسلام دين تخلف ورق وعبودية، وأضاف: إن العالم الإسلامي مرتع لعمل الشيطان.
وهذا الكلام الذي قاله (روبرتسون) لا يختلف كثيراً عما قاله ويؤمن به الرئيس بوش، الذي تأثر كثيرا بأفكار القس جراهام وأصبح واحداً من مريديه المقربين وكان يبدو مقتنعاً بما يردده (جراهام) من أن المسلمين، هم الذين يشكلون الخطر الأكبر على عودة المسيح إلى الأرض، وإن هؤلاء المسلمين لا يتبعون ملة دينية، وإنما يتبعون رجلاً اسمه محمد .. الخ. وكان يقول له دائماً: إن المسيحية تعرضت للكثير من التغيير والتبديل على يد المسيحيين، الذين أرادوا تحويلها لمنافع
(1) المصدر: وزارة الخارجية الإسرائيلية
شخصية لهم، وقد آمن بوش بهذه الأفكار، وراح يرددها أمام زوجته والمقربين منه، وكان يقول لها: المسلمون ليسوا أصحاب ديانة والمسيحيون أصحاب ديانة، تعرضت للتغيير، والرب غاضب على هذا العالم الذي غير دينه.
وبالرغم من أن الرئيس بوش اضطر لأسباب دعائية إلى وصف الإسلام على أنه (دين سلام)، خلال زيارته للمركز الإسلامي بواشنطن في 17 سبتمبر2001م، إلا أن هذه التصريحات أثارت عاصفة من النقد في أوساط اليمين المتدين، إلى حد قول أحد رجال الدين:"يمكننا أن نتحمل 11 سبتمبر، ولكن لا يمكننا أن نتحمل 17 سبتمبر". كما وقف قادة اليمين المتدين موقفاً أكثر تشدداً تجاه الإسلام والمسلمين بعد أحداث سبتمبر، عبر عنه (فرانكلين جرام) ـ الذي ألقى دعاء افتتاح حفل تنصيب (جورج دبليو)، وذلك خلال مقابلة أجرتها معه قناة NBC الأميركية في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2001م إذ قال:"لا أعتقد أن هذا (الإسلام) دين رائع ومسالم .. عندما تقرأ القرآن فإنه يدعو لقتل الكفار وغير المسلمين .. من قاموا بالطيران في أبنية ليسوا طائفة مسيحية (ما) .. الهجوم كان على بلدنا من قبل أعضاء بالديانة الإسلامية"(1).
وقد سار بوش على خطى معلمه في موقفه من الإسلام، حيث كان يرى في الإسلام انه دجل ديني، وأن المتخلفين والمتعصبين هم الذين يحركون الناس نحو هذا الإسلام، وقد دفعت هذه القناعة (جورج بوش) إلى الاقتناع الكامل بمقولات القس (جراهام) وابنه (فرانكلين) الذين أصبحا فيما بعد من أعز أصدقاء بوش، وكذلك رفيقه في كل خطواته الدينية والسياسية. وقد استطاع القس (جراهام) إقناع (بوش) بالانضمام إلى طائفة (الميثوديث) المعبرة عن التحالف الصهيوني المسيحي. وقد سار بوش مع هذه الطائفة حتى صار أحد أعمدتها الأساسية (2). وفي البداية كان (جورج بوش) يريد أن يكون داعية للميثوديت في البلدان الإسلامية والعربية، إلا أن (جراهام) و (فرانكلين) أقنعاه بأن المهمة الأولى هي تطهير المسيحية والرجوع إلى أصولها الأولى، بينما كان بوش يخالفهم، ويرى أهمية القضاء على
(1) عقيدة جورج دبليو بوش ـ ستيفن مانسفيلد- عرض علاء بيومي- الجزيرة نت - 3/ 5/2004م
(2)
عودة المسيح المنتظر لحرب العراق بين النبوءة والسياسة -احمد حجازي السقا ص126
المسلمين أولاً قبل التفكير في إصلاح أحوال المسيحيين، ولهذا فان من كتبه المفضلة التي يقرأها يومياً في البيت الأبيض ـ طبقا لنيوزويك ـ كتاب للقسيس (أوزوالد شامبرز) الذي مات في مصر عام 1917م وهو يعظ الجنود البريطانيين والأستراليين هناك، بالزحف على القدس وانتزاعها من المسلمين. كما أن بوش كان ينفي دائماً في جلساته مسألة الوجود الديني للإسلام وكان يقر بأن المسيحية الحقه ستنتصر في النهاية.
وهذا التعصب الأعمى والحقد على الإسلام له جذور عميقة في عائلة بوش حيث أن الجد الأكبر لبوش الابن (1796ـ1859م) ألف كتاباً عن حياة محمد صلى الله عليه وسلم ونشره في سنة 1831م ووصف فيه المسلمين أبشع الصفات، وشتم فيه محمداً صلى الله عليه وسلم. ولذلك يعد الكتاب من أشنع وأقذر ما كتب في الولايات المتحدة عن العرب والمسلمين، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم. والكتاب موجود في مكتبة الكونجرس، ويحظر على أي ما كان الاستعانة به إلا عدد قليل ومحدود من المسئولين الأمريكيين. كما أن لجورج بوش الجد عشرات الكتب في شرح العهد القديم، ويعتبر كتابه المسمى (وادي الرؤى) عمل إحياء لرميم إسرائيل، وهو يذاع في أبرز المحطات الصهيونية الأمريكية الداعية إلى ضرورة العمل من أجل تجميع يهود العالم في فلسطين، وتدمير وسحق إمبراطورية (السارزان)، وهذه التسمية كانت تطلق على العرب والمسلمين إبان الحروب الصليبية في العصور الوسطى، وكان يطلقها الرومان على بعض رعاياهم وعبيدهم تحقيراً لهم. يقول (بوش الجد) في كتابه:"ما لم يتم تدمير إمبراطورية السارزان ـ المسلمين ـ فلن يتمجد الرب بعودة اليهود إلى وطن آبائهم وأجدادهم"، وهذا القول مقتبس من كتاب حياة محمد لجورج بوش (الجد الأكبر) لبوش الابن، وهذا الكتاب هدى الكثيرين لفكر (جورج بوش الابن) وأبيه قبل ذلك (1).
(1) عودة المسيح المنتظر لحرب العراق بين النبوءة والسياسة ـ أحمد حجازي السقا ص43