الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القبض عليهم، ويعيدوهم ـ بدل أن يحاكموهم ـ إلى إسرائيل كي يطمس الحق، ويتم التستر على دور إسرائيل في الهجمات. الخونة وحدهم هم الذين يقدمون الدعم الأمريكي لجرائم إسرائيل المروعة ضد الشعب الفلسطيني، تلك الجرائم الشنيعة ضد الإنسانية، وهى جرائم لا تتصف فقط بأنها تسدد طعنة للإحساس الأمريكي بالعدل، بل أنها جرائم تدمر بلدنا في كل أنحاء العالم وتشوه سمعتنا، وتجعلنا عرضة لمزيد من الإرهاب في المستقبل.
ثم يختم (ديفيد ديوك) كلامه بالقول: "أنني ارتجف خشية على أمريكا، بلدي، وامتلئ مرارة وألماً لفقد بلدي استقلاله وحريته ورضوخه مذعناً لهيمنة دعاة التفوق العنصري اليهودي، مثل القاتل بالجملة، ومجرم الحرب أرييل شارون. وأنني لابتهل إلى الله من اجل أن يحل السلام، وقلبي كله لوعه مما يصيب عشرات الآلاف من الفلسطينيين المجهولي الأسماء، الذين يعانون في هذه اللحظة اشد المعاناة في وطنهم الحبيب، كما أنني أتضرع إلى الله من اجل أولئك اليهود الأبرياء، الذين دفعوا ثمن إرهاب شارون وغيره من دعاة العنصرية اليهود، وأصلي من أجل الشعب الأمريكي كي تتمكن من كسر أصفاد هذه الخيانة ضد شعبنا .. الخيانة ضد كل تلك المبادئ السامية، التي قام على أساسها بلدنا الحبيب (1).
الجماعات المسيحية المتطرفة وأحداث 11 سبتمبر
إذا كان احتمال مسئولية اسرائيل عن احداث 11 سبتمبر كبير حسب ما اوردناه من ادلة وشواهد واقعية وتاريخية، فإن احتمال مشاركة الجماعات اليمينية المتطرفة في الاحداث كبير جداً بسبب علاقاتها المميزة مع اسرائيل ورغبتها في التعجيل بالمعركة النهائية بين ما يسمى الخير والشر. فمن خلال ما تقدم اتضح لنا ـ وبإجماع الخبراء ـ على أن التفجيرات لا يمكن أن يخطط لها من الخارج، بل إن المخططين والمنفذين من داخل أمريكيا، ولديهم معلومات بالغة الدقة في كافة المجالات، وهنا لا بد من التساؤل: لماذا لم يتم توجيه الاتهام للجماعات المسيحية المتطرفة التي
(1) عام على أحداث 11 سبتمبر / بقلم ديفيد ديوك- ترجمة كمال البيطار - جريدة الخليج 6/ 9/2002 - عدد 8510
تعد بالمئات؟ والتي تمتلك أسلحة ومليشيات، ولديها سوابق في هذا المجال مثل ما حدث في (اوكلاهوما)، كما أن هذا الجماعات تؤمن بأفكار ونبوءات متطرفة وجنونية، تقول بقرب نهاية العالم، وقيام معركة فاصله بين قوى الخير وقوى الشر، ولهذا فلا يستبعد أن تكون إحدى هذه الجماعات، هي التي نفذت الهجوم لاستعجال نهاية العالم وعودة المسيح إلى الأرض، وهنا سنعرض لمثل حي لهذه المحاولات، حيث سبق لمكتب التحقيق الفدرالي أن نبه إلى خطر هذه الجماعات، في تقرير نشر في 20/ 10/1999م (1).
فقد ذكرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، نقلاً عن تقرير صادر عن المكتب الفيدرالي الأمريكي في 20 أكتوبر 1999 م أن المتطرفين المسيحيين الأمريكيين يستعدون للقيام بأعمال عنف كبيرة في بداية القرن العشرين داخل الولايات المتحدة. وأضافت الصحيفة تقول: إن هذا العنف المتوقع سيكون راجعاً لاعتقاد الذين يؤمنون بالإنجيل بأن نهاية العالم ستكون في الألفية الثالثة (2). وذكرت أن التقرير الأمريكي يشير إلى أن هناك توترات يمكن أن تحدث بين المسلمين واليهود في القدس استنادًا للأسطورة -التي يؤمن بها مسيحيون ويهود- والقائلة بأن منطقة (هرمجيدون) التي تقع شمال فلسطين ستشهد حرباً بين الخير (اليهود) والشر (المسلمين)، وسينتصر فيها الخير، كما سيتم استخدام الأسلحة النووية في هذه الحرب، وسيباد كل المسلمين، وسيعود العالم مرة أخرى إلى حالته البدائية.
ويضيف التقرير: أن الآلاف من السياح الأمريكيين بدءوا يتوافدون على إسرائيل للاشتراك في هذه المعركة، وأن الإيمان الراسخ بهذه الأسطورة دفع أشخاصاً عديدين لاقتناء حاجاتهم من الغذاء والمال والسلاح والملابس انتظارًا لنهاية العالم.
(1) موقع إسلام اون لاين 20/ 10/1999
(2)
عبر الرئيس نيكسون عن هذا الاعتقاد بقوله: سوف نحتفل بعد اثني عشر عاماً بيوم يأتي كل ألف سنه، فهو بداية سنه جديدة وقرن جديد وألف سنه جديدة. ولأول مره في مثل هذا اليوم التاريخي، لن يكون الخيار المطروح أمام الجنس البشرى هو مجرد جعل المستقبل خيراً من الماضي، بل إذا كنا سنعيش لنتمتع بالمستقبل أم لا. فقد استهل العالم الألف سنه الماضية بإحساس محموم بأنه نذير شؤم، وذلك عندما استشار زعماء الدين الإنجيل وتنبأوا بأن نهاية العالم وشيكة. إذ خشوا انه في سنة 1000 سوف تدمر قوة الرب العالم، وفي سنة 2000 ستدمر قوة الإنسان العالم، إذا لم يقم بعمل للحيلولة دون ذلك. (1999 نصر بلا حرب - ريتشارد نيكسون - تقديم المشير/ محمد عبد الحليم أبو غزالة ص23). مركز الاهرام، 1989.
وفي الإطار نفسه، وفي يناير سنة 1999م اعتقلت الشرطة الإسرائيلية وأبعدت إلى الولايات المتحدة ثمانية أعضاء في طائفة أميركية (المسيحيون القلقون)، اتهمتها بالسعي إلى الانتحار بشكل جماعي بمناسبة حلول الألفية الثالثة. وأفادت الصحافة الأميركية أن زعيم هذه الطائفة (مونتي كيم ميلر) تنبأ بأنه سيقتل في شوارع القدس في ديسمبر 1999م، وأن هذا الحدث سيطبع نهاية الألفية الثانية. ويعتقد المسيحيون من أصحاب هذه النظرية أن تدمير مسجدي القدس (الأقصى وقبة الصخرة)، وإعادة بناء المعبد اليهودي مكانها يشكل مقدمة لعودة المسيح وللدينونة الأخيرة.
ويضيف التقرير: إن عدداً من المنظمات الدينية التي تنتظر يوم الدينونة في سنة 2000م، خزنت أسلحة في مخابئ سرية بغية تنفيذ اعتداءات تستهدف قواعد للجيش الأميركي، ومكاتب الأمم المتحدة والمؤسسات اليهودية، والسكان السود في الولايات المتحدة، والأقليات العرقية فيها، ولذلك طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي ( F. P.I) من أجهزة الشرطة المحلية مراقبة الميليشيات المتطرفة، والطوائف التي يمكن أن تستغل حلول عام ألفين للقيام بأعمال إرهابية أو عمليات انتحار جماعي. وفي تقرير من أربعين صفحة وُزِّع عبر العالم، أوضح مكتب التحقيقات الفيدرالي أنواع التهديدات، وفصّل المراجع التوراتية التي تستعملها هذه المجموعات.
وجاء في هذا التقرير أيضاً: أن هذه الحركات قد تستغل اقتراب عام ألفين من أجل التعجيل بـ (نهاية العالم)، وهي تعتقد أنها باتت قريبة. ويطلب التقرير من أجهزة الشرطة المحلية أن تكون بالمرصاد، وأن تبلغ عن أي تغيير في تصرفات هذه المجموعات، مثل استعدادات مشبوهة أو تخزين متفجرات
…
وما إلى ذلك. ويخشى ( F.P.I) أيضا من حصول أعمال فردية يقوم بها أعضاء في هذه المجموعات. وأوضح مكتب التحقيقات الفيدرالي في بيان له، "أن (مشروع مجدو) يقدم (رؤية شاملة لأيديولوجيات متطرفة مختلفة، وخصوصاً تلك التي تدعم أو تدعو إلى القيام بأعمال عنف في عام 2000م". ومن بين هذه المجموعات المستهدفة، يعدد البيان خصوصاً (مناصرين أشداء لتفوق العنصر الأبيض)، الذين يسعون إلى شن حرب عنصرية، ويؤمنون ببدع تنتظر معركة كبرى نهائية عنيفة، وكذلك أعضاء متطرفون في
ميليشيات يخشون أن تقوم الأمم المتحدة باجتياح الولايات المتحدة وإقامة نظام عالمي جديد (1).
هذا تقرير لمكتب التحقيق الفدرالي أعد منذ سنوات، ربما يفيد في تحديد المسئول عن التفجيرات، ولكن يبدو أن الإدارات الأمريكية السابقة والحالية، لا تروق لها هذه الأدلة، ولهذا لم تفتش عن السبب الحقيقي، بل لجأت إلى عدو وهمي وجاهز لإلصاق التهمه به، وهو العرب والمسلمين، من أجل إشعال هرجيدون وتحقيق النبوءات التوراتية.
وفي نفس الاطار يورد (بول فندلي) في كتابه (لا سكوت بعد اليوم) حادث مشابهه حيث يقول: "في الأيام الأخيرة من سنة 1999م، استعد العديد من الأمريكيين لمواجهة مزيد من العنف. كانت مجزرة اوكلاهوما سيتى حية في ذاكرتهم، حين جاءت بلاغات إدارة كلينتون التحذيرية، حول هجوم محتمل، قد يشنه إرهابي مسلم في يوم رأس السنة الجديدة، أو لاحقاً. وتعمقت المخاوف حين حاول جزائري مسلم، يسعى للدخول إلى الولايات المتحدة، تهريب ما وصف بأنه تجهيزات لصنع متفجرات، عبر نقطة جمارك، بالقرب من (سياتل) على الحدود مع كندا. واحتل نبأ اعتقاله صدارة عناوين الأخبار، لعدة أيام، في كافة وسائل الإعلام الأمريكية المرئية والمقروءة. وازداد قلق الأمريكيين، أكثر فأكثر، عندما اعتقل مسلمان آخران في مدينة نيويورك سيتى، وجرى استجوابهما بحثاً عن أي علاقة محتملة تربطهما بالمعتقل في سياتل أو بان لادن. وعلى الرغم من عدم مقاضاة هذين الشخصين، إلا أن الأنباء عن اعتقالهما التي أرفقت بصور ابن لادن الخطير، عززت خوف الأمة جمعاء من إرهاب يفد عليها من الخارج"(2).
من خلال مقارنه هذا الكلام بالتقرير الذي نشرته F.P.I، وقامت بتوزيعه على مراكز الشرطة والصحف، فإننا نلاحظ أن تقرير F.P.I لم يحظَ بالتغطية الإعلامية المناسبة، بل حصل العكس، حيث تم إسقاط التهمه على عدو جاهز خارج أمريكا يتمثل بالمسلمين، وتم تلفيق تهمه مزيفه لأشخاص عاديين، جريمتهم
(1) سنعرض لافكار مثل هذه الجماعات عند حدثنا عن الارهاب الأمريكي الداخلي
(2)
لا سكوت بعد اليوم - بول فندلى - ص102
الوحيدة أنهم مسلمون، ليكونوا جاهزين ككبش فداء لما كان متوقعاً أن تقوم به الجماعات الأصولية الأمريكية المتطرفة. وبهذا ضربت الإدارة الأمريكية عصفورين بحجر واحد، فمن ناحية تصدر مشاكلها إلى الخارج، حتى لا تضطر إلى مواجهة الجماعات الأصولية الأمريكية المتطرفة، مما سيؤدى إلى حالة اضطراب وفوضى داخل أمريكيا، ومن ناحية أخرى يتيح لها اتهام العرب والمسلمين تحقيق مخططها الصليبي في المنطقة.
"فالفاعل في احداث 11 سبتمبر -كما يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل- كانت تحركه دوافع نفسية مختلفة بالكامل عن التصور العربي للحركة المطلوبة إزاء الولايات المتحدة. بمعنى أن مطلب العرب من أمريكا أن تضغط على إسرائيل، وهذا الضغط في حد ذاته ـ لابد أن يكون بعيار ومقدار، بان مرات متعددة في عمليات سابقة سببت أضراراً جسيمة، ومع ذلك تركت قنوات مفتوحة! لكن الفاعل صباح الثلاثاء 11 سبتمبر لم يظهر راغباً في التأثير أو مباشرة الضغط بمختلف درجاته، بل لم يكن في شكل فعله انه يبعث بإشارة ـ حتى لو كانت دموية ـ إلى المستقبل، ولم يترك ثغرة لفرصة. وإنما كان الفاعل كما تقول كافة الإشارات غاضباً، وكان مصراً على الانتقام، وفي الغالب من شيء وقع (1). ولهذا فقد رجّح الدكتور (عصام العريان) أحد قيادات الإخوان المسلمين بمصر، أن يكون منفذ سلسلة الهجمات التي طالت مؤسسات صنع القرار الأمريكي في نيويورك جماعات من داخل الولايات المتحدة لا من خارجها. وقال العريان: إن هناك غضباً من المواطنين الأمريكيين تجاه عدم العدالة التي يعانون منها، وهو ما اعترف به من قبل "ماكفاي" مفجّر أوكلاهوما عام 1993م، حيث ذكر أنه نفّذ الحادث (لأن أمريكا دولة ظالمة) من وجهة نظره، و (لا تقيم العدل بين مواطنيها). وأشار القيادي الإسلامي إلى أن السياسة غير الرشيدة لإدارة بوش ومن سبقه قد تكون دفعت إحدى التنظيمات السرية إلى القيام بمثل هذه العمليات التي لم يسبق لها مثيل في العالم (2). يضاف إلى كثير من العمليات
(1) من نيويورك إلى كابول- محمد حسنين هيكل ص135
(2)
"إسلام أون لاين. نت" الثلاثاء 11ـ 9ـ2001م