الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأشنع مما حاربوا العدو السوفيتي) لقد غاب حب الرياسة في قلوبهم على حب الحق، وعلى حب الدين، الذي يدعون أنهم يحاربون من أجله، وكان سقوط المأجورين منهم بإغراء الدولارات أفدح وأخزى. لقد سقطوا في الاختبار رغم الشعارات الإسلامية التي يرفعونها، ولهذا اسقط الله الرايات من أيديهم، فالله لا يحابي في الحق أحداً، والله لا ينظر إلى بطاقة المقاتل وإنما ينظر إلى قلبه (1).
تنظيمات عبثية
مع أن المعركة في أفغانستان بعد الانسحاب السوفيتي لم تعد لها صلة ـ ولا حتى بالإدعاء ـ بين إيمان والحاد، وإسلام وكفر، لأنها أصبحت حرباً بين قبائل وعشائر ومشايخ، فإن أسامة ابن لادن ظل يقود تنظيماً بلا قضية في ارض بلا هوية (2)، ودخل في تحالفات مع مسلمين ضد مسلمين رافعاً شعار الجهاد ومقاتلة الكفار، حلفاء الأمس، في صراع مقيت جلب الدمار والخراب للمسلمين، وشوه صورتهم في كل مكان، ولا شيء هناك سوى قتال بدائي على السلطة، ومن وراء الكل هناك من يدفع ويمول ويلقى بالأسلحة والذخائر في أتون المعارك حتى لا يجتمع المسلمون على كلمة، وحتى لا ترتفع للإسلام راية في أي مكان، وحتى يصبح الإسلام محل الشبهة والاتهام ومنبع لكل مصيبة. فقد زين لهم جهلهم أسباباً ومبررات لقتالهم وهم لا يعرفون من الإسلام إلا ما قيل لهم، وما وضع في أفواههم ومن ورائهم شياطين اقدر وامكر يستعملونهم، والشريعة الإسلامية بريئة من كل هذا الهراء. فهذا الإرهاب الذي أسموه ظلما بالإرهاب الإسلامي له، في بنوك أمريكا وإنجلترا أرصدة دولاريه بالملايين .. وقد رأينا إنجلترا تحتضن هؤلاء الإرهابيين علناً، وتنظم لهم مؤتمراً كبيراً، ومائدة مستديرة ليجتمعوا عندها في لندن .. ثم رأيناها تنسحب في آخر لحظة خشية الفضيحة وخشية كشف المستور. فقد التقت إرادة الغرب وإرادة إنجلترا وأمريكا على هذا الأمر.
(1) إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ص38ـ39
(2)
من نيويورك إلى كابول- محمد حسنين هيكل ص132
وفي كتابه (علاقات خطره) يكشف مؤلفه (اندرولسلي كوكبيرن) عما يجري في كواليس المخابرات الأمريكيه ال C.I.A والموساد، ويفضح جانباً من ذلك التنظيم السري الرهيب بين الاثنين لتمويل كل البؤر المشتعلة في العالم لصناعة الانقلابات في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، ولتجنيد العملاء وشراء الزعماء وإفساد الذمم، وتحريض الطوائف وإفقار الفقراء وقتل الأبرياء في مخطط دموي رهيب للهيمنة والسيادة على العالم بقوة السلاح (1).
فحرب أفغانستان تم خوضها بمساعدة المخابرات المركزية الأميركية من قبل متطوعين إسلاميين، دربوا على الحدود الباكستانية، ولكنه ومع نهاية الحرب أصبحت هذه المنطقة معقلاً للأممية المتعصبة المُشَّكلة من مجموعات صغيرة متشددة منفصلة عن المجتمع، والتي تتبع حصراً أهدافاً متطرفه، حيث تتحمل الولايات المتحدة جزءا من المسؤولية في قدوم هذا النمط الجديد من المتطرفين (2). فكثيرين بين العرب والمسلمين ساورتهم الشكوك من سنين عديدة حول هذا الذي يجري في أفغانستان باسم الجهاد، وضد الإلحاد. وهم في كل الأحوال لم يصنعوا بن لادن أو يكتشفوه، وإنما سمعوا باسمه لأول مرة على لسان الرئيس (بيل كلينتون) حين وجه إلى مواقعه في جبال أفغانستان دفعة من صواريخ كروز صيف 1998م عقاباً على تفجير سفارتين للولايات المتحدة في عاصمتين أفريقيتين. ثم عاد اسم ابن لادن يتردد على لسان الرئيس (جورج بوش) منذ ارتفع صوت الرئيس الأمريكي لأول مرة مساء 11 سبتمبر وهو يعلن الحرب عليه (3). كما تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في صناعة أسامة بن لادن الذي دربته ومولته واستخدمته في أفغانستان ضد السوفيات، كما أن الطالبان حظوا بدعم من العالم الأنجلوساكسوني (أمريكا وبريطانيا)(4) حيث أن سياسة واشنطن المناهضة لإيران وإستراتيجيتها
(1) إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود - ص134
(2)
َفرْطُ الإرهاب: الحرب الجديدة تأليف/ فرانسوا هايزبور ومؤسسة البحث الإستراتيجي- كامبردج بوك ريفيوز
(3)
من نيويورك إلى كابول- محمد حسنين هيكل ص166
(4)
الكل أمريكيون؟ .. العالم بعد 11 سبتمبر 2001 - جون ماري كولمباني- كامبردج بوك ريفيوز