الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهدف تغيير نظام الحكم
في شهر أبريل 2002م كشف بوش للمرة الأولى، أن تغيير نظام الحكم في العراق هو هدفه، وبدأت عمليات تصعيد كبرى تتوالى لدق طبول الحرب على العراق، وكانت إدارة المخابرات المركزية في غاية الحماس لعمليات سرية في العراق وذلك لتجاوز العجز الكبير الذي ظهرت فيه غداة هجمات 11 سبتمبر، وبخاصة أنه بعد عدة أشهر من الحرب على أفغانستان لم يمكن القبض على أسامة بن لادن أو اغتياله، وصار مغريا للإدارة الأميركية أن تتحول لتنقض على هدف جلي وواضح مثل العراق. http://www.aljazeera.net/books/2003/4/ - TOP ولما كانت السياسة الأميركية الخارجية ليست موضع اهتمام الرئيس (بوش)، وهو ينظر إلى الموضوع العراقي على أنه اختيار سهل يجلب التأييد والإجماع ويجنبه قضايا شائكة وخطرة سياسياً مثل الضرائب والنمو الاقتصادي، فأنه وفي خطاب الاتحاد السنوي الذي يعرض السياسات العامة الأميركية كان منتظرا تقديم برامج وسياسات داخلية بعد انتهاء حرب أفغانستان، ولكن الخطاب توجه نحو حروب جديدة، وتوسعة لنطاق الحرب والعمليات العسكرية ليشمل برأي (بوش) شبكات الإرهاب في العالم، ودولاً اعتبرها محور الشر، مثل العراق وإيران وكوريا الشمالية. ولما كانت إيران وكوريا الشمالية لا علاقة لهما بأسامة بن لادن، فإن العراق وضعها غامض ويمكن الحديث عن علاقة ما من هذا القبيل (1).
محاولة ربط العراق بالقاعدة
كان فريق المحافظين الجدد الواصل إلى البيت الأبيض مهووساً بخلق مسوغات كافية للهجوم على العراق. وفي قلب عملية صنع القرار الأمني والإستراتيجي، كان هناك تياران يتنافسان في إثبات أيهما أكثر خطراً على مصالح الولايات المتحدة: الإرهاب العالمي وفي مقدمته القاعدة، أم العراق وشبكة الاتهامات ضده من امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل وحتى مزاعم صلاته بالقاعدة والإرهاب وغير ذلك. كان (بول وولفويتز) نائب وزير الدفاع الأميركي، وأحد أهم صقور
(1) حرب آل بوش ـ تأليف/ أريك لوران، ترجمة: سلمان حرفوش ـ عرض/إبراهيم غرايبة ـ الجزيرة نت
المحافظين الجدد حامل راية الحرب على العراق وعرابها الأهم. فقد كان يستهزئ بالتقارير التي تريد لفت الانتباه إلى القاعدة عوضاً عن بغداد. ففي يوم 11 سبتمبر الذي وقعت فيه الهجمات الرهيبة، وبعد خمس ساعات من ارتطام الطائرات المختطفة بوزارة الدفاع الأمريكية، تلقى الجنرال المتقاعد (ويسلي كلارك) مكالمة غريبة من شخص يمثل البيت الأبيض (لم يصرح باسمه) وقال (كلارك) لمقدم برنامج مقابلة مع الصحافة (تيم راسيرت)، كنت أشاهد محطة ألـ سي. إن. إن، وتلقيت مكالمة في بيتي تقول:"ينبغي ربط الأحداث بعضها بعضاً. هذا إرهاب برعاية دولة. ويجب ربط الأمر بصدام حسين". قلت: "لكن أنا أرغب في قول ذلك، لكن ما هو الدليل لديك؟. ولم أحصل على أي دليل. ولم نحصل نحن على دليل كذلك"(1).
فقد كان (وولفويتز) ومجموعة قريبة منه يتبنون نظرية غريبة وهامشية، ظهرت في كتاب صدر بعد محاولة تفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك سنة 1993م لمؤلفة يمينية هي (لوري ميلروي). في ذلك الكتاب بذلت (ميلروي)(ص 95) جهداً خارقاً لمحاولة إثبات مسؤولية العراق عن ذلك التفجير، وأن (رمزي يوسف) الباكستاني المتهم الأول لم يكن سوى عميلاً للمخابرات العراقية، وليس أحد عناصر الحركات الإسلامية القريبة من زعيم القاعدة أسامة ابن لادن غير المشهور آنذاك. كانت النظرية تقول: "إن الرئيس العراقي صدام حسين أراد الانتقام من الولايات المتحدة بعد الحرب فنظم ذلك التفجير. لكن الـ CIA والـ FBI لم يكونا على قناعة بضلوع النظام العراقي بذلك، فظل الاتهام يحوم في هوامش المتطرفين اليمينيين، الذين كانوا حانقين على الرئيس (جورج بوش الأب) بسبب عدم إسقاطه لصدام حسين في حرب الخليج الأولى. لذلك فإن فكرة الحرب على العراق تذهب أبعد بكثير من سنة 1998م التي يراها كثيرون كنقطة ارتكاز في فهم تطور ونضوج مخطط الحرب وإسقاط النظام العراقي (2).
(1) الكذبات العشر - بقلم كريستوفر شير - مدير تحرير موقع "الترنيت دوت اورج"ـ جريدة الخليج ـ 6ـ7ـ2003 ـ عدد 8813
(2)
ضد كل الأعداء .. رؤية من داخل الحرب الأميركية ضد الإرهاب ريتشارد كلارك - ط1 2004 - الناشر: فري برس، الولايات المتحدة- عرض/ كامبردج بوك ريفيوزـ الجزيرة نت 10/ 4/2004م
فبعد أحداث 11 سبتمبر تكررت محاوله اتهام العراق بالوقوف وراء هذه الأحداث من خلال محاولة ربطه بالقاعدة، وبدأت الإدارة الأميركية تفكر في الحرب عليه، حيث ألح المتشددون في الإدارة الأميركية مثل (بول وولفويتز) نائب وزير الدفاع الأميركي، (وريتشارد بيرل) على هذه الحرب، وبدأت المجموعة المتشددة وعلى رأسها وزير الدفاع (رامسفيلد) ـ الذي وصفه كيسنجر بأنه الذاهب دائماً إلى الحرب ـ في البحث عن أدلة تربط العراق بالقاعدة، منها ما قيل عن علاقة (محمد عطا) الذي زعم أنه رئيس المجموعة الفدائية التي نفذت هجمات 11 سبتمبر بأحد أفراد المخابرات العراقية، وعن لقائهما معا في براغ، بل إن (وولفويتز) ذكر من شواهد الإرهاب العراقي وفاة (أبو نضال) في بغداد في ظروف مشبوهة كأحد الأدلة ضد (صدام).
ونظراً لفشل مخطط ربط العراق بالقاعدة لجأت الإدارة الأمريكية إلى ذرائع أخرى. فلم يكن ثمة حاجة لدليل لتعلم الإدارة الأميركية أنه أقرب إلى المستحيل ربط العراق بشبكات القاعدة. ولكن أمريكيا يمكنها الإدعاء بأن أسلحة الدمار الشامل، التي يمكن أن ينتجها العراق، يمكن أن تصل إلى أتباع التنظيمات الإرهابية، ولا تحتاج الولايات المتحدة إلى الانتظار حتى تقع هذه الأسلحة بأيدي الإرهابيين، بل عليها أن تتحرك وفق إستراتيجية جديدة معلنة لمنع وصول الأسلحة إلى الإرهابيين، وهي الإستراتيجية التي عرضها وزير الدفاع الأميركي السابق في عهد (كلينتون)(وليام بيري) في كتابه (الدفاع الوقائي)(1). ولهذا كانت إدارة بوش تعمل جاهدة للعثور على صلات بين النظام الحاكم العراقي والإرهاب، على الرغم من أن (كولن باول)، وزير الخارجية اضطر لأن يعترف بأنه لم يتم العثور على صلة واضحة.
وفي نهاية سبتمبر2001م كان ثمة هياج متصاعد في الولايات المتحدة تحريضاً على ضربه لإنهاء النظام العراقي دفعة واحدة وإلى الأبد (2)، وبأي طريقة وبأي مبرر. ولهذا فقد كان قرار إعادة عمل لجنة التفتيش عن الأسلحة في العراق مخالفا لرغبة الإدارة الأميركية، فهي تريد تفويضا بالحرب دون حاجة لقرار جديد من
(1) حرب آل بوش ـ تأليف/ أريك لوران، ترجمة: سلمان حرفوش ـ عرض/إبراهيم غرايبة ـ الجزيرة نت
(2)
استهداف العراق ـ العقوبات والغارات في السياسة الأمريكية - جيف سيموند ـ مركز دراسات الوحدة العربية ص50