الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دفعتها إلى تسهيل قيام نظام طالبان الذي شكل فيما بعد القاعدة السياسية المثلى لمواصلة معارك ابن لادن.
توظيف الدين بين بوش وبن لادن
(1)
سؤال مشروع في ظل تزايد الحديث عن خطاب ديني (ديماغوجي) يدعو إلى تحقيق الأهداف بالعنف، وخطاب ديني مضاد (منظم) يدعو إلى أهداف موازية وبالعنف أيضاً!!! وبين الخطابين يقبع العالم المسكون بدهشة الصور، التي تلقمها له ماكنة إعلامية ضخمة منقسمة بين طرفي المعادلة الفظيعة. خيط رفيع .. لكنه بالغ الأثر يجمع بوش وابن لادن .. يضيق في أحدهم ليتسع في الآخر، ذلك هو توظيف الدين، (فصليبية) بوش الابن، جاءت في مقابل (جهاد) ابن لادن، وكل منهما كان يقسم العالم إلى ثنائية متضادة حدية، فسطاطي بن لادن (إيمان وكفر)، ومحوري بوش (خير وشر)، و (من ليس معنا ـ نحن الخير المطلق ـ فهو ضدنا). كان الموقف تمثيلاً للتناقضات الموجودة على أرضية دينية، المرتهنة إلى ثنائيات تبسيطية للعالم بأسره، واحد يستلهم القرآن، والآخر يستلهم الكتاب المقدس، وكلاهما يعيش مع الرب؛ ويقوم بتكليف إلهي! " (2).
الأصولية الإسلامية المتطرفة (وهي يمين متطرف بالضرورة)، تدعو إلى محاربة (الشيطان الأكبر) المتمثل في الغرب والولايات المتحدة خصوصاً، ومحاربة الشيطان الأكبر في عمق هذه الميثولوجيا الأصولية المتطرفة، تتطلب إيماناً شديداً بضرورة العنف، وإلغاء الآخر، بهدف الوصول في النهاية إلى عالم يوتوبي مثالي (دولة الشرع العالمية)، حيث يقيم (المؤمنون) دولتهم، وأيضاً في سياق نفس الميثولوجيا المتواترة، فإن هذه الدولة ستكون آخر إشارات (نهاية العالم)، حين تنتصر (قوى الخير)، في معركة ميدانها (فلسطين)، والتي ستسترجع بعد حرب تدميرية، يصرخ فيها الشجر مستنجداً بالمسلمين من يهودي مختبئ خلفه، ويتبع
(1) الحرب العالمية الأخيرة -ما الفرق بين تنظيم القاعدة وطاقم الإدارة الأمريكية- بقلم مالك عثامنة- جريدة المرايا الالكترونية.
(2)
الرجال الثلاثة .. والطريق إلى العراق! (الشبكة الإسلامية) - بقلم معتز الخطيب * كاتب وباحث سوري
ذلك ظهور المسيح الدجال، ونزول المسيح إلى الأرض، وقيام معركة دموية بين الخير والشر، لتنتهي بانتصار الخير، وبعد زمن قليل
…
ينتهي العالم!!!!
هذا الخطاب الأصولي، وفي سبيل تحقيق الرؤيا، يسعى إلى رفع (الظلم) عن المؤمنين من خلال نبوءات دينية بحتة، والمشكلة ـ الكارثة تكمن في التفسير العقائدي لهذا الحدث، والذي يزداد شرعية من خلال إعلام الكاسيتات، والتواتر التقني عبر الإنترنت، ليعزف على وتر العقيدة، مما يدخل (الاجتهاد الفردي)، بتفسير النص إلى خانة المقدس غير القابل للتأويل، ويسهل عملية تجييش البسطاء من (المؤمنين) في حرب تدميرية شاملة، طمعاً بجنة سماوية أو أرضية، وهذا في النهاية ـ حسب الخطاب الأصولي ـ أمر إلهي قادم من (الله) مباشرة، وعليه
…
فلا يجوز النقاش فيه.
في الجهة الأخرى، هناك إدارة أميركية (جمهورية جديدة)، حوالي 90% من قاعدتها في معظم الولايات خاضعون للكنيسة البروتستانتية المجددة (التدبيريون)، وهم يؤمنون أيضا بضرورة محاربة الشيطان و (محاور الشر) في العالم، وتؤمن بالعنف و (إلغاء الآخر) الشرير بالمطلق، بهدف الوصول ـ حسب رؤيتهم ـ إلى عالم يوتوبي مثالي (مملكة الرب)، حيث يقيم (المؤمنون) دولتهم، وفي نفس السياق الميثولوجي الغريب، فلا بد من السعي إلى (إنهاء العالم)، وتجميع اليهود في فلسطين للوصول إلى المعركة الحتمية الفاصلة وميدانها سهل (مجيدون) في الأرض المقدسة، وهي أرض الميعاد لهذه المعركة التي وعد بها الرب، ولا خوف على (المؤمنين) من السلاح النووي، لأن المسيح سيبعث من جديد، ويحمي أتباعه.
فأصولية هؤلاء هي صورة مشابهة تماما لأصولية (ابن لادن) وهم يرون أن هجمات 11 سبتمبر هي بداية حرب دينيه ضد الكفر والكفار، وهذا ما تم تمهيد الأرض له من قبل الكنائس الراديكالية التي تروج لمقولة:"الأشرار يجب أن يعاقبوا والأخيار يجب أن يكافئوا. لقد جاء وقت العنف". ومثل هذه الأفكار هي التي أدت إلى الوصول إلى منطق: "من ليس معنا أي ضد الكفار- فهو ضدنا"، حيث كانت النتيجة الطبيعة هي حدوث خلط متطرف ولاعقلاني بين المقاتلين الإسلاميين المتطرفين، وبين الإسلام كدين وهذه ما جعل القس (فرانكلين جراهام) يذهب للاتفاق مع الرئيس بوش بصورة متطرفة واضحة حتى انه يصف الإسلام بكامله في خطبه "بأنه
(أقصى أنواع الشر) وبأنه دين ذميم، فلسنا نحن من هاجمنا الإسلام بل هو الذي هاجمنا". بينما يقول زميله (جيري فينز) القس الأكبر لكنيسة بابست في فلوريدا في خطبه:"أن المسيحية تأسست على يد سيدنا المسيح عيسى الذي ولد كابن لله من امرأة عذراء، إنما الإسلام تأسس على يد محمد الذي تلبسه الجن وتزوج من 12 امرأة، أخرهن كانت في التاسعة من عمرها". مضيفاً بقوله: "أقول لكم: أن الله ليس هو يهوه، فان يهوه لم يرسل أي نبي إرهابي". (
…
(1)
أما القس (اندرو ستيوارت) فإنه يقوم بالدعوة في الكنائس بقوله: "اللهم دمر أعداءنا ودمرهم إلى الأبد وافرد شراعك على رئيسنا وصديقنا رجل تكساس جورج بوش". والمعروف أن هذا القس ينتمي إلى أحد اكبر الطوائف البروتستانتية هي (كنائس بابست) اليمينية المتطرفة، التي تقوم على أسس شديدة التزمت والكراهية والعنف. وفي كنيسة (توماس رود) في ولاية (فيرجينيا) يجتمع أسبوعيا ألف متدين ليس لسماع دروس دينية، بل للانفعال والدعاء لتطهير أمريكا من الكفار ويقوم فيها الواعظ المعروف تليفزيونيا (جيري فالويل) الذي يحظى بمتابعة الملايين لينادي بصراع الحضارات ووجوب الدفاع عن (القيم المسيحية) بأي وسيلة، ومهما كانت الظروف، لتسود العالم. بل انه يرى أن أحداث 11 سبتمبر كانت عقاباً إلهياً للعاصين من شعبه، وان الحل هو عودة المسيحيين لتحقيق كلمة الله بالقضاء على الأشرار. ويستخدم في ذلك الإنترنت الذي أصبح وسيلة سريعة لنشر التطرف بين هذه المنظمات، حيث يمكن القول أن الثقافة الأصولية الأمريكية في العشرين عاماً الماضية شكلها المقاتلون والمتعصبون الذين يزدادون نفوذاً (2). والمفارقة هنا أن هذا الخطاب المسيحي اليميني المتطرف كذلك، صادر من (الرب) مباشرة، وإستراتيجيته قائمة على .. "من هو ليس معنا، فهو معهم! " حسب تعبير سيد البيت الأبيض الواشنطوني جورج والكر بوش.
(1) عودة المسيح المنتظر لحرب العراق بين النبوءة والسياسة -احمد حجازي السقا ص45أو صحيفة دير شبيجل الألمانية بتاريخ 17/ 2/2003م - وجريدة الأسبوع العربي 24/ 2/2003 م
(2)
عودة المسيح المنتظر لحرب العراق بين النبوءة والسياسة -احمد حجازي السقا ص45أو صحيفة دير شبيجل الألمانية بتاريخ 17/ 2/2003 - وجريدة الأسبوع العربي 24/ 2/2003م