الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماعُ أبوابِ جَزاءِ الصَّيدِ
بابُ جَزاءِ الصَّيدِ بمِثلِه مِنَ النَّعَمِ يَحكُمُ به ذَوا عَدلٍ مِنَ المُسلِمينَ
9950 -
أخبرَنا أبو عمرٍو مُحمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ أحمدَ الأديبُ البِسطامِىُّ قِراءَةً عَلَيه بخُسْرَوْجِرْدَ، أخبرَنا أبو أحمدَ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ الغِطريفِ، أخبرَنِى هارونُ بنُ يوسُفَ، حدثنا ابنُ أبى عُمَرَ، حدثنا سفيانُ، حدثنا عبدُ المَلِكِ هو ابنُ عُمَيرٍ، سَمِعَ قَبيصَةَ بنَ جابِرٍ الأسَدِىَّ قال: خَرَجنا حُجّاجًا، فكَثُرَ مِراؤُنا ونَحنُ مُحرِمونَ، أيُّهُما أسرَعُ شَدًّا، الظَّبىُ أمِ الفَرَسُ؟ فبَينَما نَحنُ كَذَلِكَ إذ سَنَحَ لَنا ظَبىٌ، والسُّنوحُ هَكَذا -يقولُ: مَرَّ يُجَزِّعُنَا عن الشِّمالِ. قالَه هارونُ بالتَّشديدِ- فرَماه رَجُلٌ مِنّا بحَجَرٍ فما أخطأَ خُشَشاءَه
(1)
، فرَكِبَ رَدعَه
(2)
فقَتَلَه، فأُسقِطَ فى أيدينا، فلَمّا قَدِمنا مَكَّةَ انطَلَقْنا إلَى عُمَرَ بمِنًى، فدَخَلتُ أنا وصاحِبُ الظَّبى على عُمَرَ بنِ الخطابِ رَضِىَ اللَّهُ تَعالَى عنه، فذَكَرَ له أمرَ الظَّبى الَّذِى قَتَلَ. ورُبَّما قال: فتَقَدَّمتُ إلَيه أنا وصاحِبُ الظَّبى فقَصَّ عَلَيه القِصَّةَ. فقالَ عُمَرُ: عَمدًا أصَبتَه أم خَطأً؟ ورُبَّما قال: فسألَه
(1)
خششاءه: هو العظم الناتئ خلف الأذن. النهاية 2/ 34. وسيرد فى الحديت التالى أن معناه: أصل قرنه.
(2)
فركب ردعه: الردع: العنق؛ أى سقط على رأسه فاندقت عنقه، وقيل: خر صريعًا لوجهه، فكلماهم بالنهوض ركب مقاديمه. وقيل: سمى الدم بالردع تشبيهًا له بالزعفران، ومعنى ركوبه دمه أنه جرح فسال دمه، فسقط فوقه متشحطًا فيه. ينظر النهاية 2/ 214.
عُمَرُ: كَيفَ قَتَلتَه؟ عَمدًا أم خَطأً؟ فقالَ: لَقَد تَعَمَّدتُ رَميَه، وما أرَدتُ قَتلَه. زادَ رَجُلٌ: فقالَ عُمَرُ: لَقَد شَرِكَ العَمدُ الخَطأَ. ثُمَّ اجتَنَحَ إلَى رَجُلٍ واللَّهِ لَكأنَّ وجهَه قُلْبٌ -يَعنِى فِضَّةً- ورُبَّما قال: ثُمَّ التَفَتَ إلَى رَجُلٍ إلَى جَنبِه - فكَلَّمَه ساعَةً، ثُمَّ أقبَلَ على صاحِبِى، فقالَ له: خُذْ شاةً مِنَ الغَنَمِ، فأهرِقْ دَمَها وأطعِمْ لَحمَها -ورُبَّما قال: فتَصَدَّقْ بلَحمِها- وأسقِ إهابَها سِقاءً
(1)
، فلَمّا خَرَجْنا مِن عِندِه أقبَلْتُ على الرَّجُلِ فقُلتُ له: أيُّها المُستَفتِى عُمَرَ بنَ الخطابِ، إنَّ فُتيا ابنِ الخطابِ لَن تُغنِىَ عَنكَ مِنَ اللَّه شَيئًا، واللَّهِ ما عَلِمَ عُمَرُ حَتَّى سألَ الَّذِى إلَى جَنبِه، فانحَرْ راحِلَتَكَ فتَصَدَّقْ بها وعَظِّمْ شَعائرَ اللَّهِ. قال: فنَما هذا ذو العوَينَتَينِ
(2)
إلَيه. ورُبَّما قال: فانطَلَقَ ذو العوَينَتَينِ إلَى عُمَرَ فنَماها إلَيه. ورُبَّما قال: فما عَلِمتُ بشَئٍ واللَّهِ ما شَعَرتُ إلَّا به يَضرِبُ بالدَّرَّةِ علىَّ. وقالَ مَرَّةً: على صاحِبِى صُفوقًا صُفوقًا
(3)
. ثُمَّ قال: قاتَلَكَ اللَّهُ! تَعَدَّى الفُتيا وتَقتُلُ الحَرامَ وتَقولُ: واللَّهِ ما عَلِمَ عُمَرُ حَتَّى سألَ الَّذِى إلَى جَنبِه! أما تَقرأُ كِتابَ اللَّهِ؟ فإِنَّ اللَّهَ يقولُ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]. ثُمَّ أقبَلَ علىَّ فأخَذَ بمَجامِعِ رِدائى -ورُبَّما قال: ثَوبِى- فقُلتُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنِّى لا أُحِلُّ لَكَ مِنِّى أمرًا حَرَّمَه اللَّهُ عَلَيكَ. فأرسَلَنِى، ثُمَّ أقبَلَ علىَّ فقالَ: إنِّى أراكَ شابًّا فصيحَ اللِّسانِ فسيحَ الصَّدرِ، وقَد يَكونُ فى
(1)
أسق إهابها سقاءً: أى: أعطه من يتخذه سقاءً. الفائق 2/ 187.
(2)
أى: أبلغه ذو العوينتين هذا الخبر أو هذا الكلام، والعوينتان تصغير عوينة، وهى تصغير عين، وذو العوينتين هو الجاسوس. ينظر اللسان 13/ 298 (ع ى ن).
(3)
الصفق: الضرب الذى يسمع له صوت. التاج 26/ 26 (ص ف ق).
الرَّجُلِ عَشرَةُ أخلاقٍ؛ تِسعٌ حَسَنَةٌ -ورُبَّما قال: صالِحَةٌ- وواحِدَةٌ سَيِّئَةٌ، فيُفسِدُ الخُلُقُ السَّيِّئُ التِّسعَ الصّالِحَةَ، فاتَّقِ طيَرَاتِ الشَّبابِ
(1)
. قال ابنُ أبى عُمَرَ: قال سفيانُ: وكانَ عبدُ المَلِكِ إذا حَدَّثَ بهَذا الحَديثِ قال: ما تَرَكتُ مِنه ألِفًا ولا واوًا
(2)
.
9951 -
حدثنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنِى أبو عبدِ اللَّهِ مُحمَّدُ بنُ علىٍّ الصَّنعانِىُّ بمَكَّةَ، حدثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ الدَّبَرِىُّ، أخبرَنا عبدُ الرَّزّاقِ، أخبرَنا مَعمَرٌ، عن عبدِ المَلِكِ بنِ عُمَيرٍ، عن قَبيصَةَ بنِ جابِرٍ الأسَدِىِّ قال: كُنتُ مُحرِمًا، فرأيتُ ظَبيًا فرَمَيتُه فأصَبتُ خُشّاءَه
(3)
-يَعنِى أصلَ قَرنِه- فماتَ فوَقَعَ فى نَفسِى مِن ذَلِكَ، فأتَيتُ عُمَرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه أسألُه، فوَجَدتُ إلَى جَنبِه رَجُلًا أبيَضَ رَقيقَ الوَجهِ وإِذا هو عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ، فسألتُ عُمَرَ، فالتَفَتَ إلَى عبدِ الرَّحمَنِ فقالَ: تَرَى شاةً تكفيه؟ قال: نَعَم. فأمَرَنِى أن أذبَحَ شاةً، فلَمّا قُمْنا مِن عِندِه قال صاحِبٌ لِى: إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ لَم يُحسِنْ أنْ يُفتِيَكَ حَتَّى سألَ الرَّجُلَ، فسَمِعَ عُمَرُ رضي الله عنه بَعضَ كَلامِه، فعَلاه بالدِّرَّةِ ضَربًا، ثُمَّ أقبَلَ علىَّ ليَضرِبَنِى فقُلتُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنِّى لَم أقُلْ شَيئًا، إنَّما هو قالَه. قال: فتَرَكَنِى، ثُمَّ قال: أرَدتَ أنْ تَقتُلَ الحَرامَ وتَتَعَدَّى الفُتيا؟ ثُمَّ قال أميرُ المُؤمِنينَ: إنَّ فى الإنسانِ عَشَرَةَ أخلاقٍ؛ تِسعَةٌ حَسَنَةٌ وواحِدَةٌ سَيِّئَةٌ،
(1)
طيَرات الشباب: أى: غراتهم وزلاتهم. غريب الحديث لابن الجوزى 2/ 48.
(2)
أخرجه عبد الرزاق (8240)، وابن عبد البر فى الاستذكار 13/ 279 - 281 من طريق سفيان بن عيينة به.
(3)
فى م: "خششاءه".
ويُفسِدُها ذَلِكَ السَّيِّئُ. ثُمَّ قال: وإيّاكَ وعَثْرَةَ الشَّبابِ
(1)
.
9952 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو عمرِو ابنُ مَطَرٍ، حدثنا يَحيَى بنُ محمدٍ، حدثنا عُبَيدُ اللَّهِ بنُ مُعاذٍ، حدثنا أبى، حدثنا شُعبَةُ، عن مَنصورٍ، عن أبى وائلٍ قال: حَدَّثَنِى أبو حَريزٍ قال: أصَبتُ ظَبيًا وأنا مُحرِمٌ، فأتَيتُ عُمَرَ فسألتُه، فقالَ: ائتِ رَجُلَينِ مِن إخوانِكَ، فليَحكُما عَلَيكَ.
فأتَيتُ عبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَوفٍ وسَعدًا، فحَكما علىَّ تَيسًا أعفَرَ
(2)
. زادَ فيه جَريرُ ابنُ عبدِ الحَميدِ عن مَنصورٍ: وأنا ناسٍ لِإحرامِى
(3)
.
9953 -
أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ الحَسَنِ القاضِى، حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ، أخبرَنا الرَّبيعُ، أخبرَنا الشافِعِىُّ، أخبرَنا ابنُ عُيَينَةَ، أخبرَنا مُخارِقٌ، عن طارِقِ بنِ شِهابٍ قال: خَرَجْنا حُجّاجًا فأوطأَ رَجُلٌ مِنّا يُقالُ له: أربَدُ. ضَبًّا ففَزَرَ
(4)
ظَهرَه، فقَدِمْنا على عُمَرَ رضي الله عنه، فسألَه أربَدُ، فقالَ عُمَرُ رضي الله عنه: احكُمْ يا
(1)
المصنف فى الصغرى (1572) مختصرًا، والحاكم 3/ 310 وصححه، وعبد الرزاق (8239)، ومن طريقه ابن عبد البر فى الاستذكار 13/ 278، 279. وأخرجه الطبرانى (258) -وعنه أبو نعيم فى معرفة الصحابة (458) مختصرًا- عن إسحاق الدبرى به. وابن جرير فى تفسيره 8/ 691، 692، وابن أبى حاتم فى تفسيره (6804) من طريق عبد الملك به.
(2)
العفرة: بياض ليس بالناصع، ولكن كلون عفرة الأرض، وهو وجهها. النهاية 3/ 261.
والأثر أخرجه ابن جرير فى تفسيره 8/ 693 من طريق شعبة به.
(3)
أخرجه ابن سعد 6/ 154، 155 من طريق منصور به. ووقع عنده:"أبو جرير" و"لإهلالى" بدلًا من: "أبو حريز" و"لإحرامى".
(4)
فزر ظهره: أى: شقه وفسخه. النهاية 3/ 443.