الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جِماعُ أبوابِ الإحصارِ
بابُ مَن أُحْصِرَ بعَدوٍّ وهو مُحرِمٌ
قال اللهُ تَعالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَو بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ} [البقرة: 196].
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: فلَم أسمَعْ مِمَّن حَفِظتُ عنه مِن أهلِ العِلمِ بالتَّفسيرِ مُخالِفًا في أن هذه الآيَةَ نَزَلَت بالحُدَيبيَة، حينَ أُحصِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فحالَ المُشرِكونَ بَينَه وبَينَ البَيت، وأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ بالحُدَيبيَةِ وحَلَقَ، ورَجَعَ حَلالًا، ولَم يَصِلْ إلَى البَيتِ ولا أصحابُه إلَّا عثمانُ بن عَفّانَ رضي الله عنه وحدَه
(1)
.
10166 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ محمدُ بن عبد اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا عبدُ الرَّحمَنِ بن الحَسَنِ القاضِي، حدثنا إبراهيمُ بن الحُسَين، حدثنا آدَمُ بن أبي إياسٍ، حدثنا ورقاءُ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ، حدثنا عبدُ الرَّحمَنِ بن أبي لَيلَى، عن كَعبِ بنِ عُجرَةَ، أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رآه والقَمْلُ يَسقُطُ على وجهِه فقالَ له:"أيُؤذيكَ هَوامُّكَ؟ ". قال: نَعَم. فأمَرَه أن يَحلِقَ، قال: وهُم بالحُدَيبيَةِ لَم يَتَبَيَّنْ لَهُم أنَّهُم يَحِلّونَ بها، وهُم على طَمَعٍ مِن دُخولِ مَكَّةَ، فأنزَل اللهُ الفِديَةَ، وأمَرَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يُطعِمَ فرَقًا بَينَ
(1)
الأم 2/ 158.
سِتَّةِ مَساكينَ، أو صَومَ ثَلاثَةِ أيّامٍ، أو نُسُكَ شاةٍ
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن محمدِ بنِ يوسُفَ عن ورقاءَ، وأخرَجَه مسلم مِن وجهٍ آخَرَ عن ابنِ أبي نَجيحٍ
(2)
.
10167 -
أخبرَنا أبو أحمدَ المِهرَجانيُّ، أخبرَنا أبو بكرِ بن جَعفَرٍ، أخبرَنا محمدُ بن إبراهيمَ، حدثنا ابنُ بُكَيرٍ، حدثنا مالكٌ (ح) وأخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو عبد اللهِ الشَّيبانِيُّ، حدثنا أبو عبد اللَّهِ محمدُ بن نَصرٍ المَروَزِيُّ، حدثنا يَحيَى بن يَحيَى قال: قَرأتُ على مالكٍ، عن نافِعٍ، أن عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ خَرَجَ في الفِتنَةِ مُعتَمِرًا وقالَ: إن صُدِدتُ عن البَيتِ صَنَعنا كما صَنَعنا مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فخَرَجَ فأهَلَّ بعُمرَةٍ وسارَ، حَتَّى إذا ظَهَرَ على البَيداءِ التَفَتَ إلَى أصحابِه فقالَ: ما أمرُهُما إلَّا واحِدٌ، أُشهِدُكُم أنِّي قَد أوجَبتُ الحَجَّ مَعَ العُمرَةِ. فخَرَج حَتَّى إذا جاءَ البَيتَ طافَ به سَبعًا، وبَينَ الصَّفا والمَروَةِ سَبعًا لَم يَزِدْ عَلَيه ورأى أنَّه مُجزِئٌ عنه، وأهدَى. لَفظُ حَديثِ يَحيَى بنِ يَحيَى، وفِي رِوايَةِ ابنِ بُكَيرٍ: فأهَلَّ بعُمرَةٍ مِن أجلِ أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أهَلَّ بعُمرَةٍ عامَ الحُدَيبيَةِ. والباقِي بمَعناه
(3)
.
(1)
تفسير مجاهد ص 226. وأخرجه البخاري (4159) من طريق ورقاء به. وتقدم في (7792، 9166، 9991) من طريق ابن أبي نجيح. وسيأتي في (10340) من طريق أيوب عن مجاهد.
(2)
البخاري (1818)، ومسلم (1201/ 83).
(3)
المصنف في المعرفة (3012) عن الحاكم، ومالك في الموطأ برواية ابن بكير (18/ 5 و - مخطوط)، وبرواية الليثى 1/ 360، ومن طريقه الشافعي 2/ 61 مختصرًا. وتقدم في (8818) من طريق مالك.
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: إن صُدِدتُ عن البَيتِ صَنَعنا كما صنَعنا مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. يَعنِي أحلَلنا كما أحلَلنا مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عامَ الحُدَيبيَةِ. رَواه البخاريُّ مِن أوجُهٍ عن مالكٍ، ورَواه مسلمٌ عن يَحيَى بنِ يَحيَى
(1)
.
10168 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بن جَعفَرٍ القَطيعِيُّ، حدثنا عبدُ اللهِ بن أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، حَدَّثَنِي أبي، حدثنا عبدُ الرَّزّاق، عن مَعمَرٍ، قال الزُّهرِيُّ: أخبرَنِي عُروَةُ بن الزُّبَير، عن المِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ ومَرْوانَ بنِ الحَكَم، يُصدِّقُ حَديثُ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما صاحِبَه قالا: خَرَجَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الحُدَيبيَةِ في بضعَ عَشرَةَ مِائَةٍ مِن أصحابِه، حَتَّى إذا كانوا بذِي الحُلَيفَةِ قَلَّدَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الهَدىَ وأشعَرَ وأحرَمَ بالعُمرَةِ. وذَكَرَ الحديثَ بطولِه في نُزولِه أقصَى الحُدَيبيَة، ثُمَّ في مَجِيءِ سُهَيلِ بنِ عمرٍو وما قاضاه عَلَيه حينَ صَدّوه عن البَيتِ. قال: فلَمّا فرَغَ مِن قَضيَّةِ الكِتابِ قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأصحابِه: "قوموا فانحَروا ثُمَّ احلِقوا". قال: فواللَّهِ ما قامَ مِنهُم رَجُلٌ حَتَّى قال ذَلِكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ، فلَمّا لَم يَقُمْ مِنهُم أحَدٌ، قامَ فدَخَلَ على أُمِّ سلمةَ فذَكَرَ لها ما لَقِيَ مِنَ الناس، فقالَت أُمُّ سلمةَ رضي الله عنها: يا رسولَ اللَّهِ أتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخرُجْ، ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا مِنهُم كَلِمَةً حَتَّى تَنحَرَ بُدنَكَ، وتَدعوَ حالِقَكَ فيَحلِقَكَ. فقامَ فخَرَجَ فلَم يُكَلِّمْ أحَدًا مِنهُم حَتَّى فعَلَ ذَلِكَ؛ نَحَرَ هَديَه، ودَعا حالِقَه فحَلَقَه، فلَمّا رأوا ذَلِكَ قاموا فنَحَروا، وجَعَلَ بَعضُهُم يَحلِقُ بعضًا،
(1)
البخاري (1806، 1813، 4183)، ومسلم (1230/ 180).
حَتَّى كادَ بَعضُهُم يَقتُلُ بَعضًا غَضًّا
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن عبد اللَّهِ بنِ محمدٍ عن عبد الرَّزّاقِ
(2)
.
10169 -
وأخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ وأبو بكرِ بن الحَسَنِ الحِيرِيُّ قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بن عبد الجَبّار، حدثنا يونُسُ بن بُكَيرٍ، عن ابنِ إسحاقَ قال: حَدَّثَنِي الزُّهرِيُّ، عن عُروةَ بنِ الزُّبَير، عن مَرْوانَ بنِ الحَكَمِ والمِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ. فذَكَرَ الحديثَ بطولِه، زادَ
(3)
في نُزولِه بالحُدَيبيَةِ: وكانَ مُضطَرَبُه في الحِلِّ، وكانَ يُصَلِّي في الحَرَمِ. وزادَ
(3)
في قَولِ أُمِّ سلمةَ قالَت: يا رسولَ الله، لا تَلُمْهُم فإِنَّ النّاسَ قَد دَخَلَهُم أمرٌ عَظيمٌ مِمّا رَأَوكَ حَمَلتَ على نَفسِكَ في الصُّلحِ ورَجْعَتِكَ ولَم يُفتَحْ عَلَيكَ، فاخرُجْ يا رسولَ اللَّه، فلا تُكَلِّمْ أحَدًا مِنَ النّاسِ حَتَّى تأتِيَ هَديَكَ فتَنحَرَ وتَحِلَّ؛ فإِنَّ الناسَ إذا رأوكَ فعَلتَ ذَلِكَ فعَلوا كالَّذِي فعَلتَ. فخَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن عِندِها فلَم يُكَلِّمْ أحَدًا حَتَّى أتَى هَديَه فنَحَرَ وحَلَقَ، فلَمّا رأى النّاسُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَد فعَلَ ذَلِكَ قاموا ففَعَلوا؛ فنَحَروا وحَلَقَ بَعضٌ وقَصَّرَ بَعضٌ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ اغفِرْ لِلمُحَلِّقينَ". ثَلاثًا. فقيلَ:
(1)
أحمد (18928)، وعبد الرزاق (9720) - ومن طريقه ابن حبان (4872). وأخرجه النسائي (2770) من طريق معمر به مقتصرا على أوله. وسيورده المصنف بالإسناد ذاته في قبل (18472) وقال فيه: فذكر حديث صلح الحديبية. . .، وفي (18840) بطوله. وسيأتي في (14084، 18307) من طرق عن عبد الرزاق.
(2)
البخاري (2731، 2732).
(3)
في الأصل: "زادا".