الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيِّنَةً وإِلا فلا تَظلِمِ
(1)
النّاسَ، فإِنَّ هذا لا يُقضَى فيه إلَى يَومِ القيامَةِ
(2)
.
بابُ تَركِ القَوَدِ بالقَسامَةِ
16540 -
أخبرَنا عليُّ بن أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بن عُبَيدٍ الصَّفّارُ، حدثنا إسماعيلُ القاضِي، حدثنا سُلَيمانُ بن حَربٍ، حدثنا حَمّادٌ، عن أيّوبَ، عن أبي رَجاءٍ مَولَى أبي قِلابَةَ قال: كان أبو قِلابَةَ عِندَ عُمَرَ بنِ عبد العَزيزِ فسألَهُم عن القَسامَةِ قالوا: أقادَ بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ وعُمَرُ والخُلَفاءُ رضي الله عنه. قال: ما تَقولُ يا أبا قِلابَةَ؟ قال: عِندَكَ رُءوسُ الأجنادِ وأشرافُ العَرَب، شَهِدَ رَجُلٌ مِن أهلِ حِمصَ على رَجُلٍ مِن أهلِ دِمَشقَ أنَّه سَرَقَ ولَم يَرَوْه، أكُنتَ تَقطَعُهُ؟ قال: لا. قال: شَهِدَ أربَعَةٌ مِن أهلِ دِمَشقَ على رَجُلٍ مِن أهلِ حِمصَ أنَّه زَنَى ولَم يَرَوْه، أكُنتَ تَرجُمُهُ؟ قال: لا. قال: فهَذا أشبَهُ، واللهِ ما عَلِمْنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ أحَدًا إلا أن يَقتُلَ رَجُلًا فيُقتَلَ بهِ. قال عَنبَسَةُ بن سعيدٍ: فأينَ حَديثُ العُرَنيّينَ؟ فقالَ أبو قِلابَةَ: إيّايَ حَدَّثَ
(3)
أنَسُ بن مالكٍ؛ حدثنا أنَسُ بن مالكٍ أن قَومًا مِن عُكلٍ أو عُرَينَةَ قَدِموا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاجتَوَوُا المَدينَةَ، فأمَرَ لَهُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بلِقاحٍ، وأمَرَهُم أن يَشرَبوا مِن ألبانِها وأبوالِها فانطَلَقوا، فلَمّا صَحُّوا قَتَلوا راعِيَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم واستاقوا النَّعَمَ، فبَلَغَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرُهُم مِن أوَّلِ النَّهارِ فبَعَثَ في آثارِهِم،
(1)
في الأصل: "نظلم".
(2)
ذكره البخاري تعليقًا قبل (6898).
(3)
في م، والمهذب 6/ 3217:"حدثه"، وفي س:"حديث".
فما ارتَفَعَ النَّهارُ حَتَّى أُتِيَ بهِم، فأمَرَ بهِم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقُطعَت أيديهِم وأرجُلُهُم وسُمِرَت أعيُنُهُم، وأُلقُوا في الحَرَّةِ يَستَسقُونَ فلا يُسقَونَ حَتَّى ماتوا، فهَؤُلاءِ قَومٌ قَتَلوا وسَرَقوا وكَفَروا بعدَ إيمانِهِم. فقالَ عَنبَسَةُ: سُبحانَ اللهِ! فقالَ أبو قِلابَةَ: أتَتَّهِمُنِي يا عَنبَسَةُ؟ قال: لا، ولَكِن هذا الجُندُ لا يَزالُ بخَيرٍ ما أبقاكَ اللهُ بَينَ أظهُرِهِم
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن سُلَيمانَ بنِ حَربٍ، ورَواه مُسلِمٌ عن هارونَ الحَمّالِ عن سُلَيمانَ بنِ حَربٍ، [ورواه]
(2)
مُختَصَرًا
(3)
.
16541 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو عبد اللهِ محمدُ بن يَعقوبَ بنِ يوسُفَ الحافظُ، حَدَّثَنِي أبي، حدثنا قُتَيبَةُ بن سعيدٍ، حدثنا إسماعيلُ ابنُ عُلَيَّةَ، حدثنا حَجّاجُ بن أبي عثمانَ الصَّوّافُ (ح) وأخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا محمدُ بن صالِحِ بنِ هانِئٍ، حدثنا أبو جَعفَرِ بنُ أبي خالِدٍ الأصبَهانِيُّ، حدثنا حُمَيدُ بن مَسعَدَةَ، حدثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، حدثنا الحَجّاجُ الصَّوّافُ، حَدَّثَنِي أبو رَجاءٍ مَولَى أبي قِلابَةَ، حَدَّثَنِي أبو قِلابَةَ، أن عُمَرَ بنَ عبد العَزيزِ أبرَزَ سَريرَه يَومًا لِلناسِ فأذِنَ لَهُم فدَخَلوا عَلَيه فقالَ: ما تَقولونَ في القَسامَةِ؟ قال: فأضَبَّ النّاسُ
(4)
قالوا: نَقولُ: القَوَدُ بها
(1)
أخرجه البخاري (4193) من طريق حماد به. ومسلم (1671/ 12) من طريق أبي رجاء به. وتقدم حديث العرنيين في (16177).
(2)
ليس في: م.
(3)
البخاري (233)، وفيه: عن أيوب عن أبي قلابة. ومسلم (1671/ 11) وأحال على رواية حجاج بن أبي عثمان، وهي الرواية التالية.
(4)
أضب الناس: سكتوا مطرقين. فتح الباري 12/ 240.
حَقٌّ، قَد أقادَت بها الخُلَفاءُ. قال: ما تَقولُ يا أبا قِلابَةَ؟ ونَصَبَنِي لِلنّاسِ، قُلتُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، عِندَكَ رُءوسُ الأجنادِ وأشرافُ العَرَبِ، أرأيتَ لَو أنَّ خَمسينَ مِنهُم شَهِدوا على رَجُلٍ [بدِمَشقَ مُحصِنٍ]
(1)
أنَّه قَد زَنَى لَم يَرَوْه، أكُنتَ تَرجُمُهُ؟ قال: لا. قُلتُ: أفَرأيتَ لَو أن خَمسينَ مِنهُم شَهِدوا على رَجُلٍ بحِمصَ أنَّه سَرَقَ لَم يَرَوْه، أكُنتَ تَقطَعُهُ؟ قال: لا. قُلتُ: فواللهِ ما قَتَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أحَدًا قَطُّ إلا في إحدَى ثَلاثِ خِصالٍ؛ رَجُلٌ قَتَلَ بجَريرَةِ
(2)
نَفسِه يُقتَلُ، أو رَجُلٌ زَنَى بعدَ إحصانٍ، أو رَجُلٌ حارَبَ اللهَ ورسولَه وارتَدَّ عن الإسلامِ. قال: فقالَ القَومُ: أوَ لَيسَ قَد حَدَّثَ أنَسُ بن مالكٍ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ في السَّرَقِ وسَمَرَ الأعيُنَ ونَبَذَهُم في الشَّمسِ حَتَّى ماتوا؟ فقُلتُ: أنا أُحَدِّثُكُم حَديثَ أنَسِ بنِ مالكٍ؛ إيّايَ حَدَّثَ أنَسُ بن مالكٍ، أن نَفَرًا مِن عُكلٍ ثَمانيَةً قَدِموا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فبايَعوه على الإسلامِ واستَوخَموا الأرضَ
(3)
وسَقِمَت أجسامُهُم فشَكَوا ذَلِكَ إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: "ألا تَخرُجونَ مع راعينا في إبِلِه فتُصيبونَ مِن أبوالِها وألبانِها؟ ". قالو ا: بَلَى. فخَرَجوا فشَرِبوا مِن أبوالِها وألبانِها فصَحُّوا وقَتَلوا الرّاعِيَ واطَّرَدوا
(4)
النَّعَمَ، فبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فبَعَثَ في آثارِهِم فأُدرِكوا، فجِيءَ بهِم، فأمَرَ بهِم فقُطِّعَت أيديهِم وأرجُلُهُم وسُمِرَت أعيُنُهُم،
(1)
في س، ص 8:"بحمص".
(2)
الجريرة: الجناية. مشارق الأنوار 1/ 144.
(3)
استوخموا الأرض: أي استثقلوها ولم يوافق هواؤها أبدانهم. النهاية 5/ 164.
(4)
اطردوا: أخرجوها طردًا، أي: سوقًا. فتح الباري 8/ 274.
ونُبِذوا في الشَّمسِ حَتَّى ماتوا. قُلتُ: وأيُّ شَئٍ أشَدُّ ممّا صنَعَ هَؤُلاءِ؟! ارتَدّوا عن الإسلامِ وقَتَلوا وسَرَقوا. فقالَ عَنبَسَةُ بن سعيدٍ: واللهِ إنْ سَمِعتُ كاليَومِ قَطُّ. فقُلتُ: أتَرُدُّ عليَّ حَديثِي يا عَنبَسَةُ؟ فقالَ: لا، ولَكِن جِئتَ بالحَديثِ على وجهِهِ، واللهِ لا يَزالُ هذا الجُندُ بخَيرٍ ما عاشَ هذا الشيخُ بَينَ أظهُرِهِم.
قُلتُ: وقَد كان في هذا سُنَّةٌ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيه نَفَرٌ مِنَ الأنصارِ فتَحَدَّثوا عِندَه، فخَرَجَ رَجُلٌ مِنهُم بَينَ أيديهِم فقُتِلَ، فخَرَجوا بَعدَه فإِذا هُم بصاحِبِهِم
(1)
يَتَشَحَّطُ في الدَّم، فرَجَعوا إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسولَ الله، صاحِبُنا كان يَتَحَدَّثُ معنا، فخَرَجَ بَينَ أيدينا، فإِذا نَحنُ به يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ. فخَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ:"بمَن تَظُنّونَ؟ أو: مَن تُرَونَ قَتَلَه؟ ". قالوا: نَرَى أن اليَهودَ قَتَلَته. فأرسَلَ إلَى اليَهودِ فدَعاهُم فقالَ: "أنتُم قَتلتُم هذا؟ " قالوا: لا. قال: "أتَرضَونَ نَفْلَ
(2)
خَمسينَ مِنَ اليَهودِ ما قَتَلوه؟ ". فقالوا: ما يُبالونَ أن يَقتُلونا أجمَعينَ ثُمَّ يَنفِلونَ. قال: "أفَتَستَحِقّونَ الدّيَةَ بأيمانِ خَمسينَ مِنكُم؟ ". قالوا: ما كُنّا لِنَحلِفَ. فوَدَاه مِن عِندِهِ.
قُلتُ: وقَد كانَت هُذَيلٌ خَلَعوا خَليعًا لَهُم في الجاهِليَّة، فطَرَقَ
(3)
أهلَ
(1)
في الأصل، ص 8:"بصاحبه". وضبب عيها في الأصل وكتب في الحاشية: "بصاحبهم ح".
(2)
النفل: اليمين، وسميت القسامة نفلا لأن الدم ينفل بها، أي: ينفى. مشارق الأنوار 2/ 2.
(3)
ضبطت في البخاري بفح الطاء والراء وكذا في الأصل بفتح الراء، وقال ابن حجر: بضم الطاء، أي: هجم عليهم ليلًا في خفية ليسرق منهم. فتح الباري 12/ 242.
بَيتٍ مِنَ اليَمَنِ بالبَطحاءِ، فانْتَبَه
(1)
له رَجُلٌ مِنهُم فحَذَفَه بالسَّيفِ فقَتَلَه، فجاءَت هُذَيلٌ فأخَذوا اليَمانِيَ فرَفَعوه إلَى عُمَرَ رضي الله عنه بالمَوسِمِ وقالوا: قَتَلَ صاحِبَنا. فقالَ: إنَّهُم قَد خَلَعوه. فقالَ: يُقسِمُ خَمسونَ مِن هُذَيلٍ ما خَلَعوا. قال: فأقسَم مِنهُم تِسعَةٌ وأربَعونَ رَجُلًا وقَدِمَ رَجُلٌ مِنهُم مِنَ الشّامِ فسألوه أن يُقسِمَ فافتَدَى يَمينَه مِنهُم بألفِ دِرهَمٍ، فأدخَلوا مَكانَه رَجُلًا آخَرَ، فدَفَعَه إلَى أخِي المَقتولِ فقُرِنَت يَدُه بيَدِهِ. قال: فانطَلَقا والخَمسونَ الذينَ أقسَموا، حَتَّى إذا كانوا بنَخلَةَ أخَذَتهُمُ السَّماءُ، فدَخَلوا في غارٍ في الجَبَل، فانهَجَمَ الغارُ على الخَمسينَ الذينَ أقسَموا فماتوا جَميعًا وأُفلِتَ القَرينانِ واتَّبَعَهُما حَجَرٌ فكَسَرَ رِجلَ أخِي المَقتول، فعاشَ حَولًا ثُمَّ ماتَ.
قُلتُ: وقَد كان عبدُ المَلِكِ بن مَروانَ أقادَ رَجُلًا بالقَسامَة، ثُمَّ نَدِمَ بعدَ ما صَنَعَ، فأمَرَ بالخَمسينَ الَّذينَ أقسَموا فمُحُوا مِنَ الدِّيوانِ وسَيَّرَهُم إلَى الشَّامِ
(2)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن قُتَيبَةَ بنِ سعيدٍ
(3)
، وحَديثُه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في القَتيلِ مُرسَلٌ، وكَذَلِكَ عن عُمَرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه في قِصَّةِ الهُذَلِيِّ
(4)
.
16542 -
أخبرَنا أبو بكرٍ الأرْدَستانِيُّ، أخبرَنا أبو نَصرٍ العِراقِيُّ، أخبرَنا سفيانُ بن محمدٍ الجَوهَرِيُّ، حدثنا عليُّ بن الحَسَن، حدثنا عبدُ اللهِ بن
(1)
في الأصل: "فاتهبه". وفي س: "فانتهبه". وضبب عليه في الأصل.
(2)
أخرجه البخاري (4193) مختصرًا، وأبو عوانة في مسنده (6119) موصولًا من طريق حجاج به.
(3)
البخاري (6899).
(4)
قال الذهبي 9/ 3216: فهما مما في الصحيح من المراسيل، وليس لهما سند متصل.
الوَليدِ، حدثنا سفيانُ، عن عبد الرَّحمَن، عن القاسِمِ بنِ عبد الرَّحمَن، أن عمَرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه قال: القَسامَةُ توجِبُ العَقلَ ولا تُشيطُ
(1)
الدَّمَ
(2)
. هذا مُنقَطِعٌ.
16543 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ بنُ بِشْرانَ، أخبرَنا إسماعيلُ بن محمدٍ الصَّفّارُ، حدثنا الحَسَنُ بن سَلَّامٍ، حدثنا أبو نُعَيمٍ، حدثنا عبدُ السَّلام، عن يونُسَ، عن الحَسَنِ قال: القَتلُ بالقَسامَةِ جاهِليَّةٌ.
16544 -
وفيما رَوَىَ أبو داودَ في "المراسيل" عن هارونَ بنِ زَيدِ بنِ أبي الزَّرقاءِ عن أبيه عن محمدِ بنِ راشِدٍ، عن مَكحولٍ، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَم يَقضِ في القَسامَةِ بقَوَدٍ. أخبرَناه محمدُ بن محمدٍ، أخبرَنا الفَسَوِيُّ، حدثنا اللُّؤلُؤِيُّ، حدثنا أبو داودَ. فذَكَرَه
(3)
.
وكَذَلِكَ قالَه عُبَيدُ اللهِ بن عُمَرَ ومالِكُ بن أنَسٍ، فقيلَ لِمالِكٍ: فلِمَ تَقتُلونَ أنتُم بها؟ قال: إنّا لا نَضَعُ قَولَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم على الخَتلِ
(4)
.
(1)
لا تشيط الدم: لا تهلكه ولا تبطله. غريب الحديث للحربي 3/ 1154.
(2)
أخرجه عبد الرزاق (18286) من طريق سمان الثورى به. وابن أبي شيبة (28287) من طريق القاسم به.
(3)
المراسيل (271).
(4)
الختل: الخديعة. النهاية 2/ 9.
والأثر أخرجه عبد الرزاق (18276) - ومن طريقه أبو داود في المراسيل (272) - عن عبيد الله بن عمر ومالك.