الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ قُطّاعِ الطَّريقِ
قال اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} الآيَة [المائدة: 33].
17384 -
أخبرَنا أبو محمدٍ عبدُ اللَّهِ بنُ يوسُفَ الأصبَهانِىُّ، أخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ الأعرابِىِّ، حدثنا الحَسَنُ بنُ محمدِ بنِ الصَّبّاحِ الزَّعفَرانِىُّ، حدثنا عبدُ الوَهّابِ بنُ عَطاءٍ، أخبرَنا سعيدٌ هو ابنُ أبي عَروبَةَ، عن قَتادَةَ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ، أن رَهطًا مِن عُكْلٍ وعُرَينَةَ أتَوا رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، إنّا أُناسٌ مِن أهلِ ضَرْعٍ، ولَم نكُنْ أهلَ ريفٍ، فاستَوخَمْنا المَدينَةَ
(1)
. فأمَرَ لَهُم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بذَودٍ
(2)
وزادٍ، وأمَرَهُم أن يَخرُجوا فيها فيَشرَبوا مِن أبوالِها وألبانِها. فانطَلَقوا حَتَّى إذا كانوا في ناحيَةِ الحَرَّةِ قَتَلوا راعِىَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذَّودَ، وكَفَروا بعدَ إسلامِهِم، فبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في طَلَبِهِم، فأمَرَ بهِم فقَطَعَ أيديَهُم وأرجُلَهُم، وسَمَرَ
(3)
أعيُنَهُم، وتَرَكَهُم في ناحيَةِ الحَرَّةِ حَتَّى ماتوا وهُم كَذَلِكَ. قال قَتادَةُ: فذُكِرَ لَنا أنَّ هذه الآيَةَ نَزَلَت فيهِم؛ يَعنِى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}
= إسناده جبارة وهو ضعيف. وقال الذهبي 7/ 3419 عن جبارة: ضعيف. وسيأتي في (18252).
(1)
أي: استثقلناها ولم يوافق هواؤها أبداننا. النهاية 5/ 164. وينظر مشارق الأنوار 2/ 282.
(2)
الذَّوْد: ثلاثة أبعرة إلى التسعة. وقيل: إلى العشرة. التاج 8/ 74 (ذ و د).
(3)
سمر: كحلها بالمسامير المحماة. مشارق الأنوار 2/ 220.
الآيَةَ. قال قَتادَةُ: وبَلَغَنا أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يَحُثُّ في خُطبَتِه بعدَ ذَلِكَ على الصَّدَقَةِ ويَنهَى عن المُثْلَةِ
(1)
. أخرَجَه البخاريُّ ومُسلِمٌ في "الصحيح" مِن حَديثِ ابنِ أبي عَروبَةَ
(2)
.
17385 -
أخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْبارىُّ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ داسَةَ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا أحمدُ بنُ صالِحٍ، حدثنا عبدُ اللَّهِ بنُ وهبٍ، أخبرَنِى عمرٌو، عن سعيدِ بنِ أبي هِلالٍ، عن أبي الزِّنادِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عُبَيدِ اللَّهِ - قال أحمدُ: يَعنِى ابنَ عُمَرَ بنِ الخطابِ - عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أن أُناسًا أغَارُوا على إبِلِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واستاقُوها، وارتَدّوا عن الإسلامِ، وقَتَلوا راعِىَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فبَعَثَ في آثارِهِم فأُخِذوا، فقَطَعَ أيديَهُم وأرجُلَهُم وسَمَلَ أعيُنَهُم
(3)
. قال: ونَزَلَت فيهِم آيَةُ المُحارَبَةِ، وهم الذينَ أخبَر أنَسُ بنُ مالكٍ عنهم الحَجّاجَ حينَ سألَه
(4)
.
17386 -
وأخبرَنا أبو عليٍّ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ داسَةَ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا أحمدُ بنُ عمرِو بنِ السَّرْحِ، حدثنا ابنُ وهبٍ، أخبرَنِى اللَّيثُ بنُ سَعدٍ،
(1)
المصنف في الدلائل 4/ 86، والصغرى (3390). وأخرجه أحمد (12737، 13443)، والنسائي في الكبرى (3495، 7520)، وابن خزيمة (115)، وابن حبان (4472) من طريق ابن أبي عروبة به.
(2)
البخاري (4192، 5727)، ومسلم (1671/. . .).
(3)
سمل أعينهم: قيل: فقأها بالشوك. وقيل: هو أن يؤتى بحديدة محماة وتقرب من العين حتى يذهب نظرها. . . وقد يكون فقؤها بالمسمار وسملها به، كما فعل ذلك بالشوك. مشارق الأنوار 2/ 220.
(4)
أبو داود (4369). وأخرجه الطبراني (13247) من طريق أحمد بن صالح به، وفيه: عبيد اللَّه بن عبد اللَّه. والنسائي (4052) من طريق ابن وهب به مختصرًا. وقال الألباني في صحيح أبي داود (3674): حسن صحيح.
عن محمدِ بنِ عَجْلانَ، عن أبي الزِّنادِ، أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما قَطَعَ الذينَ سَرَقوا لِقاحَه وسَمَلَ أعيُنَهُم بالنّارِ، عاتَبَه اللَّهُ في ذَلِكَ، فأنزَلَ اللَّهُ عز وجل:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} الآيَة
(1)
.
قَولُ قَتادَةَ وأبِى الزِّنادِ وغَيرِهِما في نُزولِ الآيَةِ فيهِم مُرسَلٌ.
17387 -
وأخبرَنا أبو محمدِ ابنُ يوسُفَ، أخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ الأعرابِىِّ، حدثنا الزَّعفَرانِىُّ، حدثنا عَفّانُ، حدثنا هَمّامٌ، عن قَتادَةَ قال: فحَدَّثَنِى ابنُ سيرينَ أنَّ هذا قبلَ أن تَنزِلَ الحُدودُ
(2)
. يَعنِى ما فُعِلَ بالعُرَنيّينَ.
17388 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ محمدُ بنُ الحُسَينِ بنِ الفَضلِ القَطّانُ ببَغدادَ، حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرُويَه الصَّفّارُ، حدثنا محمدُ بنُ إسحاقَ الصَّغانِىُّ، حدثنا محمدُ بنُ سابِقٍ، حدثنا إبراهيمُ بنُ طَهمانَ، عن عبدِ العَزيزِ بنِ رُفَيعٍ، عن عُبَيدِ بنِ عُمَيرٍ، عن عائشَةَ قالَت: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ قَتلُ امرِئٍ مسلمٍ يَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وأنِّى رسولُ اللَّهِ إلَّا في إحدَى ثَلاثٍ؛ زانٍ بعدَ إحصانٍ، ورَجُلٌ قَتَلَ فقُتِلَ
(3)
به، ورَجُلٌ خَرَجَ مُحارِبًا للهِ ورسولِه، فيُقتَلُ أو يُصلَبُ أو يُنفَى مِنَ الأرضِ"
(4)
.
(1)
أبو داود (4370). وأخرجه النسائي (4053) من طريق ابن السرح به. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (938).
(2)
سيأتي تخريجه في (18107).
(3)
في م: "يقتل".
(4)
أخرجه أبو داود (4353)، والنسائي (4059، 4757)، والدارقطني 3/ 81 من طريق إبراهيم بن طهمان بنحوه. وصححه الألباني في صحح النسائي (3778).
17389 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بنُ سُلَيمانَ، أخبرَنا الشّافِعِىُّ، أخبرَنا إبراهيمُ، عن صالِحٍ مَولَى التَّوءمَةِ، عن ابنِ عباسٍ في قُطّاعِ الطَّريقِ: إذا قَتَلوا وأخَذوا المالَ قُتِلوا وصُلِبوا، وإِذا قَتَلوا ولَم يأخُذوا المالَ قُتِلوا ولَم يُصلَبوا، وإِذا أخَذوا المالَ ولَم يَقتُلوا قُطِعَت أيديهِم وأرجُلُهُم مِن خِلافٍ، وإِذا أخافوا السَّبيلَ ولَم يأخُذوا مالًا نُفوا مِنَ الأرضِ
(1)
.
ولإِبراهيمَ بنِ أبي يَحيَى في هذا إسنادٌ آخَرُ.
17390 -
أخبرَنا أبو عبدِ الرَّحمَنِ السُّلَمِىُّ وأبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الفَقيهُ قالا: أخبرَنا علىُّ بنُ عُمَرَ الحافظُ، حدثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ الفارِسِىُّ، حدثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ، أخبرَنا عبدُ الرَّزّاقِ، عن إبراهيمَ، عن داودَ، عن عِكرِمَةَ، عن ابنِ عباسٍ قال: نَزَلَت هذه الآيَة في المُحارِبِ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} . إذا عَدا فقَطَعَ الطَّريقَ فقَتَلَ وأخَذَ المالَ صُلِبَ، فإِن قَتَلَ ولَم يأخُذْ مالًا قُتِلَ، فإِن أخَذَ المالَ ولَم يَقتُلْ قُطِعَ مِن خِلافٍ، فإِن هَرَبَ وأعجَزَهُم فذَلِكَ نَفيُه
(2)
.
17391 -
وأخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ كامِلٍ القاضِى، حدثنا محمدُ بنُ سَعدِ بنِ محمدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَطيَّةَ، حدثنا أبى،
(1)
المصنف في الصغرى (3393)، وفى المعرفة (5192)، والشافعي 6/ 151، 152.
(2)
عبد الرزاق (18544)، والدارقطني 3/ 138.
حَدَّثَنِى عَمِّى، حَدَّثَنِى أبى، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ في قَولِه:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآيَة. قال: إذا حارَبَ فقَتَلَ فعَلَيه القَتلُ إذا ظُهِرَ عَلَيه قبلَ تَوبَتِه، وإِذا حارَبَ وأخَذَ المالَ وقَتَلَ، فعَلَيه الصَّلبُ إن ظُهِرَ عَلَيه قبلَ تَوبَتِه، وإِذا حارَبَ وأخَذَ المالَ ولَم يَقتُلْ فعَلَيه قَطعُ اليَدِ والرِّجْلِ مِن خِلافٍ إن ظُهِرَ عَلَيه قبلَ تَوبَتِه، وإِذا حارَبَ وأخافَ السَّبيلَ فإِنَّما عَلَيه النَّفىُ، ونَفيُه أن يُطلَبَ
(1)
.
وروَى عثمانُ بنُ عَطاءٍ، عن أبيه، عن عليٍّ رضي الله عنه قال: إن أُخِذَ وقَد أصابَ المالَ ولَم يُصِبِ الدَّمَ قُطِعَتْ يَدُه ورِجلُه مِن خِلافٍ، وإِن وُجِدَ وقَد أصابَ الدَّمَ قُتِلَ وصُلِبَ.
17392 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا يَحيَى بنُ أبى طالِبٍ، أخبرَنا عبدُ الوَهّابِ بنُ عَطاءٍ، عن سعيدٍ، عن قَتادَةَ أنَّه قال في هذه الآيَةِ:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} الآيَة. قال: حُدودٌ أربَعَةٌ أنزَلَها اللَّهُ؛ فأمّا مَن حارَبَ فسَفَكَ الدَّمَ وأخَذَ المالَ فإِنَّ عَلَيه الصَّلبَ، وأمّا مَن حارَبَ فسَفَكَ الدَّمَ ولَم يأخُذْ مالًا فعَلَيه القَتلُ، وأمّا مَن حارَبَ وأخَذَ المالَ ولَم يَسفِكْ دَمًا فإِنَّ عَلَيه النَّفىَ
(2)
.
(1)
أخرجه ابن جرير في تفسيره 8/ 373، 384 من طريق محمد بن سعد به.
(2)
في س: "القطع". ولعله الصواب، ولكن هكذا وقع في بقية النسخ والمهذب 7/ 3422، والمذكور هنا أيضًا ثلاثة حدود. وعند ابن جرير في تفسيره 8/ 374 من طريق سعيد عن قتادة بعد الأول والثانى: من أصاب المال وكف عن الدم قُطع، ومن لم يصب شيئًا من هذا نُفى. فلعله سقط من هنا.