الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ قِتالِ أهلِ الرِّدَّةِ وما أُصيبَ في أيديهِم مِن مَتاعِ المُسلِمينَ
17692 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بنُ عبدِ الجَبّارِ، حدثنا يونُسُ، عن ابنِ إسحاقَ قال: حَدَّثَنِي محمدُ بنُ جَعفَرِ بنِ الزُّبَيرِ، عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ قال: لَمّا وجَّهَ أبو بكرٍ رضي الله عنه خالِدَ بنَ الوَليدِ إلَى أهلِ الرِّدَّةِ أوعَبَ مَعَه بالنّاسِ، وخَرَجَ مَعَه أبو بكرٍ رضي الله عنه حَتَّى نَزَلَ بذِي القَصَّةِ مِنَ المَدينَةِ على بَريدَينِ فعَبَّأَ هُناكَ جُيوشَه وعَهِدَ إلَيه عَهدَه، وأمَّرَ على الأنصارِ ثابِتَ بنَ قَيسِ بنِ الشَّمَّاسِ وأمْرُه إلَى خالِدٍ، وأمَّرَ خالِدًا على جَماعَةِ النّاسِ مِنَ المُهاجِرينَ وقَبائلِ العَرَبِ، ثُمَّ أمَرَه أن يَصمُدَ لِطُلَيحَةَ بنِ خوَيلِدٍ الأسَدِيِّ، فإِذا فرَغَ مِنه صَمَدَ إلَى أرضِ بَنِي تَميمٍ حَتَّى يَفرُغَ مِمّا بها وأسَرَّ ذَلِكَ إلَيه، وأظهَرَ أنَّه سَيَلقَى خالِدًا بمَن بَقِيَ مَعَه مِنَ النّاسِ في ناحيَةِ خَيبَرَ، وما يُريدُ ذَلِكَ إنَّما أظهَرَه مَكيدَةً، قَد كان أوعَبَ مَعَ خالِدٍ بالنّاسِ، فمَضَى خالِدٌ حَتَّى التَقَى هو وطُلَيحَةُ في يَومِ بُزاخَةَ على ماءٍ مِن مياه بَنِي أسَدٍ يُقالُ له قَطَنٌ، وقَد كان مَعَه عُيَينَةُ بنُ بَدرٍ في سَبعِمِائَةٍ مِن فزارَةَ، فكانَ حينَ هَزَّته الحَربُ يأتِي طُلَيحَةَ فيَقولُ: لا أبَا لَكَ هَل جاءَكَ جِبريلُ بَعدُ؟ فيَقولُ: لا، واللهِ. فيَقولُ: ما يُنظِرُه؟ فقدْ واللهِ جَهِدْنا. حَتَّى جاءَه مَرَّةً فسألَه فقالَ: نَعَم قَد جاءَنِي فقالَ: إنَّ لَكَ رَحًى كَرَحاه، وحَديثًا لا تَنساه. فقالَ: أظُنُّ قَد عَلِمَ اللهُ أنَّه سَيَكونُ لَكَ حَديثٌ لا تَنساه، هذا واللهِ يا بَنِي فزارَةَ كَذّابٌ، فانطَلِقوا لِشأنِكُم.
قال الشيخُ رحمه الله: وقَد رُوِّينا في كِتابِ قِتالِ أهلِ البَغيِ عن الزُّهرِيِّ قَتْلَ طُلَيحَةَ عُكَّاشَةَ بنَ مِحْصَنٍ وثابِتَ بنَ أقْرَمَ في هذا الوَجهِ، ثُمَّ إسلامَه حينَ غَلَبَ الحَقُّ وإِحرامَه بالعُمرَةِ، ومُرورَه بأبِي بكرٍ رضي الله عنه بالمَدينَةِ
(1)
، ولَم يَبلُغْنا أنَّه أقادَ مِنه أو ألزَمَه العَقلَ.
17693 -
وفِي كِتابِي عن أبي عبدِ اللهِ الحافظِ - وأظُنُّه فيما سَمِعتُه، وإلا فهو فيما أجازَ لِي - أن أبا عبدِ اللهِ الأصبَهانِيَّ أخبَرَهُم: أخبرَنا الحَسَنُ بنُ الجَهمِ، حدثنا الحُسَينُ بنُ الفَرَجِ، حدثنا الواقِدِيُّ، حَدَّثَنِي محمدُ بنُ موسَى بنِ محمدِ بنِ إبراهيمَ التَّيمِيُّ، عن أبيه قال: لَمَّا وقَعَتِ الهَزيمَةُ في عَسكَرِ طُلَيحَةَ خَرَجَ في النّاسِ مُنهَزِمًا حَتَّى قَدِمَ الشّامَ، ثُمَّ قَدِمَ في خِلافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه مَكَّةَ، فلَمَّا رآه عُمَرُ رضي الله عنه قال: يا طُلَيحَةُ، لا أُحِبُّكَ بعدَ قَتلِكَ الرَّجُلَينِ الصّالِحَينِ عُكَّاشَة بنَ مِحْصَنٍ وثابِتَ بنَ أقْرَمَ. فقالَ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، أكرَمَهُما اللهُ بيَدِي ولَم يُهِنِّي بأيديهِما، وما كُلُّ البُيوتِ بُنيَت على الحُبِّ، ولَكِن صَفحَةٌ جَميلَةٌ، فإِنَّ النّاسَ يَتَصافَحونَ على الشَّنَآنِ. وأسلَمَ طُلَيحَةُ إسلامًا صَحيحًا
(2)
.
17694 -
أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ عليٍّ الأصبَهانِيُّ، أخبرَنا أبو عمرِو
(1)
تقدم تخريجه في (16806، 16840).
(2)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه 25/ 153، 154 من طريق الواقدي عن هشام بن سعد عن محمد بن كعب. وفي 25/ 170 من طريق آخر عن الواقدي من قوله، وفيهما:"على السنان".
وقال الذهبي 7/ 3484: إسناده منقطع، وفيه الواقدي.
ابنُ حَمدانَ، أخبرَنا الحَسَنُ بنُ سُفيانَ، حدثنا أبو بكرِ ابنُ أبي شَيبَةَ، حدثنا وكيعٌ، حدثنا سفيانُ، عن قَيسِ بنِ مسلمٍ، عن طارِقِ بنِ شِهابٍ قال: جاءَ وفدُ بُزاخَةَ أسَدٌ وغَطَفانُ إلَى أبي بكرٍ رضي الله عنه يَسألونَه الصُّلحَ، فخَيَّرَهُم أبو بكرٍ رضي الله عنه بَينَ الحَربِ المُجليَةِ أوِ السِّلمِ المُخزيَةِ. قال: فقالوا: هذا الحَربُ المُجليَةُ قَد عَرَفناها، فما السِّلمُ المُخزيَةُ؟ قال أبو بكرٍ رضي الله عنه: تُؤَدّونَ الحَلْقَةَ والكُراعَ
(1)
، وتُترَكونَ أقوامًا يَتَّبِعونَ أذنابَ الإبِلِ، حَتَّى يُرِيَ اللهُ خَليفَةَ نَبيِّه والمُسلِمينَ أمرًا يَعذِرونَكُم به، وتَدونَ قَتلانا ولا نَدِي قَتلاكُم، وقَتلانا في الجَنَّةِ وقَتلاكُم في النّارِ، وتَرُدُّونَ ما أصَبتُم مِنّا، ونَغنَمُ ما أصَبنا مِنكُم. قال: فقالَ عُمَرُ رضي الله عنه: قَد رأيتُ رأيًا وسَنُشيرُ عَلَيكَ؛ أمَّا أن يُؤَدّوا الحَلقَةَ والكُراعَ فنِعِمّا رأيتَ، وأمَّا أن يُترَكوا أقوامًا يَتَّبِعون أذنابَ الإبِلِ حَتَّى يُرِيَ اللهُ خَليفَةَ نَبيِّه والمُسلِمينَ أمرًا يَعذِرونَهُم به فنِعِمّا رأيتَ، وأمَّا أن نَغنَمَ ما أصَبْنا مِنهُم ويَرُدّونَ ما أصابوا مِنّا فنِعِمّا رأيتَ، وأمَّا أنَّ قَتلاهُم في النّارِ وقَتلانا في الجَنَّةِ فنِعِمّا رأيتَ، وأمَّا أن يَدوا قَتلانا فلا؛ قَتلانا قُتِلوا على أمرِ الله فلا ديَاتَ لَهُم. فتَتابَعَ النّاسُ على ذَلِكَ
(2)
.
قال الشيخُ رحمه الله: وقَولُ عُمَرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه في الأموالِ لا يُخالِفُ
(1)
الحلقة: بسكون اللام، السلاح عامة. وقيل: الدروع خاصة. والكراع: اسم لجميع الخيل. النهاية 1/ 427، 4/ 165.
(2)
ابن أبي شيبة (33273). وأخرجه أبو عبيد في الأموال (510) - ومن طريقه ابن زنجويه في الأموال (742) - والبلاذري في فتوح البلدان (279) من طريق سفيان به. وأحمد في فضائل الصحابة (1698) من طريق قيس بن مسلم به. وتقدم أوله في (16841).