الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البخاريُّ في "الصحيح" عن مُسَدَّدٍ، وأخرَجَه مُسلِمٌ عن أبي قُدامَةَ وغَيرِه عن يَحيَى
(1)
.
بابُ ما يَحْرُمُ به الدَّمُ مِنَ الإِسلام، زِنديقًا كان أو غَيَرهُ
16905 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو بكرِ بن أبي نَصرٍ الدّارَبَردِيُّ والحَسَنُ بن حَليمٍ بمَروَ قالا: حدثنا أبو الموَجِّه، أخبرَنا عبدانُ، أخبرَنا عبدُ اللَّهِ هو ابنُ المُبارَك، عن يونُسَ، عن الزُّهرِيِّ قال: حَدَّثَنِي عَطاءُ بن يَزيدَ اللَّيْثِيُّ ثُمَّ الجُندَعِيُّ، أن عُبَيدَ اللَّهِ بنَ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ أخبَرَه، أن مِقدادَ بنَ عمرٍو الكِنْدِيَّ - وكانَ حَليفًا لِبَنِي زُهرَةَ، وكانَ مِمَّن شَهِدَ بَدرًا مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - أخبَرَه أنَّه قال: يا رسولَ اللَّه، أرأيتَ إن لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الكُفّارِ فاقتَتَلنا، فضرَبَ إحدَى يَدَيَّ بالسَّيفِ فقَطَعَها، ثُمَّ لاذَ مِنِّي بشَجَرَةٍ فقالَ: أسلَمتُ للهِ. أقتُلُه يا رسولَ اللَّهِ بعدَ أن قالَها؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقتُلْه". قالَ: يا رسولَ الله، فإِنَّه قَطَعَ إحدَى يَدَيَّ ثُمَّ قال ذَلِكَ بعدَ ما قَطَعَها، أفأقتُلُه؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لا تَقتُلْه، فإِن قَتَلتَه فإِنَّه بمَنزِلَتِكَ قبلَ أن تَقتُلَه، وأنتَ بمَنزِلَتِه قبلَ أن يَقولَ كَلِمَتَه التي قال"
(2)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن عبدانَ، وأخرَجَه مُسلِمٌ مِن وجهٍ آخَرَ عن يونُسَ
(3)
.
(1)
البخاري (6923)، ومسلم 3/ 1456 (1733/ 15).
(2)
أخرجه ابن منده في الإيمان (58) عن الحسن بن حليم به. وابن أبي عاصم في الديات (48)، والطبراني 20/ 249 (591)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (273) من طريق يونس به. وتقدم في (15943).
(3)
البخاري (6865)، ومسلم (157/ 95).
16906 -
أخبرَنا محمدُ بن عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بن إسحاقَ الصَّغانِيُّ، حدثنا يَعلَى بن عُبَيدٍ، حدثنا الأعمَشُ، عن أبي ظَبْيانَ قال: حدثنا أُسامَةُ بن زَيدٍ قال: بَعَثَنا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَريَّةً إلَى الحُرَقات، فنَذِروا فهَرَبوا، فأدرَكْنا رَجُلًا، فلَمّا غَشِيناه قال: لا إلَهَ إلَّا اللهُ. فضَرَبناه حَتَّى قَتَلناه، فعَرَضَ في نَفسِي شَئٌ مِن ذَلِكَ، فذَكَرتُه لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ:"مَن لَكَ بلا إلَهَ إلا اللهُ يَومَ القيامَةِ؟ ". فقُلتُ: يا رسولَ اللَّه، إنَّما قالَها مَخافَةَ السِّلاحِ والقَتلِ. قالَ:"أفَلا شَقَقتَ عن قَلبِه حَتَّى تَعلَمَ قالَها مِن أجلِ ذَلِكَ أم لا؟ مَن لَكَ بلا إلَهَ إلا اللهُ يَومَ القيامَةِ؟ ". قالَ: فما زالَ يقولُ حَتَّى ودِدتُ أنِّي لَم أُسلِمْ إلَّا يَومَئذٍ. قال أبو ظَبْيانَ: قال سَعدٌ: وأنا واللَّهِ لا أقتُلُه حَتَّى يَقتُلَه ذو البُطَينِ. يَعنِي أُسامَةَ. قال رَجُلٌ: ألَيسَ قَد قال اللهُ عز وجل: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193، والأنقال: 39]؟ قال سَعدٌ: قَد قاتَلْنا حَتَّى لَم تَكُنْ فِتنَةٌ، وأنتَ وأصحابُكَ تُريدونَ أن تُقاتِلوا حَتَّى تَكونَ فِتنَةٌ
(1)
. أخرَجَه مُسلِمٌ في "الصحيح" مِن وجهَينِ آخَرَينِ عن الأعمَشِ
(2)
، وأخرَجاه مِن حَديثِ هُشَيمٍ عن حُصينٍ عن أبي ظَبْيانَ
(3)
.
16907 -
أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بن الحَسَنِ وأبو زَكَريّا بنُ أبي إسحاقَ قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بن سُلَيمانَ، أخبرَنا
(1)
أخرجه ابن منده في الإيمان (61) عن محمد بن يعقوب به. وتقدم في (15944، 16886).
(2)
مسلم (158/ 96).
(3)
البخاري (4269، 6872)، ومسلم (159/ 96).
الشّافِعِيُّ، أخبرَنا مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عَطاءِ بنِ يَزيدَ اللَّيثِيّ، عن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيَار، أن رَجُلًا سارَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فلَم يُدْرَ
(1)
ما سارَّه به حَتَّى جَهَرَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فإِذا هو يَستأمِرُه في قَتلِ رَجُلٍ مِنَ المُنافِقينَ، - فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ألَيسَ يَشهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا الله؟ ". قال: بَلَى، ولا شَهادةَ لَه. قال:"ألَيسَ يُصَلِّي؟ ". قال: بَلَى، ولا صَلاةَ لَه. فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أولَئكَ الَّذينَ نَهانِي الله عَنهُم"
(2)
.
16908 -
أخبرَنا أبو محمدٍ عبدُ اللهِ بن يَحيَى بنِ عبد الجَبّارِ السُّكَّرِيُّ ببَغدادَ، أخبرَنا إسماعيلُ بن محمدٍ الصَّفّارُ، حدثنا أحمدُ بن مَنصورٍ، حدثنا عبدُ الرَّزّاق، أخبرَنا مَعمَرٌ، عن الزُّهرِيِّ، عن عَطاءِ بنِ يَزيدَ، عن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيَار، أنَّ عبدَ
(3)
اللَّهِ بنَ عَدِي حَدَّثَه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَينا هو جالِسٌ مَعَ أصحابِه جاءَه رَجُلٌ فاستأذَنَه في أن يُسارَّه. قال: فأذِنَ له، فسارَّه في قَتلِ رَجُلٍ مِنَ المُنافِقينَ، فجَهَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقالَ:"ألَيسَ يَشهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللهُ؟ ". قال: بَلَى، ولا شَهادَةَ لَه. قال:"ألَيسَ يُصَلِّي؟ ". قال: بَلَى، ولَكِن لا صَلاةَ لَه. قال:"أولَئكَ الَّذينَ نُهيتَ عَنهُم"
(4)
.
قال الشّافِعِيُّ: فأخبَرَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُستأذِنَ في قَتلِ المُنافِقِ إذْ أظهَرَ الإسلامَ أنَّ اللهَ نَهاه عن قَتلِهِ
(5)
.
(1)
في م: "ندر".
(2)
المصنف في المعرفة (2053، 2054)، والشافعي 6/ 157، ومالك 1/ 171. وتقدم في (6576).
(3)
في م: "عبيد".
(4)
تقدم في (6576).
(5)
الأم 6/ 157.
قال الشيخُ رحمه الله: ورُوّينا في الحَديثِ الثّابِتِ عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ في قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي قال لِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اتَّقِ اللهَ. في القِسمَةِ الَّذِي قَسَمَها. واستِئذانِ خالِدِ بنِ الوَليدِ في قَتلِه، وقَولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لا؛ لَعَلَّه أن يَكونَ يُصَلِّي". قال خالِدٌ: وكَم مِن مُصلٍّ يقولُ بلِسانِه ما لَيسَ في قَلبِهِ. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لَم أُومَرْ أن أُنَقِّبَ عن قُلوبِ النّاسِ ولا أشُقَّ بُطونَهُم"
(1)
.
16909 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ بنُ بِشْرانَ ببَغدادَ، أخبرَنا أبو جَعفَرٍ الرزازُ، حدثنا أحمدُ بن عبد الجَبّار، حدثنا أبو مُعاويَةَ، عن الأعمَش، عن أبي صالِحٍ، عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتُ أن أُقاتِلَ النّاسَ حَتَّى يَقولوا: لا إِلَهَ إلا اللهُ. فإذا قالوها مَنَعوا مِنِّي دِماءَهُم وأموالَهم إلَّا بحَقِّها، وحِسابُهُم على اللهِ"
(2)
. أخرَجَه مُسلِمٌ في "الصحيح" مِن وجهٍ آخَرَ عن الأعمَشِ
(3)
.
16910 -
وأخبرَنا أبو الحَسَنِ عليُّ بن أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أبو القاسِمِ سُلَيمانُ بن أحمدَ الحافظُ، حدثنا عليُّ بن عبد العَزيز، حدثنا أبو نُعَيمٍ (ح) قال: وحَدَّثَنَا ابنُ أبي مَريَمَ، حَدَثَنا الفِريابِيُّ، قالا: حدثنا سفيانُ، عن أبي الزُّبَير، عن جابِرٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتُ أن أُقاتِلَ
(1)
أخرجه أحمد (11008)، والبخارى (4351)، ومسلم (1064/ 144)، وابن حبان (25). وينظر ما تقدم في (13077، 13311، 16772).
(2)
مجموع فيه مصنفات أبي جعفر بن البخترى (372). وأخرجه أبو داود (2640)، والترمذي (2606)، والنسائي (3986)، وابن ماجه (3927) من طريق أبي معاوية به. وتقدم في (5206).
(3)
مسلم (35/ 21).
النّاسَ حَتَّى يَقولوا: لا إلَهَ إلا اللهُ. فإذا قالوا: لا إلَهَ إلا اللهُ. عَصَموا مِنِّي دِماءَهُم وأموالَهم إلا بحَقِّها، وحِسابُهُم على اللهِ عز وجل". ثُمَّ قرأ {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}
(1)
[الغاشية: 21، 22]. أخرَجَه مُسلِمٌ في "الصحيح" مِن وجهَينِ آخَرَينِ عن سُفيانَ
(2)
.
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: فأعلَمَ أن حُكمَهُم في الظّاهِرِ أن تُمنَعَ دِماؤُهُم بإِظهارِ الإيمان، وحِسابُهُم في المَغيبِ على اللَّهِ عز وجل. قال: وقَد آَمَنَ بَعضُ النّاسِ ثُمَّ ارتَدَّ ثُمَّ أظهَرَ الإيمانَ، فلَم يَقتُلْه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وقَتَلَ مِنَ المُرتَدِّينَ مَن لَم يُظهِرِ الإيمانَ
(3)
.
16911 -
حدثنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ إملاءً، حدثنا بكرُ بن محمدٍ الصَّيرَفِيُّ بمَروَ، حدثنا إبراهيمُ بن هِلالٍ، حدثنا عليُّ بن الحَسَنِ بنِ شَقيقٍ، حدثنا الحُسَينُ بن واقِدٍ، عن يَزيدَ النَّحْوِيّ، عن عِكرِمَةَ، عن ابنِ عباسٍ قال: كان عبدُ اللَّهِ بن أبي سَرْحٍ يَكتُبُ لِرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأزَلَّه الشَّيطانُ فلَحِقَ بالكُفّارِ؛ فأمَرَ به رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يُقتَلَ، فاستَجارَ له عثمانُ رضي الله عنه، فأجارَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(1)
المصنف في الأسماء والصفات (170). وأخرجه النسائي في الكبرى (11670) من طريق أبي نعيم به. وأحمد (14209)، والترمذي (3341) من طريق سفيان به.
(2)
مسلم (21/ 35).
(3)
الأم 6/ 166.
(4)
الحاكم 3/ 45، وصححه. وأخرجه أبو داود (4358)، والنسائي (4080) من طريق الحسين بن واقد به. وحسن إسناده الألباني في صحيح أبي داود (3663).
16912 -
وأخبرَنا أبو محمدٍ عبدُ اللهِ بن يَحيَى بنِ عبد الجَبّارِ السُّكَّرِيُّ ببَغدادَ، أخبرَنا إسماعيلُ بن محمدٍ الصَّفّارُ، حدثنا سَعدانُ بن نَصرٍ، حدثنا عليُّ بن عاصِمٍ، عن داودَ بنِ أبي هِندٍ، عن عِكرِمَةَ، عن ابنِ عباسٍ قال: ارتَدَّ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ فلَحِقَ بالمُشرِكينَ. قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} إلَى قَولِه: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [آل عمران: 86 - 89]. قال: فكَتَبَ بها قَومُه إلَيه، فلَمّا قُرِئَتْ عَلَيه قال: واللَّهِ ما كَذَبَنِي قَومِي على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ولا كَذَبَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على الله عز وجل، واللهُ أصدَقُ الثَّلاثَةِ. قال: فرَجَعَ تائبًا إلَى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَبِلَ ذلكَ مِنه وخَلَّى سَبيلَه
(1)
.
16913 -
حدثنا أبو محمدٍ عبدُ اللَّهِ بن يوسُفَ، أخبرَنا أبو بكرٍ محمدُ بن الحُسَينِ القَطّانُ، أخبرَنا عليُّ بن الحَسَنِ الهِلالِيُّ، أخبرَنا إسماعيلُ بن عبد المَلِكِ البَصرِيُّ، حدثنا سفيانُ بن سعيدٍ (ح) وأخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنِي أبو بكرٍ محمدُ بن حاتِمٍ المُعَدِّلُ، حدثنا محمدُ بن غالِبِ بنِ حَربٍ، حدثنا أبو هَمّامٍ محمدُ بن مُحَبَّبٍ، حدثنا سفيانُ بنُ سعيدٍ، عن أبي إسحاقَ، عن حارِثَةَ بنِ مُضَرِّبٍ، عن فُراتِ بنِ حَيّانَ، أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بقَتلِه - وكانَ عَينًا لأبِي سُفيانَ - فمَرَّ بمَجلِسٍ مِنَ
(1)
المصنف في الصغرى (3239). وأخرجه أحمد (2218) عن علي بن عاصم به. والنسائي (4079)، وابن حبان (4477) من طريق داود بن أبي هند به. وصحح إسناده الألباني في صحيح النسائي (3792).
الأنصارِ فقالَ: إنِّي مُسلِمٌ. فبَلغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: "إنّا نَكِلُ ناسًا إلَى إيمانِهِم، مِنهُم فُراتُ بن حَيّانَ". قال: فأقطَعَ له بعدَ ذَلِكَ أرضًا بالبَحرَينِ. هذا لَفظُ حَديثِ أبي محمدٍ، وفِي رِوايَةِ أبي عبد اللهِ: وكانَ عَينًا لأبِي سُفيانَ، وحَليفًا لِرَجُلٍ مِنَ الأنصار، فقالَ: إنِّي مُسلِمٌ. فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِنكُم رِجالًا نَكِلُهُم إلَى إيمانِهِم، مِنهُم فُراتُ بن حَيّانَ"
(1)
.
16914 -
ورَواه الحَجّاجُ بن أرطاةَ عن أبي إسحاقَ عن حارِثَةَ بنِ مُضَرِّبٍ، أن فُراتَ بنَ حَيّانَ ارتَدَّ على عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأُتِيَ به رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأرادَ قَتلَه، فشَهِدَ شَهادَةَ الحَقّ، فخَلَّى عنه، وحَسُنَ إسلامُه. أخبرَناه أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو الوَليدِ الفَقيهُ، حدثنا عبدُ اللَّهِ بن محمدٍ، حدثنا محمدُ بن يَحيَى، حدثنا يَزيدُ بن هارونَ، أخبرَنا الحَجّاجُ. فذَكَرَه.
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: وسَواءٌ كَثُرَ ذَلِكَ مِنه حَتَّى يَكونَ مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ في حَقنِ الدَّمِ
(2)
.
16915 -
أخبرَنا أبو سعيدِ بن أبي عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ، حدثنا بَحرُ بن نَصرٍ، حدثنا عبدُ اللهِ بن وهبٍ، أخبرَنِي سفيانُ الثَّورِيُّ، عن
(1)
الحاكم 2/ 115 وصححه، وعنده: محمد بن حبيب. بدلًا من: محمد بن محبب. وأخرجه أبو داود (2652) من طريق أبي همام به. وأحمد (18965) من طريق سفيان به. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2310).
(2)
الأم 6/ 158.
رَجُلٍ، عن عبد اللهِ بنِ عُبَيدِ بنِ عُمَيرٍ، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم استَتابَ نَبْهانَ أربَعَ مَرّاتٍ، وكانَ نَبْهانُ ارتَدَّ
(1)
.
16916 -
قال سفيانُ: وقالَ عمرُو بن قَيسٍ، عن رَجُلٍ، عن إبراهيمَ أنَّه قال: المُرتَدُّ يُستَتابُ أبَدًا كُلَّما رَجَعَ
(2)
.
16917 -
قال ابنُ وهبٍ: وقالَ لي مالكٌ ذَلِكَ؛ أنَّه يُستَتابُ كُلَّما رَجَعَ. هذا مُنقَطِعٌ، ورُوِيَ مِن وجهٍ آخَرَ مَوصولًا، ولَيسَ بشَئٍ.
16918 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، أخبرَنا أحمدُ بن محمدِ بنِ عَبدوسٍ، حدثنا عثمانُ بن سعيدٍ قال: قَرأتُ على أبي اليَمان، أن شُعَيبَ بنَ أبي حَمزَةَ حَدَّثَه عن الزُّهرِيِّ، عن سعيدِ بنِ المُسَيَّب، أن أبا هريرةَ قال: شَهِدْنا مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيبَرَ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِمَّن يَدَّعِي الإسلامَ:"هذا مِن أهلِ النّارِ". فلَمّا حَضَرَ القِتالُ قاتَلَ الرَّجُلُ أشَدَّ القِتال، حَتَّى كَثُرَت به الجِراحُ فأثبَتَتْه، فجاءَ رَجُلٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا رسولَ الله، أرأيتَ الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرتَ أنَّه مِن أهلِ النّار، قَد واللهِ قاتَلَ في سَبيلِ اللهِ أشَدَّ القِتال، وكَثُرَت به الجِراحُ. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أمَا إنَّه مِن أهلِ النّار". وكادَ بَعضُ الناسِ يَرتابُ، فبَينا هو على ذَلِكَ وجَدَ الرَّجُلُ ألَمَ الجِراح، فأهوَى بيَدِه إلَى
(1)
أخرجه عبد الرزاق (18699) عن الثورى به.
(2)
أخرجه عبد الرزاق (18697)، وابن أبي شيبة (33294)، وابن جرير في تفسيره 7/ 600 من طريق سفيان به. وعند عبد الرزاق: عن عمرو بن قيس عن إبراهيم.
كِنانَتِه فاستَخرَجَ مِنها سَهمًا، فانتَحَرَ بها، فاشتَدَّ رِجالٌ مِنَ المُسلِمينَ إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسولَ اللَّه، قَد صَدَّقَ اللهُ حَديثَكَ؛ قَدِ امتُحِنَ فُلانٌ فقَتَلَ نَفسَه. فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يا بلالُ، قُمْ فأذِّنْ: لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إلا مُؤمِنٌ، وإِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ"
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن أبي اليَمان، وأخرَجَه مُسلِمٌ مِن حَديثِ مَعْمَرٍ عن الزُّهرِيِّ
(2)
.
قال الشّافِعِيُّ: ولَم يَمنَعْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما استَقَرَّ عِندَه مِن نِفاقِه، وعَلِمَ - إن كان عَلِمَه مِنَ اللَّهِ - فيه مِن أنَّ حَقْنَ دَمِه بإِظهارِ الإيمانِ
(3)
.
قال الشيخُ رحمه الله: وفِي مِثلِ هذا ما:
16919 -
أخبرَنا محمدُ بن عبد اللهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ بنُ يَعقوبَ، حدثنا عبدُ اللَّهِ بن محمدٍ، حدثنا عباسُ بن عبد العَظيمِ العَنبَرِيُّ، حدثنا النَّضرُ بن محمدٍ، حدثنا عِكرِمَةُ بن عَمّارٍ، حَدَّثَنِي إياسٌ هو ابنُ سلمةَ بنِ الأكوَع، حَدَّثَنِي أبي قال: عُدنا مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مَوعُوكًا. قال: فوَضَعتُ يَدِي عَلَيه، فقُلتُ: واللهِ ما رأيتُ كاليَومِ رَجُلًا أشَدَّ حَرًّا. فَقالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ألا أُخبِرُكُم بأشَدَّ حَرًّا مِنه يَومَ القيامَةِ؟ هَذَينِكَ الرَّجُلَينِ
(1)
المصنف في الدلائل 4/ 253. وأخرجه أحمد (8091) مختصرًا، والنسائي في الكبرى (8884) مقتصرًا على قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر" من طريق أبي اليمان به. وابن حبان (4519) من طريق الزهري به.
(2)
البخاري (3062، 4203)، ومسلم (178/ 111).
(3)
الأم 6/ 158.
المُقَفِّيَينِ
(1)
". لِرَجُلَينِ حينَئذٍ مِن أصحابِهِ
(2)
. رَواه مُسلِمٌ في "الصحيح" عن عباسٍ، وقالَ في الحَديثِ:"الرَّجُلَينِ الرّاكِبَينِ المُقَفِّيَينِ"
(3)
.
16920 -
وأخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا العباسُ بن محمدٍ الدُّوريُّ، حدثنا الأسوَدُ بن عامِرٍ شاذانُ، حدثنا شُعبَةُ بن الحَجّاج، عن قَتادَةَ، عن أبي نَضرَةَ، عن قَيسِ بنِ عُبَادٍ قال: قُلتُ لِعَمّارٍ: أرأيتُم صنِيعَكُم
(4)
هذا الَّذِي صَنَعتُم في أمرِ عليٍّ، أرأْيًا رأيتُموه أو شَيئًا عَهِدَه إلَيكُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقالَ: ما عَهِدَ إلَينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيئًا لَم يَعهَدْه إلَى النّاسِ كافَةً، ولَكِنَ حُذَيفَةَ أخبرَنِي عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "في أصحابِي اثنا عَشَرَ مُنافِقًا؛ مِنهُم ثَمانيَةٌ لا يَدخُلونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخياطِ؛ ثَمانيَةٌ مِنهُم تَكفيهِمُ الدُّبَيلَةُ". وأربَعَةٌ لَم أحفَظْ ما قال شُعبَةُ فيهِم
(5)
. رَواه مُسلِمٌ في "الصحيح" عن أبي بكرِ بنِ أبي شَيبَةَ عن الأسوَدِ بنِ عامِرٍ
(6)
.
(1)
أي: المولِّيَيْنِ أقفيتهما منصرفَيْنِ. وقوله: لرجلين حينئذ من أصحابه. سماهما من أصحابه لإظهارهما الإسلام والصحبة لا أنهما ممن نالته فضيلة الصحبة. صحيح مسلم شرح النووي 17/ 128.
(2)
أخرجه الطبراني (6248) من طريق عباس به، وفيه: المقبلين. والحاكم 4/ 608 من طريق عكرمة بن عمار به.
(3)
مسلم (2783).
(4)
في م: "صنعكم".
(5)
أخرجه أحمد (23319)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (1270) من طريق أسود بن عامر به.
وليس عند أحمد قوله: "ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة".
(6)
مسلم (2779/ 9).
ورَواه غُندَرٌ عن شُعبَةَ فقالَ: "ثَمانيَةٌ مِنهُم تَكفيهِمُ الدُّبَيلَةُ؛ سِراجٌ مِنَ النّارِ يَظهَرُ في أكتافِهِم حَتَّى يَنجُمَ
(1)
مِن صُدورِهِم"
(2)
.
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: فإِن قال قائلٌ: فلَعَلَّ مَن سَمَّيتَ لَم يُظهِرْ شِركًا سَمِعَه مِنه آدَمِيٌّ؛ وإِنَّما أخبَرَ اللهُ عن أسرارِهِم. قال الشّافِعِيُّ: فقَد سُمِعَ مِن عَدَدٍ مِنهُمُ الشِّركُ وشُهِدَ به عِندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فمِنهُم مَن جَحَدَه وشَهِدَ شَهادَةَ الحَقِّ، فتَرَكَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بما أظهَرَ، ومِنهُم مَن أقَرَّ بما شُهِدَ به عَلَيه وقالَ: تُبتُ إلَى اللَّهِ. وشَهِدَ شَهادَةَ الحَقِّ، فتَرَكَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بما أظهَرَ
(3)
.
16921 -
أخبرَنا أبو زَكَريّا بنُ أبي إسحاقَ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بن سُلَيمانَ، أخبرَنا الشّافِعِيُّ، أخبرَنا سفيانُ، عن الزُّهرِيِّ، عن أُسامَةَ بنِ زَيدٍ قال: شَهِدتُ مِن نِفاقِ عبد اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ثلاثَ مَجالِسَ
(4)
.
16922 -
أخبرَنا أبو الحَسَنِ عليُّ بن أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بن عُبَيدٍ الصَّفّارُ، حدثنا أحمدُ بن إبراهيمَ بنِ مِلحانَ، حدثنا عمرُو بن خالِدٍ، حدثنا زُهَيرٌ، حدثنا أبو إسحاقَ، عن زَيدِ بنِ أرقَمَ قال: خَرَجْنا مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ أصابَ الناسَ فيه شِدَّةٌ، قال عبدُ اللَّهِ بن أبَيٍّ لأصحابِه: لا تُنفِقوا على مَن عِندَ رسولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا مِن حَولِه.
(1)
نجم الشئ ينجُم نجوما: ظهر وطلع. النهاية 5/ 24، والتاج 33/ 478 (ن ج م).
(2)
أخرجه أحمد (1885)، ومسلم (2779/ 10) من طريق غندر به.
(3)
ينظر الأم 6/ 166.
(4)
المصنف في المعرفة (5028)، والشافعي 6/ 166.
وقالَ: لَئن رَجَعنا إلَى المَدينَةِ لَيُخرِجَنَّ الأعَزُّ مِنها الأذَل. قال: فأتَيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأخبَرتُه. قال: فبَعَثَنِي إلَى عبد اللهِ بنِ أُبَيٍّ، فاجتَهَدَ يَمينَه باللهِ ما فعَلَ. قال: فقالوا: كَذَبَ زَيدٌ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال: فوَقَعَ في نَفسِي ما قالوا، حَتَّى أنزَلَ اللهُ عز وجل تَصديقِي في:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} . قال: ودَعاهُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليَستَغفِرَ لَهُم، فلَوَّوْا رُءوسَهُم، وقَولُه:{كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4] قال: كانوا رِجالًا أجمَل شَئٍ
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن عمرِو بنِ خالِدٍ، وأخرَجَه مُسلِمٌ مِن وجهٍ آخَرَ عن زُهَيرٍ
(2)
.
16923 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بن عبد الجَبّار، حدثنا يونُسُ بن بُكَيرٍ، عن ابنِ إسحاقَ في قِصَّةِ تَبوكَ، وما كان على الثَّنِيَّةِ مِن هَمِّ المُنافِقينَ أن يَزْحَموا
(3)
فيها رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وما كان مِن أقوالِهِم، وإِطْلاعِ اللهِ سُبحانَه نَبيَّه صلى الله عليه وسلم على سَرائرِهِم
(4)
. قال: فانحَدَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الثَّنِيَّة، وقالَ لِصاحِبَيْه، يَعنِي حُذَيفَةَ وعَمّارًا:"هَل تَدرونَ ما أرادَ القَومُ؟ ". قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أرادوا أن يَزحَمونِي
(5)
في الثَّنيَّةِ فيَطرَحونِي مِنها". فقالا: أفَلا
(1)
أخرجه أحمد (19334)، والنسائي في الكبرى (11598) من طريق زهير به. والترمذي (3312) من طريق أبي إسحاق به.
(2)
البخاري (4903)، ومسلم (2772).
(3)
في م: "يرجموا".
(4)
في م: "أسرارهم".
(5)
في م: "يرجموني".
تأمُرُنا يا رسولَ اللهِ فنَضرِبَ أعناقَهُم إذا اجتَمَعَ إلَيكَ النّاسُ؟ فقالَ: "أكرِهُ أن يَتَحَدَّثَ النّاسُ أنَّ محمدًا قَد وضَعَ يَدَه في أصحابِه يَقتُلُهُم". ثُمَّ ذَكَرَ الحديثَ في دُعائِه إيّاهُم وإِخبارِه إيّاهُم بسَرائرِهِم، واعتِرافِ بَعضهِم وتَوبَتِهِم، وقَبولِه مِنهُم ما دَلَّ على هذا. قال ابنُ إسحاقَ: وأمَرَه أن يَدعُوَ حُصَينَ بنَ نُمَيرٍ، فقالَ له:"وَيْحَكَ! ما حَمَلَكَ على هَذا؟ " قال: حَمَلَنِي عَلَيه أنِّي ظَنَنتُ أنَّ اللَّهَ لَم يُطلِعْكَ عَلَيه، فأمّا إذْ أطلَعَكَ اللهُ عَلَيه وعَلِمتَه فإِنِّي أَشهَدُ اليَومَ أنَّكَ رسولُ الله، وأَنْ
(1)
لَم أُومِنْ بكَ قَطُّ قبلَ السّاعَةِ يَقينًا. فأقالَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَثْرَتَه، وعَفا عنه بقَولِه الَّذِي قالَ
(2)
.
16924 -
أخبرَنا أبو عمرٍو البِسطامِيُّ، أخبرَنا أبو بكرٍ الإسماعيلِيُّ، أخبرَنا القاسِمُ هو ابنُ زَكَريّا، حدثنا عباسٌ، حدثنا موسَى بن داودَ، حدثنا حَفصُ بن غِيَاثٍ، عن الأعمَشِ، عن إبراهيمَ، عن الأسوَدِ قال: وقَفَ عَلَينا حُذَيفَةُ ونَحنُ عِندَ عبد اللَّهِ فقالَ: لَقَد نَزَلَ النِّفاقُ على مَن كان خَيرًا مِنكُم. قال: قُلنا: كَيفَ يَكونُ هذا واللهُ يقولُ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} ؟ [النساء: 145]. قال: فلَمّا تَفَرَّقوا فلَم يَبقَ غَيرِي رَمانِي بحَصاةٍ فقالَ: إنَّهُم لَمّا تابوا كانوا خَيرًا مِنكُم
(3)
. رَواه البخاريُّ
(4)
في "الصحيح" عن عُمَرَ بنِ حَفصٍ عن أبيه، وقالَ في الحَديثِ مِن قَولِ حُذَيفَةَ: عَجِبتُ مِن
(1)
في م: "وأنى".
(2)
المصنف في الدلائل 5/ 257، 258.
(3)
أخرجه النسائي في الكبرى (11596) من طريق حفص بن غياث به.
(4)
بعده في م: "ومسلم".
ضَحِكِه - يَعنِي ضَحِكَ عبد اللهِ - وقَد عَرَفَ ما قُلتُ؛ لَقَد أُنزِلَ النِّفاقُ على قَومٍ كانوا خَيرًا مِنكُم، ثُمَّ تابوا فتابَ اللهُ عَلَيهِم
(1)
.
16925 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ وأبو محمدِ بن أبي حامِدٍ المُقرِئُ قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا إبراهيمُ بن سُلَيمانَ البُرُلُّسِيُّ، حدثنا عبدُ الحَميدِ بن صالِحٍ، حدثنا أبو شِهابٍ، عن الأعمَش، عن إبراهيمَ، عن عَلقَمَةَ والأسوَدِ قالا: كُنّا عِندَ عبد الله، فمَرَّ بنا حُذَيفَةُ فقالَ: لَقَد نَزَلَ النِّفاقُ على مَن كان خَيرًا مِنكُم. فقُلنا: سُبحانَ اللهِ! فضَحِكَ عبدُ اللَّهِ ومَضَى، فمَرَّ بنا حُذَيفَةُ، فرَمانِي بالحَصباءِ، فأتَيتُه فقالَ: إنَّ صاحِبَكُم عَلِمَ عِلمًا فضحِكَ؛ نَزَلَ عَلَيهِمُ النِّفاقُ ثُمَّ تيبَ عَلَيهِم.
وأمّا قَولُ اللهِ عز وجل لِنَبيِّه صلى الله عليه وسلم في المُنافِقينَ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]. فسَبَبُ نُزولِ هذه الآيَةِ ما:
16926 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو جَعفَرٍ محمدُ بن صالِحِ بنِ هانِئٍ، حدثنا إبراهيمُ بن أبي طالِبٍ، حدثنا محمدُ بن المُثَنَّى ومُحَمَّدُ بن بَشّارٍ قالا: حدثنا يَحيَى، عن عُبَيدِ الله، عن نافِع، عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: جاءَ ابنُ عبد اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابنِ سَلولَ إلَى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيثُ ماتَ أبوه، فقالَ: أعطِنِي قَميصكَ حَتَّى أُكَفِّنَه فيه، وصَلِّ عَلَيه، واستَغفِرْ له. فأعطاه قَميصَه، وقالَ:"إذا فرَغتُم فآذِنونِي". فلَمّا أرادَ أن يُصلِّيَ عَلَيه جاءَه عُمَرُ وقالَ: ألَيسَ قَد نَهاكَ اللهُ أن تُصَلِّيَ على المُنافِقينَ؟ قال: "أنا بَينَ خِيَرَتَيْنِ؛
(1)
البخاري (4602).
قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَو لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] ". قال: فصَلَّى عَلَيه. قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} . قال: فتَرَكَ الصَّلاةَ عَلَيهِم
(1)
. رَواه مُسلِمٌ في "الصحيح" عن محمدِ بنِ المُثَنَّى، ورَواه البخاريُّ عن مُسَدَّدٍ عن يَحيَى القَطّانِ
(2)
.
16927 -
أخبرَنا أبو الحَسَنِ عليُّ بن أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بن عُبَيدٍ الصَّفّارُ، حدثنا عُبَيدُ بن شَريكٍ البَزّارُ
(3)
، حدثنا يَحيَى يَعنِي
(4)
ابنَ بُكَيرٍ، حدثنا اللَّيثُ، عن عُقَيلٍ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ عبد اللَّه، عن ابنِ عباسٍ، عن عُمَرَ رضي الله عنه قال: لَمّا ماتَ عبدُ اللَّهِ بن أُبَيٍّ ابنُ سَلولَ دُعِيَ له رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ليُصَلِّيَ عَلَيه، فلَمّا قامَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وثَبْتُ إلَيه، ثُمَّ قُلتُ: يا رسولَ اللَّه، أتُصَلِّي على ابنِ أُبَيٍّ وقَد قال يَومَ كَذا وكَذا: كَذا وكَذا؟! أُعَدِّدُ عَلَيه قَولَه - فتَبَسَّمَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقالَ: "أَخِّرْ عَنِّي يا عُمَرُ". فلَمّا أكثَرتُ عَلَيه قال: "إِنِّي خُيِّرتُ فاختَرتُ، لَو أعلمُ أنِّي إن زِدتُ على السَّبعينَ غُفِرَ له لَزِدتُ عَلَيها". فصَلَّى عَلَيه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انصَرَفَ، فلَم يَمكُثْ إلَّا يَسيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتانِ في "بَراءَةَ":{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} قال: فعَجِبتُ بَعدُ مِن جُرأتِي على
(1)
أخرجه البزار (5548)، وابن جرير في تفسيره 11/ 611 عن محمد بن المثنى به. والترمذي (3098) عن محمد بن بشار به. وتقدم في (6770).
(2)
مسلم (2400، 2774)، والبخاري (1269).
(3)
في م: "البزاز". وينظر الأنساب 1/ 336، وقد تقدم مرارًا على الصواب.
(4)
في م: "عن".
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومَئذٍ، واللهُ ورسولُه أعلَمُ
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن يَحيَى بنِ بُكَيرٍ
(2)
.
قال الشّافِعِيُّ: فهَذا يُبَيِّنُ ما قُلنا، فأمّا أمرُه عز وجل ألَّا يُصَلِّيَ عَلَيهِم، فإِنَّ صَلاتَه - بأبِي هو وأُمِّي - مُخالِفَةٌ صَلاةَ غَيرِه، وأرجو أن يَكونَ قَضَى - إذْ أمَرَه بتَركِ الصَّلاةِ على المُنافِقينَ - ألَّا يُصَلِّيَ على أحَدٍ إلا غُفِرَ له، وقَضَى ألَّا يُغفَرَ لِمُقيمٍ على شِركٍ، فنَهاه عن الصَّلاةِ على مَن لا يُغفَرُ له، ولَم يَمنَعْ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلاةِ عَلَيهِم مُسلِمًا، ولَم يَقتُلْ مِنهُم بعدَ هذا أحَدًا، وتَركُ الصَّلاةِ مُباح على مَن قامَت بالصَّلاةِ عَلَيه طائفَةٌ مِنَ المُسلِمينَ، وقَد عاشَرَهُم حُذَيفَةُ يَعرِفُهُم بأعيانِهِم، ثُمَّ عاشَرَهُم مَعَ أبي بكرٍ وعُمَرَ رضي الله عنه وهُم يُصَلِّي عَلَيهِم، وكانَ عُمَرُ رضي الله عنه إذا وُضِعَت جِنازَةٌ فرأى حُذَيفَةَ؛ فإِن أشارَ إلَيه أنِ اجلِسْ جَلَسَ، وإن قامَ مَعَه صَلَّى عَلَيها عُمَرُ رضي الله عنه. قال: ولَم يَمنَعْ هو ولا أبو بكرٍ قَبلَه ولا عثمانُ بَعدَه المُسلِمينَ الصَّلاةَ عَلَيهِم ولا شَيئًا مِن أحكامِ الإسلام، وقَد أَعلَمَتْ عائشَةُ رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمّا تُوُفِّيَ اشْرأَبَّ النِّفاقُ
(3)
بالمَدينَةِ
(4)
.
16928 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ بنُ بِشْرانَ ببَغدادَ، أخبرَنا إسماعيلُ بن
(1)
أخرجه النسائي (1965) من طريق الليث به. وأحمد (95)، والترمذي (3097)، وابن حبان (3179) من طريق الزهري به.
(2)
البخاري (1366، 4671).
(3)
اشرأب النفاق: ارتفع وعلا. التاج 3/ 118 (ش ر ب).
(4)
الأم 6/ 166.
محمدٍ الصَّفّارُ، حدثنا أحمدُ بن مَنصورٍ الرَّمادِيُّ، حدثنا عبدُ الرَّزّاق، أخبرَنا مَعمَرٌ، عن الزُّهرِيِّ في قِصَّةِ حُذَيفَةَ بنِ اليَمانِ قال: قال حُذَيفَةُـ: بَينا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سائرٌ إلَى تَبوكَ نَزَلَ عن راحِلَتِه ليوحَى إلَيه، وأناخَها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فنَهَضتِ النّاقَةُ تَجُرُّ زِمامَها مُنطَلِقَةً، فتَلَقّاها حُذَيفَةُ، فأخَذَ بزِمامِها يَقودُها حَتَّى أناخَها وقَعَدَ عِندَها، ثُمَّ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قامَ، قأقبَلَ إلَى ناقَتِه فقالَ:"مَن هذا؟ ". قالَ: حُذَيفَةُ بن اليَمانِ. فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "فإنِّي مُسِرٌّ إلَيكَ سرًّا لا تُحَدِّثَنَّ به أحَدًا أبَدًا؛ إنِّي نُهِيتُ أن أصَلِّيَ على فُلانٍ وفُلانٍ". رَهْطٍ ذَوِي عَدَدٍ مِنَ المُنافِقينَ. قال: فلَمّا تُوُفِّيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم واستُخلِفَ عُمَرُ رضي الله عنه، فكانَ إذا ماتَ الرَّجُلُ مِن صَحابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّن يَظُنُّ عُمَرُ أنَّه مِن أولَئكَ الرَّهطِ أخَذَ بيَدِ حُذَيفَةَ فقادَه؛ فإِن مَشَى مَعَه صَلَّى عَلَيه، وإِنِ انتَزَعَ مِن يَدِه لَم يُصَلِّ عَلَيه، وأمَرَ مَن يُصَلِّي عَلَيهِ
(1)
. هذا مُرسَلٌ.
وقَد رُوِيَ مَوصولًا مِن وجهٍ آخَرَ.
16929 -
أخبرَنا أبو الحَسَنِ عليُّ بن أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بن عُبَيدٍ، حدثنا عُبَيدُ بن شَريكٍ وأحمَدُ بن إبراهيمَ بنِ مِلحانَ قالا: حدثنا يَحيَى بن بُكَيرٍ، حدثنا اللَّيثُ، عن عُقَيلٍ، عن ابنِ شِهابٍ أنَّه قال: أخبرَنِي عُروَةُ بن الزُّبَيرِ قال: بَلَغَنا أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ غَزا تَبوكَ نَزَلَ عن راحِلَتِه، فأُوحِيَ إلَيه وراحِلَتُه بارِكَةٌ، فقامَت تَجُرُّ زِمامَها حَتَّى لَقِيَها حُذَيفَةُ بن اليَمان،
(1)
عبد الرزاق (20424) بزيادة في أوله. وأخرجه الواقدي في المغازي 3/ 1045 عن معمر عن الزهري قال. فذكره.
فأخَذَ بزِمامِها فاقتادَها، حَتَّى رأى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جالِسًا، فأناخَها ثُمَّ جَلَسَ عِندَها، حَتَّى قامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأتاه، فقالَ:"مَن هَذا؟ ". فقالَ: حُذَيفَةُ بن اليَمانِ. قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فإنِّي أُسِرُّ إلَيكَ أمرًا فلا تَذكُرَنَّه، إنِّي قَد نُهِيتُ أن أصَلِّيَ على فُلانٍ وفُلانٍ". رَهْطٍ ذَوِي عَدَدٍ مِنَ المُنافِقينَ، لَم يُعلَمْ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَهُم لأحَدٍ غَيرِ حُذَيفَةَ بنِ اليَمان، فلَمّا تُوُفِّيَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان عُمَرُ بن الخطابِ رضي الله عنه في خِلافَتِه إذا ماتَ رَجُلٌ يَظُنُّ أنَّه مِن أولَئكَ الرَّهطِ أخَذَ بيَدِ حُذَيفَةَ فاقتادَه إلَى الصَّلاةِ عَلَيه، فإِن مَشَى مَعَه حُذَيفَةُ صَلَّى عَلَيه، وإِنِ انتَزَعَ حُذَيفَةُ يَدَه فأبَى أن يَمشِيَ مَعَه انصَرَفَ عُمَرُ مَعَه، فأبَى أن يُصَلِّيَ عَلَيه، وأمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه أن يُصَلَّى عَلَيهِ.
16930 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو عمرٍو عثمانُ بن أحمدَ
(1)
السَّمّاكُ ببَغدادَ، حدثنا يَحيَى بن أبي طالِبٍ، حدثنا محمدُ بن عُبَيدٍ، حدثنا إسماعيلُ (ح) قال: وحَدَّثَنَا أبو الحَسَنِ أحمدُ بن محمدِ بنِ عَبدوسٍ، حدثنا عثمانُ بن سعيدٍ الدارميُّ، حدثنا مُسَدَّد، حدثنا يَحيَى، حدثنا إسماعيلُ بن أبي خالِدٍ، عن زَيدِ بنِ وهبٍ قال: قال حُذَيفَةُ: ما بَقِيَ مِن أصحابِ هذه الآيَةِ إلا ثَلاثَة. أظُنُّه أرادَ قَولَه: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: 12] قال: وما بَقِيَ مِنَ المُنافِقينَ إلا أربَعَةٌ. قال: وخَلْفَنا أعرابِيٌّ جالِسٌ قال: إنَّكُم مَعشَرَ أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم تَدرونَ ما لا نَدرِي؛ تَزعُمونَ أنَّه لَم يَبقَ مِنَ المُنافِقينَ إلا أربَعَةٌ؛ فما بالُ هَؤُلاءِ الَّذينَ يَبقُرونَ بُيوتَنا تَحتَ اللَّيلِ؟ قال:
(1)
بعده في م: "بن". وكلاهما صحيح، وكلاهما تقدم مرارًا.
فقالَ حُذَيفَةُ: أولَئكَ الفُسّاقُ، أجَلْ لَم يَبقَ مِنَ المُنافِقينَ إلا أربَعَةٌ؛ إنّ أحَدَهُم لَشَيخٌ كَبيرٌ لَو شَرِبَ الماءَ البارِدَ ما وجَدَ بَردَه
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن محمدِ بنِ المُثَنَّى عن يَحيَى القَطّانِ
(2)
. وأظُنُّه أرادَ مِنَ المُنافِقينَ الَّذينَ سَمّاهُم له رسولُ رَبِّ العالَمينَ صلى الله عليه وسلم.
16931 -
أخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْباريُّ، أخبرَنا أبو بكرٍ محمدُ بن أحمدَ بنِ مَحمُويَه العَسكَرِيُّ، حدثنا جَعفَرُ بن محمدٍ القَلانِسِيُّ، حدثنا آدَمُ بن أبي إياسٍ، حدثنا شُعبَةُ، عن واصِلٍ الأحدَب، عن أبي وائلٍ، عن حُذَيفَةَ قال: إنَّ المُنافِقينَ اليَومَ شَرٌّ مِنهُم على عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ كانوا يَومَئذٍ يَكتُمونَه وهُمُ اليَومَ يَجهَرونَه
(3)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن آدَمَ
(4)
.
16932 -
وأخبرَنا عليُّ بن أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بن عُبَيدٍ، حدثنا الحارِثُ بن أبي أُسامَةَ، حدثنا يَزيدُ بن هارونَ، حدثنا عبدُ العَزيزِ بن عبد اللَّهِ بنِ أبي سلمةَ، عن عبد الواحِدِ بنِ أبي عَونٍ، عن القاسِمِ بنِ محمدٍ، عن عائشَةَ رضي الله عنها قالَت: قُبِضَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فارتَدَّتِ العَرَبُ واشْرأَبَّ النِّفاقُ بالمَدينَةِ؛ فلَو نَزَلَ بالجِبالِ الرّاسياتِ ما نَزَلَ بأبِي لَهاضَها
(5)
، فواللَّهِ ما اختَلَفوا في نُقطَةٍ إلَّا طارَ أبي بحَظِّها وغنائِها
(6)
في الإِسلامِ. وكانَت تَقولُ
(1)
أخرجه النسائي في الكبرى (11215) من طريق إسماعيل به مختصرًا.
(2)
البخاري (4658).
(3)
أخرجه النسائي في الكبرى (11595) من طريق واصل به بنحوه.
(4)
البخاري (7113).
(5)
الهيض: الكسر بعد جبور العظم. غريب الحديث لأبي عبيد 3/ 224.
(6)
في الأصل: "عنائها".
مَعَ هذا: ومَن رأى ابنَ الخطابِ عَرَفَ أنَّه خُلِقَ غَناءً لِلإسلامِ؛ كان واللَّهِ أحوَزِيًّا
(1)
نَسيجَ وحدِه، قَد أعَدَّ لِلأُمورِ أقرانَها
(2)
.
16933 -
أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بن الحَسَنِ وأبو زَكَريّا بنُ أبي إسحاقَ وأبو سعيدِ بن أبي عمرٍو قالوا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا بَحرُ بن نَصرٍ، حدثنا ابنُ وهبٍ، أخبرَنِي ابنُ لَهِيعَةَ، عن أبي الأسوَد، عن عُروةَ بنِ الزُّبَير، أن أبا بكرٍ الصَّدّيقَ رضي الله عنه أمَرَ خالِدَ بنَ الوَليدِ حينَ بَعَثَه إلَى مَنِ ارتَدَّ مِنَ العَرَبِ أن يَدعوَهُم بدِعايَةِ الإِسلام، ويُنبِئَهُم بالَّذِي لَهُم فيه وعَلَيهِم، ويَحرِصَ على هُداهُم، فمَن أجابَه مِنَ النّاسِ كُلِّهِم أحمَرِهِم وأسوَدِهِم كان يَقبَلُ ذَلِكَ مِنه؛ بأنَّه إنَّما يُقاتِلُ مَن كَفَرَ باللَّهِ على الإيمانِ باللَّه، فإِذا أجابَ المُدعَونَ إلَى الإِسلام، وصَدَقَ إيمانُه لَم يَكُنْ عَلَيه سَبيلٌ وكانَ اللهُ عز وجل هو حَسيبَه، ومَن لَم يُجِبْه إلَى ما دَعاه إلَيه مِنَ الإِسلامِ مِمَّن يَرجِعُ عنه أن يَقتُلَه
(3)
.
(1)
في م، وبعض المصادر:"أحوذيا" بالذال، والأحوزى بالزاى: السائق الحسن السياق، وفيه مع سياقه بعض النفار، والأحوذى بالذال: المشمر في الأمور القاهر لها. غريب الحديث لأبى عبيد 3/ 225.
(2)
الحارث (971 - بغية). وأخرجه أبو عبيد في غريب الحديث 3/ 222، وابن أبي شيبة (38052)، ومن طريقه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (904)، وأحمد في فضائل الصحابة (68) عن يزيد به. وعند ابن أبي شيبة:"عبد الرحمن" بدل: "عبد الواحد". والطبراني في الصغير 2/ 102 من طريق عبد العزيز به. وقال الهيثمي في المجمع 9/ 50: رواه الطبراني في الصغير والأوسط من طرق ورجال أحدها ثقات.
(3)
ابن وهب (490).
16934 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ وأبو بكرِ بن الحَسَنِ القاضِي قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بن خالِدِ بنِ خَلِيٍّ، حدثنا بِشرُ بن شُعَيبٍ، عن أبيه، عن الزُّهرِيِّ، أخبرَنِي حُمَيدُ بنُ عبد الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ أن عبدَ اللهِ بنَ عُتبَةَ بنِ مَسعودٍ قال: سَمِعتُ عُمَرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه يقولُ: إنَّ أُناسًا كانوا يُؤْخَذُونَ بالوَحي في عَهدِ رسولِ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم -، وإِنَّ الوَحيَ قَدِ انقَطَعَ، وإِنَّما نأخُذُكُمُ الآنَ بما ظَهَرَ مِن أعمالِكُم؛ فمَن أظهَرَ لَنا خَيرًا أمِناه وقَرَّبناه، ولَيسَ إلَينا مِن سَريرَتِه شَئٌ؛ اللَّهُ يُحاسِبُه في سَريرَتِه، ومَن أظهَرَ لَنا سُوءًا لَم نأْمَنْه ولَم نُصَدِّقْه وإِن قال: إنَّ سَريرَتِي حَسَنَةٌ
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن أبي اليَمانِ عن شُعَيبٍ
(2)
.
16935 -
أخبرَنا أبو سعيدِ بن أبي عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ، أخبرَنا الرَّبيعُ قال: قال الشافِعِيُّ رحمه الله: وقالَ عُمَرُ بن الخطابِ رضي الله عنه لِرَجُلٍ أظهَرَ الإِسلامَ كان يُعرَفُ مِنه: إنِّي لأحسِبُكَ مُتَعَوِّذًا. فقالَ: إنَّ في الإِسلامِ ما أعاذَنِي. قال: أجَلْ، إنَّ في الإِسلامِ ما أعاذَ مَنِ استَعاذَ بهِ
(3)
.
16936 -
أخبرَنا أبو سعيدِ بن أبي عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ، حدثنا بَحرُ بن نَصرٍ، حدثنا عبدُ اللَّهِ بن وهبٍ، أخبرَنِي يونُسُ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُبَيدِ اللَّه بنِ عبد اللهِ بنِ عُتبَةَ، أن عبدَ اللَّهِ بنَ مَسعودٍ أخَذَ
(1)
أخرجه الخطيب في الكفاية 1/ 78 عن أبي بكر بن الحسن به. والطبراني في مسند الشاميين (309) من طريق شعيب به، وفيه: عبد الرحمن بن عتبة. بدل: عبد اللَّه بن عتبة.
(2)
البخاري (2641).
(3)
المصنف في المعرفة (5028)، والأم 6/ 167 وفيه: كان يعرف منه خلافه.
بالكوفَةِ رِجالًا يَنعَشونَ
(1)
حَديثَ مُسَيلِمَةَ الكَذابِ يَدعونَ إلَيهِم، فكَتَبَ فيهِم إلَى عثمانَ بنِ عَفانَ رضي الله عنه، فكَتَبَ عثمانُ أنِ اعرِضْ عَلَيهِم دينَ الحَقِّ، وشَهادَةَ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ، وأنَ محمدًا رسولُ الله، فمَن قَبِلَها وبَرِئَ مِن مُسَيلِمَةَ فلا تَقتُلْه، ومَن لَزِمَ دِينَ مُسَيلِمَةَ فاقتُلْه. فقَبِلَها رِجالٌ مِنهُم فتُرِكُوا، ولَزِمَ دِينَ مُسَيلِمَةَ رِجالٌ فقُتِلوا
(2)
.
16937 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو الوَليدِ الفَقيهُ، حدثنا الحَسَنُ بن سُفيانَ، حدثنا سَعدُ بن يَزيدَ الفَرّاءُ، حدثنا حَمّادُ بن سلمةَ، عن سِمَاكٍ، عن قابوسَ بنِ المُخارِق، عن أبيه، أن محمدَ بنَ أبي بكرٍ كَتَبَ إلَى عليٍّ رضي الله عنه يَسألُه عن زَنادِقَةٍ مُسلِمينَ، قال عليٌّ رضي الله عنه: أمّا الزَّنادِقَةُ فيُعرَضونَ على الإِسلام، فإِن أسلَموا وإِلَّا قُتِلوا
(3)
.
16938 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بن إسحاقَ، حدثنا أحمدُ بن عيسَى، حدثنا عبدُ اللَّهِ بن وهبٍ، عن اللَّيثِ بنِ سَعدٍ، عن عبد رَبِّه بنِ سعيدٍ قال: سَمِعتُ ابنَ شِهابٍ يقولُ: الزِّنديقُ إنْ هو جَحَدَ وقامَت عَلَيه البَيِّنَةُ فإِنَّه يُقتَلُ، وإِن جاءَ هو مُعتَرِفًا تائبًا فإِنَّه يُترَكُ مِنَ القَتلِ.
(1)
ينعشون: يرفعون. ينظر التاج 17/ 417 (ن ع ش).
(2)
ابن وهب (492)، ومن طريقه الطحاوي في شرح المعاني 3/ 211، وعند ابن وهب: عبد اللَّه. بدل: عبيد اللَّه. وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3127) من طريق الزهري به، وعنده: يشيعون. بدلًا من: ينعشون. وعند الطحاوي: يفشون.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة (29491) من طريق سماك بنحوه وزيادة.