الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ ما جاءَ في الكَسْرِ بالماءِ
17498 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ محمدُ بنُ الحُسَينِ بنِ محمدِ بنِ الفَضلِ القَطّانُ ببَغدادَ، أخبرَنا عبدُ اللَّهِ بنُ جَعفَرِ بنِ دُرُسْتُويَه، حدثنا يَعقوبُ بنُ سُفيانَ، حَدَّثَنِى عثمانُ بنُ الهَيثَمِ المُؤَذِّنُ، حدثنا عَوفُ بنُ أبى جَميلَةَ، عن أبى القَمُوصِ زَيدِ بنِ عليٍّ، عن أحَدِ الوَفدِ الَّذينَ وفَدوا إلَى نَبِىِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن وفدِ عبدِ القَيسِ، ألَّا يَكونَ قَيسَ بنَ النُّعمانِ فإِنِّى نَسِيتُ اسمَه. قال: فقالَ رَجُلٌ مِنّا: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ أرضَنا أرضٌ وبِئَةٌ
(1)
وإِنَّه لا يُوافِقُها إلَّا الشَّرابُ، فما الَّذِى يَحِلُّ لَنا مِنَ الآنيَةِ وما الَّذِى يَحرُمُ عَلَينا؟ قال: "لا تَشرَبوا في الدُّبّاءِ ولا النَّقيرِ والمُزَفَّتِ، واشرَبوا في الجِلالِ
(2)
- أو قال: الجِلدِ الموكَى
(3)
عَلَيه - فإِنِ اشتَدَّ مَتْنُه فاكسِرُوه بالماءِ، فإِن أعياكُم فأهْريقُوه"
(4)
.
قال الشيخُ رحمه الله: الرِّواياتُ الثّابِتَةُ في قِصَّةِ وفدِ عبدِ القَيسِ خاليَةٌ عن هذه اللَّفظَةِ، وفِي هذا الإِسنادِ مَن يُجهَلُ حالُه، واللَّهُ أعلَمُ.
(1)
في م: "وبيئة"، ورسمت في الأصل:"وبية". وأرض وبئة وموبوءة: إذا خالط الهواء أبخرة رديئة. كشف المشكل من حديث الصحيحين 1/ 691.
(2)
كتب فوقها في الأصل: "كذا". وعند أحمد ويعقوب بن سفيان: "الحلال" بالحاء المهملة، وليس هذا اللفظ عند أبي داود.
(3)
الموكى: المشدود فمه بالوكاء، وهو الخيط أو الحبل. تفسير غريب ما في الصحيحين ص 100. وإكمال المعلم 1/ 176.
(4)
يعقوب بن سفيان 1/ 297، 298. وأخرجه أحمد (17829)، وأبو داود (3695) من طريق عوف بنحوه.
وقَد رُوِىَ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه في هذه القِصَّةِ أنَّه قال: "فإن خَشِىَ شِرَّتَه - أو قال: شِدَّتَه - فليَصُبَّ عَلَيه الماءَ":
17499 -
أخبرَناه أبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الأصبَهانِىُّ، أخبرَنا علىُّ بنُ عُمَرَ الحافظُ، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ عبدِ العَزيزِ وابنُ صاعِدٍ والحُسَينُ بنُ إسماعيلَ قالوا: حدثنا أبو الأشعَثِ أحمدُ بنُ المِقدامِ، حدثنا نوحُ بنُ قَيسٍ، عن ابنِ عَونٍ، عن محمدِ بنِ سيرينَ، عن أبي هريرةَ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لِوَفدِ عبدِ القَيسِ:"لا تَشرَبوا في نَقير ولا مُقَيَّرٍ ولا دُبّاءٍ ولا حَنتَمٍ ولا مَزادَةٍ، ولكنِ اشرَبوا في سِقاءِ أحَدِكُم غَيرَ مُسكِرٍ، فإن خَشِىَ شِرَّتَه فليَصُبَّ عَلَيه الماءَ"
(1)
. لَفظُ ابنِ مَنيعٍ، ورَواه جَماعَةٌ عن نوحِ بنِ قَيسٍ لَم يَذكُروا فيه هذه اللَّفظَةَ، فيُشبِهُ أن تكونَ مِن قَولِ بَعضِ الرّواةِ
(2)
.
ورُوِىَ في الكَسرِ بالماءِ مِن وجهٍ آخَرَ عن أبي هريرةَ، وإِسنادُه ضَعيفٌ
(3)
.
17500 -
وأخبرَنا علىُّ بنُ أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بنُ عُبَيدٍ الصَّفّارُ، حدثنا عثمانُ بنُ عُمَرَ، حدثنا ابنُ رَجاءٍ، حدثنا إسرائيلُ، عن عليِّ بنِ بَذيمَةَ، عن قَيسِ بنِ حَبْتَرٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ قال: إنَّ أوَّلَ مَن سألَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن النَّبيذِ عبدُ القَيسِ أتَوه فقالوا: يا رسولَ اللهِ، إنّا بأرضِ
(1)
الدارقطني 4/ 258 بلفظ: "شدته".
(2)
سيأتي في (17537).
(3)
سيأتي عقب (17504).
ريفٍ وإِنّا نُصيبُ مِنَ الثُّفْلِ
(1)
فأْمُرنا بشَرابٍ. فقالَ: "اشرَبوا في الأَسقيَةِ، ولا تَشرَبوا في الجَرِّ ولا في الدُّبّاءِ ولا المُزَفَّتِ ولا النَّقيرِ، وإِنِّى نهِيتُ عن الخَمرِ والمَيسِرِ والكوبَةِ - وهِىَ الطَّبلُ - وكلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ". قالوا: يا رسولَ اللهِ فإِذا اشتَدَّ. قال: فقالَ: "صُبّوا عَلَيه الماءَ". قال: فإذا اشتَدَّ. قال: "صُبّوا عَلَيه الماءَ". قال في الثّالِثَةِ أوِ الرّابِعَةِ: "فإذا اشتَدَّ فأهْريقوه"
(2)
.
خالَفَه أبو جَمرَةَ عن ابنِ عباسٍ فذَكَرَ الكَسْرَ بالماءِ مِن قَولِ ابنِ عباسٍ:
17501 -
أخبرَناه أبو نَصرِ ابنُ قَتادَةَ، أخبرَنا أبو عمرِو ابنُ مَطَرٍ وأبو الحَسَنِ السَّرّاجُ قالا: حدثنا محمدُ بنُ يَحيَى بنِ سُلَيمانَ، حدثنا عاصِمُ بنُ عليٍّ، حدثنا شُعبَةُ، أخبرَنِى أبو جَمرَةَ قال: كان ابنُ عباسٍ يُقعِدُنِى على سَريرِهِ. فذَكَرَ الحديثَ قال: قُلتُ: فإِنَّ عبدَ القَيسِ تَنتَبِذُ في مَزادٍ لها نَبيذًا شَديدًا. قال: فإِذا خَشيتَ شِدَّتَه فاكسِرْه بالماءِ. ثُمَّ قال: إنَّ عبدَ القَيسِ لما أتَوا رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فذَكَرَ الحديثَ لَيسَ فيه الأمرُ بالكَسرِ بالماءِ
(3)
. وذَلِكَ يَرِدُ إن شاءَ اللَّهُ.
وإِنَّما أرادَ بالكَسرِ بالماءِ في هذا وفِي غَيرِه، إذا خَشِىَ شِدَّتَه قبلَ بُلوغِه
(1)
في م: "البقل". والثُّفْل: ما رسب تحت الشيء من خثورة وكدرة، كثفل الزيت والعصير والمرق. الفائق 1/ 169.
(2)
أخرجه أحمد (2476)، وأبو داود (3696)، وابن حبان (5365) من طريق على بن بذيمة به. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3143).
(3)
تقدم في (7970، 12846، 12876).
حَدَّ الإسكارِ، بدَليلِ قَولِه:"وكُلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ". والحَرامُ لا يُحِلُّه دُخولُ الماءِ فيهِ.
17502 -
وفيما بَلَغَ حَدَّ الإسكارِ ورَدَ ما أخبرَنا أبو علىٍّ الرُّوذْبارىُّ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ داسَةَ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا هِشامُ بنُ عَمّارٍ، حدثنا صَدَقَةُ بنُ خالِدٍ، حدثنا زَيدُ بنُ واقِدٍ، عن خالِدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حُسَينٍ، عن أبي هريرةَ قال: عَلِمتُ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَصومُ فتَحَيَّنتُ فِطرَه بنَبيذٍ صنَعتُه في دُبّاءٍ، ثُمَّ أتَيتُه به فإِذا هو يَنِشُّ
(1)
فقالَ: "اضرِبْ بهَذا الحائطَ
(2)
، فإِنَّ هذا شرابُ مَن لا يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ"
(3)
.
17503 -
وأخبرَنا أبو الحَسَنِ علىُّ بنُ أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بنُ عُبَيدٍ الصَّفارُ، حدثنا الحُلْوانِىُّ يَعنِى أحمدَ بنَ يَحيَى، حدثنا الهَيثَمُ بنُ خارِجَةَ، حدثنا عثمانُ بنُ عَلَّاقٍ، عن زَيدِ بنِ واقِدٍ قال: حَدَّثَنِى خالِدُ بنُ حُسَينٍ مَولَى عثمانَ بنِ عَفّانَ رضي الله عنه قال: سَمِعتُ أبَا هريرةَ يقولُ. فذَكَرَ مَعناه
(4)
.
(1)
يَنِشّ: أي يغلى، يقالُ: نَشَّتِ الخمر تَنِشُّ نَشيشًا، إذا غلت. النهاية 5/ 56.
(2)
اضرب بهذا الحائط: أي اصببه وأرقه في البستان. عون المعبود 3/ 388.
(3)
المصنف في الصغرى (3442)، والمعرفة (5222)، وأبو داود (3716). وأخرجه النسائي (5626) عن هشام بن عمار به. وابن ماجه (3409) من طريق صدقة به. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3160).
(4)
أخرجه أحمد في الأشربة (153)، والبخاري في التاريخ الكبير 3/ 157، وابن عساكر في تاريخ دمشق 38/ 326، 327 من طريق الهيثم بن خارجة به.
17504 -
وأخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ إسحاقُ بنُ محمدِ بنِ يوسُفَ السُّوسِىُّ، حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ، أخبرَنا العباسُ بنُ الوَليدِ بنِ مَزيَدٍ، أنبأنِى أبى، حدثنا الأوزاعِىُّ، حَدَّثَنِى محمدُ بنُ أبى موسَى، أنَّه سَمِعَ القاسِمَ بنَ مُخَيمِرَةَ يُخبِرُ، أن أبا موسَى الأشعَرِىَّ رضي الله عنه أتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بنَبيذِ جَرٍّ يَنِشُّ، فقالَ:"اضرِبْ به الحائطَ، فإِنَّه لا يَشرَبُ هذا مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ"
(1)
.
قال الشيخُ رحمه الله: ولَو كان إلَى إحْلالِه بصَبِّ الماءِ عَلَيه سَبيلٌ لَما أمَرَ بإِراقَتِه، واللَّهُ أعلَمُ.
ورأيتُ في حَديثِ يَحيَى بنِ أبي كَثيرٍ، عن ثُمامَةَ بنِ كِلابٍ، عن أبى سلمةَ، عن عائشَةَ رضي الله عنها مَرفوعًا: "لا تَنتَبِذوا في الدُّبّاءِ والمُزَفَّتِ ولا النَّقيرِ ولا الحَنْتَمَةِ
(2)
، ولا تَنبِذوا البُسْرَ والرُّطَبَ جَميعًا، ولا التَّمرَ والزَّبيبَ جَميعًا، وما كان سِوَى ذَلِكَ فاشتَدَّ عَلَيكم فاكسِروه بالماءِ"
(3)
. وثُمامَةُ بنُ كِلابٍ هذا مَجهولٌ
(4)
، والثّابِتُ عن يَحيَى بنِ أبي كَثيرٍ عن أبي سلمةَ عن أبي قَتادَةَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في النَّهىِ عن الخَليطَينِ دونَ هذه اللَّفظَةِ، واللَّهُ أعلَمُ
(5)
.
(1)
أخرجه أبو يعلى (7259) من طريق الوليد بن مسلم به. والبزار في مسنده (3192)، والباغندى في أماليه (23) من طريق الأوزاعي به. وقال الذهبي 7/ 3445: سنده منقطع.
(2)
في م: "الحنتم".
(3)
أخرجه أحمد (26057)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (1248) من طريق يحيى بن أبي كثير به، وليس عند أحمد:"وما كان سوى ذلك".
(4)
ينظر ترجمته في: التاريخ الكبير 2/ 178، والجرح والتعديل 2/ 467، والثقات لابن حبان 6/ 127، وتهذيب الكمال 4/ 409، وقال ابن حجر في التقريب 1/ 120: مقبول.
(5)
سيأتي تخريجه في (17521).
ورأيتُه أيضًا في حَديثِ عِكرِمَةَ بنِ عَمّارٍ عن أبي كَثيرٍ السُّحَيمِيِّ عن أبي هريرةَ مَرفوعًا، إلَّا أنَّه قال:"إذا رابَكَ مِن شَرابِكَ رَيْبٌ فشُنَّ عَلَيه الماءَ، أَمِطْ عَنكَ حَرامَه واشرَبْ حَلالَه". وهَذا أيضًا ضَعيفٌ؛ عِكرِمَةُ بنُ عَمّارٍ اختَلَطَ في آخِرِ عُمُرِه وساءَ حِفظُه فرَوَى ما لَم يُتابَعْ عَلَيهِ
(1)
.
وقَد رَواه عبدُ اللهِ بنُ يَزيدَ المُقرِئُ عن عِكرِمَةَ بنِ عَمّارٍ، قال: وقَولُه: إذا رابَكَ. قالَه أبو هريرةَ
(2)
. وذَكَرَه إسحاقُ الحَنظَلِىُّ في "مسنده".
17505 -
وأمّا الحَديثُ الَّذِى أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الفَقيهُ وأبو عبدِ الرَّحمَنِ السُّلَمِىُّ قالا: أخبرَنا علىُّ بنُ عُمَرَ الحافظُ، حدثنا أبو بكرٍ يَعقوبُ بنُ إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ عيسَى البَزّازُ، حدثنا عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، حدثنا عُمَرُ بنُ علىٍّ المُقَدَّمِىُّ، عن الكَلبِىِّ، عن أبي صالِحٍ، عن المُطَّلِبِ بنِ أبي وداعَةَ السَّهمِيِّ قال: طافَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالبَيتِ في يَومٍ قائظٍ شَديدِ الحَرِّ فاستَسقَى رَهطًا مِن قُرَيشٍ، فقالَ:"هَل عِندَ أحَدٍ مِنكُم شَرابٌ فيُرسِلَ إلَيهِ؟ ". فأرسَلَ رَجُلٌ مِنهُم إلَى مَنزِلِه فجاءَت جاريَةٌ مَعَها إناءٌ فيه نَبيذُ زَبيبٍ، فلَمّا رآها النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قال:"ألا خَمَّرَتْه ولَو بعودٍ تَعرُضُه عَلَيه؟! ". فَلَمّا أدناه مِنه وجَدَ له رائحَةً شَديدَةً فقَطَّبَ
(3)
ورَدَّ الإِناءَ، فقالَ الرَّجُلُ: يا رسولَ اللهِ، إنْ يَكُنْ حَرامًا لَم نَشرَبْه. فاستَعادَ الإناءَ وصَنَعَ مِثلَ ذَلِكَ، فقالَ الرَّجُلُ مِثلَ ذَلِكَ، فدَعا بدَلْوٍ
(1)
تقدم عقب (652).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (24574) من طريق عكرمة به موقوفًا.
(3)
قطب: بالتخفيف والتثقيل، أي قبض ما بين عينيه كما يفعله العَبوس. انظر النهاية 4/ 79.
مِن ماءِ زَمزَمَ فصَبَّه على الإناءِ وقالَ: "إذا اشتَدَّ عَلَيكُم شَرابُكُم
(1)
فاصْنَعوا به هَكَذا"
(2)
.
17506 -
وأخبرَنا أبو الحَسَنِ علىُّ بنُ أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بنُ عُبَيدٍ الصَّفّارُ، حدثنا تَمتامٌ، حدثنا أبو حُذَيفَةَ، حدثنا سفيانُ، عن الكَلبِىِّ، عن أبي صالِحٍ، عن المُطَّلِبِ بنِ أبي وداعَةَ قال: طافَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في يَومٍ حارٍّ فاستَسقَى، فأُتِىَ بإِناءٍ مِن نَبيذٍ، فلَمّا رَفَعَه إلَى فيه قَطَّبَ فتَرَكَه، فقالَ الرَّجُلُ: يا رسولَ اللهِ، هذا شَرابُ أهلِ مَكَّةَ، أحَرامٌ هوَ؟ فسَكَتَ، ثُمَّ أتاه الثّانيَةَ فقَطَّبَ فنَحّاه، فقالَ له الرَّجُلُ مِثلَ ذَلِكَ، فدعَا بذَنوبٍ أو دَلوٍ مِن ماءٍ فصَبَّه عَلَيه ثُمَّ سَقَى الَّذِى يَليه والَّذِى عن يَمينِه، ثُمَّ قال:"هَكَذا اصنَعوا به إذا غَلَبَكُم"
(3)
. فهَذا إنَّما رَواه الكَلبِىُّ، والكَلبِىُّ مَتروكٌ
(4)
، وأبو صالِحٍ باذانُ ضَعيفٌ
(5)
، لا يُحتَجُّ بخَبَرِهِما.
17507 -
ورَواه يَحيَى بنُ يَمانٍ عن سُفيانَ، فغَلِطَ في إسنادِه:
(1)
في م: "شرابه".
(2)
الدارقطني 4/ 261، 262. وأخرجه الفاكهى في أخبار مكة 1/ 287 من طريق المقدمى به بنحوه، وليس فيه: "إذا اشتد. . .". والطبراني 20/ 291 (689) من طريق أبى صالح به مختصرًا.
(3)
أخرجه الواقدى في مغازيه 2/ 864، والطبراني 20/ 291، 292 (690) من طريق سفيان به. والدارقطني 4/ 262 من طريق الكلبى بنحوه.
(4)
تقدم عقب (12646).
(5)
أبو صالح باذام، ويقال: باذان، مولى أم هانئ بنت أبى طالب. ينظر ترجمته في: التاريخ الكبير 2/ 144، والجرح والتعديل 1/ 135، والمجروحين 1/ 185، وتهذيب الكمال 4/ 6، وقال ابن حجر في التقريب 1/ 93: ضعيف مدلس.
أخبرَناه أبو سَعدٍ المالينِىُّ، أخبرَنا أبو أحمدَ ابنُ عَدِىٍّ الحافظُ، أخبرَنا الحَسَنُ بنُ سُفيانَ، حدثنا أبو مَعمَرٍ، حدثنا ابنُ يَمانٍ (ح) وأخبرَنا أبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الأصبَهانِىُّ، أخبرَنا علىُّ بنُ عُمَرَ الحافظُ، حدثنا أبو عليٍّ محمدُ بنُ سُلَيمانَ وأحمَدُ بنُ محمدِ بنِ بَحْرٍ العَطّارُ جَميعًا بالبَصرَةِ قالا: حدثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بنِ حَبيبِ بنِ الشَّهيدِ، حدثنا يَحيَى بنُ يَمانٍ، عن سُفيانَ، عن مَنصورٍ، عن خالِدِ بنِ سَعدٍ، عن أبي مَسعودٍ الأنصارِىِّ قال: عَطِشَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَولَ الكَعبَةِ فاستَسقَى، فأُتِىَ بنَبيذٍ مِنَ السِّقايَةِ فشَمَّه فقَطَّبَ فقالَ:"علىَّ بذَنوبٍ مِن زَمزَمَ". فصَبَّه عَلَيه ثُمَّ شَرِبَ، فقالَ رَجُلٌ: حَرامٌ هو يا رسولَ اللهِ؟ قال: "لا"
(1)
. لَفظُ حَديثِ الشَّهيدِىِّ. وَحَديثُ أبى مَعمَرٍ مُختَصَرٌ: سُئلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهو في الطَّوافِ: أحَلالٌ هو أم حَرامٌ؟ قال: "حَلالٌ". يَعنِى النَّبيذَ. قال علىُّ بنُ عُمَرَ: هذا حَديثٌ مَعروفٌ بيَحيَى بنِ يَمانٍ، ويُقالُ: إنَّه انقَلَبَ عَلَيه الإسنادُ واختَلَطَ بحَديثِ الكَلبِىِّ عن أبي صالِحٍ
(2)
. والكَلبِىُّ مَتروكٌ، وأبو صالِحٍ ضَعيفٌ.
أخبرَنا أبو سَعدٍ المالينِىُّ، أخبرَنا أبو أحمدَ ابنُ عَدِىٍّ الحافظُ قال: سَمِعتُ عبدانَ يقولُ: سَمِعتُ محمدَ بنَ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ يقولُ: ابنُ يَمانٍ سَريعُ النِّسيانِ، وحَديثُه خَطأٌ عن الثَّورِيِّ عن مَنصورٍ عن خالِدِ بنِ سَعدٍ عن
(1)
الكامل لابن عدى 3/ 900، والدارقطني 4/ 263. وعند ابن عدى: الحسين بن عبد الله القطان حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري. بدلًا من: الحسن بن سفيان حدثنا أبو معمر. وأخرجه النسائي (5719) عن يحيى بن اليمان به.
(2)
الدارقطني 4/ 264.
أبى مَسعودٍ، إنَّما هو عن الكَلبِىِّ عن أبي صالِحٍ عن المُطَّلِبِ بنِ أبي وَدَاعَةَ
(1)
.
وأخبرَنا أبو سَعدٍ، أخبرَنا أبو أحمدَ، حدثنا الجُنَيدِىُّ قال: قال البخاريُّ في حَديثِ يَحيَى بنِ اليَمانِ هذا: لَم يَصِحَّ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَذا. وقالَ الأشجَعِىُّ وغَيرُه عن سُفيانَ عن الكَلبِىِّ عن أبي صالِحٍ عن المُطَّلِبِ
(2)
.
أخبرَنا أبو عبدِ الرَّحمَنِ السُّلَمِىُّ، أخبرَنا أبو الحَسَنِ المحمودِىُّ، حدثنا أبو عبدِ اللَّهِ محمدُ بنُ عليٍّ الحافظُ، حدثنا أبو موسَى قال: ذَكَرتُ لِعَبدِ الرَّحمَنِ بنِ مَهدِىٍّ حَديثَ سُفيانَ عن مَنصورٍ في النَّبيذِ. قال: لا تُحَدِّثْ بهَذا.
قال الشيخُ: وقَد سَرَقَه عبدُ العَزيزِ بنُ أبانٍ فرَواه عن سُفيانَ، وسَرَقَه الْيَسَعُ بنُ إسماعيلَ فرَواه عن زَيدِ بنِ الحُبابِ عن سُفيانَ، وعَبدُ العَزيزِ بنُ أبانٍ مَتروكٌ
(3)
، والْيَسَعُ بنُ إسماعيلَ ضَعيفُ الحَديثِ
(4)
.
أخبرَنا بذَلِكَ أبو عبدِ الرَّحمَنِ السُّلَمِىُّ وأبو بكرِ ابنُ الحارِثِ عن أبى الحَسَنِ الدّارَقُطنِىِّ
(5)
.
(1)
الكامل 3/ 900.
(2)
ابن عدى في الكامل 3/ 899، 900، والتاريخ الكبير للبخاري 3/ 153.
(3)
هو عبد العزيز بن أبان، أبو خالد القرشي الأموى. ينظر ترجمته في: التاريخ الكبير 6/ 30، والجرح والتعديل 5/ 377، والمجروحين 2/ 140، وتهذيب الكمال 18/ 107، وقال ابن حجر في التقريب 1/ 507، 508: متروك، وكذبه ابن معين وغيره.
(4)
هو اليسع بن إسماعيل، أبو موسى الضرير. ينظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 358، والإكمال 7/ 427، والمغنى في الضعفاء 2/ 755، ولسان الميزان 6/ 298.
(5)
ينظر سنن الدارقطني 4/ 264.
ورَواه جَريرُ بنُ عبدِ الحَميدِ عن يَزيدَ بنِ أبي زيادٍ عن عِكرِمَةَ، عن ابنِ عباسٍ في قِصَّةِ طَوافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ودُعائِه بشَرابٍ قال: فأُتِىَ بشَرابٍ فشَرِبَ مِنه، ثُمَّ دَعا بالماءِ فصَبَّه فيه فشَرِبَ، ثُمَّ اشتَدَّ عَلَيه فدَعا بماءٍ فصَبَّه فيه، ثُمَّ شَرِبَ مَرَّتَينِ أو ثَلاثَةً، ثُمَّ قال:"إذا اشتَدَّ عَلَيكُم فاقتُلوه بالماءِ"
(1)
. ويَزيدُ بنُ أبى زيادٍ ضَعيفٌ لا يُحتَجُّ به لسُوءِ حِفظِهِ
(2)
.
وقَد رَوَى خالِدٌ الحَذّاءُ عن عِكرِمَةَ عن ابنِ عباسٍ قِصَّةَ طَوافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وشُربِه، لَم يَذكُرْ فيها ما ذَكَرَ يَزيدُ بنُ أبى زيادٍ
(3)
، وإِنَّما تُعرَفُ هذه الزّيادَةُ مِن رِوايَةِ الكَلبِىِّ كما مَضَى، وزادَ يَزيدُ شُرْبَه مِنه قبلَ خَلطِه بالماءِ، وهو بخِلافِ سائرِ الرِّواياتِ، وكَيفَ يُظَنُّ بالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أن يَشرَبَ المُسكِرَ إن كان مُسكِرًا - على زَعمِهِم - قبلَ أن يَخلِطَه بالماءِ؟! فدَلَّ على أنَّه لا أصلَ له، واللَّهُ أعلَمُ.
17508 -
أخبرَنا أبو نَصرِ ابنُ قَتادَةَ، أخبرَنا أبو الحَسَنِ محمدُ بنُ الحَسَنِ السَّرّاجُ، حدثنا موسَى بنُ هارونَ، حدثنا أحمدُ بنُ حَنبَلٍ، حدثنا عبدُ الصَّمَدِ، حدثنا دارِمٌ يَعنى ابنَ عبدِ الحَميدِ الحَنَفِىَّ قال: شَهِدتُ عَطاءً وسُئلَ عن النَّبيذِ فقالَ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ". فقُلتُ: يا ابنَ أبى رَباحٍ، إنَّ هَؤُلاءِ يَسقونَنا في المَسجِدِ. فقالَ: أما واللهِ لَقَد أدرَكْتُها وإِنَّ
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط (7353) من طريق يزيد بن أبي زياد بنحوه.
(2)
تقدم عقب (2342).
(3)
تقدم في (9737).
الرَّجُلَ لَيَشرَبُ مِنها فتَلتَزِقُ شَفَتاه مِن حَلاوَتِها، ولَكِنَّ الحُرّيَّةَ ذَهَبَت ووَليَها العَبيدُ فتَهاوَنوا بها
(1)
.
17509 -
وأمّا الحَديثُ الَّذِى أخبرَناه علىُّ بنُ أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بنُ عُبَيدٍ، حدثنا عثمانُ بنُ عُمَرَ الضَّبِّىُّ، حدثنا مُسَدُّدٌ، حدثنا عبدُ الواحِدِ، حدثنا سُلَيمانُ الشَّيْبانِىُّ، حدثنا عبدُ المَلِكِ ابنُ أخِى القَعقاعِ، عن ابنِ عُمَرَ قال: وجَدَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن رَجُلٍ ريحَ نَبيذٍ فقالَ: "ما هذه الرِّيحُ؟ ".
17510 -
أخبرَنا علىٌّ، أخبرَنا أحمدُ، حدثنا تَمتامٌ، حدثنا عبدُ الصَّمَدِ، حدثنا ورقاءُ، عن سُلَيمانَ الشَّيْبانِىِّ، عن عبدِ المَلِكِ بنِ نافِعٍ ابنِ أخِى القَعقاعِ، عن ابنِ عُمَرَ قال: جاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فوَجَدَ مِنه ريحًا فقالَ: "ما هذه الرّيحُ؟ ". فقالَ: نَبيذٌ. قال: "فأرسِلْ إلَىَّ مِنه". فأرسَلَ إلَيه فوَجَدَه شَديدًا، فدَعا بماءٍ فصَبَّه عَلَيه ثُمَّ شَرِبَ، ثُمَّ قال: "إذا اغتَلَمَتْ
(2)
أشرِبَتُكُم فاكْسِروها بالماءِ"
(3)
.
17511 -
ورَواه أيضًا إسماعيلُ بنُ أبى خالِدٍ عن قُرَّةَ العِجْلِىِّ عن عبدِ المَلِكِ وقالَ: "فاقطَعوا مُتونَها بالماءِ" أخبرَنا علىٌّ، أخبرَنا أحمدُ بنُ عُبَيدٍ،
(1)
أحمد في الأشربة (151)، وفيه: آدم. مكان: دارم. وينظر التاريخ الكبير 3/ 253. وأخرجه الفاكهى في أخبار مكة 2/ 62 من طريق دارم به.
(2)
اغتلمت: هاجت سورتها وحمياها. الفائق 3/ 75.
(3)
أخرجه النسائي (5711)، والطحاوى في شرح المعاني 4/ 219، والدارقطني 4/ 262 من طريق سليمان الشيبانى به. وضعف إسناده الألباني في ضعيف النسائي (441).
حدثنا جَعفَرُ بنُ كَذَالٍ، حدثنا عبدُ الرَّحمَنِ بنُ صالِحٍ، حدثنا ابنُ أبي زائدَةَ، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالِدٍ، حَدَّثَنى قُرَّةُ العِجْلىُّ، عن عبدِ المَلِكِ ابنِ أخِى القَعقاعِ بنِ شَوْرٍ، عن ابنِ عُمَرَ قال: كُنّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فذُكِرَ له شَرَابٌ، فأُتِىَ بقَدَحٍ مِنه، فلَمّا قَرَّبَه إلَى فيه كَرِهَه فرَدَّه، فقالَ بَعضُ القَومِ: أحَرامٌ هو يا رسولَ اللهِ؟ فقالَ: "رُدُّوه". فأخَذَ مِنه ثُمَّ دَعا بماءٍ فصَبَّه عَلَيه، ثُمَّ قال:"انظُروا هذه الأسقيَةَ إذا اغتَلَمَتْ فاقطَعوا مُتونَها بالماءِ"
(1)
.
فهَذا حَديثٌ يُعرَفُ بعَبدِ المَلِكِ بنِ نافِعٍ هذا، وهو رَجُلٌ مَجهولٌ
(2)
، اختَلَفوا في اسمِه واسمِ أبيه؛ فقيلَ هَكَذا، وقيلَ: عبدُ المَلِكِ بنُ القَعقاعِ. وقيلَ: ابنُ أبي القَعقاعِ. وقيلَ: مالكُ بنُ القَعقاعِ.
أخبرَنا أبو سَعدٍ المالينِىُّ، أخبرَنا أبو أحمدَ ابنُ عَدِىٍّ الحافظُ، حدثنا علىُّ بنُ أحمدَ بنِ سُلَيمانَ، حدثنا ابنُ أبي مَريَمَ قال: قُلتُ ليَحيَى بنِ مَعينٍ: أرأيتَ حَديثَ عبدِ المَلِكِ بنِ نافِعٍ الَّذِى يَرويه إسماعيلُ بنُ أبى خالِدٍ في النَّبيذِ؟ قال: هُم يُضَعِّفونَه
(3)
.
قال: وأخبرَنا أبو أحمدَ قال: سَمِعتُ ابنَ حَمّادٍ يقولُ: قال البخاريُّ:
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (24219) من طريق إسماعيل به.
(2)
هو عبد الملك بن نافع الشيبانى الكوفى. ويقال: عبد الملك بن القعقاع. ينظر الكلام عليه في: التاريخ الكبير 5/ 433، والجرح والتعديل 5/ 371، والمجروحين لابن حبان 2/ 132، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزى 2/ 152، وتهذيب الكمال 18/ 424، وقال ابن حجر في التقريب 1/ 524: مجهول.
(3)
الكامل 5/ 1944.
عبدُ المَلِكِ بنُ نافِعٍ ابنُ أخِى القَعقاعِ بنِ شَورٍ عن ابنِ عُمَرَ في النَّبيذِ، لَم يُتابَعْ عَلَيهِ
(1)
.
وقالَ أبو عبدِ الرَّحمَنِ النَّسائيُّ: عبدُ المَلِكِ بنُ نافِعٍ لَيسَ بمَشهورٍ ولا يُحتَجُّ بحَديثِه، والمشهورُ عن ابنِ عُمَرَ خِلافُ حِكايَتِهِ
(2)
.
17512 -
وأمّا الأثَرُ الَّذِى أخبرَنا أبو عبدِ الرَّحمَنِ السُّلَمِىُّ وأبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الأصبَهانِىُّ قالا: أخبرَنا أبو الحَسَنِ علىُّ بنُ عُمَرَ الحافظُ، حدثنا عبدُ اللَّهِ بنُ محمدِ بنِ عبدِ العَزيزِ، حدثنا خَلَفُ بنُ هِشامٍ، حدثنا حَمّادُ بنُ زَيدٍ، عن يَحيَى بنِ سعيدٍ، عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ قال: تَلَقَّتْ ثَقيفُ عُمَرَ رضي الله عنه بنَبيذٍ فوَجَدَه شَديدًا، فدَعا بماءٍ فصَبَّ عَلَيه مَرَّتَينَ أو ثَلاثًا
(3)
.
17513 -
وأخبرَنا أبو الحُسَينِ ابنُ الفَضلِ القَطّانُ ببَغدادَ، أخبرَنا عبدُ اللَّهِ بنُ جَعفَرٍ، حدثنا يَعقوبُ بنُ سُفيانَ، حدثنا أبو اليَمانِ، أخبرَنِى شُعَيبٌ. قال: وحَدَّثَنا الحَجّاجُ، حدثنا جَدِّى، جَميعًا عن الزُّهرِىِّ، أخبرَنِى مُعاذُ بنُ عبدِ الرَّحمَنِ التَّيمِىُّ، أنَّ أبَاه عبدَ الرَّحمَنِ بنَ عثمانَ قال: صاحَبتُ عُمَرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه إلَى مَكَّةَ فأهدَى له رَكْبٌ مِن ثَقيفَ سَطِيحَتَينِ
(4)
مِن نَبيذٍ، والسَّطيحَةُ فوقَ الإداوَةِ ودونَ المَزادَةِ. قال عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عثمانَ:
(1)
ابن عدى في الكامل 5/ 1944، والتاريخ الكبير للبخاري 5/ 434.
(2)
النسائي عقب (5711).
(3)
الدارقطني 4/ 260. وأخرجه عبد الرزاق (17022)، والنسائي (5722) من طريق يحيى بن سعيد به. وفيهما زيادة: "هكذا فافعلوا". وضعف إسناده الألباني في ضعيف النسائي (445).
(4)
السطيحة: المزادة من جلدين قوبل أحدهما بالآخر فسطح عليه. النهاية 2/ 365.
فشَرِبَ عُمَرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه إحداهُما - قال حَجّاجٌ: طَيِّبَةً - ثُمَّ أُهدِىَ له لَبَنٌ فعَدَلَه عن شُربِ الأُخرَى حَتَّى اشتَدَّ ما فيها، فذَهَبَ عُمَرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه ليَشرَبَ مِنها فوَجَدَه قَدِ اشتَدَّ، فقالَ: اكسِروه بالماءِ
(1)
.
فإِنَّما كان اشتِدادُه واللهُ أعلمُ بالحُموضَةِ أو بالحَلاوَةِ؛ فقَد رُوِىَ عن نافِعٍ مَولَى ابنِ عُمَرَ أن عُمَرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه قال ليَرفا: اذهَبْ إلَى إخوانِنا فالتَمِسْ لَنا عِندَهُم شَرابًا. فأتاهُم فقالوا: ما عِندَنا إلَّا هذه الإداوَةُ وقَد تَغَيَّرَتْ. فدَعا بها عُمَرُ رضي الله عنه فذاقَها، فقَبَّضَ وجهَه ثُمَّ دَعا بماءٍ فصَبَّ عَلَيه ثُمَّ شَرِبَ. قال نافِعٌ: واللهِ ما قَبَّضَ وجهَه إلَّا أنَّها تَخَلَّلَت
(2)
.
17514 -
وأخبرَنا أبو الحُسَينِ ابنُ بِشْرانَ، أخبرَنا أبو الحُسَينِ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ جَعفَرٍ الجَوْزِىُّ، حدثنا ابنُ أبي الدُّنيا، حَدَّثَنِى إبراهيمُ بنُ سعيدٍ، أخبرَنا مَحبوبُ بنُ موسَى، أخبرَنا عبدُ اللهِ بنُ المُبارَكِ، عن أُسامَةَ بنِ زَيدٍ، عن نافِعٍ قال: واللهِ ما قَبَّضَ عُمَرُ رضي الله عنه وجهَه عن الإداوَةِ حينَ ذاقَها إلَّا أنَّها تَخَلَّلَت
(3)
.
ورُوِّينا عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ عن عُمَرَ رضي الله عنه بنَحوٍ مِن رِوايَةِ نافِعٍ
(4)
(1)
يعقوب بن سفيان 1/ 366، وفيه:"لحينه" بدلًا من: "طيبة". وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني 4/ 218 من طريق ابن شهاب به.
(2)
ينظر شرح معانى الآثار 4/ 218، والفتح 10/ 41.
(3)
ابن أبي الدنيا في ذم المسكر (31).
(4)
ذكره المصنف في المعرفة عقب (5224).
ويُذكَرُ عن قَيسِ بنِ أبي حازِمٍ عن عُتبَةَ بنِ فرقَدٍ قال: كان النَّبيذُ الَّذِى شَرِبَه عُمَرُ رضي الله عنه قَد تَخَلَّلَ
(1)
.
ويُذكَرُ عن زَيدِ بنِ أسلَمَ أن أصحابَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانوا إذا حَمُضَ عَلَيهِمُ النَّبيذُ كَسَروه بالماءِ
(2)
.
17515 -
وأخبرَنا أبو الحَسَنِ ابنُ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بنُ عُبَيدٍ، حدثنا عبدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ، حدثنا يَحيَى هو ابنُ مَعينٍ، حدثنا المُعتَمِرُ هو ابنُ سُلَيمانَ، حَدَّثَنِى أبى قال: أنتَ حَدَّثتَنِى عن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ قال: إنَّما كَسَرَ عُمَرُ النَّبيذَ مِن شِدَّةِ حَلاوَتِهِ
(3)
.
17516 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو بكرٍ الجَرّاحِىُّ، حدثنا يَحيَى بنُ سَاسُويَه، حدثنا عبدُ الكَريمِ السُّكَّرِىُّ
(4)
، حدثنا وهبُ بنُ زَمعَةَ، أخبرَنِى علىٌّ البَاشانِىُّ قال: قال عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ: قال عُبَيدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ لأبِى حَنيفَةَ في النَّبيذِ، فقالَ أبو حَنيفَةَ: أخَذنَاه مِن قِبَلِ أبيكَ. قال: وأبِى مَن هوَ؟! قال: إذا رابَكُم فاكْسِروه بالماءِ. قال عُبَيدُ اللَّهِ العُمَرِىُّ: إذا تَيَقَّنتَ به ولَم تَرتَبْ كَيفَ تَصنَعُ؟ قال: فسَكَتَ أبو حَنيفَةَ
(5)
.
(1)
أخرجه النسائي (5723) من طريق قيس بن أبي حازم به. وصحح إسناده الألباني في صحيح النسائي (5265).
(2)
ذكره المصنف في الصغرى (3444).
(3)
أخرجه أحمد في العلل ومعرفة الرجال (3841)، وابن الأعرابى في معجمه (194، 1669) من طريق يحيى بن معين به.
(4)
في م: "بن السكرى".
(5)
أخرجه الدارقطني 4/ 261 من طريق عبد الله بن المبارك به.
17517 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ ابنُ بِشْرانَ ببَغدادَ، أخبرَنا أبو الحُسَينِ الجَوْزِىُّ، حدثنا ابنُ أبي الدُّنيا، حدثنا محمدُ بنُ أبى سَمينَةَ، حدثنا يَحيَى بنُ سعيدٍ القَطّانُ قال: سَمِعتُ سُلَيمانَ التَّيمِىَّ يقولُ: ما في شَربَةٍ مِن نَبيذٍ ما يُخاطِرُ رَجُلٌ بدينِهِ
(1)
.
17518 -
وسَمِعتُ أبا القاسِمِ عبدَ الخالِقِ بنَ عليٍّ المُؤَذِّنَ يقولُ: سَمِعتُ أبا عليٍّ محمدَ بنَ محمدِ بنِ مَحمودٍ المُزَكِّى ببُخارَى يقولُ: سَمِعتُ أبا عبدِ اللهِ محمدَ بنَ نَصرٍ المَروَزِىَّ الإمامَ بسَمَرقَندَ يقولُ: سَمِعتُ إسحاقَ بنَ إبراهيمَ الحَنظَلِىَّ يقولُ: سَمِعتُ عبدَ اللهِ بنَ إدريسَ الكوفِىَّ يقولُ: قُلتُ لأهلِ الكوفَةِ: يا أهلَ الكوفَةِ، إنَّما حَديثُكُمُ الَّذِى تُحَدِّثونَه في الرُّخصَةِ في النَّبيذِ عن العُمْيانِ والعُورانِ والعُمْشانِ، أينَ أنتُم عن أبناءِ المُهاجِرينَ والأنصارِ؟ حَدَّثَنِى محمدُ بنُ عمرِو بنِ عَلقَمَةَ بنِ وقّاصٍ اللَّيثِىُّ، عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "كُلُّ مُسكِرٍ خَمرٌ، وكُلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ"
(2)
.
(1)
ابن أبي الدنيا في ذم المسكر (41). وأخرجه الدارقطني 4/ 264 من طريق يحيى بن سعيد القطان بنحوه.
(2)
أخرجه الترمذي (1864) من طريق عبد الله بن إدريس بلفظ: "كل مسكر حرام". وأحمد (4831)، والنسائي (5717)، وابن ماجه (3390) من طريق محمد بن عَمْرو بن علقمة به. وليس في أي من هذه المصادر ذكر كلام ابن إدريس. وقال الألباني في صحيح النسائي (5263): حسن صحيح.