الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبق الحديث في (باب: مَن أدرك ركعةً من العصر).
(لا تفعلوا)؛ أي: إبطالُ العمَل، وتَرْك الأجْرِ المشروط، لا يُقال لهم: سبَق أنهم أخَذوا قيراطًا قيراطًا، فهو مخالفٌ للمفهوم هنا، وهو أنَّ أهل الكتابَين لم يَأْخُذوا شيئًا؛ لأنا نقول: الآخِذون هم الذين ماتُوا قبل النَّسْخ، والتَّاركون هم الذين كفَروا بالنبيِّ الذي بعد نبيِّهم، وبالجملة فالقَصْد من الأول: بيانُ أنَّ أعمال هذه الأُمة أكثر ثَوابًا من أعمال سائر الأُمم، ومن الثاني: أنَّ الذين لم يُؤمنوا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم أعمالهم السَّالِفة على دينهم لا ثَواب عليها.
(فأبَيا) بفتح الباء على المشهور، وحكى الجَوْهَري، وابن سِيْدَه كسرَها، وفي نُسخة:(فأبَوا) بواو الجمع.
(كلاهما) بالألف على لُغة مَن يجعل المثنَّى بالألف في الأحوال الثلاثة.
(هذا النور)؛ أي: نُور الهداية إلى الحقِّ.
* * *
12 - بابُ مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ أَجْرَهُ، فَعَمِلَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَزَادَ، أَوْ مَنْ عَمِلَ في مَالِ غَيْرِهِ فَاسْتَفْضَلَ
(باب مَن استَأجَر أجيرًا فترَكَ أجْرَه)
2272 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي
سَالِمُ بن عَبْدِ الله: أَنَّ عَبْدَ الله بن عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوُا الْمَبيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا الله بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمُ: اللهمَّ! كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبيرَانِ، وَكُنْتُ لَا أَغْبقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا، فَنأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى ناَمَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غُبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا ناَئِمَيْنِ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللهمَّ! إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ". قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَقَالَ الآخَرُ: اللهمَّ! كَانَتْ لِي بنتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي، فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ: لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ. فتحَرَّجْتُ مِنَ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهْيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللهمَّ! إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غير أنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا". قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَقَالَ الثَّالِثُ: اللهمَّ! إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ
واحِدٍ، تَرَكَ الَّذِي لَهُ وذَهَبَ، فَثَمَرَّتُ أَجْرَهُ حتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ، فَقَالَ: يا عَبْدَ الله! أَدِّي إلَيَّ أجْرِي. فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أجْرِكَ؛ مِنَ الإبلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ الله! لَا تَسْتَهْزِئْ بِي. فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ. فَأَخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللهمَّ! فَإنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ".
(أووا) ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، والأكثر في اللَّازم القَصْر، والمتعدِّي المَدُّ، يُقال: أوَى إلى منزله أَويًا بوزن: فَعُول.
(أن تدعوا) بسكون الواو؛ لأن الواو للجمع، وأصله: يَدعُون، فحُذفت النون للنَّصب.
(أغبق) مضارعُ: غبَقَ -بمعجمةٍ، وموحَّدةٍ-.
قال (ك): من غبَقْتُ الرجل أَغبُقه بالضم، والغَبوق: شُرب العَشيِّ مُقابل الصَّبوح، وقال (ش): إنَّ: أغْبَق بفتح الموحَّدة، فمعناه: أنَّ ماضيه مكسور العين، أي: ما كنتُ أقدِّم عليهما أحدًا في شُرب نصيبهما من اللَّبن.
(مَالًا)؛ أي: رقيقًا.
(فنأى) أصله: ناءَ، أي: بَعُدَ، فقُلب فصار: نأَى يَنأَى كرعَى يَرعى، وأما: ناءَ، فيُقال فيه: ناءَ كحارَ يَحارُ، وناءَ يَنُوءُ، كقالَ يَقُول.
(فلم أُرح) بضم الهمزة، وكسر الراء: مِن الرَّواح.
(بَرِق) بفتح الموحَّدة، وكسر الراء وفتحها.
(غبوقهما)؛ أي: كان مُعدًّا للغَبوق، وإلا فهو الآن صَبُوح؛ لأنه يُشرب وقتَ الصَّباح.
(ابتغاء) مفعولٌ لأجله.
(عن نفسها)؛ أي: بسبَب نفسها، وفي بعضها:(على نَفْسها)، أي: مستعليةً عليها.
(ألَمَّتْ)؛ أي: نَزلت بها سَنَةٌ من سِني القَحْط.
(عشرين)؛ أي: دينارًا، لكنْ سبَق في (باب: إذا اشتَرى شيئًا لغيره): أنَّ الكُلَّ مائةُ دينارٍ، ولا تَنافيَ؛ فإنَّ المائة لا تَنفي الزائدَ، أو أنَّ المائة هي التي طلبَتْها، والعِشْرون تبرُّعٌ منه زيادةً.
(تفض) بالفاء، والمعجَمة، أي: لا أُجوِّز لك إزالةَ البَكارة.
(إلا بحقه)؛ أي: وهو النِّكاح.
(تحرجت) تحرَّزت من الحرَج، وهو الإثم.
(ثمرت) أي: كثَّرت (1).
(من أجرك) هو خبر المبتدأ، وهو (كلُّ).
(من الإبل) إلى آخره، بيانًا لـ (ما ترى)، نعَمْ، قال في ذلك الباب:(بقرًا وراعيَها)، وزاد هنا:(الإبل والغنَم)، ولا منافاةَ، وسبق بقيَّةُ مباحثه هناك.
(فَأفرِجْ) بهمزة قطعٍ، وكسْر الرَّاء، أي: اكشِفْ، ورواه غير البخاري
(1) في الأصل: "أكثرت"، والمثبت من "ت".