الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يحتمِل القِسْمة كحَمَّام ونحوه، فلا شُفْعةَ فيه؛ لأنه بقِسمته يَبطُل، والمَنفَعة تَضيع، وسيأتي بَسْط ذلك وشرح الأحاديث قَريبًا في (باب: الشُّفعة).
(تابعه هشام) وصلَه البخاري في (باب ترك الحِيَل).
(قال عبد الرزاق) وصلَه قبل هذا ببابٍ.
(رواه عبد الرحمن) هو في "مسند مُسَدَّد".
قال (ك): الفرق بين هذه الأساليب الثلاثة أن المُتابَعة أن يَروي الراوي الآخرُ الحديثَ بعينه، والرِّواية أعمُّ منها، والقَول إذا كان على سبيل المُذاكَرة.
* * *
98 - بابٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضيَ
(باب: إذا اشتَرى شيئًا لغَيره بغَير إذْنه)
2215 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَناَ ابن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بن عُقْبَةَ، عَنْ ناَفِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَرَجَ ثَلَاثَةٌ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ، فَدَخَلُوا في غَارٍ في جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ. قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا الله بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللهمَّ! إِنِّي كَانَ لِي
أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ، فَأَجِيءُ بِالْحِلَابِ، فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرأَتِي، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً، فَجئْتُ فَإِذَا هُمَا ناَئِمَانِ، قَالَ: فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبيْةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبي وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، اللهمَّ! إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. قَالَ: فَفُرِجَ عَنْهُمْ. وَقَالَ الآخَرُ: اللهمَّ! إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بناتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ. فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتِ: اتَّقِ الله، وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً. قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ. وَقَالَ الآخَرُ: اللهمَّ! إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ، فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ الله! أَعْطِنِي حَقِّي. فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا، فَإِنَّهَا لَكَ. فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنَّهَا لَكَ. اللهمَّ! إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا. فَكُشِفَ عَنْهُمْ".
(عليهم)؛ أي: على بابِ غارِهم.
(أبوان) أبٌ وأمٌّ، فغُلِّب في التَّثنية.
(بالحِلاب) بكسر الحاء المهملة،، أي: المَحْلَب، وهو الإناء الذي يُحلَب فيه، والمراد هنا اللَّبن المَحلوب فيه كالخِرَاف لمَا يُختَرَف.
(وأهلي) المراد به هنا الأقارب كالأخ، والأُخت.
(يتضاغون) بمعجَمتين: يَتفاعَلون من الضُّغَاء، وهو الصِّياح بالبُكاء، وقدَّم الأبوَين مع أن نفَقة الولَد مقدَّمةٌ؛ إما لأنه كان في شَرْع أُولئك تقديم نفَقة الأُصول، أو كانوا يَطلبون الزَّائد على سَدِّ الرَّمَق، أو لم يكُن الصِّياح من الجُوع.
(دأبي ودأبهما)؛ أي: شأني وشأنهما، ويجوز فيها الرفع والنَّصب، اسم زَالَ، أو خبرها، كما في قوله تعالى:{فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} [الأنبياء: 15].
(ابتغاء وجهك) منصوبٌ على أنه مفعولٌ لأجله، والمراد من الوجه: الذَّات، ويحتمل أن يُراد به جِهَة التقرُّب إليك، أي: أَطلُب رضاك.
(فُرْجَة) بضم الفاء والفتح.
(ففرج)؛ أي: بقدر ما دعا، وهي التي بها يَرى السماء.
(كَأَشَدِّ) الكاف زائدة، أو أُريد تَشبيه محبَّته بأشدِّ المَحبَّات.
(تفض) بفتح الضاد وكسرها.
(الخاتم) بكسر التاء وفتحها: كنايةٌ عن بَكارتها.
(بحقه)؛ أي: بالنِّكاح، أي: لا تُزِلْ بَكارتي إلا بحلالٍ.
(بِفَرَق) بفتح الراء وإسكانها: مِكْيالٌ معروفٌ يسَع ثلاثة آصُعٍ.
(ذُرَة) بذالٍ معجمةٍ مضمومةٍ، وراءٍ مخفَّفةٍ، وجواب الشَّرط الأول محذوفٌ دلَّ عليه جواب الثاني، أو الشَّرط الثاني تأكيدٌ للأول.
وفيه نَدْب الدُّعاء حالَ الكَرْب، والتوسُّلُ بصالح العمَل إلى الله تعالى كما في الاستِسقاء، وفَضْل بِرِّ الوالدَين، وخدمتهما، وإيثارهما على غيرهما من زوجةٍ وولدٍ، وفضْل العَفاف، والانكِفاف عن المُحرَّمات لا سيَّما بعد القُدرة، وجوازُ الإجارة بالطَّعام، وفضْل أداء الأمانة، وإثبات كرامات الأَولياء.
أما دلالته على جَواز بَيْع الفُضولي فيُبنى على أنَّ شَرع مَن قبْلَنا حُجَّةٌ لنا أو لا، بل ولو قُلنا: حُجَّةٌ؛ فيحتمل أنه استأجَره بفَرَقٍ في الذِّمة، ولم يُسلِّمه إليه، بل عرضه عليه فلم يقبضه لرداءَته، فبقِيَ على مِلْك المستأجِر؛ لأنَّ ما في الذِّمة لا يتعيَّن إلا بقبضٍ صحيحٍ، فتصرُّف المُستأجِر صحيح؛ لأنه تصرَّف في مِلْكه، سواءٌ اعتدَّه لنفْسه أو للأَجير، ثم تبرَّع بما اجتمَع منه على الأجير بتراضيهما.
قال (خ): إنما تطوَّع به وتقرَّب إلى الله تعالى، ولذلك توسَّل به في الخَلاص، ولم يكُن يَلزمه في الحكم إلا الفَرَق الذي استأجره عليه.
* * *