الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - بابٌ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ
وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ".
قَالَ سُفْيَانُ: عِرْضُهُ يَقُولُ: مَطَلْتَنِي، وَعُقُوبَتُهُ الْحَبْسُ.
(بابٌ: لصاحِب الحقِّ مَقالٌ)
(ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم) اللَّيُّ بالفتح: المَطْل، أصله: لَوَيٌ، فأُدغمت الواو في الياء.
(الواجد): الغنيُّ، مِن الوُجْد بالضمِّ بمعنى السَّعَة والقُدرة.
(يُحل) بضم الياء، يقال له: مَطَلتَني أو أنْتَ ظالمٌ ونحوه، تقدَّم في (الحوالَة).
وفيه دليلٌ أنَّ المُعْسِر لا يُحْبَس في السِّجْن.
* * *
14 - بابٌ إِذَا وَجَدَ مَالَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ
وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا أفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بن الْمُسَيَّبِ: قَضَى عُثْمَانُ مَنِ اقْتَضَى مِنْ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ فَهْوَ لَهُ، وَمَنْ عَرَفَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ.
(بابٌ: إذا وَجَد مالَه عند مُفلِسٍ)
أفلَسَ الرجل صار مُفلِسًا، كأنَّ دراهمه صارتْ فُلوسًا، والمراد أنه صار إلى حالٍ ليس معه فَلْسٌ، فالهمزة للسَّلْب.
(وقال الحسن: وتبين)؛ أي: ثبَت عند القاضي.
(وقال سعيد) وصلَه أبو عُبيد في كتاب "الأَموال"، والبيهقي.
(اقتضى)؛ أي: طلَب.
* * *
2402 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بن مُحَمَّدِ بن عَمْرِو بن حَزْمٍ: أَنَّ عُمَرَ ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الْحَارِثِ بن هِشَامٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ".
(أحَقُّ)؛ أي: من سائر الغُرماء.
قال (خ): هذه سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، سنَّها في استدراك حقِّ مَن باع
على حُسن الظَّنِّ بالوَفاء، فأَخلَف موضعُ ظنِّه، وظهَر على إفْلاس غَريمه، ثم إنَّ في الأُصول أنَّ الأعيان والذِّمَم إذا تقابلَت، فالأَعيان مقدَّمةٌ على الذِّمَم.
قال (ط): والجمهور على أنه أحقُّ، والحنفيَّة: البائع أُسوة الغُرماء، ودفَعوا حديث التَّفليس بالقِياس، وقالوا: السِّلْعة مال المُشتري، وثمنُها في ذمَّتِه، ومَن باعَ شيئًا فله إِمْساكُه حتى يَستوفيَ الثَّمَن، كما أنَّ المرتهن له الحَبْس، ولو أبطَل حقَّ الحَبْس لم يكن له الرُّجوع، فكذا البائع إذا سلَّمه للمُشتري تعلَّق حقُّه بالذِّمة المُجرَّدة، والجواب: لا مَدخَل للقياس إلا (1) إذا عُدمت السُّنَّة، فإذا وُجدت فهي حُجَّةٌ على مَن خالَفها، وأيضًا البائع إذا نُقِل حقُّه من العين إلى الذِّمة، وتعذَّر قبْضه من الذِّمة فله الرُّجوع إلى العين.
وتؤوُّل الكوفيين حمْلَه على المقرِض والمودع دون البائِع فاسدٌ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعَل لصاحِب المتاع الرُّجوع إذا وجَده بعينه، والمودع أحقُّ بعينه سواءٌ كان بصفته أو تغيَّر عنها، فلم يجز حَمْل الخبر عليه، ووجَب حمله على البائع؛ لأنه إنما يَرجع بعينه إذا وجدَه بصفته لم يتغيَّر، فإن تغيَّر لم يرجِع، وقيل: التَّأْويل ليس بصحيحٍ؛ إذ لا خِلافَ أنَّ صاحب الوديعة أحقُّ سواءٌ وجدَها عند مفلسٍ أو لا، وقد شرَط
(1)"إلا" ليس في الأصل و "ف".