الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2294 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ رضي الله عنه: أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا حِلْفَ في الإسْلَامِ"؟ فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي.
الثاني:
(حِلْف) بكسر المهملَة، وسكون اللام: العَهْد يكون بين القَوم.
ووجه الجمع بين "لا حِلْفَ في الإِسلام"، وبين مُحالفته صلى الله عليه وسلم بين قُريش والأنصار: أنَّ الجائِز المؤاخاة للرِّفْق والرِّفادة، والممتنِع المعاقَدة على باطِلٍ كما كانوا يفعلونه في الجاهليَّة من الأنْساب، والتَّوارث، ونحو ذلك، وأَصْله من الحِلْف؛ لأنَّهم كانوا يتقاسَمون عند عقده على التِزامه.
والواحد حَلِيْفٌ، والجمْع حُلَفاء وأَحْلاف، وقيل: إن المُحالَفة كانتْ أول الإِسلام وزالتْ.
* * *
3 - بابُ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ
وَبهِ قَالَ الْحَسَنُ.
(باب مَن تكفَّل عن ميِّتٍ دَيْنًا فليْسَ له أنْ يَرجِعَ)
2295 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بن أَبي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِجَنَازَةٍ؛ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:"هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ " قَالُوا: لَا. فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ:"هَلْ عَلَيْهِ مَنْ دَيْنٍ؟ " قَالُوا: نعمْ. قَالَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبكُمْ". قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ الله! فَصَلَّى عَلَيْهِ.
الحديث الأول:
من ثلاثيات البخاري، وسبَق قريبًا في (الحَوالة) للمناسَبة السَّابقة، ولأنَّه صلى الله عليه وسلم أَولى بالمؤمنين من أنفُسهم، فإنَّه أحالَ غَريم الميِّت على أبي قَتادة، ولكنْ هذا موضعُه بالحقيقة؛ لأنه كفالةٌ حقيقةً.
* * *
2296 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الله، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، سَمِعَ مُحَمَّدَ بن عَلِيٍّ، عَنْ جَابرِ بن عَبْدِ الله رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا". فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبض النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيتنُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لِي حَثْيَةً، فَعَدَدْتُهَا، فَإِذَا
هِيَ خَمْسُ مِائَةٍ، وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا.
(لو قد) معنى (قد) هنا التَّحقيق، أي: المَجِيء بوَعْده صلى الله عليه وسلم بالعَطاء.
(مثليها) بالتَّثنية، وفي بعضها بالإفراد.
قال (ط): الجُمهور على جَواز التكفُّل عن الميِّت وإنْ لم يترك شيئًا يَفي به، وشذَّ أبو حنيفة في منعه ذلك، حتى قال الطَّحاويُّ بأنَّ هذا مخالِفٌ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الاحتِجاج به على عدَم الرُّجوع، فإنه لو كان له الرُّجوع لقامَ الكَفيل مَقام الطَّالِب، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يُصلِّي عليه بعد ضَمان أبي قَتادة، وأما تحمُّل أبي بكرٍ بعِدَة من النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلأنَّ الوَعْد منه يَلزَم إنجازُه؛ لأنه من مَكارم الأخْلاق، وإنه لعلَى خلُقٍ عظيمٍ.
وقد استدلَّ به على وُجوب وَفائه صلى الله عليه وسلم بالوَعْد، وعدَّه بعض أصحابنا من خَصائصه، وأما تصديق أبي بكرٍ جابرًا في دَعواه فلقَوله:"مَنْ كذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا فلْيتَبَوَّأْ مَقْعدَه مِن النَّارِ"، ولا يُظَنُّ بأن مثْلَه يقَع فيه، انتهى.
أما دلالته على عدَم الرُّجوع؛ فلأنه لو كان لأبي بكر الرُّجوع للَزِمَ خِلاف مقصوده، وهو بَراءةُ ساحةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن حُقوق النَّاس، مع أنه لو بقِيَ منه صلى الله عليه وسلم تَرِكَةٌ لكان صدَقةً، فلا مَجالَ للرُّجوع إليها.
* * *