الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - بابُ كَلَامِ الْخُصُومِ بَعْضهِمْ فِي بَعْضٍ
(باب كلام الخُصوم)
2416 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ الله رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ الله، وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ".
2417 -
قَالَ: فَقَالَ الأَشْعَثُ: فِيَّ وَالله كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ " قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: "احْلِفْ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! إِذًا يَحْلِفَ، وَيَذْهَبَ بِمَالِي، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية.
الحديث الأول:
(فاجر)؛ أي: كاذبٌ.
(غضبان) المراد بالغضَب غايتُه، وهي إرادة إيصال الشَّرِّ؛ لأن الغضَب من الله محالٌ؛ لأنه غلَيان الدَّم لإرادةِ الانتقام.
(إذن يحلفَ ويذهبَ) بنصبهما.
* * *
2418 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بن عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بن كَعْبِ بن مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ تَقَاضَى ابن أَبي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَهْوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرتِهِ، فَنَادَى:"يَا كَعْبُ! " قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ الله. قَالَ: "ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا"، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ؛ أَيِ: الشَّطْرَ. قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ الله! قَالَ: "قُمْ، فَاقْضهِ".
الثاني:
(سِجْف) بكسر السين وفتحها: السِّتر كما مرَّ في (رفْع الصَّوت في المساجد).
ولا يجوز من كلام الخُصوم إلا ما يجوز لغَيرهم مما لا يُوجِب أدبًا ولا حَدًّا، ومثل قول الأشعث مباحٌ فيمَن عُرف فِسْقُه كما عُرف من اليهوديِّ، ومن لم يُعرف فسقه يجب أن يُنكَر عليه، ويؤخَذ له الحقُّ، وفي حديث كعب: أن للحاكم أن يُشير عليهما بالصُّلح، وأمر صاحب الدَّين بالوَضيعَة لقَطْع الخِصام.
* * *
2419 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَبْدٍ الْقَارِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بن حَكِيم
ابن حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِيهَا، وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ لِي:"أَرْسِلْهُ". ثُمَّ قَالَ لَهُ: "اقْرَأْ". فَقَرَأَ، قَالَ:"هَكَذَا أُنْزِلَتْ". ثُمَّ قَالَ لِي: "اقْرَأْ". فَقَرَأْتُ، فَقَالَ:"هَكَذَا أُنْزِلَتْ؛ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ".
الثالث:
(القاري) بالقاف نسبةً لبني القَارة، والمشهور أنه تابعيٌّ.
(انصرف)؛ أي: من القراءة.
(لببته) بتخفيف الباء أعرف، أي: جمعتُ ثوبَه عند صَدْره، ولببته، ثم جرَرتُه.
قال (ك): وجاز هذا الفِعْل؛ لأنه أدَّى إليه اجتهاده.
(سبعة أحرف) قال (خ): الأشْبه أنَّ القرآن أُنزِل مرخَّصًا للقارئ أن يَقرأ بما تيسَّر من السَّبْعة أحرف مما اتفَق معناه أو تقارَب، وهذا قبل إجماع الصَّحابة، أما الآن فلم تسُغ القِراءة بخِلاف المُجمَع عليه.
والأحرف قيل: هي اللُّغات، أي: أُنزِل على أفْصح اللُّغات، وقيل: الإعراب؛ لأن الحرف الطَّرَف، والإعراب يَلزم آخرَ الأسماء، فسُمِّي باسم محلِّه، ثم استُعمل، فقيل: فلانٌ يَقرأ بحرف عاصمٍ، أي: بالوَجه الذي اختاره، وقيل: الأَحرف هي الأسماء والأفعال
المؤلَّفة من الحُروف التي تنتظِم منها الكلمة، فتُقرأ على سبعة أوجهٍ، كقوله:{يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يوسف: 12]، قُرئ بسبعة أَحرُفٍ.
وجاز إطلاق العدَد على نُزول الآية مع أنَّها إذا نزلتْ مرَّةً حصلتْ كما هي إلى أن تُرفَع، ثم تَنزل؛ لأن جبريل كان يُدارِس رسولَ الله صلى الله عليه وسلم القُرآنَ في كلِّ رمضان، ويُعارِضه فيه، فيَنزل كلَّ عَرْضةٍ بحرفٍ، ولهذا قال:"أقرأَني جِبْريل على حَرْفٍ، فراجعتُه، فلم أزَلْ أَستَزيدُه حتَّى انتَهى إلى سبْعة أَحْرُفٍ".
قال (ع): هي توسِعةٌ، وتسهيلٌ، لم يُقصَد به الحصْر، والأكثَرون حصرٌ للعدَد في السَّبعة، فقيل: هي صورةُ التِّلاوة، وكيفيَّة النُّطق من إدغامٍ، وإظهارٍ، وتفخيمٍ، وترقيقٍ، ومدٍّ، وإمالةٍ؛ ليقرأ كلٌّ بما يوافِق لُغتَه، ويسهُلَ عليه، فلا يُكلَّف القُرشيُّ الهمْزَ، والتَّيْميُّ تَرْكَه، والأَسَدي فتْحَ حرْف المُضارَعة.
وقيل: هي في الألفاظ والحُروف، فقيل: سبعةُ لغاتٍ للعرَب يَمَنِها ومَعَدِّها، وقيل: بل السَّبْعة لمُضَر متفرقةٌ في القرآن غير مجتمعةٍ في كلمةٍ واحدةٍ، بل في بعض الكلمات، كقوله:{وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: 60].
قال الدَّاوُدي: القِراءة التي يَقرأ بها النَّاس اليوم ليس كلُّ حرفٍ منها أحَد السَّبْعة التي في الحديث بما جمَع عليه عُثمان.
* * *