الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالياء، وكأنها لُثْغةٌ من الرَّاوي أَبدلَ اللامَ ياءً، وفي بعضها:(خِيَانةَ) بالنون، وفي بعضها:(خِذَايَةَ) بإعْجام الذَّال، وكان الرجل ألثَغ يقُولها بهذه العِبَارة.
قال (خ): جعل صلى الله عليه وسلم هذا القَول من حَبَّان بمنزلة شَرْط الخِيَار؛ ليكون له الرَّدُّ إذا تبيَّن أنه قد خُدِعَ، وقد قيل: إنَّه جاء فيه خاصَّةً، وقيل: عامٌّ في كُلِّ أحَدٍ، وحُكي عن أحمد: أنَّه إذا قال: لا خِلابَةَ، فله الرَّدُّ، وقال بعض الفُقهاء: إنما يكون هذا فيما يُتغابن به لكثرته، وأما اليَسير فلا يُرَدُّ منه.
* * *
49 - بابُ مَا ذُكِرَ في الأَسْوَاقِ
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ: هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعَ. وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ. وَقَالَ عُمَرُ: أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ.
(باب ما ذُكِر في الأَسْواق)
(قَيْنُقَاع) بتثليث النُّون، سبَق.
2118 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن زَكَرِيَّاءَ، عَنْ مُحَمَّدِ بن سُوقَةَ، عَنْ ناَفِعِ بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي
عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا ببَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ". قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟! قَالَ:"يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ".
الحديث الأول:
(يغزو)؛ أي: يَقصِد تخريب الكَعْبة.
(ببيداء) هي المَفازَة التي لا شيءَ فيها، والمراد هنا: موضعٌ مخصوصٌ بين مكَّة والمدينة.
(أسواقهم)؛ أي: أهل أسواقهم، أو رَعاياهم، وربَّما تصحَّفت بـ (أشرافهم) بالمعجمة والفاء، وفَهِم البخاري منه أن أَسواق جمعُ: سُوق، ونبَّه به على أنه ليس مِن شرطه حديث:"أَبْغَضُ البلادِ إلى الله أَسْواقُها"، وقد رواه مسلم في (الصلاة).
ويحتمل أنَّ الأسواق هنا الرَّعايا، قال صاحب "النِّهاية": السُّوقَة من النَّاس: الرَّعيَّة ومَن دُون المَلِك، قال: وكثيرٌ من الناس يظنُّون أن السُّوقة أهل الأسواق، انتهى.
لكنْ هذا يتوقَّف على أنَّ سُوقة يُجمع على أسواق، وذكَر صاحب "الجامع": أنها تُجمَع على سُوَق كقُثَم.
(ومن ليس منهم)؛ أي: من ليس ممن يَقصِدُ التَّخريب، بل هم الضُّعفاء والأُسارى.
(بأولهم وآخرهم) لم يَذكُر الوسَط؛ لأنه أمرٌ نِسْبيٌّ، فهو داخلٌ إما في الأوَّل، أو الآخِر، ويَشهَد لذلك العُرف.
(على نياتهم)؛ أي: يُخسَف بالكُلِّ لشُؤْم الأشرار، ثم إنَّه تعالى يُجازيهم في الآخِرة على حسَب قُصودهم من خيرٍ وشَرٍّ.
* * *
2119 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبي صَالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ أَحَدِكُمْ في جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ في سُوقِهِ وَبَيْتِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَالْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ في مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ؛ اللهمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللهمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ". وَقَالَ: (أَحَدُكُمْ في صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبسُهُ".
الحديث الثاني:
(لا ينهزه) بالنُّون، والزَّاي: لا يُزعِجُه، ويُحرِّكه، وهذه الجُملة كالبيان للجُملة السابقة.
(اللهم صل عليه) هو بيانٌ لقَوله: (تُصلِّي)، وكذا:(اللهمَّ ارحَمْهُ).
(ما لم يؤذ)؛ أي: الملائكةَ بنتن الحَدَث، ومرَّ في (باب: الصَّلاة في مَسجِد السُّوق).
* * *
2120 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بن أَبي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا. فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بكُنْيَتِي".
الثالث:
(هذا)؛ أي: شَخصًا آخَر غيرك.
(سموا) أمرٌ من التَّسمية.
(ولا تكنوا) من الكُنْية، والأمر هنا والنَّهي ليسَا للوُجوب والتَّحريم، كما سبَق بيانه في (باب: إثْم مَن كذَب على النبيِّ صلى الله عليه وسلم) في (كتاب العِلْم).
* * *
2121 -
حَدَّثَنَا مَالِكُ بن إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه: دَعَا رَجُلٌ بِالْبَقِيعِ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ. قَالَ: "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي".
الرابع:
بمعنى ما قبلَه.
(لم أَعْنِك)؛ أي: لم أقْصِدْك.
ووجه مُناسَبتها للتَّرجمة: أنه كان في البَقِيعْ حينئذٍ سوقٌ.
* * *
2122 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الله، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ الله بن أَبي يَزِيدَ، عَنْ نافِعِ بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في طَائِفَةِ النَّهَارِ، لَا يُكَلِّمُنِي وَلَا أُكَلِّمُهُ، حَتَّى أتى سُوقَ بني قَيْنُقَاعَ، فَجَلَسَ بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ فَقَالَ:"أثَمَّ لُكَعُ؟ أثَمَّ لُكَعُ؟ " فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُلْبسُهُ سِخَابًا، أَوْ تُغَسِّلُهُ، فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، وَقَالَ:"اللهمَّ أَحْببْهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ".
قَالَ: سُفْيَانُ قَالَ: عُبَيْدُ الله أَخْبَرَنِي: أَنَّهُ رَأَى ناَفِعَ بن جُبَيْرٍ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ.
الخامس:
(الدوسي) بفتح الدَّال، المراد نِسْبته لا التَّحرُّز عن آخَر.
(طائفة)؛ أي: قِطْعة، وفي بعضها:(طائفَة النَّهار)؛ أي: جُزْء النَّهار، يُقال: يَومٌ صائِفٌ، أي: حارٌّ.
(أثَمَّ) بفتح المثلَّثة.
(لُكَع) بضمِّ اللَّام، وفتح الكاف، وبالمهملَة: الصَّغير بلُغة تميم، وإنْ كان قد يُطلَق بمعنى اللَّئيم، كما في حديث:"لا تَقُومُ السَّاعةُ حتَّى يكُونَ أسْعَدَ النَّاسِ بالدُّنْيا لُكَعُ بن لُكَع".
والمراد في حديث البخاري الاستِصغار على سَبيل التَّقليلِ، والمَرحَمة عليه، والمَقصود بذلك الحسَن بن عَليٍّ، وقيل: الحُسَين، أما عدَم التَّنوين في (لُكَع) فلتَشبيهه بالمَعدُول، أو أنه مُنادى مفردٌ معرفةٌ، وتقديره: أَثَمَّةَ أنتَ يا لُكَعُ.
(فحبسته)؛ أي: حبَسَتْ فاطمةُ عليها السلام الصَّغيرَ شيئًا من الزَّمان.
(سِخَابًا) بكسر المُهملَة، وبالمعجَمة، والموحَّدة: قِلادةٌ تُتَّخَذُ من طِيْبٍ.
(يَشْتَدُّ)؛ أي: يَعْدُو.
(أحبَّه) هو فعلُ أمرٍ مِن أحَبَّ، ويُروى:(أحِبِبْهُ) بالفَكِّ.
(هو) بيانٌ، أو بدَلٌ؛ لقوله:(قال عُبَيد الله)، وفي بعضها:(أُخِّرت)، بالبناء للمفعول.
ووجه ذِكْر الوِتْر هنا: أنَّه لمَّا روى الحديث عن نافِع؛ انتهَزَ الفُرصة لبَيان ما ثبَتَ منه مما اختُلف في جَوازِه.
* * *