الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}.
(قَيْنًا)؛ أي: حدَّادًا.
(وائل) بالهمز.
(أما) بالتخفيف للتَّنبيه، وجواب القسَم محذوفٌ، وتقديره: لا أَكفُر، أو نحوه.
(حتى تموت) غايةٌ له، ومراده: التَّأْبيد، وإلا فبعْد البَعْث لا يُمكنه الكُفْر كقولك: على إبْليسَ اللَّعنة إلى يوم القيامة، وفي بعضها:(فلا أَكفُر)، فيكون تفسيرًا لجَواب القسَم المقدَّر؛ لأن الفاء لا تَدخل جواب القسَم، وفي بعضها:(أمَّا) بتشديد الميم، وتقديره: أمَّا أنا فلا كفُر والله، وأما غيري فلا أعلَمُ حالَه.
(وإني لميت)؛ أي: أَوَإني، فحُذفت همز الاستِفهام، ووجْهُ تأكيده بـ: إنَّ واللام، والمخاطَبُ به -وهو خَبَّاب- لا مُتردِّدٌ، ولا مُنكِرٌ لذلك: أنَّ العاصي فَهِم من خبَّاب التَّأْكيد في مُقابلة إنكاره، فكأنه قال: أتَقُولُ هذا الكلام المؤكَّد، ومرَّ في (باب: ذكر الفِتَن).
* * *
16 - بابُ مَا يُعْطَى في الرُّقْيَةِ عَلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَقَالَ ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا
كِتَابُ الله". وَقَالَ الشَّعْبيُّ: لَا يَشْتَرِطُ الْمُعَلِّمُ إِلَّا أَنْ يُعْطَى شَيْئًا، فَلْيقْبَلْهُ. وَقَالَ الْحَكَمُ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ الْمُعَلِّمِ. وَأَعْطَى الْحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً. وَلَمْ يَرَ ابن سِيرِينَ بِأَجْرِ الْقَسَّامِ بَأْسًا. وَقَالَ: كَانَ يُقَالُ: السُّحْتُ الرِّشْوَةُ في الْحُكْمِ. وَكَانُوا يُعْطَوْنَ عَلَى الْخَرْصِ.
2276 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبي بِشْرٍ، عَنْ أَبي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبي سعيد رضي الله عنه قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أتيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضُهُمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ! إِنَّ سَيِّدَناَ لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَالله إِنِّي لأَرْقِي، وَلَكِنْ وَالله لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ، فَلَمْ تُضيِّفُونَا، فَمَا أَناَ بِرَاقٍ لَكُمْ، حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا. فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اقْسِمُوا. فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِيَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُناَ. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ:"وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ "، ثُمَّ
قَالَ: "قَدْ أَصَبْتُمُ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا"، فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ بِهَذَا.
(باب ما يُعطَى في الرُّقْية)
بضم الراء، وسكون القاف: هي العوذة.
(إلا أن يُعطى) بفتح (أنْ)، والاستثناء منقطِعٌ، أي: لكن الإعطاء بدُون الاشتراط جائزٌ.
(فيقبله) في بعضها: (فليَقبلْهُ)، وفي بعضها بكسر همزة (إنْ) لكنْ إن يُعطَ شيئًا بدون الشَّرط؛ فليَقبلْه، وثُبوت الألِف حينئذٍ في (يُعطى) كقِراءة قُنْبُل:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف:90]، أو مِن إشباع الفَتْحة.
(القسام) جمع قاسِم.
(السحت) بضمِّ الحاء وسكونها: الرِّشْوة -بكسر الرَّاء وضمها-.
(على الخرص)؛ أي: أُجْرة الخارِص.
(فلذع) بمعجمتين، كذا قاله (ش)، لكن الذي في "الصِّحاح": أنَّ لذع بالمعجَمة داله مهملةٌ، وبالعين المهملة، ذاله معجمةٌ.
(فسعوا)؛ أي: عالجُوه طلَبًا للشِّفاء، وفي نُسخةٍ:(فسقوا له)، وليس بمحفوظٍ.
(لو) جوابها محذوفٌ، أو للتمني.
(بعضهم) هو أبو سعيد نفْسه كما في غير هذه الرِّواية صريحًا: أنَّه الرَّاقي بذلك.
(أرقِ) بكسر القاف.
(جُعلًا) بضم الجيم: ما جُعل للإنسان من مالٍ على فعلٍ.
(قطيع) طائفةٌ، والغالب أنه ما بين العشَرة والأربعين، والمراد هنا: ثلاثون، كما جاء مبيَّنًا في الرِّوايات.
(يَتْفُلُ) بمثناةٍ، وضم الفاء وكسرها، أي: يَبزُق بريقٍ قليلٍ، وسبق أنَّ أوَّله البَزْق، ثم التَّفْل، ثم النَّفْث، ثم النَّفْخ.
(نشط) بالتخفيف، أي: حلَّ، ورُوي:(انتشَطَ)، وهو أفصح.
قال أهل اللُّغة: أَنشطْتُ العُقدة: إذا حلَلْتَها، ونشَطتها، أي: عقَدتها بأُنشوطةٍ، وأصل النَّشْط النَّزْع، فيحتمل نشَط التخفيف، أي: نزع، [و] التشديد، أي: للتكثير، أي: حلَّ شيئًا فشيئًا.
(عِقال) بكسر العين: الحَبْل الذي تُشدُّ به الوَظيْفُ من الذِّراع.
(قَلَبَةٌ) بقافٍ، ولامٍ، وموحَّدةٍ، مفتوحاتٍ، أي: عِلَّةٌ يقلب إليها ليُعلَم موضع الدَّاء، فيُنظَر إليه، قاله في "المُجمَل".
(أوفوهم) من الإيفاء، وهو الإتمام، وفي بعضها بالرَّاء، والمَوفُور هو الشَّيء التَّامُّ، يقال: وفَرت الشَّيءَ، وَفْرًا، ووفَر الشَّيءُ بنفسه وُفُورًا.
(رقَى) بفتح القاف.
(اقسموا) أمرٌ بما هو من المُروءات، ومكارم الأخلاق، وإلا
فالجميع ملكٌ للرَّاقي، وقال:(واضربوا لي) تطييبًا لقُلوبهم، ومبالغةً في أنه حَلالٌ لا شُبهةَ فيه.
وفيه التَّصريح بأنَّ الفاتحة رُقيةٌ، واستحبابُ قراءَتها على اللَّديغ، والمريض، وسائر الأسقام، ولا يُعارض هذا ما في حديث الذين يَدخُلون الجنَّة بغير حِسَاب:"ولا يَرقُون"؛ لأنَّ المراد بالرُّقَى المذمومة التي تكون من كلام الكُفَّار، أو التي لا يُعرف معناها، المُحتملة أن تكون كُفْرًا أو قَريبًا منه، كالتي بالعِبْرانيَّة، وأمَّا الرُّقَى بالقرآن والأذكار المشهورة فممدوحةٌ إجماعًا، وقد يُجمع بأن المَدْح بترك الرُّقى من جِهَة الأفضليَّة، وبيان التوكُّل، والذي أَذِن فيه فهو لبَيان الجَواز، وإنْ كان التَّرْك أفضَل، أو أنَّ النَّهي لقومٍ يعتقدون تأثيرَ ذلك كما كانت الجاهليَّة تعتقد في أشياء كثيرةٍ.
قال (ط): فيه أنَّ من القرآن ما يختصُّ بالرُّقْيَةِ، وإنْ كان الكُلُّ مَرجوَّ البرَكة، لكنْ إذا كان في الآية تعوُّذٌ أو دعاءٌ كان أخصَّ بالرُّقية، فأراد بقَوله:(وما يُدرْيكَ) أن يَختبر عِلْمه بذلك، وموضع الرُّقية فيها:{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحه:5]؛ أي: على كشْف الضُّرِّ، وسُؤال الفَرَج، والإقرار بالحاجَة إلى عَوْنه، فهو في معنى الدُّعاء، ويحتمل من جِهَة الافتتاح بالحمد الذي هو ثناءٌ على الله، فاستفتح بالثَّناء فجاءَ الفرَج.
(وقال شعبة) موصولٌ في (الطِّبِّ).
* * *