الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلتُ: هو قَريبٌ من القَول الأول.
* * *
19 - بابٌ إِذا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ، وَلَم يكتُمَا، وَنَصَحَا
وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءَ بن خَالِدٍ، قَالَ: كتَبَ لِيَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "هذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّد رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَدَّاءَ بن خَالِدٍ، بَيْعَ الْمُسْلِم الْمُسْلِمَ، لَا داءَ، وَلَا خِبْثَةَ، وَلَا عائِلَةَ". وَقَالَ قتادةُ: الْغَائِلَةُ الزِّناَ وَالسَّرِقَةُ وَالإبَاقُ. وَقِيلَ لإبْراهِيمَ: إِنَّ بَعضَ النَّخَّاسِينَ يُسَمِّي آرِيَّ خُرَاسَانَ وَسِجسْتَانَ، فَيقُولُ: جَاءَ أَمسِ مِنْ خُرَاسَانَ، جَاءَ الْيَوْمَ مِنْ سِجسْتَانَ. فَكَرِههُ كَرَاهِيةً شَدِيدَةً. وَقَالَ عُقْبة بن عَامِرٍ: لَا يَحِلُّ لاِمرِئٍ يَبيعُ سلْعَةً، يَعْلَمُ أَنَّ بِها داءً، إِلَّا أَخْبَرَهُ.
2079 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعبةُ، عَنْ قتادَةَ، عَنْ صَالح أَبي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ الله بن الْحَارِثِ، رَفَعَهُ إِلَى حَكِيم بن حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الْبيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَم يتفَرَّقَا -أَوْ قَالَ: حَتَّى يتَفَرَّقَا- فإنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا".
(باب: إذا بيَّن البَيِّعان)
أي: أظْهر ما في المَبيع من العَيْب، و (البَيِّعان) بتشديد الياء،
وأطلق على المشتري تَغليبًا، أو هو مِن إطلاق المُشترك وإرادةِ معنيَيه؛ لأن البيع جاءَ بالمعنيين.
(ويُذكر عن العَدَّاء) سيأْتي بيانُ وصله، وهو بفتح العين المهملَة، العامِري، أسلَم بعد الفتح، وكان يسكُن البادية، وقال (ك): من بني رَبيعة من أَعراب البَصْرة.
قال المُطَرِّزي: فرَس عَدَّاء، بوَزْن فَعَّال، وبه سُمي العَدَّاء الذي كتَب له رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتابَ المَشهور.
قال: وهو المشتري، والنبي صلى الله عليه وسلم هو البائِع، كذا في "الفائِق"، و"مُشكِل الآثار"، و"معجَم الطَّبَراني"، و"الصَّحابة" لابن مَنْدَه والدغولي، و"الفِردوس" بطُرُقٍ كثيرةٍ.
قال (ش): وكذا التِّرمذي، وقال: حسَنٌ.
قلتُ: وكذا النَّسائي، وابن ماجه، وكذا قال (ع): أنَّ ما في البخاري مَقلُوبٌ، وصوابه: هذا ما اشترى العَدَّاءُ من محمَّد صلى الله عليه وسلم، قال: ولا يَبعُد أن يكون ما في البخاري أيضًا صوابٌ، ولا يُنافي ما في باقي الرِّوايات؛ لأن (اشتَرى) يكون بمعنى (باعَ).
(بيع المسلم المسلم) نُصب الثاني بالمَصْدر، وهو بيع، وليس المراد به أنَّه إذا بايَعَ ذِمِّيًّا يغشُّه، بل هذا مبايعة المُسلمين مُطلقًا لا يغشُّ مُسلِمًا ولا غيره.
قال التَّيْمي: و (بيع) نصبٌ على المصدر، لكن بغير فِعْله؛ لأنَّ البَيع والشِّراء مُتقارِبان، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوفٍ.
(لا داء) قال المُطرِّزي: هي كلُّ عيْبٍ باطنٍ ظهر منه شيء، أو لا كوَجَع الكَبد والسُّعال.
(ولا خِبْثة) بكسر المعجَمة، وإسكان الموحَّدة، ثم مثلَّثة، قال (ك): بوزْن النَّوع من المصدر.
قال (ش): فسَّره المُطَرِّزي بأن يكون مَسْبيًّا من قومٍ لهم عَهْدٌ، وفسَّرها غيره بالحرام، كما عبَّر عن الحَلال بالطَّيِّب، وقيل: الأخلاق الخَبيثة كالإِبَاق، وقال صاحب "العَين": هي الرِّيْبة.
(ولا غائلة) هو الإباق، والفُجور، وأصله من الغَول، أي: الهلاك.
قال (ك): فإنْ قلتَ: العادة أن البائع يكتُب مثل هذه الحُجَّة.
قلتُ: قد يكتب المُشتري أيضًا، وكلاهما عادةٌ، وأما إذا كان الثَّمَن في الذِّمَّة فالبائع هو الكاتِب ألبتَّة، فجَرى على ظاهر رواية البخاري، وإنْ وردَتْ رواية:(هذا ما اشتَرى العَدَّاء) لكن رواية البخاري هي المشهورة.
(النَخَّاسِين) جمع: نَخَّاس، بفتح النون، وشدَّة المعجَمة، وكسر المهملَة، أي: الدَّلَّالين.
(يُسمي أرى خُرَاسَان)(قال (ك): أُرَى بضمِّ الهمزة، أي: أَظُنُّ، وخُراسان الإقليم المعروف، موطِن الكثير من علماء المسلمين.
(وسِجسْتَان) بكسر المهملة الأُولى، والجيم، وسُكون الثَّانية،
وبالفوقانية: اسمٌ للدِّيار التي قصَدها زَرَنْج، بفتح الزاي، والراء، وإسكان النُّون، وبالجيم، وهذه المَملكة خَلْف كِرْمان بمسيرة مائة فَرسخ، وهي إلى ناحية الهند، ويُقال لها: سِجْز بكسر المُهملة، وسُكون الجيم، وبالزاي.
قال: وفي بعض النُّسخ: (آري) بوزن: فاعُول، فقُلبت الواو ياءً، وأُدغم، وهو مَحبَس الدَّابَّة، وقد يُسمى الحبل الذي تُشدُّ به الدابة في مَحبَسها.
وقال التَّيمي: الآري: المَعلَف، وأصله: من قولهم: تأَرَّيتُ في المكان: إذا احتَبستُ. قال: وهذه الكراهة من باب كراهية تزيين السِّلْعة.
قال (ش): إنَّ آري بالمدِّ، وكسر الراء، وتشديد الياء، هو الصّواب كما قاله (ع) وغيره.
ووقع عند المَرْوَزي: بفتْح الهمزة، والراء، مثل: دعا، وليس بشيءٍ، وهو مَربط الدابَّة، وقال الخَليل: مَعلفها، وقال الأصمعي: حَبْلٌ يُدفَن في الأرض، ويُبرز طرَفه تُشَدُّ به الدابَّة، أصله من الحَبْس والإقامة، من قولهم: تَمَارَى الرَّجل بالمكان إذا أقامَ به.
وبالجملة فالمعنى: أن النخَّاسين كانوا يُسمُّون مَرابط دوابهم بهذه الأسماء تدليسًا على المشتري أنه جاء الآن من خُرَاسَان، وسِجِسْتَان، يَعنُون مَربطها، فيحرص عليها المُشتري، ويظنُّها طريَّة الجَلَب.