المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(222) باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٥

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(209) بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ

- ‌(210) بَابُ الإِجَابَةِ، أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ في يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(211) بَابُ فَضْلِ الْجُمُعَةِ

- ‌(212) بَابُ التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجُمُعَةِ

- ‌(213) بَابُ كفَّارَةِ مَنْ تَرَكَهَا

- ‌(214) بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ

- ‌(215) بَابُ الْجُمُعَةِ في اليَوْمِ الْمَطِيرِ

- ‌(216) بَابُ التَخَلُّفِ عنِ الْجَمَاعَةِ في اللَّيْلَةِ الْبَارِدِةِ

- ‌(217) بَابُ الْجُمُعَةِ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَرْأَةِ

- ‌(218) بَابُ الْجُمُعَةِ في الْقُرَى

- ‌(219) (بَابٌ إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ)

- ‌(220) بَابُ مَا يَقْرَأُ في صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(221) بَابُ اللُّبْسِ لِلْجُمُعَةِ

- ‌(222) بَابُ التَحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ

- ‌(223) (بَابُ اتِّخَاذِ المِنْبَرِ)

- ‌(224) بَابُ مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ

- ‌(225) بَابُ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ

- ‌(226) بَابٌ في وَقْتِ الْجُمُعَةِ

- ‌(228) بَابُ الإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ في خُطْبَتِهِ

- ‌(229) بَابُ الْجُلُوسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ

- ‌(230) بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا

- ‌(231) بَابُ الرَّجُلِ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ

- ‌(232) بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الْمِنبرِ

- ‌(233) بَابُ إِقْصَارِ الْخُطَبِ

- ‌(234) بَابُ الدُّنُوِّ مِنَ الإِمَامِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ

- ‌(235) (بَابُ الإمَامِ يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ للأمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(236) بَابُ الاحْتِبَاءِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(237) بَابُ الكَلَامِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(238) بَابُ اسْتِئْذَانِ الْمُحْدِثِ للإِمَامِ

- ‌(239) بَابٌ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(240) بَابُ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(241) باب الرَّجُلِ يَنْعَسُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(242) باب الإِمَامِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا يَنْزِلُ مِنَ الْمِنْبَرِ

- ‌(243) بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً

- ‌(245) باب الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا جِدَارٌ

- ‌(246) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌(247) (بَابُ صَلَاةِ العِيدَيْنِ)

- ‌(248) بَابُ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ

- ‌(249) (بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ في الْعِيدِ)

- ‌(250) بَابُ الْخُطْبَةِ

- ‌(251) [بابٌ: يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ]

- ‌(253) بَابُ التَّكْبِيرِ في الْعِيدَيْنِ

- ‌(255) بَابُ الْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ

- ‌(256) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ في طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ في طَرِيقٍ

- ‌(257) بَابٌ: إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الإِمَامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْغَدِ

- ‌(258) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌(260) جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعهَا

- ‌(261) بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ في الاسْتِسْقَاءِ

- ‌(262) بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(263) بَابُ مَنْ قَالَ: أَرْبَعُ رَكعَاتٍ

- ‌(264) بَابُ الْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(265) بَابٌ: أَيُنَادَى فِيهَا بِالصَّلَاةِ

- ‌(266) بَابُ الصَّدَقَةِ فِيهَا

- ‌(267) بَابُ الْعِتْقِ فِيهَا

- ‌(268) بَابُ مَنْ قَالَ: يَرْكَعُ رَكعَتَيْنِ

- ‌(269) بَابُ الصَّلَاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِهَا

- ‌(270) بَابُ السُّجُودِ عِنْدَ الآيَاتِ

- ‌(271) بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌(272) بَابٌ: مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ

- ‌(273) بَابُ الأَذَانِ في السَّفَرِ

- ‌(274) بَابُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي وَهُوَ يَشُكُّ في الوَقْتِ

- ‌(275) بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتينِ

- ‌(276) (بَابُ قَصْرِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ في السَّفَرِ)

- ‌(277) بَابُ التَّطَوُّعِ في السَّفَرِ

- ‌(278) (بَابُ التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالوِتْرِ)

- ‌(279) بَابُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(280) بَابٌ: مَتَى يُتِمُّ الْمُسَافِرُ

- ‌(281) بَابٌ: إِذَا أَقَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ يَقْصُرُ

- ‌(282) بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(283) باب مَنْ قَالَ: يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الإِمَامِ، وَصَفٌّ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُ قَائِمًا حَتَّى يُصَلِّىَ الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَنْصَرِفُوا فَيَصُفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَتَجِئُ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَيُصَلِّى بِهِمْ رَكْعَةً وَيَثْبُتُ جَالِسًا، فَيُتِمُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ جَمِيعًا

- ‌(284) بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَا صَلَّى رَكعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا أَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ رَكعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَاخْتُلِفَ في السَّلَامِ

- ‌(286) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ فيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ، فَيُصَلُّوَنَ لأَنْفُسِهِم رَكْعَةً

- ‌(287) بابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُ الَّذِينَ خَلْفَهُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجِئُ الآخَرُونَ إِلَى مَقَامِ هَؤُلَاءِ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً

- ‌(288) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكعَةً وَلَا يَقْضُونَ

- ‌(289) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتيْنِ

- ‌(290) بَابُ صَلَاةِ الطَّالِبِ

- ‌(291) (بَابُ تَفْريعِ أَبْوَابِ التَّطوّعِ وَرَكَعَاتِ السنَّةِ)

- ‌(292) بَابُ رَكعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌(293) بَابٌ: في تَخْفِيفِهِمَا

- ‌(294) بَابُ الاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا

- ‌(295) بَابٌ: إِذَا أَدْرَكَ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌(296) بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا

- ‌(297) بَابُ الأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا

- ‌(298) بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعَصْرِ

- ‌(299) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(300) بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِيهِمَا إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً

- ‌(301) باب الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ

- ‌(302) بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى

- ‌(303) بابٌ: فِى صَلَاةِ النَّهَارِ

- ‌(304) بَابُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌(305) بَابُ رَكْعَتَيِ الْمَغْرِبِ، أَيْنَ تُصَلَّيَان

- ‌(307) بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(308) بَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(309) بَابُ النُّعَاسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(310) بَابُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ

- ‌(311) بَابٌ: فِيمَنْ نَوَى الْقِيَامَ فَنَامَ

- ‌(312) بَابٌ: أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌(313) بَابُ وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(314) بَابُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللِّيْلِ بِرَكْعَتَينِ

- ‌(315) بَابٌ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَىَ مَثْنَىَ

- ‌(316) بَابٌ في رَفْعِ الصَّوتِ بِالْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(317) بَابٌ: في صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(318) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقَصْدِ في الصَّلَاةِ

الفصل: ‌(222) باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة

(222) بَابُ التَحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ

1079 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِى الْمَسْجِدِ،

===

ولكن أخرج ابن ماجه هذا الحديث في "سننه"(1) فخالف أبا داود في مواضع من السند، فإنه أخرج أولًا حديث عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن سلام فلم يبهمه، بل صرح بأنه هو عبد الله بن سلام، ثم أخرج من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا شيخ لنا عن عبد الحميد بن جعفر، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه قال: خطبنا، الحديث، فجعل ابن ماجه هذا الحديث بالسندين من مسندات عبد الله بن سلام لا من مسندات ابنه يوسف، والسند الثاني لابن ماجه فيه جهالة، وإنْ قال فيه بعضهم: إنه محمد بن عمرو الواقدي، فليس بحجة.

(222)

(بَابُ التَّحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْل الصَّلاةِ)

أي في المسجد، والتحلق قعود الجماعة من الناس مستديرين في موضع، أو مواضع متفرقة من المسجد

1079 -

(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد).

قال الشوكاني (2): أما البيع والشراء فذهب جمهور العلماء إلى أن النهي محمول على الكراهة، قال العراقي: وقد أجمع العلماء على أن ما عقده من البيع في المسجد لا يجوز نقضه، وهكذا قال الماوردي، وذهب بعض أصحاب

(1) انظر: "سنن ابن ماجه"(1095).

(2)

"نيل الأوطار"(1/ 667).

ص: 90

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الشافعي إلى أنه لا يكره البيع والشراء في المسجد، والأحاديث ترد عليه، وفرق أصحاب أبي حنيفة (1) بين أن يغلب ذلك ويكثر فيكره، أو يقل فلا كراهة، وهو فرق لا دليل عليه، انتهى.

قلت: وهذا الذي عزاه إلى أصحاب أبي حنيفة هو الذي ذكره الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2) فقال: وكذلك أيضًا ما نهي عنه من البيع في المسجد هو البيع الذي يعمه، أو يغلب عليه حتى يكون كالسوق فذلك مكروه، فأما ما سوى ذلك فلا، ولقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على إباحة العمل الذي ليس من القرب في المسجد.

حدثنا فهد، ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، ثنا شريك، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا معشر قريش! ليبعثن الله عليكم رجلًا امتحن الله به الإيمان، يضرب رقابكم على الدين، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ، قال: لا، فقال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل في المسجد"، وكان قد ألقى إلى علي رضي الله عنه نعله يخصفها، أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عليًا رضي الله عنه عن خصف النعل في المسجد، وأن الناس لو اجتمعوا حتى يعموا المسجد بخصف النعال كان ذلك مكروهًا، فلما كان ما لا يعم المسجد من هذا غير مكروه، وما يعمه منه أو يغلب عليه مكروهًا، كان ذلك في البيع وإنشاد الشعر والتحلق فيه قبل الصلاة مما عمه من ذلك، فهو مكروه، وما لم يعمه منه ولم يغلب عليه فليس بمكروه، والله أعلم بالصواب، انتهى.

(1) وفي "الدر المختار": يكره كل عقد إلَّا لمعتكف بشرطه أي لا يكون للتجارة، بل لنفسه أو عياله بدون إحضار السلعة، كذا في "الشامي". (انظر:"رد المحتار" 2/ 526). (ش).

(2)

"شرح معاني الآثار"(4/ 359).

ص: 91

ؤأَنْ تُنْشَدَ (1) فِيهِ ضَالَّةٌ، وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ شِعْرٌ،

===

قال القاري (2): جوَّز علماؤنا للمعتكف الشراء بغير إحضار المبيع، ومن البدع الشنيعة بيع ثياب الكعبة خلف المقام، وبيع الكتب وغيرها في المسجد الحرام، وأشنع منه وضع المحفات والقرب والدبش فيه، سيما في أيام الموسم، ووقت ازدحام الناس، والله ولي أمر دينه، ولا حول ولا قوة إلَّا به.

قال ابن حجر: ويكره أيضًا الجلوس فيه لحرفة إلا نسخ كتب العلم الشرعي وآلته، ولو خاط فيه أحيانًا فلا بأس به، ورأى عمر رضي الله عنه خياطًا في المسجد فأمر بإخراجه، فقيل: يا أمير المؤمنين! إنه يكنس المسجد ويغلق الباب، فقال عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "جنبوا صناعكم مساجدكم"، رواه عبد الحق وضعفه، انتهى.

(وأن تنشد فيه ضالة) قال الشوكاني (3): يقال: نشدت الضالة بمعنى طلبتها، وأنشدتها عرَّفتها، والضالة تطلق على الذكر والأنثى، والجمع ضوال، كدابة ودواب، وهي مختصة بالحيوان، ويقال لغير الحيوان: ضائع ولقيط، قال ابن رسلان: ويلحق بذلك من رفع صوته فيه بما يقتضي مصلحة ترجع إلى الرافع صوته، قال: وفيه النهي عن رفع الصوت بنشد الضالة وما في معناه من البيع والشراء والإجارة والعقود، قال مالك وجماعة من العلماء: يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره، وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس، لأنه مجمعهم ولا بد لهم منه.

(وأن ينشد فيه شعر) قال الشوكاني (4): أما إنشاد الأشعار في المسجد

(1) وفي نسخة: "ينشد".

(2)

"مرقاة المفاتيح"(2/ 439).

(3)

"نيل الأوطار"(1/ 663).

(4)

"نيل الأوطار"(1/ 667).

ص: 92

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فحديث الباب وما في معناه يدل على عدم جوازه، ويعارضه ما سيأتي من قصة عمر وحسان، وتصريح حسان بأنه ينشد الشعر بالمسجد، وفيه رسول الله (1)، وكذلك حديث جابر بن سمرة الآتي وهو أنه قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مأة مرة في المسجد، وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما تبسم معهم، رواه أحمد، وأخرجه الترمذي (2) وصححه، وقد جمع بين الأحاديث بوجهين:

الأول: حمل النهي على التنزيه، والرخصة على بيان الجواز.

والثاني: حمل أحاديث الرخصة على الشعر الحسن المأذون (3) كهجاء حسان للمشركين، ومدحه صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، ويحمل النهي على التفاخر والهجاء ونحو ذلك.

وقد جمع الحافظ (4) يحمل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين، وحمل المأذون فيه على ما سلم من ذلك، لكن حديث جابر بن سمرة فيه التصريح بأنهم كانوا يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، قال: وقيل: المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبًا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه.

قال ابن العربي (5): لا بأس بإنشاد الشعر في المسجد إذا كان في مدح

(1) انظر: "صحيح البخاري"(3212)، و"صحيح مسلم"(2485)، و"سنن النسائي"(716).

(2)

انظر: "مسند أحمد"(5/ 91، 105)، و"سنن الترمذي"(2850).

(3)

وإليه مال الطحاوي، وأشار إلى أن ذكر المسجد اتفاقي، فالإذن للشعر المباح ما لم يغلب، والمنع للمنهي عنه، وفي "الدر المختار": يكره الإنشاد إلَّا ما فيه ذكر، وبسط عليه الكلام العيني (3/ 489)، وقال ابن العربي (2/ 119): لا بأس به إذا كان لأمر الدين وإن كان فيه ذكر الخمر. (ش).

(4)

انظر: "فتح الباري"(1/ 549).

(5)

"عارضة الأحوذي"(2/ 119، 120).

ص: 93

وَنَهَى عن التَّحَلُّقِ (1) قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ". [ت 322، ن 714، حم 2/ 179، جه 749]

===

الدين وإقامة الشرع، وإن كانت فيه الخمر ممدوحة بصفاتها الخبيثة من طيب رائحة وحسن لون إلى غير ذلك مما يذكره من يعرفها، وقد مدح فيه كعب بن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

إلى قوله في صفة ريقها:

كأنه منهل بالراح معلول

قال العراقي: وهذه القصيدة قد رويناها من طرق لا يصح منها شيء، وذكرها ابن إسحاق بسند منقطع، وعلى تقدير ثبوت هذه القصيدة عن كعب وإنشادها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وغيره، فليس فيها مدح الخمر، فإنما فيها مدح ريقها، قال: ولا بأس بإنشاد الشعر في المسجد إذا لم يرفع به صوته بحيث يشوس ذلك على مصل أو قارئ أو منتظر الصلاة، فإن أدَّى إلى ذلك كره، ولو قيل بتحريمه لم يكن بعيدًا.

(ونهى عن التحليق قبل الصلاة) أي قريبًا من الزوال، فأما في فجر يوم الجمعة فيجوز التعليق لمذاكرة العلم وغيرها من أمور الدين (يوم الجمعة) قال الشوكاني (2): أما التحلق يوم الجمعة في المسجد قبل الصلاة فحمل النهي عند الجمهور على الكراهية؛ وذلك لأنه ربما قطع الصفوف؛ مع كونهم مأمورين بالتبكير يوم الجمعة والتراص في الصفوف الأول فالأول.

وقال الطحاوي: التحلق المنهي عنه قبل الصلاة إذا عم المسجد وغلبه فهو مكروه، وغير ذلك لا بأس به، والتقييد بـ "قبل الصلاة" يدل على جوازه بعدها للعلم والذكر، والتقييد بـ "يوم الجمعة" يدل على جوازه في غيرها كما في

(1) وفي نسخة: "عن الحلق".

(2)

"نيل الأوطار"(1/ 669).

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

حديث أبي واقد الليثي (1): "فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها" وأما التحلق في المسجد في أمور الدنيا فغير جائز.

وفي حديث ابن مسعود: "سيكون في آخر الزمان قوم يجلسون في المساجد حلقًا حلقًا، أمانيهم الدنيا فلا تجالسوهم، فإنه ليس لله فيهم حاجة"، ذكره العراقي في "شرح الترمذي"، وقال: إسناده ضعيف، فيه بزيع أبو الخليل وهو ضعيف جدًا، قلت: قال في "مجمع الزوائد"(2): رواه الطبراني في "الكبير"(3).

وقال القاري (4): أي نهى أن يجلس الناس على هيئة الحلقة، يقال: تحلق القوم إذا جلسوا حلقة حلقة، وعلة النهي أن القوم إذا تحلقوا فالغالب عليهم التكلم، ورفع الصوت، وإذا كانوا كذلك لا يستمعون الخطبة، وهم مأمورون باستماعها، كذا قال بعضهم.

وقال التوريشتي: النهي يحتمل معنيين: أحدهما: أن تلك الهيئة تخالف اجتماع المصلين، والثاني: أن الاجتماع للجمعة خطب جليل، لا يسع من حضرها أن يهتم بما سواه حتى يفرغ، وتحلق الناس قبل الصلاة موهم للغفلة عن الأمر الذي ندبوا إليه، انتهى.

وعندي أن علة النهي عن التحلق في المسجد قبل صلاة الجمعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا، مني مناخ من سبق"، وحكم المسجد فيه كحكم مني، فالداخل في المسجد له حق أن يجلس في المحل الخالي، والناس ندبوا إلى

(1) انظر: "صحيح البخاري"(66)، و"صحيح مسلم"(2176)، و"سنن الترمذي"(2724).

(2)

"مجمع الزوائد"(2/ 24).

(3)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(10/ 244) ح (10452).

(4)

"مرقاة المفاتيح"(2/ 439).

ص: 95