الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(288) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكعَةً وَلَا يَقْضُونَ
1246 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِى الأَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ قَالَ: "كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ (1) بِطَبَرِسْتَانَ
===
(288)
(بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي) الإِمام (بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً، ولَا يَقْضُونَ)
أي لا يقضي القوم ركعتهم الثانية، بل يقتصرون على الركعة الواحدة التي صلوها مع الإِمام
1246 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى) القطان، (عن سفيان، حدثني الأشعث بن سليم) هو ابن أبي الشعثاء المحاربي، ثقة، (عن الأسود بن هلال) المحاربي، أبو سلام الكوفي، مخضرم، ثقة، جليل، (عن ثعلبة بن زهدم) الحنظلي، مختلف في صحبته، وقال العجلي: تابعي ثقة.
(قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان) بفتح أوله وثانيه وكسر الراء، و"الطبر" لفظ فارسي، وهو الذي يشقق به الأحطاب وما شاكله بلغة الفرس، و"ستان" الموضع أو الناحية، كأنه يقول: ناحية الطبر، والنسبة إلى هذا الموضع الطبري، وهي بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم، والغالب على هذه النواحي الجبال، فمن أعيان بلدانها:"دهستان" و"جرجان" و"استرآباذ" و"آمل" وهي قصبتها، و"سارية" و"شالوس".
وسبب تسميتها بطبرستان أن أهل تلك الجبال كثيرو الحروب، وأكثر أسلحتهم بل كلها الأطبار، حتى إنك قلَّ أن ترى صعلوكًا أو غنيًا إلَّا وبيده الطبر صغيرهم وكبيرهم، فكأنها لكثرتها سميت بذلك، هذا الغزو كان في زمان عثمان بن عفان حين ولي سعيد بن العاص الكوفة سنة 29 هـ.
قال الطبري في "تاريخه"(2) بسنده عن حنش بن مالك قال:
(1) وفي نسخة: "العاصي".
(2)
انظر: "تاريخ الطبري"(2/ 607).
فَقَامَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، فَصَلَّى (1) بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا". [ن 1529، حم 5/ 399، خزيمة 1343، ق 3/ 262، ك 1/ 335]
===
غزا سعيد بن العاص (2) من الكوفة سنة 30 هـ يريد خراسان، ومعه حذيفة بن اليمان وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه الحسن، والحسين، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وخرج عبد الله بن عامر من البصرة يريد خراسان، فسبق سعيدًا، ونزل أبر شهر، وبلغ نزوله أبر شهر سعيدًا، فنزل سعيد قومن (3)، وهي صلح صالحهم حذيفة بعد نهاوند، فأتى جرجان، فصالحوه على مأتي ألف، ثم أتى طميسة، وهي كلها من طبرستان متاخمة جرجان، وهي مدينة على ساحل البحر، وهي في تخوم جرجان، فقاتله أهلها حتى صلَّى صلاة الخوف، فقال لحذيفة: كيف صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأخبره
…
إلخ.
(فقام) سعيد بن العاص (فقال: أيكم صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا) فصفهم صفين (4)(فصلى) سعيد أو حذيفة بإذن سعيد (بهولاء) أي بالطائفة الأولى (ركعة، وبهؤلاء) أي الطائفة الثانية (ركعة، ولم يقضوا) أي لم يؤد القوم ركعتهم الثانية، بل اقتصروا على الركعة الواحدة.
(1) وفي نسخة: "فصلَّى بهم".
(2)
وكان يحارب المجوس، كما في "البدائع"(1/ 555). (ش).
(3)
كذا في الأصل، وفي "تاريخ الطبري" (2/ 607):"قومِس".
(4)
أوَّل البيهقي الحديث فأجاد فقال: معنى قوله: جعلهم صفين أي خلفه فصلَّى بالطائفة المتقدمة ركعتين، والمؤخرة شريكة معهم، ثم جاء هؤلاء إلى مكان هؤلاء، يعني تأخروا وتقدموا، فصلَّى بهم أخرى، يعني بالطائفة الثانية، والأولى أيضًا شريكة معهم، فسلموا جميعًا ولم يقضوا، وإنه لم يبق عليهم شيء من الصلاة، انتهى، وعلى هذا فلا يخالف بما ورد في بعض طرقه من لفظ "قضوا". (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم،
===
(قال أبو داود: وكذا رواه عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة (ومجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم). أما حديث عبيد الله، فقد أخرج ابن جرير في "تفسيره" والنسائي في "سننه" (1) واللفظ لابن جرير: حدثنا ابن بشار ثني يحيى ثنا سفيان ثني أبو بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بذي قرد، فصف الناس خلفه صفين، صفًا خلفه، وصفًا موازي العدو، فصلَّى بالذين خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلَّى بهم ركعة، ولم يقضوا"، وأخرجه الطحاوي عن قبيصة عن سفيان. وأما حديث مجاهد عن ابن عباس فأخرجه النسائي وابن جرير والطحاوي (2) عن أبي عوانة عن بكير عن مجاهد عن ابن عباس قال:"فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الحضر (3) ركعة"، وسيخرجه المصنف.
(وعبد الله بن شقيق) أي وكذا روى عبد الله بن شقيق (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) مرفوعًا.
أخرجه النسائي: أخبرنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثني سعيد بن عبيد الهنائي، ثنا عبد الله بن شقيق قال: حدثنا
(1)"جامع البيان"(4/ 248)، و"سنن النسائي"(1533)، وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (2/ 461)، وأحمد (1/ 232)، وابن خزيمة (2/ 295) رقم (1344)، وابن حبان (7/ 122) رقم (2871)، والطحاوي (1/ 309)، والحاكم (1/ 335)، والبيهقي (3/ 262).
(2)
انظر: "سنن النسائي"(1532)، و"جامع البيان"(4/ 248)، و"شرح معاني الآثار"(1/ 309).
(3)
كذا في الأصل، والصواب:"وفي الخوف"، انظر التخريج السابق.
وَيَزِيدُ الْفَقِيرُ وَأَبُو مُوسَى، جَمِيعًا عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
===
أبو هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلًا بين ضجنان وعسفان محاصر المشركين، فقال المشركون: إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأبكارهم، أجمعوا أمركم، ثم ميلوا عليهم ميلة واحدة، فجاء جبرائيل عليه السلام فأمره أن يقسم أصحابه نصفين، فيصلي بطائفة منهم، وطائفة مقبلون على عدوهم، قد أخذوا حذرهم وأسلحتهم، فيصلي بهم ركعة، ثم يتأخر هؤلاء، ويتقدم أولئك، فيصلي بهم ركعة تكون لهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ركعة وللنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان".
وأخرجه ابن جرير برواية أحمد بن محمد الطوسي عن عبد الصمد (1)(ويزيد الفقير وأبو موسى) قال أبو داود: رجل من التابعين ليس بالأشعري، كذا في نسخة.
قلت: قال في "التهذيب": أبو موسى عن جابر بن عبد الله في صلاة الخوف وعنه زياد بن نافع، يقال: إنه علي بن رباح اللخمي، ويقال: أبو موسى الغافقي الصحابي، والأول أقرب إلى الصواب، واسم أبي موسى الغافقي مالك بن عبادة، له صحبة، روى عنه ثعلبة بن أبي الكنود ووداعة الحميري (جميعًا) أي كذا رواه يزيد الفقير وأبو موسى (عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم).
أما حديث يزيد الفقير عن جابر، فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2) مرفوعًا:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم صلاة الخوف"(3)، الحديث.
وأما رواية أبي موسى، فأخرجه ابن جرير: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: ثني عمي عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدثه عن زياد بن نافع حدثه عن أبي موسى، أن جابر بن عبد الله
(1) انظر: "سنن النسائي"(1544)، و"جامع البيان"(4/ 248 - 249)، و"مسند أحمد"(2/ 522)، و"سنن الترمذي"(3035)، و"صحيح ابن حبان"(2872).
(2)
"جامع البيان"(10340)، وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (2/ 462)، وأحمد (2/ 298)، وابن خزيمة (1347)، وابن حبان (2869).
(3)
أخرجه النسائي أيضًا (1545). (ش).
وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ، فِى حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ: إِنَّهُمْ قَضَوْا رَكْعَةً (1) ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سِمَاكٌ الْحَنَفِىُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"فَكَانَتْ لِلْقَوْمِ رَكْعَةً رَكْعَةً وَلِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ".
===
حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم صلاة الخوف يوم محارب وثعلبة، لكل طائفة ركعة وسجدتين (2).
(وقد قال بعضهم في حديث يزيد الفقير: إنهم قضوا ركعة) أخرى، قلت: لم أقف على من قال في حديث يزيد: "أنهم قضوا ركعة".
(وكذلك) أي كما روى هؤلاء المذكورون عن ابن عباس وأبي هريرة وجابر كذلك (رواه سماك الحنفي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم).
أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3): حدثني أحمد بن الوليد القرشي قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن سماك الحنفي قال: سألت ابن عمر عن صلاة السفر، قال: ركعتان تمام غير قصر، وإنما القصر صلاة المخافة، قلت: وما صلاة المخافة؟ قال: يصلي الإِمام بطائفة ركعة، ثم يجيء هؤلاء مكان هؤلاء، ويجيء هؤلاء مكان هؤلاء، فيصلي بهم، فيكون للإمام ركعتان، ولكل طائفة ركعة ركعة.
(وكذلك) أي ومثل ما رووه (رواه زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فكانت للقوم ركعة ركعة، وللنبي عليه السلام ركعتين) أخرجه الطحاوي (4):
حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا قبيصة عن سفيان عن الركين بن الربيع
(1) وفي نسخة: "ركعة أخرى".
(2)
انظر: "جامع البيان"(4/ 248)، و"تهذيب الكمال" للمزي رقم الترجمة (2057).
(3)
"جامع البيان"(4/ 247)، وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (1349).
(4)
انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 310)، وأخرجه أيضًا عبد الرزاق (2/ 510) رقم (4250)، وابن أبي شيبة (2/ 461)، وأحمد (5/ 183)، والنسائي (3/ 168)، =
1247 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"فَرَضَ اللَّهُ عز وجل الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم: فِى الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِى السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِى الْخَوْفِ رَكْعَةً". [م 687، ن 456، 1441، جه 1068، ق 3/ 135]
===
عن القاسم بن حسان قال: أتيت ابن وديعة، فسألته عن صلاة الخوف، فقال: أثبت زيد بن ثابت فاسأله، فلقيته، فسألته، فقال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه، فصف صفًا خلفه، وصف موازي العدو، فصلَّى بهم ركعة، ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، فصلى بهم ركعة، ثم سلَّم عليهم، وذكر مؤمل بن إسماعيل عن سفيان في هذا الحديث: وقال عبد الله بن وديعة: وزاد: "فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان، ولكل طائفة ركعة ركعة".
1247 -
(حدثنا مسدد وسعيد بن منصور قالا: نا أبو عوانة) الوضاح اليشكري، (عن بكير بن الأخنس) السدوسي، ويقال: الليثي الكوفي، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، ثم أعاده في أتباع التابعين من الثقات، وهو قليل الحديث، وقال الآجري: سألت أبا داود عنه، فقال: شيخ جائز الحديث، وقال العجلي: كوفي ثقة.
(عن مجاهد، عن ابن عباس قال: فرض الله عز وجل الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة).
هذا الحديث هو الذي أشار إليه المؤلف في أوائل هذا الباب بعد تخريج الحديث بقوله: وكذا رواه عبيد الله بن عبد الله ومجاهد عن ابن عباس، وأجاب الطحاوي عن هذا الحديث، فقال: قال أبو جعفر: فهذا عبيد الله بن عبد الله قد روى عن ابن عباس ما خالف ما روى مجاهد عنه، ومحال أن
= وابن خزيمة (2/ 394) رقم (1345)، والطبري (10332)، والبيهقي (3/ 262).