الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(294) بَابُ الاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا
1261 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو كَامِلٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ» . فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ: أَمَا
===
ما في أبي داود لعله وهم من محمد بن الصباح، قال الحافظ في ترجمته من "التهذيب": قال يحيى: حدّث بحديث منكر، قال يعقوب: هذا حديث منكر جدًا من هذا الوجه كالموضوع، ووثقه أبو زرعة ومحمد بن عبد الله الحضرمي.
(294)
(بَابُ الاضْطِجَاعِ بَعْدَها)(1)
أي بعد سنة الفجر (2)
1261 -
(حدثنا مسدد وأبو كامل وعبيد الله بن عمر بن ميسرة قالوا: نا عبد الواحد) بن زياد، (نا الأعمش) سليمان بن مهران، (عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلَّى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على يمينه (3)، فقال له) أي لأبي هريرة (مروان بن الحكم: أما) همزة
(1) قال المناوي: كان مزاجه صلى الله عليه وسلم على سبيل الندور بمصلحة عامة، أو تامة من نحو مؤانسة أو تألف، لما كانوا عليه من تهيب الإقدام عليه سيما عقب التجليات السبحانية، ومن ثم كان لا يخرج إليهم بعد الفجر إلا بعد الاضطجاع بالأرض أو مكالمة بعض نسائه، إذ لو خرج إليهم عقب المناجاة الفردية والفيوض الرحمانية لما استطاع أحد منهم لقيه. (انظر:"شرح الشمائل" 2/ 28). (ش).
(2)
قال ابن العربي: قال مالك: لا بأس به ما لم ير فيه الفضل، وأحمد لا يفعله ولا يمنع
…
إلخ. (انظر: "عارضة الأحوذي" 2/ 216)، وأثبت ابن القيم كونه بعد الوتر قبل السنَّة. (انظر:"زاد المعاد"(1/ 309). (ش).
(3)
قال ابن القيم (1/ 319): قال الترمذي (420): حسن صحيح، لكن قال ابن تيمية: الحديث باطل، وإنما الصحيح الفعل لا الأمر
…
إلخ، وقال الشوكاني (2/ 227) =
يُجْزِئُ أَحَدَنَا مَمْشَاهُ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَضْطَجِعَ عَلَى يَمِينِهِ؟ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِى حَدِيثِهِ: قَالَ: لَا. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: فَقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: هَلْ تُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا يَقُولُ؟ قَالَ (1): لَا، وَلَكِنَّهُ اجْتَرَأَ وَجَبُنَّا
===
استفهام، وما نافية (يجزئ) من الإجزاء أي يكفي (أحدنا) مفعول للفعل (ممشاه) فاعله (إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه؟ ).
حاصله (2) أن المشي إلى الصلاة لأجل أداء الصلاة لا يكفيه لحصول الأجر حتى يكون الضجعة سببًا لحصول الأجر، فإن المشي إلى الصلاة سبب لتحصيله، والضجعة ليست سببًا لتحصيله، بل هي منع منه، فكيف تكون سببًا للأجر؟
(قال عبيد الله في حديثه: قال) أبو هريرة: (لا) أي لا يكفيه، فإن المشي إلى المسجد عبادة، والضجعة لفعله صلى الله عليه وسلم عبادة أخرى، لا يحصل أجر إحداهما بالأخرى (قال) أي عبيد الله، إن ثبت أن هذا الكلام من رواية عبيد الله فقط وإلا فيرجع إلى أبي صالح (فبلغ ذلك ابن عمر فقال: كثر أبو هريرة على نفسه) أي أكثر في رواية الأحاديث كثرة يعود ضررها إلى نفسه، لأنه لا يسلم من الخطأ والنسيان، فيخاف أن يدخل في وعيد قوله عليه الصلاة والسلام:"من قال علي ما لم أقل" الحديث.
(قال: فقيل لابن عمر: هل تنكر شيئًا مما يقول؟ قال: لا) أي لا أنكر شيئًا في خصوص هذه الرواية، بل أنكر كثرة الرواية، وعدم الاحتياط فيها (ولكنه اجترأ) على كثرة رواية الحديث (وجبنا) عنها لخوف الدخول في الوعيد
= عن البيهقي: إن كونه من فعله أولى، وبسطه العيني. (انظر:"عمدة القاري" 5/ 515 - 516). (ش).
(1)
وفي نسخة: "قال: قال".
(2)
والأوجه ما في "التقرير": أما يجزئ للفصل المشي حتى يحتاج إلى الاضطجاع؟ (ش).
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ: فَمَا ذَنْبِي أَنْ كُنْتُ حَفِظْتُ وَنَسُوا". [ت 420، جه 1199، حم 2/ 415، خزيمة 1120، ق 3/ 45]
===
(قال: فبلغ ذلك) أي قول ابن عمر (أبا هريرة، قال) أبو هريرة: (فما ذنبي أن كنت حفظت ونسوا).
قال البيهقي بعد تخريج الحديث (1): وهذا يحتمل أن يكون المراد به الإباحة، فقد رواه محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي صالح عن أبي هريرة حكاية عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال بعد تخريج الفعل: قال الشيخ: وهذا أولى أن يكون محفوظًا لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس.
قال الشوكاني (2): والأحاديث المذكورة تدل على مشروعية الاضطجاع بعد صلاة ركعتي الفجر إلى أن يؤذن بالصلاة، كما في "صحيح البخاري"(3) من حديث عائشة، وقد اختلف في حكم هذا الاضطجاع على ستة أقوال:
الأول: أنه مشروع على سبيل الاستحباب، قال العراقي: فممن كان يفعل ذلك أو يفتي به من الصحابة: أبو موسى الأشعري، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، واختلف فيه على ابن عمر، فروي عنه فعل ذلك، كما ذكره ابن أبي شيبة في "مصنفه"(4)، وروي عنه إنكاره كما سيأتي.
وممن قال به من التابعين: ابن سيرين، وعروة، وبقية الفقهاء السبعة، كما حكاه عبد الرحمن بن زيد في "كتاب السبعة"، وهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار.
(1) انظر: "السنن الكبرى"(3/ 45).
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 225).
(3)
"صحيح البخاري"(626).
(4)
"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 247).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال ابن حزم: وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عثمان بن غياث، هو ابن عثمان أنه حدثه قال: كان الرجل يجيء وعمر بن الخطاب يصلي بالناس، فيصلي ركعتين في مؤخر المسجد، ويضع جنبه في الأرض، ويدخل معه في الصلاة، وممن قال باستحباب ذلك من الأئمة الإِمام الشافعي وأصحابه.
القول الثاني: أن الاضطجاع بعدهما واجب مفترض، لا بد من الإتيان به، وهو قول أبي محمد بن حزم، واستدل بحديث أبي هريرة المذكور، وحمله الأولون على الاستحباب لقول عائشة:"فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع" وظاهره أنه كان لا يضطجع مع استيقاظها، فكان ذلك قرينة لصرف الأمر إلى الندب.
القول الثالث: أن ذلك مكروه وبدعة، وممن قال به من الصحابة: ابن مسعود وابن عمر على اختلاف عنه، فروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (1) من رواية إبراهيم قال: قال ابن مسعود: ما بال الرجل إذا صلَّى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة أو الحمار؟ إذا سلَّم فقد فصل، وروى ابن أبي شيبة أيضًا من رواية مجاهد قال: صحبت ابن عمر في السفر والحضر، فما رأيته اضطجع بعد ركعتي الفجر، وروى سعيد بن المسيب عنه: أنه رأى رجلًا يضطجع بعد الركعتين، فقال: احصبوه.
وروى أبو مجلز عنه أنه قال: إن ذلك من تلعب الشيطان، وفي رواية زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عنه أنه قال: إنها بدعة، ذكر ذلك جميعه ابن أبي شيبة، وممن كره ذلك من التابعين: الأسود بن يزيد، وإبراهيم النخعي، وقال: هي ضجعة الشيطان، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومن الأئمة: مالك، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 248).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
القول الرابع: أنه خلاف الأولى، روى ابن أبي شيبة عن الحسن: أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
القول الخامس: التفرقة بين من يقوم بالليل، فيستحب له ذلك للاستراحة، وبين غيره فلا يشرع له، واختاره ابن العربي، وقال: لا يضطجع بعد ركعتي الفجر لانتظار الصلاة، إلا أن يكون قام الليل، فيضطجع استجمامًا لصلاة الصبح، فلا بأس، ويشهد لهذا ما رواه الطبراني وعبد الرزاق (1) عن عائشة أنها كانت تقول:"إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضطجع لسنَّة، ولكنه كان يدأب ليله فيستريح"، وهذا لا تقوم به حجة، أما أولًا: فلأن في إسناده راويًا لم يسم، وأما ثانيًا: فلأن ذلك منها ظن وتخمين وليس بحجة.
القول السادس: أن الاضطجاع ليس مقصودًا لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتي الفجر وبين الفريضة، روى ذلك البيهقي عن الشافعي.
وقد أجاب من لم ير مشروعية الاضطجاع عن الأحاديث المذكورة بأجوبة: منها: أن حديث أبي هريرة من رواية عبد الواحد بن زياد عن الأعمش وقد تكلم فيه بسبب ذلك يحيى بن سعيد القطان، وأبو داود الطيالسي، قال يحيى بن سعيد: ما رأيته يطلب حديثًا بالبصرة ولا بالكوفة قط، وكنت أجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة، أذاكره بحديث الأعمش، لا يعرف منه حرفًا، وقال عمرو بن علي الفلاس: سمعت أبا داود يقول: عمد عبد الواحد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها يقول: حدثنا الأعمش حدثنا مجاهد في كذا وكذا، وهذا من روايته عن الأعمش، وقد رواه الأعمش بصيغة العنعنة وهو مدلس، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين عن عبد الواحد بن زياد فقال: ليس بشيء.
ومن جملة الأجوبة التي أجاب بها النافون لشرعية الاضطجاع: أنه اختلف في حديث أبي هريرة المذكور: هل من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله؟ كما تقدم، وقد قال البيهقي: إن كونه من فعله أولى أن يكون محفوظًا.
(1)"المصنف"(3/ 43) رقم (4722).
1262 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، نَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، نَا مَالِكُ بْنُ أَنسٍ،
===
ومن الأجوبة التي ذكروها أن أحاديث عائشة في بعضها الاضطجاع قبل ركعتي الفجر، وفي بعضها بعد ركعتي الفجر، وفي حديث ابن عباس قبل ركعتي الفجر، وقد أشار القاضي عياض إلى أنّ رواية الاضطجاع بعدهما مرجوحة، فتقدم رواية الاضطجاع قبلهما، ولم يقل أحد في الاضطجاع قبلهما أنه سنَّة فكذا بعدهما، انتهى ملخصًا (1).
قلت: وللشوكاني فيها كلام طويل، تركته للاختصار، وكذا بسطه العيني في شرحه على البخاري (2)، أما عند الحنفية فقال الشامي في حاشيته على "الدر المختار" (3): صرح الشافعية بسنية الفصل بين سنَّة الفجر وفرضه بهذه الضجعة أخذًا بهذ الحديث ونحوه، وظاهر كلام علمائنا خلافه حيث لم يذكروها، بل رأيت في "موطأ الإِمام محمد" (4) رحمه الله ما نصه: أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: "أنه رأى رجلًا يركع ركعتي الفجر، ثم اضطجع، فقال ابن عمر: ما شأنه؟ فقال نافع: قلت: يفصل بين صلاته، فقال ابن عمر: وأي فصل أفضل من السلام، قال محمد: وبقول ابن عمر نأخذ، وهو قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى-، ثم قال في آخر البحث: وحاصله أن اضطجاعه عليه الصلاة والسلام إنما كان في بيته للاستراحة لا للتشريع، وإن صح حديث الأمر بها الدال على أنها للتشريع يحمل على طلب ذلك في البيت فقط.
1262 -
(حدثنا يحيى بن حكيم) المقوم بتشديد الواو المكسورة، ويقال: المقومي، أبو سعيد البصري، ثقة، حافظ، عابد، مصنف، (نا بشر بن عمر) بن حكم بن عقبة الزهراني بفتح الزاي، الأزدي، أبو محمد، البصري، ثقة، (نا مالك بن أنس) قال البيهقي: ورواه مالك بن أنس خارج "الموطأ" عن سالم
(1) انظر: "نيل الأوطار"(2/ 225).
(2)
انظر: "عمدة القاري"(5/ 515).
(3)
انظر: "رد المحتار"(2/ 462).
(4)
"موطأ الإمام محمد"(245).
عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ نَظَرَ، فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِى، وَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً أَيْقَظَنِى، وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ (1) حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ". [ق 3/ 45 - 46]
===
أبي النضر، فذكر التحديث عقيب صلاة الليل، وذكر اضطجاعه بعد ركعتين قبل ركعتي الفجر.
(عن سالم أبو النضر) هو ابن أبي أمية، (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى) أي أتم (صلاته من آخر الليل) أي صلاة التهجد (نظر) أي التفت وتوجه إلى (فإن كنت مستيقظة حدثني، وإن كنت نائمة أيفظني) أي لأداء الوتر كما جاء في رواية (وصلَّى الركعتين) بعد الوتر، ولعله صلى الله عليه وسلم صلَّى الركعتين بعد الوتر ليدل على أن قوله:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" ليس للوجوب، بل لجواز أن يصلي بعد الوتر النافلة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين نافلة جالسًا.
(ثم اضطجع حتى يأتيه الموذن فيوذنه بصلاة الصبح، فيصلي ركعتين خفيفتين) أي ركعتي الفجر (ثم يخرج إلى الصلاة)، وهذا الحديث يدل على أنه صلى الله عليه وسلم اضطجع قبل ركعتي الفجر ولم يضطجع بعدهما، والروايات الآتية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يضطجع بعد ركعتي الفجر، فالظاهر أنه محمول على اختلاف الأوقات، وأيضًا هذا الاختلاف يدل على أن هذه الضجعة لم يكن للتشريع بل لدفع الكسل والتعب.
قال البيهقي بعد تخريج هذه الرواية (2): وهذا بخلاف رواية الجماعة
(1) وفي نسخة: "يضطجع".
(2)
انظر: "السنن الكبرى"(3/ 46).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عن أبي سلمة، ثم أخرج من طريق عبد الجبار بن العلاء المكي عن حديث سفيان عن زياد بن سعد عن ابن أبي عتاب عن أبي سلمة عن عائشة قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى من الليل ثم أوتر، صلَّى ركعتين، فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يأتيه المنادي".
ثم أخرج من طريق الحميدي وابن أبي عمر بهذا السند مثل حديث ابن عيينة عن أبي النضر إلا أن في حديث ابن أبي عمر عن عبد الرحمن بن أبي عتاب، ثم أخرج من طريق يعقوب بن سفيان الحميدي، ثنا سفيان ثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل، وأنا معترضة بينه وبين القبلة، فإذا أراد أن يوتر حركني برجله، وكان يصلي الركعتين، فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يقوم إلى الصلاة".
قال: وقال أبو بكر الحميدي: كان سفيان يشك في حديث أبي النضر، ويضطرب فيه، وربما شك في حديث زياد ويقول: يختلط علي، ثم قال غير مرة: حديث أبي النضر كذا، وحديث زياد كذا، وحديث محمد بن عمرو كذا، على ما ذكرت كل ذلك، انتهى.
واعترض عليه صاحب "الجوهر النقي" فقال: قلت: الظاهر أن البيهقي ساق رواية ابن أبي عتاب على أنها مخالفة لرواية أبي النضر، والظاهر أنها موافقة لها في أن الاضطجاع بعد الركعتين قبل ركعتي الفجر، ويحتمل أنها مخالفة لها بأن يحمل قوله في رواية ابن أبى عتاب:"ثم صلَّى الركعتين" على أنهما ركعتا الفجر، ولكن صرفهما إلى الركعتين قبل ركعتى الفجر، كما ذكرناه أولى لتتفق الروايتان، انتهى (1).
وأما حديث ابن عباس في الاضطجاع قبل ركعتي الفجر، فأخرجه
(1) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي مع "الجوهر النقي"(3/ 45 - 46).
1263 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ: ابْنِ أَبِى عَتَّابٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: "كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ، فَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ، وَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِى". [خ 1161، م 724، 743، ق 3/ 45]
1264 -
حَدَّثَنَا عَباسٌ الْعَنْبَرِيُّ وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى
===
البخاري (1) في حديث بيتوته عند خالته ميمونة وقيامه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وقوله:"ثم صلَّى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلَّى ركعتين، ثم خرج فصلَّى الصبح".
1263 -
(حدثنا مسدد، نا سفيان) بن عيينة، (عن زياد بن سعد، عمن حدثه) ذكره أبو داود مبهمًا، ثم شك فيه فقال:(ابن أبي عتاب أو غيره) فهو بدل من "من حدثه"، أو خبر مبتدأ محذوف، وهو الضمير أي هو ابن أبي عتاب أو غيره.
وقد أخرجه مسلم (2): حدثنا ابن أبي عمر قال: نا سفيان عن زياد بن سعد عن ابن أبي عتاب، وأيضًا أخرجه البيهقي من طريق عبد الجبار بن العلاء المكي: ثنا سفيان عن زياد بن سعد عن ابن أبي عتاب عن أبي سلمة، وكذا من طريق الحميدي: ثنا سفيان ثنا زياد بن سعد الخراساني عن ابن أبي عتاب، فلم يبهما ولم يشكا.
(عن أبي سلمة قال: قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى ركعتي الفجر، فإن كنت نائمة اضطجع، وإن كنت مستيقظة حدثني) أي حتى يأتيه المؤذن، فإذا أتى خرج إلى الصلاة.
1264 -
(حدثنا عباس) بن عبد العظيم (العنبري وزياد بن يحيى) بن حسان،
(1) انظر: "صحيح البخاري"(992).
(2)
"صحيح مسلم"(743).
قَالَا: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِى مَكِينٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ - رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ -، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:"خَرَجْتُ مَعَ النَّبِىِّ (1) صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِرَجُلٍ إلَّا نَادَاهُ بِالصَّلَاةِ أَوْ حَرَّكَهُ بِرِجْلِهِ".
===
أبو الخطاب الحساني، النكري بضم النون، البصري، ثقة (قالا: نا سهل بن حماد، عن أبي مكين) بفتح الميم وكسر الكاف، نوح بن ربيعة الأنصاري مولاهم البصري، صدوق، وهم وكيع في اسم أبيه فقال: نوح بن أبان، ووهم من جعله اثنين، (نا أبو الفضل رجل من الأنصار) وهو ابن خلف، وقيل: أبو الفضيل، وقيل: أبو المفضل، وقيل: ابن المفضل، قال أبو الحسن القطان: رجل مجهول.
(عن مسلم بن أبي بكرة) بن الحارث الثقفي البصري، صدوق، (عن أبيه) أبي بكرة نفيع بن الحارث (قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح فكان لا يمر برجل إلَّا ناداه بالصلاة، أو حركه برجله) أدخل المصنف هذا الحديث في هذا الباب مع أنه لا مناسبة بينهما إلا أن يقال: إن الذي يمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويناديه بالصلاة أو يحركه برجله كان مضطجعًا بعد ركعتي الفجر، فيحصل له المطابقة في الجملة.
وقد أخرج البيهقي هذا الحديث بسنده عن أبي داود، ثم أخرج حديث مسعر عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي قال: رأى عبد الله بن عمر قومًا قد اضطجعوا بعد الركعتين قبل صلاة الفجر، فقال: ارجع إليهم، فسلهم ما حملهم على ما صنعوا؟ فأتيتهم، فسألتهم، فقالوا: نريد السنَّة، قال: ارجع إليهم فأخبرهم أنها بدعة، فلعله أورد هذا الحديث بعد حديث أبي بكرة ليكون قرينة على أن ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من النداء للصلاة وتحريك الرجل كان بعد ما صلوا ركعتي الفجر واضطجعوا بعدهما، والله أعلم.
(1) وفي نسخة: "رسول الله".