الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِىِّ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُطِيلُ الْمَوْعِظَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِنَّمَا هُنَّ (1) كَلِمَاتٌ يَسِيرَاتٌ". [ق 3/ 208، ك 1/ 289]
(234) بَابُ الدُّنُوِّ مِنَ الإِمَامِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ
(2)
1108 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، نَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ
===
عن جابر بن سمرة السوائي) بضم السين المهملة، نسبة إلى سواء بن عامر بن صعصعة (قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن) الضمير للموعظة والجمعية باعتبار الخبر، أي الكلمات (كلمات يسيرات) أي: قليلات.
(234)
(بَابُ الذُّنُوِّ) أي القرب (مِنَ الإمامِ عِنْدَ المَوْعِظَةِ) أي الخطبة
1108 -
(حدثنا علي بن عبد الله) بن جعفر بن نجيح، بنون مفتوحة وجيم مكسورة وحاء مهملة، السعدي مولاهم، أبو الحسن ابن المديني البصري، ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، قال البخاري: ما استصغرت نفسي إلَّا عنده، وقال فيه شيخه ابن عيينة: كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني، وقال النسائي: كأن الله خلقه للحديث، عابوا عليه إجابته في المحنة، لكنه تنصَّل وتاب واعتذر بأنه خاف على نفسه.
(نا معاذ بن هشام) الدستوائي البصري، قال عباس بن عبد العظيم عن علي بن المديني: سمعت معاذ بن هشام يقول: سمع أبي من قتادة عشرة آلاف حديث، قال: ثم أخرج إلينا من الكتب عن أبيه نحوًا مما قال، فقال: هذا سمعته، وهذا لم أسمعه، فجعل يميزها.
(1) وفي نسخة: "هو".
(2)
وفي نسخة: "عند الخطبة".
قَالَ: وَجَدْتُ في كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ:
===
(قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه) أي هذا الحديث المكتوب، قال البيهقي في "سننه": كذا رواه أبو داود عن علي بن المديني، وهو الصحيح، وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر (1) بن محمد بن حمدان الصيرفي [بمرو]، أنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، [ثنا علي بن المديني]، ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، فذكره، قال البيهقي: ولا أظنه إلَّا واهمًا في ذكر سماع معاذ عن أبيه، هو أو شيخه، فأما إسماعيل القاضي فهو أجل من ذلك.
وهذا الطريق من أنواع التحمل، يقال له في اصطلاح المحدثين: وجادة، وهو أن يقف على أحاديث بخط راويها غير المعاصر له، أو المعاصر ولم يلقه، أو لقيه ولم يسمع منه، أو سمعه ولكن لا يرويها أي تلك الأحاديث الخاصة الواجد عنه بسماع ولا إجازة، فله أن يقول: وجدت أو قرأت بخط فلان، وأما العمل بالوجادة، فنقل عن معظم المحدثين والفقهاء المالكيين وغيرهم أنه لا يجوز، وعن الشافعي ونظار أصحابه جوازه، وقطع بعض المحققين الشافعيين بوجوب العمل بها عند حصول الثقة به، وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه في هذه الأزمان غيره.
قال ابن الصلاح (2): فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسَدَّ باب العمل بالمنقول لتعذر شروطها، [قال البلقيني]: واحتج بعضهم للعمل بالوجادة بحديث: أي الخلق أعجب إيمانًا؟ قالوا: الملائكة، قال: وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم؟ قالوا: الأنبياء، قال: وكيف لا يؤمنون وهم يأتيهم الوحي؟ قالوا: نحن، فقال: وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: قوم يأتون من بعدكم، يجدون صحفًا يؤمنون بما فيها، قال البلقيني: وهذا استنباط حسن، والحديث رواه الحسن بن عرفة في "جزئه"
(1) كذا في الأصل، وفي "السنن الكبرى" (3/ 238) للبيهقي: أبنا بكر بن محمد
…
إلخ.
(2)
انظر: "مقدمة ابن الصلاح"(ص 294).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وله طرق كثيرة أوردتها في "الأمالي"، كذا في "التدريب"(1) ملخصًا.
وقال الحافظ في "شرح النخبة"(2): وكذا اشترطوا الإذن في الوجادة، وهي أن يجد بخط يعرف كاتبه، فيقول: وجدت بخط فلان، ولا يسوغ فيه إطلاق أخبرني بمجرد ذلك؛ إلَّا إن كان له منه إذن بالرواية عنه، وأطلق قوم ذلك فغلطوا.
وفي "فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت"(3): والكتاب كالخطاب، والرسالة كالقراءة شرعًا وعرفًا، فإذا كتب الشيخ حديثًا، وأرسل به، أو أرسل رسولًا ليقرأه على المرسل إليه، وأجاز الرواية عن نفسه كفى، كما إذا أخبر مشافهة، والتعليق أي تعليق قبول الكتاب على البينة ليشهدوا عند المكتوب إليه أنه كتاب فلان الشيخ تضييق في باب السنَّة من الإِمام أبي حنيفة لكمال عنايته بأمرها وعظم احتياطه بها، ألا ترى إلى أمير المؤمنين علي كيف يُحَلِّف الراوي، والصحيح كفاية ظن الخط في الكتاب، والصدق في الرسالة، فإذا ظن المكتوب إليه أنه خط فلان الشيخ، أو ظن المرسل إليه صدق الرسول في رسالته كفى، لأن الاتباع بالظن واجب، بخلاف كتاب القاضي إلى القاضي، فإن التلبيس في المعاملات أكثر مما في السنن، فلا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي من غير بينةٍ.
ثم قال: والوجادة هو أن يجد الطالب كتابًا بخط الشيخ كالوصية بالرواية للطالب، والإعلام هو أن يعلم الشيخ بأن ما في هذا الكتاب من مروياتي عن فلان، ولم يناوله ولم يجز به؛ لا يخلو عن صحة، والعزيمة في الثاني دوام
(1)"تدريب الراوي"(2/ 64).
(2)
"شرح نخبة الفكر"(ص 100).
(3)
(2/ 211، 212).
قَالَ قَتَادَةُ: عَنْ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«احْضُرُوا الذِّكْرَ (1) ، وَادْنُوا مِنَ الإِمَامِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حَتَّى يُؤَخَّرَ فِى الْجَنَّةِ وَإِنْ دَخَلَهَا» . [حم 5/ 11، ق 3/ 238، ك 1/ 289]
===
الحفظ إلى وقت الأداء عن ظهر القلب، والرخصة تذكره بعد النظر إلى الكتاب ما فيه، وإن لم يتذكر ما فيه، وقد علم أنه خطه أو خط الثقة غيره، وهو أي الكتاب في يده أو يد أمين حرمت الرواية والعمل عند أبي حنيفة، وصح عند الأكثر من أهل الأصول، وهو المختار. انتهى.
(قال قتادة: عن يحيى بن مالك) هو أبو أيوب المراغي، والمراغ بفتح الميم، وقيل بكسرها، والمشهور الفتح، حي من الأزد، العتكي البصري، ويقال: اسمه حبيب بن مالك، قال النسائي: ثقة، وقال العجلي: بصري تابعي ثقة، وقال ابن سعد في الطبقة الثانية: كان ثقة مأمونًا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، "المقدسي" (2): سمع عن جويرية بنت الحارث عند البخاري، وعبد الله بن عمرو وأبا هريرة عند مسلم، وعنه قتادة عندهما.
(عن سمرة بن جندب أن نبي لله صلى الله عليه وسلم قال: احضروا الذكر) أي الخطبة المشتملة على ذكر الله تعالى وتذكير الأنام (وادنو من الإِمام) أي اقربوا منه، وهذا إشارة إلى التعجيل في الرواح إلى الجمعة (فإن الرجل لا يزال يتباعد) أي يتأخر في الحضور إلى الجمعة، فيتباعد من الإِمام (حتى يؤخر) على صيغة المجهول (في الجنة) أي في دخولها أو في درجاتها (وإن دخلها).
قال القاري (3): قال الطيبي: أي لا يزال الرجل يتباعد عن استماع الخطبة، وعن الصف الأول الذي هو مقام المقربين حتى يؤخر إلى آخر صف
(1) وفي نسخة: "للذكر".
(2)
انظر: "الجمع بين رجال الصحيحين" للمقدسي (2/ 564 رقم 2190).
(3)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(3/ 485).