الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(263) بَابُ مَنْ قَالَ: أَرْبَعُ رَكعَاتٍ
===
بسجدتين، ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها (1) ".
قال الشوكاني (2): وروي عن ابن السكن تصحيح هذا الحديث، وقال الحاكم: رواته صادقون، في إسناده أبو جعفر عيسى بن عبد الله بن ماهان الرازي، قال الفلاس: سيِّئ الحفظ، وقال ابن المديني: يخلط عن المغيرة، وقال ابن المعين: ثقة.
قلت: سيأتي ترجمته، فهذا الاختلاف يدل على أن الذين كانوا بعيدًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، لعلهم شغلوا لما حدث من كثرة الوقائع وطول القيام، فاختلفوا في تحمل كيفيتها وبيانها، والظاهر أن الواقعة لم تتعدد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة نحوًا من عشر سنين، وتعدد الكسوف في هذه المدة القليلة خلاف العادة، ولم يرو أن واقعة الكسوف تعددت، بل أكثر الروايات دالة على أنها وقعت عند موت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يصلها إلَّا ضحى.
قال في "الفتح"(3): ولم أقف على شيء من الطرق مع كثرتها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها إلَّا ضحى، ثم قد اضطر القائلون بركوعين في ركعة بتضعيف الروايات الصحيحة التي فيها ذكر الزيادة على الركوعين، فأولى أن تحمل الروايات التي فيها زيادة على ركوع واحد وهمًا، والله أعلم.
(263)
(بَابُ مَنْ قَالَ: أرْبَعُ رَكَعَاتٍ)
أي من قال: إن من جملة صفات صلاة الكسوف وكيفيتها ركوعين في كل ركعة، ففي الركعتين أربع ركوعات
(1) أخرجه أبو داود (1182)، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"(5/ 134)، والحاكم (1/ 333)، والبيهقي (3/ 329).
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 639).
(3)
"فتح الباري"(2/ 528).
1178 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنِى عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ ذَلِكَ فِى الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّمَا كُسِفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَامَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِى أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، كَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ، فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الثَّالِثَةَ دُونَ الْقِرَاءَةِ (1) الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ
===
1178 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا يحيى) القطان، (عن عبد الملك) بن أبي سليمان، (حدثني عطاء) بن أبي رباح، (عن جابر بن عبد الله قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك) أي يوم الكسوف (اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الناس) أي بعض الصحابة على حسب ظنهم القديم، أن الناس كانوا يقولون: إن الشمس والقمر ينخسفان لموت عظيم.
(إنما كسفت لموت إبراهيم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم) إلى الصلاة (فصلَّى بالناس) أي فصلَّى ركعتين (ست ركعات) أي ركوعات، في ركعة منها ثلاث ركوعات (في أربع سجدات) أي في كل ركعة منها سجدتين، وصفتها أنه (كبر) للتحريمة (ثم قرأ، فأطال القراءة، ثم ركع نحوًا) أي قريبًا (مما قام) للقراءة (ثم رفع رأسه) من الركوع الأول (فقرأ) ثانيًا (دون القراءة الأولى)(2) أي أدنى وأقصر منها (ثم ركع) ركوعًا ثانيًا (نحوًا) قريبًا (مما قام) في المرة الثانية.
(ثم رفع رأسه) من الركوع الثاني (فقرأ القراءة الثالثة دون القراءة الثانية، ثم ركع) ركوعًا ثالثًا (نحوًا) قريبًا (مما قام) في القيام الثالث (ثم رفع رأسه) من
(1) وفي نسخة: "قراءة".
(2)
أنكر محمد بن مسلمة المالكي الفاتحة. (ش). (انظر: "نيل الأوطار" 4/ 23، و "مواهب الجليل" 2/ 201).
فَانْحَدَرَ لِلسُّجُودِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، لَيْسَ فِيهَا رَكْعَةٌ إلَّا الَّتِى قَبْلَهَا أَطْوَلُ مِنَ الَّتِى بَعْدَهَا، إلَّا أَنَّ رُكُوعَهُ نَحْوٌ مِنْ قِيَامِهِ. قَالَ: ثُمَّ تَأَخَّرَ فِى صَلَاتِهِ فَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ مَعَهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَامَ فِى مَقَامِهِ
===
الركوع الثالث، ولم يذكر فيه أنه صلى الله عليه وسلم هل طول (1) ذلك القيام أو لم يطول؟ (فانحدر) أي فخر (للسجود فسجد سجدتين (2) ثم قام) إلى الركعة الثانية (فركع) أي فصلَّى فيها (ثلاث ركعات) أي ركوعات (قبل أن يسجد) كما صلاها في الركعة الأولى (ليس فيها ركعة) أي ركوع (إلَّا التي قبلها) أي إلَّا الركوع الذي قبل ذلك الركوع (أطول من التي بعدها) أي أطول من الركوع الذي بعد ذلك الركوع، (إلَّا أن ركوعه نحو) أي قريب (من قيامه).
(قال) أي جابر: (ثم تأخر) أي عن محله (في صلاته فتأخرت الصفوف)(3) عن محلها (معه) صلى الله عليه وسلم (ثم تقدم) صلى الله عليه وسلم (فقام في مقامه) أي الأول، ووجه تأخره وتقدمه صلى الله عليه وسلم ما وقع في رواية "مسلم" (4) من حديث عائشة بلفظ: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت في مكاني هذا كل شيء وعدتم، حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قِطْفًا من الجنة حين رأيتموني جعلت أقدم، وقد رأيت جهنم يحطهم بعضها بعضًا حين رأيتموني تأخرت".
(1) ولذا اختلف فيه العلماء، وظاهر كلامهم عدم التطويل، قال النووي: رواية مسلم شاذة، كما في "الأوجز"(4/ 80). (ش).
(2)
لم يذكروا التطويل بين السجدتين، وقال الزرقاني (1/ 373): لا يطول إجماعًا، ويشكل عليهم رواية عبد الله بن عمرو الآتية. (ش).
(3)
قال العيني في "شرح سنن أبي داود"(5/ 33): فيه دليل على أن العمل القليل لا يبطل الصلاة، وقال الشيخ محيي الدين: وضبط أصحابنا القليل بما دون ثلاث خطوات متتابعات وقالوا: الثلاث المتتابعات تبطلها، ويتأولون هذا الحديث على أن الخطوات كانت متفرقة لا متوالية، قال: ومذهب أبي حنيفة: أن ثلاث خطوات تبطلها، وكذا خطوتين لا الخطوة، إلا إذا كانت متفرقة، فلا تبطلها ولو كانت ثلاثًا، انتهى.
(4)
انظر: "صحيح مسلم"(901).
وَتَقَدَّمَتِ الصُّفُوفُ فَقَضَى الصَّلَاةَ وَقَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عز وجل، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ بَشَرٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِىَ» ، وَسَاقَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. [م 904، ق 3/ 325، حم 3/ 317، خزيمة 1386]
1179 -
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
===
(وتقدمت الصفوف فقضى الصلاة) أي أتمها (وقد) الواو للحال (طلعت) أي تجلت (الشمس، فقال: يا أيها الناس، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل دالتان على كمال قدرته (لا ينكسفان لموت بشر) بل يخوف الله بهما عباده (فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا حتى تنجلي، وساق) أحمد بن حنبل (بقية الحديث).
أخرجه مسلم (1) في صحيحه من طريق أبي بكر بن شيب ثنا عبد الله بن نمير نا عبد الملك، وذكر فيه بقية الحديث ولفظه:"فصلوا حتى تنجلي، ما من شيء توعدونه إلَّا وقد رأيته في صلاتي هذه" إلى آخر الحديث.
وهذا الحديث لا مطابقة بينه وبين الترجمة، فإن الترجمة عقدت لأربع ركعات، وفي الحديث ست ركوعات، فكان المناسب أن تذكر في الباب الذي قبله، ولعله من تصرف النساخ أدخلوه في هذا الباب سهوًا (2) وغلطًا.
1179 -
(حدثنا مؤمل بن هشام، نا إسماعيل) بن علية، (عن هشام) الدستوائي، (نا أبو الزبير، عن جابر قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)"صحيح مسلم"(904).
(2)
والأوجه عندي أن مذهب الأئمة فيه على قولين: تثنية الركوع وتربيعه، فيذكر الأول بعده، وذكر في هذه الترجمة ما يدل على الأكثرية من الركوع الواحد. (ش).
فِى يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ، فَكَانَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ" وَسَاقَ الْحَدِيثَ. [م 904، ن 1478، حم 3/ 374، خزيمة 1380، ق 3/ 325]
===
في يوم شديد الحر، فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فأطال القيام حتى جعلوا يخرون) أي يسقطون على الأرض مغشيًا عليهم من طول قيامه (ثم ركع) الركوع الأول (فأطال) الركوع (ثم رفع) رأسه من الركوع الأول (فأطال) القيام (ثم ركع) الركوع الثاني (فأطال) ذلك الركوع (ثم رفع) رأسه من الركوع الثاني (فأطال) القيام (ثم سجد سجدتين، ثم قام) إلى الركعة الثانية (فصنع نحوًا) أي قريبًا (من ذلك) الذي صنع في الركعة الأولى (فكان أربع ركعات) أي أربع ركوعات (وأربع سجدات) في الركعتين، في كل ركعة ركوعان وسجدتان (وساق الحديث).
أخرج هذا الحديث مسلم في "صحيحه"(1) مطولًا من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وذكر فيه بقية الحديث وهي هذه، ثم قال:"إنه عرض علي كل شيء توعدونه، فعرضت علي الجنة"، الحديث، وهذا الحديث مناسبته للباب ظاهرة.
وقد أخرج بعده حديث عائشة وحديث ابن عباس الدالين على أربع ركوعات، ليدل على أن الراجح عنده من الروايات رواية أربع ركوعات، وما زاد على ذلك فهو شاذ، وقد تقدم أن حديث عائشة مختلف، ففي حديث عائشة المتقدم ست ركوعات، وكذلك حديث ابن عباس اختلف فيه، فروى الترمذي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه ست ركوعات.
(1)"صحيح مسلم"(904).
1180 -
حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ (1) ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ (2) ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: "خُسِفَتِ الشَّمْسُ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ فَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ، ثُمَّ قَامَ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، هُوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ
===
1180 -
(حدثنا ابن السرح) أحمد بن عمرو، (نا ابن وهب) عبد الله، (وحدثنا محمد بن سلمة المرادي، نا ابن وهب، عن يونس) بن يزيد الأيلي، (عن ابن شهاب) الزهري، (أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد (3) فقام) للصلاة (فكبر) للتحريمة (وصف الناس وراءه، فاقترأ) افتعال من القراءة ليدل على طولها (رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم أكدها بقوله: (قراءة طويلة) ليدل على الزيادة في الطول (ثم كبر) للركوع (فركع ركوعًا طويلًا) أي الركوع الأول.
(ثم رفع رأسه) من الركوع الأول (فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم قام) قيامًا ثانيًا (فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر) للركوع ثانيًا (فركع ركوعًا طويلًا) أي الركوع الثاني في الركعة الأولى (هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك
(1) وفي نسخة: "أحمد بن عمرو بن السرح".
(2)
زاد في نسخة: "خ".
(3)
اختلفوا في صلاتها في المسجد أو الصحراء، ذكره العيني. (انظر:"عمدة القاري" 5/ 331). (ش).
الْحَمْدُ» ، ثُمَّ فَعَلَ فِى الرَّكْعَةِ الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ". [خ 1066، م 901، ت 561، ن 1466، جه 1263، حم 6/ 32]
1181 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ، مِثْلَ حَدِيثِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فِى كُلِّ
===
الحمد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك) أي مثل الذي فعل في الركعة الأولى من قيامين وقراءتين وركوعين.
(فاستكمل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أربع ركعات) أي ركوعات في كل ركعة ركوعان (2)(وأربع سجدات) في كل ركعة سجدتان (وانجلت الشمس قبل أن ينصرف) من الصلاة.
1181 -
(حدثنا أحمد بن صالح، نا عنبسة) بن خالد ابن أخي يونس بن يزيد، (نا يونس) بن يزيد الأيلي، (عن ابن شهاب قال: كان كثير بن عباس) بن عبد المطلب بن هاشم، أبو تمام المدني، صحابي صغير، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان رجلًا صالحًا فاضلًا فقيهًا، مات بالمدينة أيام عبد الملك بن مروان (3) (يحدث أن عبد الله بن عباس كان) أي عبد الله (يحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى في كسوف الشمس، مثل حديث عروة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلَّى ركعتين، في كل
(1) وفي نسخة: "النبي".
(2)
اختلفوا في أي الركوعين فرض، وبإدراك أيهما يدرك الركعة؟ فقال الشافعي وأحمد: أولهما فرض، وقال مالك: آخرهما فرض، والبسط في "الأوجز"(4/ 59) فعندهما من فاته الركوع الأول من الركعة الأولى فهو مسبوق. (ش).
(3)
انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(3/ 519) رقم (4432).
رَكعَةٍ رَكْعَتَيْنِ". [خ 1046، م 901، ن 1469]
1182 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ بْنِ خَالِدٍ أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِىُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ الرَّازِىُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ (1) الرَّازِىِّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحُدِّثْتُ (2) عَنْ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ:
===
ركعة ركعتين) أي صلَّى في كل ركعة منهما ركوعين، وفي نسخة: ركعتان، مرفوع على الابتداء، وفي كل ركعة، خبره المقدم.
1182 -
(حدثنا أحمد بن الفرات بن خالد أبو مسعود الرازي، أنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي) قال أبو حاتم: صدوق، (عن أبيه) هو عبد الله بن أبي جعفر عيسى بن ماهان الرازي، قال عبد العزيز بن سلام: سمعت محمد بن حميد يقول: عبد الله بن أبي جعفر كان فاسقًا، سمعت منه عشرة آلاف حديث فرميت بها، وقال أبو زرعة: ثقة صدوق، وقال ابن عدي: بعض حديثه مما لا يتابع عليه، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن أبي جعفر الرازي) هو عيسى بن أبي عيسى ماهان، صالح الحديث، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: ثقة صدوق، وقال ابن المديني: ثقة كان يخلط، وقال مرة: يكتب حديثه إلَّا أنه يخطئ، وقال أحمد والنسائي: ليس بالقوي، وقال الفلاس: سيِّئ الحفظ.
(قال أبو داود: وحدثت عن عمر بن شقيق)(3) بن أسماء، الجرمي بفتح الجيم، البصري، كان يتجر إلى الري، قليل الحديث، ذكره ابن حبان في
(1) زاد في نسخة: "يعني".
(2)
وفي نسخة: "وحدثت حديثًا".
(3)
قال المزي في "تهذيب الكمال" في المبهمات (8/ 504): ممن يروي عن عمر بن شقيق من شيوخ أبي داود: يحيى بن حكيم. قلت: يحيى بن حكيم المقوم، ويقال: المقومي، أبو سعيد البصري، ثقة حافظ حجة، انظر ترجمته في:"تهذيب الكمال"(7409).
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِىُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ وَهُوَ أَتَمُّ -، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ:"انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ فَقَرَأَ بِسُورَةٍ (1) مِنَ الطُّوَلِ، وَ (2) رَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ فَقَرَأَ سُورَةً مِنَ الطُّوَلِ، وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ كَمَا هُوَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، يَدْعُو حَتَّى انْجَلَى كُسُوفُهَا". [حم 5/ 134، ق 3/ 329، ك 1/ 333]
===
"الثقات"، وقال الذهلي: ما رأيت أحدًا ضعفه، وقال ابن حزم في "المحلى": لا يدرى من هو. وقال في "التقريب": مقبول.
(نا أبو جعفر الرازي، وهذا) المذكور في الكتاب (لفظه) أي لفظ عمر بن شقيق، (وهو) أي لفظ عمر بن شقيق (أتم) من لفظ عبد الله بن أبي جعفر، (عن الربيع بن أنس) البكري، ويقال: الحنفي البصري، ثم الخراساني، قال العجلي وأبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن معين: كان يتشيع فيفرط، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: الناس يتقون من حديث ما كان من رواية أبي جعفر عنه، لأن في أحاديثه عنه اضطرابًا كبيرًا.
(عن أبي العالية) الرياحي، رفيع بالتصغير ابن مهران، (عن أبي بن كعب قال) أبي بن كعب:(انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم) صلاة الكسوف (فقرأ بسورة من الطول، وركع خمس ركعات) أي ركوعات في الركعة الأولى (وسجد سجدتين) فيها (ثم قام الثانية) أي إلى الركعة الثانية (فقرأ بسورة من الطول، وركع خمس ركعات) أي ركوعات، (وسجد سجدتين) فيها كما فعل في الأولى، (ثم جلس كما هو) أي على هيئة (مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها) هذا الحديث لا مناسبة له بالباب.
(1) وفي نسخة: "سورة".
(2)
وفي نسخة: "ثم".
1183 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ (1)، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"أَنَّهُ صَلَّى فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ، فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، وَالأُخْرَى مِثْلُهَا". [م 909، ن 1468، ت 560، حم 1/ 225، خزيمة 1385، قط 2/ 64، ق 3/ 327]
1184 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنِى ثَعْلَبَةُ بْنُ عِبَادٍ الْعَبْدِىُّ - ثم مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ - أَنَّهُ شَهِدَ خُطْبَةً يَوْمًا لِسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ سَمُرَةُ (2): بَيْنَمَا أَنَا وَغُلَامٌ مِنَ الأَنْصَارِ
===
1183 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى) القطان، (عن سفيان، نا حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه) صلى الله عليه وسلم (صلى في كسوف الشمس، فقرأ ثم ركع) الركوع الأول (ثم قرأ) بعد القيام من الركوع الأول (ثم ركع) ثانيًا (ثم قرأ) بعد ما قام من الركوع الثاني (ثم ركع) الركع الثالث (ثم قرأ) بعد ما قام من الركوع الثالث (ثم ركع) أي الرابع (ثم سجد) سجدتين، (والأخرى مثلها) أي صلَّى الركعة الثانية مثل الركعة الأولى، فركع فيها أربع ركعات، وقرأ أربع قراءات.
1184 -
(حدثنا أحمد بن يونس، نا زهير) بن معاوية بن خديج، (نا الأسود بن قيس) العبدي، وقيل: البجلي، أبو قيس الكوفي، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي، (حدثني ثعلبة بن عباد) بكسر المهملة وتخفيف الموحدة (العبدي ثم من أهل البصرة أنه) أي ثعلبة بن عباد (شهد خطبة يومًا لسمرة بن جندب) لما كان على البصرة، (قال) ثعلبة:(قال سمرة: بينما أنا وغلام من الأنصار) لعله عبد الرحمن بن سمرة، أخرج حديثه مسلم قال: بينا أنا أرمي بأسهمي في حياة رسول الله إذا انكسفت الشمس (3)، الحديث.
(1) وفي نسخة: "مسدد بن مسرهد".
(2)
وفي نسخة: "سمرة بن جندب".
(3)
أخرجه مسلم (913)، والنسائي (1460).
نَرْمِى غَرَضَيْنِ لَنَا حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فِى عَيْنِ النَّاظِرِ مِنَ الأُفُقِ اسْوَدَّتْ حَتَّى آضَتْ كَأَنَّهَا تَنُّومَةٌ، فَقَالَ أَحَدُنَا لِصَاحِبِهِ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَاللَّهِ لَيُحْدِثَنَّ شَأْنُ هَذِهِ الشَّمْسِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى أُمَّتِهِ حَدَثًا.
قَالَ: فَدُفِعْنَا (1)، فَإِذَا هُوَ بَارِزٌ،
===
(نرمى غرضين) أي هدفين (لنا حتى إذا كانت الشمس قيد) أي قدر (رمحين أو ثلاثة) في الارتفاع (في عين الناظر من الأفق) الشرقي (اسودت حتى آضت) أي صارت (كأنها تنومة) هي نوع من النبات، فيها وفي ثمرها سواد قليل، (فقال أحدنا لصاحبه: انطلق بنا إلى المسجد) مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس) في كسوفها (لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حدثًا) أي أمرًا جديدًا فنراه ونأخذ منه.
(قال: فدفعنا) أي مشينا سراعًا، كأننا يدفعنا أحد (فإذا هو) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (بارز) أي خارج وظاهر في المسجد، وفي رواية أحمد في "مسنده" (2):"فإذا هو بارز، قال: وافقنا رسول الله حين خرج إلى الناس فاستقدم"، هكذا بارز، من البروز بمعنى الظهور في جميع النسخ الموجودة عندنا، وكذلك فيما رواه الإِمام أحمد في "مسنده" من حديث أبي كامل عن زهير (3).
وفي "النهاية"(4): "فانتهيت إلى المسجد فإذا هو بأزَزٍ" أي: ممتلئ بالناس، يقال: أتيت الوالي والمجلس أَزَزٌ، أي: كثير الزحام ليس فيه متسع، ورواية أبي داود: وهو بارز، من البروز: الظهور، وهو خطأ من الراوي،
(1) زاد في نسخة: "إلى المسجد".
(2)
"مسند أحمد"(5/ 16).
(3)
قوله: "بارز" وردت في عدة مصادر أيضًا كذلك منها: "صحيح ابن خزيمة"(1397)، و "صحيح ابن حبان"(2852)، و"المستدرك" للحاكم (1/ 330)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (3/ 339).
(4)
"النهاية"(1/ 45).
فَاسْتَقْدَمَ فَصَلَّى، فَقَامَ بِنَا كَأَطْوَلِ مَا قَامَ بِنَا في صَلَاةٍ قَطٌّ،
===
قاله الخطابي في "المعالم"(1)، وكذا قال الأزهري في "التهذيب".
قلت: وما أدري ما حملهم على تخطئة لفظ "بارز"، وما الدليل على ذلك، فإنه لما اتفقت النسخ كلها على هذا اللفظ، ووافقه رواية أحمد في "المسند"، وليس في الحديث ما يخالف ذلك، فلا معنى لإنكاره وتخطئته.
ثم قد يؤيد ذلك أن سمرة يقول في القيام والركوع والسجود: ولا نسمع له صوتًا، فلو حمل عدم سماعه الصوت في القيام على بعده منه صلى الله عليه وسلم لا معنى لعدم سماعه الصوت في الركوع والسجود، بل يدل هذا على أنه كان قريبًا منه صلى الله عليه وسلم لا يسمع صوت القراءة كما لا يسمع صوت التسبيحات، لأنه صلى الله عليه وسلم يسر بالقراءة كما يسر بالتسبيحات، والله تعالى أعلم.
(فاستقدم) أي تقدم أمامًا (فصلى، فقام بنا) قيامًا (كأطول ما قام بنا) أي قيام قام بنا (في صلاة قط). حاصله: أن القيام الذي كان في هذه الصلاة كان كأطول قيام كان قبله في صلاة، قال في "القاموس": وما رأيته قط ويضم ويخففان، وقط مشددة مجرورة بمعنى الدهر مخصوص بالماضي، أي فيما مضى من الزمان، أو فيما انقطع من عمري، ثم قال: وتختص بالنفي ماضيًا، وتقول العامة: لا أفعله قط، وفي مواضع من البخاري جاء بعد المثبت، منها في الكسوف "أطول صلاة صليتها قط"، انتهى.
قال في "درجات مرقاة الصعود (2) ": به استعمال قط في إثبات، وهو خاص بنفي بإجماع النحاة، فخرجه الشيخ جمال الدين بن هشام على أنه أوقعه بعد ما مصدرية كما تقع ما نافية، وقال الرضي: فربما استعملت بلا نفي لفظًا ومعنى نحو كنت أراه قط أي دائمًا، ولفظًا لا معنى نحو هل رأيت الذئب قط، قلت: فدعوى الإجماع يبطلها هذا، انتهى.
(1)"معالم السنن"(1/ 258).
(2)
(ص 74).
لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا. قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ بِنَا كَأَطْوَلِ مَا رَكَعَ بِنَا فِى صَلَاةٍ قَطُّ، لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا. قال: ثُمَّ سَجَدَ بِنَا كَأَطْوَلِ مَا سَجَدَ بِنَا فِى صَلَاةٍ قَطُّ، لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا، ثُمَّ فَعَلَ فِى الرَّكْعَةِ الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَوَافَقَ تَجَلِّى الشَّمْسِ جُلُوسَهُ فِى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَ (1) شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ (2) وَرَسُولُهُ (3) ، ثُمَّ سَاقَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ خُطْبَةَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. [ن 1484، ت 562، جه 1264، حم 5/ 16، خزيمة 1397]
===
(لا نسمع له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (صوتًا) لأنه كان يسر بالقراءة (قال) سمرة: (ثم ركع بنا كأطول ما ركع بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتًا) لأنه كان يسر بالتسبيح (قال) سمرة: (ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتًا، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، قال) سمرة: (فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية) أي لما جلس في التشهد بعد الركعة الثانية شرعت الشمس في تجليها.
(قال) أي سمرة: (ثم سلَّم، ثم قام، فحمد الله وأثنى عليه، وشهد أن لا إله إلَّا الله، وشهد أنه عبده ورسوله، ثم ساق أحمد بن يونس خطبة النبي صلى الله عليه وسلم) أخرج الإِمام أحمد هذا الحديث في "مسنده"(4) وذكر فيه خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظها: ثم قال: أيها الناس! أنشدكم بالله إن كنتم تعلمون أني قصَّرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي عز وجل لما أخبرتموني ذاك، فبلغت رسالات ربي كما ينبغي لها أن تبلغ، وإن كنتم تعلمون أني بلغت رسالات ربي لما أخبرتموني ذاك، قال: فقام رجال فقالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، ثم سكتوا.
(1) وفي نسخة: "ثم".
(2)
وفي نسخة: "عبد الله".
(3)
زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(4)
"مسند أحمد"(5/ 16).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ثم قال: أما بعد: فإن رجالاً يزعمون أن كسوف هذه الشمس، وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم عن مَطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وإنهم قد كذبوا، ولكنها آيات من آيات الله تبارك وتعالى يعتبر بها عباده، فينظر من يحدث له منهم توبة، وأيم الله لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم، وإنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابًا، آخرهم الأعور الدجال، ممسوح العين اليسرى، كأنها عين أبي يحيى (1) - لشيخ حينئذ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة-، وإنه متى يخرج - أو قال: متى ما يخرج - فإنه سوف يزعم أنه الله، فمن آمن به وصدقه واتبعه، لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله- وقال حسنٌ الأشيب: بسَيِّئٍ من عمله-[سَلَفَ]، وإنه سيظهر - أو قال: سوف يظهر- على الأرض كلها إلَّا الحرم وبيت المقدس، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيُزَلْزَلَون زلزالًا شديدًا، ثم يهلكه الله تبارك وتعالى وجنوده، حتى إنَّ جِذْمَ الحائط - أو قال: أصل الحائط، وقال حسنٌ الأشيب: وأصل الشجرة - لينادي- أو قال: يقول- يا مؤمن- أو قال: يا مسلم- هذا يهودي- أو قال: هذا كافر- تعال فاقتله، قال: ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورًا يتفاقم شأنها في أنفسكم وتَسَّاءلون بينكم: هل كان نبيكم ذَكَرَ لكم منها ذكرًا؟ وحتى تزول جبال على مراتبها ثم على أثر ذاك القبض.
قال: ثم شهدت خطبة لسمرة ذكر فيها هذا الحديث، فما قدم كلمة ولا أخرها عن موضعها، انتهى.
وفي هذا الحديث دليل لمذهب أبي حنيفة وموافقيه بأن صلاة الكسوف مثل الصلوات المعهودة، ليس فيها إلَّا ركوعان في ركعتين، وأنه يسر بالقراءة
(1) كذا في الأصل، وهو تحريف، والصواب:"أبي تحيى" كما في "مسند أحمد"(5/ 16)، وهو صحابي، انظر ترجمته في:"الإصابة"(7/ 25)، و"أسد الغابة"(4/ 393) رقم (5742)، و"الثقات" لابن حبان (1/ 473).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فيها، ويؤيد إسرار القراءة حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة، فلو جهر لم يقدره بما ذكر، ويعارضه ما رواه الخمسة (1) من حديث عائشة، وصححه الترمذي وفيه:"فجهر بالقراءة" فإنه صريح في الجهر، وقال في "منتقى الأخبار" (2) بعد نقل حديث سمرة في إسرار القراءة: وهذا يحتمل أنه لم يسمعه لبعده لأن في رواية مبسوطة له: "أتينا والمسجد قد امتلأ".
قلت: وقد تقدم ما فيه بأن الخطابي والأزهري قالا: إن لفظ الرواية "وإذا هو بِأَزَزٍ" وخطّآ ما في جميع النسخ من لفظ: وهو بارز، من البروز، وليس لهما مستند إلَّا أنفسهما فيما علمت، وليس لهما سلف من المحدثين قبلهما، بل الأقرب أن يقال: إن عائشة -رضي الله تعالى عنها - لم تكن قريبة من النبي صلى الله عليه وسلم بل كانت خلف الصفوف، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أحيانًا في الصلاة ويسبح فيها بما ظهر له من الوقائع والحوادث، وقد يقرأ شيئًا من القرآن يجهر بها، فظنت بذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة.
وقد ذهب إلى الجهر أحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثي الشافعية، وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة وابن العربي من المالكية، وحكى النووي عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة والليث ابن سعد وجمهور الفقهاء أنه يسر في كسوف الشمس. وقال الطبري: يخير بين الجهر والإسرارز
قال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة، ورجح الشافعي رواية سمرة بأنها موافقة لرواية ابن عباس المتقدمة ولروايته الأخرى،
(1) أخرجه البخاري (1044)، ومسلم (901)، وأبو داود (1180)، والترمذي (561)، والنسائي (1473)، وابن ماجه (1263).
(2)
انظر: "نيل الأوطار"(2/ 641).
1185 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ الْهِلَالِىِّ قَالَ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَانْجَلَتْ فَقَالَ:«إِنَّمَا هَذِهِ الآيَاتُ يُخَوِّفُ اللَّهُ عز وجل بِهَا، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنَ الْمَكْتُوبَةِ» . [ن 1486، حم 2/ 329، ق 3/ 334، ك 1/ 333]
===
والزهري قد انفرد بالجهر، وهو وإن كان حافظًا فالعدد أولى بالحفظ من واحد، قاله الشوكاني (1).
1185 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا وهيب) بن خالد، (نا أيوب) السختياني، (عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي، (عن قبيصة الهلالي)(2) هو قبيصة بن المخارق بن عبد الله الهلالي صحابي، نزل البصرة، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كنيته أبو بشر فيما ذكره ابن عبد البر (قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج فزعًا يجر ثوبه وأنا معه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (يومئذ بالمدينة، فصلَّى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ركعتين فأطال فيهما القيام ثم انصرف) عن الصلاة (وانجلت) الشمس.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما هذه الآيات) أي الكسوف والخسوف (يخوت الله عز وجل بها) عباده، (فإذا رأيتموها فصلوا كأحدث (3) صلاة صليتموها من المكتوبة) وأحدث صلاة صليت قبلها من المكتوبة هي صلاة الفجر، لأن صلاة الكسوف صليت ضحى.
(1) انظر: "نيل الأوطار"(2/ 641).
(2)
انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(3/ 472) رقم (4269).
(3)
وقال أصحاب الظواهر في معناها: هذا حكم تشريع، فإن انكسفت بعد الصبح يصلي ركعتين إلى الظهر، وأربعًا إلى الغروب للظهر والعصر، وثلاثًا إلى العشاء من خسوف القمر، وأربعًا إلى الصبح، كما في "عمدة القاري"(5/ 297). (ش).
1186 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ قَبِيصَةَ الْهِلَالِىَّ حَدَّثَهُ: أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مُوسَى، قَالَ: حَتَّى بَدَتِ النُّجُومُ. [انظر تخريج الحديث السابق]
===
1186 -
(حدثنا أحمد بن إبراهيم) الدورقي، (نا ريحان بن سعيد) بن المثنى، السامي بالمهملة، الناجي بالنون والجيم، أبو عصمة البصري، قال في "التقريب": صدوق، وقال في "تهذيب التهذيب": قال يحيى بن معين: ما أرى به بأسًا، وقال أبو حاتم: شيخ لا بأس به، يُكتبُ حديثه ولا يحتج به، قال الآجري: سألت أبا داود عنه فكأنه لم يرضه، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه ابن القانع، وقال العجلي: منكر الحديث، وقال: حديث ريحان عن عباد عن أيوب عن أبي قلابة مناكير.
(نا عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن هلال بن عامر) وقيل: ابن عمرو، بصري، روى عن قبيصة بن مخارق في صلاة الكسوف، وعنه أبو قلابة الجرمي، قال الذهبي في "الميزان" (1): لا يعرف، وقد ذكره ابن منده في "الصحابة"؛ لأن الحديث وقع له مرسلًا، ليس فيه ذكر قبيصة، لكنه قال: لهلال رؤية (أن قبيصة الهلالي حدثه: أن الشمس كسفت) فساق أحمد بن إبراهيم حديثه (بمعنى حديث موسى) بن إسماعيل، (قال: حتى بدت النجوم) أي: كسفت الشمس، واسودت حتى ظهرت النجوم.
قال الحاكم بعد ما أورد في "مستدركه"(2) حديث وهيب: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما عللاه بحديث ريحان بن سعيد عن عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة، وحديث يرويه موسى بن إسماعيل عن وهيب، لا يعلله حديث ريحان وعباد، انتهى.
(1)"ميزان الاعتدال"(4/ 315).
(2)
انظر: "المستدرك"(1/ 333).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: ولعل وجهه أن حديث ريحان بن سعيد لا يساوي في القوة حديث وهيب، فما في حديث وهيب هو الصواب، والذي في حديث ريحان من زيادة هلال بن عامر بين أبي قلابة وقبيصة وهم، وقد تأيد ذلك بما رواه الطحاوي (1): حدثنا أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز قال: ثنا محمد بن بشار قال: ثنا معاذ بن هشام قال: ثنا أبي، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن قبيصة البجلي قال: انكسفت الشمس، الحديث.
وهذه الأحاديث الثلاثة أيضًا تدل على ما ذهب إليه الإِمام أبو حنيفة ومن معه في عدم تعدد الركوع في الركعة.
قلت: قد ذكرنا أن أكثر الأحاديث التي وردت في هذ الباب لا مناسبة لها بالباب، ويمكن أن يوجه الأحاديث كلها بما يناسب الباب، فيقال: إن الحديث الأول عن جابر الذي ذكر فيه ست ركوعات مناسب بالباب بأن ست ركوعات تشمل على أربع ركوعات أيضًا، أو يقال: إن الحديث الثاني في الباب عن جابر فيه: أربع ركوعات، فلعل ذكر الزائد في الأول محمول على الوهم من الراوي، وكذلك حديث أبي بن كعب الذي فيه ذكر عشر ركوعات له مناسبة بالباب بأنه يشمل على الأربع أيضًا، فإن من ركع عشر ركوعات ركع أربع ركوعات.
وأما حديث سمرة بن جندب الذي فيه ذكر ركوعين فيقال: إنه ذكر ركوع في ركعة لا يدل على نفي الزائد، فكان ذكر الركوع الثاني حذف فيه كما حذفت السجدة الثانية في ذكر السجدة.
وأما حديث قبيصة الهلالي فمعنى قوله: "فصلى ركعتين" أي ركوعين في ركعة، فصار أربع ركوعات في ركعتين، وأما قوله في الحديث:"فصلوا كأحدث صلاة" فالتشبيه فيه محمول على بعض الصفات لا على جميعها، والله تعالى أعلم.
(1) انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 331).