الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(246) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ
===
قال في "البدائع"(1): ولو اقتدى بالإمام في أقصى المسجد، والإمام في المحراب جاز، لأن المسجد على تباعد أطرافه جعل في الحكم كمكان واحد، ولو وقف على سطح المسجد واقتدى بالإمام، فإن كان وقوفه خلف الإِمام أو بحذائه جاز، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه وقف على سطح واقتدى بالإمام، وهو في جوفه، ولأن سطح المسجد تبع للمسجد، وحكم التبع حكم الأصل، فكأنه في جوف المسجد، وهذا إذا كان لا يشتبه عليه حال إمامه، فإن كان يشتبه لا يجوز، وإن كان وقوفه مقدمًا على الإِمام لا يجزئه لانعدام معنى التبعية، كما لو كان في جوف المسجد، انتهى.
وإن كان المراد من الحجرة حجرة بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم، ففي هذه الصورة أيضًا يصح اقتداؤهم به صلى الله عليه وسلم.
قال في "البدائع": ولو كان بينهما حائط ذكر في "الأصل" أنه يجزئه، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يجزئه، وهذا في الحاصل على وجهين: إن كان الحائط قصيرًا ذليلًا بحيث يتمكن كل أحد من الركوب عليه، كحائط المقصورة لا يمنع الاقتداء، لأن ذلك لا يمنع التبعية في المكان، ولا يوجب خفاء حال الإِمام، انتهى.
وفي الحديث ههنا تصريح بأن جدار الحجرة كان قصيرًا، كما في رواية البخاري (2)، وكان جدار الحجرة قصيرًا، يرى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يمنع التبعية ولا يشتبه حال الإِمام، فيصح الاقتداء.
(246)
(بَابُ الصَّلَاةِ)(3) أي التطوع (بَعْدَ الْجُمُعَةِ)
(1)" بدائع الصنائع"(1/ 362).
(2)
"صحيح البخاري"(739).
(3)
وذكره ابن العربي، وأنكر الصلاة بعد الجمعة لقوله تعالى:{فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} ، وبسط الاختلاف فيه. (انظر:"عارضة الأحوذي"(2/ 311). (ش).
1127 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ:"أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِى مَقَامِهِ، فَدَفَعَهُ وَقَالَ: أَتُصَلِّى الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا؟ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِى بَيْتِهِ وَيَقُولُ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". [حم 1/ 203، ق 3/ 240]
1128 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:"كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُصَلِّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِى بَيْتِهِ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ". [ن 1429، خزيمة 836، حم 2/ 103]
===
1127 -
(حدثنا محمد بن عبيد وسليمان بن داود، المعنى) أي معنى حديثيهما واحد، (قالا: نا حماد بن زيد، نا أيوب، عن نافع: أن ابن عمر رأى رجلًا يصلي ركعتين يوم الجمعة) أي بعد صلاة الجمعة (في مقامه) أي المقام الذي صلَّى فيه الجمعة (فدفعه) أي طرده ونحاه عن مكانه (وقال) أي ابن عمر: (أتصلي الجمعة أربعًا؟ وكان عبد الله) بن عمر (يصلي يوم الجمعة) أي بعد صلاة الجمعة (ركعتين في بيته) وهذا كلام نافع (ويقول) أي عبد الله: (هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الجمعة ركعتين في بيته.
1128 -
(حدثنا مسدد، نا إسماعيل، أنا أيوب، عن نافع قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة) أي التطوع (قبل الجمعة) أي قبل صلاتها (ويصلي بعدها) أي بعد صلاة الجمعة (ركعتين في بيته، ويحدث) أي ابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك) أي يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته.
قال الشوكاني (1): قال العراقي: إسناده صحيح، أخرجه النسائي (2) بدون
(1)"نيل الأوطار"(2/ 542).
(2)
"سنن النسائي"(1429).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قول "يطيل الصلاة قبل الجمعة"، قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه (1) من وجه آخر بمعناه.
وقد اختلف العلماء هل للجمعة سنَّة قبلها أو لا؟ فأنكر جماعة أن لها سنَّة قبلها، وبالغوا في ذلك، انتهى.
قلت: قال ابن القيم في "زاد المعاد"(2): وكان إذا فرغ بلال من الأذان أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة، ولم يقم أحد يركع ركعتين البتة؛ ولم يكن الأذان إلَّا واحدًا، وهذا يدل على أن الجمعة كالعيد، لا سنَّة لها قبلها، وهذا أصح قولي العلماء، وعليه تدل السنَّة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج من بيته، فإذا رقي المنبر أخذ بلال في أذان الجمعة، فإذا أكمله أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل، وهذا كان رأي عين فمتى كانوا (3) يصلون السنَّة؟ وهذا الذي ذكرناه من أنه لا سنَّة قبلها، هو مذهب مالك وأحمد في المشهور عنه، واحد الوجهين لأصحاب الشافعي.
ثم قال الشوكاني: وهذا الحديث يدل على مشروعية الصلاة قبل الجمعة، ولم يتمسك المانع من ذلك إلا بحديث النهي عن الصلاة وقت الزوال، وهو- مع كون عمومه مخصصًا يوم الجمعة كما تقدم- ليس فيه ما يدل على المنع من الصلاة قبل الجمعة على الإطلاق، وغاية ما فيه المنع في وقت الزوال، وهو غير محل النزاع. والحاصل أن الصلاة قبل الجمعة مرغب فيها عمومًا وخصوصًا، فالدليل على مدعي الكراهية على الإطلاق.
(1) انظر: "صحيح مسلم"(882)، و"سنن الترمذي"(522)، و"سنن ابن ماجه"(1130).
(2)
انظر: "زاد المعاد"(1/ 431).
(3)
قلت: ولكن وردت الروايات العديدة بأنه عليه السلام ركع إذا زالت الشمس أربع ركعات، ورغب فيها، وبسط صاحب "المنهل"(6/ 259) في الرد على السنة القبلية، وأنت ترى أنه لم يترجم المصنف أيضًا للسنن القبلية. (ش).
1129 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ (1) ، أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِى الْخُوَارِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ يَسْأَلُهُ عَنْ شَىْءٍ رَأَى مِنْهُ مُعَاوِيَةُ فِى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِى الْمَقْصُورَةِ (2) ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ قُمْتُ فِى مَقَامِى
===
1129 -
(حدثنا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار) بضم المعجمة وتخفيف الواو، المكي مولى بني عامر، ثقة، (أن نافع بن جبير أرسله) أي عمر بن عطاء بن أبي الخوار (إلى السائب بن يزيد ابن أخت نمر يسأله) أي يسأل عمر بن عطاء السائب بن يزيد (عن شيء رأى منه) أي من السائب (معاوية في الصلاة، فقال) أي السائب: (صليت معه) أي مع معاوية (الجمعة في المقصورة) قال القاري (3): موضع معين في الجامع مقصور للسلاطين.
قال النووي (4): فيه دليل على جواز اتخاذها في المسجد إذا رآها ولي الأمر مصلحة، قالوا: وأول من عملها معاوية بن أبي سفيان حين ضربه الخارجي، قال القاضي: واختلفوا في المقصورة، فأجازها كثيرون من السلف، وصلوا فيها، منهم الحسن، والقاسم بن محمد، وسالم وغيرهم، وكرهها ابن عمر، والشعبي، وإسحاق، وكان ابن عمر إذا حضرت الصلاة وهو في المقصورة خرج منها إلى المسجد، قال القاضي: إنما يصح فيه الجمعة إذا كانت مباحة لكل أحد، فإن كانت مخصوصة ببعض الناس، ممنوعة عن غيرهم لم تصح فيها الجمعة لخروجها عن حكم الجامع.
(فلما سلمت) أي خرجت عن صلاة الجمعة بالسلام (قمت في مقامي) الذي
(1) وفي نسخة: "حدثنا ابن جريج".
(2)
وفي نسخة: "صليت معه في المقصورة".
(3)
"مرقاة المفاتيح"(3/ 119).
(4)
انظر: "شرح صحيح مسلم"(3/ 437).
فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَىَّ فَقَالَ: لَا تَعُدْ لِمَا صَنَعْتَ، إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ (1) أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِذَلِكَ، أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ". (2). [م 883، حم 4/ 95، خزيمة 1705، ق 3/ 240]
===
صليت فيه الجمعة (فصليت) فيه التطوع، (فلما دخل) معاوية بيته (أرسل) معاوية (إلي) رجلًا يدعوني فحضرته (فقال) ويحتمل أن يقال: أرسل إلى رسالة فقال، وهذا بيان الرسالة، وعلى هذه الصورة الثانية لم يكن سماعه من معاوية مشافهة.
(لا تعد) من العود، أي لا تفعل ذلك مرة أخرى (لما صنعت) بل (إذا صليت الجمعة) وفرغت منها، ذكر الجمعة على سبيل المثال، وإلَّا فحكم غيرها من الصلاة كذلك (فلا تَصِلْها) من الوصل، أي لا توصلها (بصلاة) أخرى نافلة أو قضاء (حتى تكلم) أي تتكلم بحذف إحدى التائين (أوتخرج) من المقام الذي صليت فيه الجمعة (فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك) وفي رواية مسلم (3):"أمرنا بذلك"(أن لا تُوصَلَ صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج).
قال النووي (4): فيه دليل لما قاله أصحابنا: إن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحول لها عن موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحول إلى بيته، وإلَّا فموضع آخر من المسجد أو غيره، ليكثر مواضع سجوده، ولتنفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة، وقوله:"حتى تتكلم" دليل على أن الفصل بينهما يحصل بالكلام أيضًا، لكن بالانتقال أفضل لما ذكرنا، انتهى.
قلت: وكذلك الحكم عندنا، فقال في "البدائع" (5): وروي عن محمد أنه قال: يستحب للقوم أيضًا أن ينقضوا الصفوف، ويتفرقوا ليزول الاشتباه
(1) وفي نسخة: "تتكلم".
(2)
وفي نسخة: "حتى يتكلم أو يخرج".
(3)
"صحيح مسلم"(883).
(4)
"شرح صحيح مسلم"(3/ 437).
(5)
"بدائع الصنائع"(1/ 394).
1130 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى رِزْمَةَ الْمَرْوَزِىُّ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"كَانَ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعًا، وَإِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَلَّى الْجُمُعَةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِى الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذَلِكَ". [ق 3/ 240]
===
عن الداخل المعاين الكل في الصلاة البعيد عن الإِمام، ولما روينا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أيعجز أحدكم إذا فرغ من صلاته أن يتقدم أو يتأخر"(1).
1130 -
(حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة) بكسر الراء وسكون الزاي، اسمه غزوان اليشكري مولاهم، أبو عمرو (المروزي) ثقة، (أنا الفضل بن موسى) السيناني بكسر المهملة ثم تحتانية ثم نونين بينهما ألف، نسبة إلى سينان، وهي إحدى قرى مرو على خمسة فرسخ منها.
(عن عبد الحميد بن جعفر، عن يريد بن أبي حبيب، عن عطاء) بن أبي رباح، (عن ابن عمر قال: كان) ابن عمر (إذا كان بمكة فصلَّى الجمعة تقدم) أي من مكان صلَّى فيه، فيكون هذا المتقدم بمنزلة الخروج (فصلَّى ركعتين، ثم تقدم) أي من المكان الذي صلَّى فيه ركعتي التطوع (فصلَّى أربعًا) وهذا يؤيد قول أبي يوسف: إن سنَّة الجمعة ست، وإن كان يقول مع غيره: إن تقديم الأريع أولى، وذلك لأن الأربع سنة بلا خلاف في المذاهب.
(وإذا كان بالمدينة صلَّى الجمعة، ثم رجع إلى بيته، فصلَّى ركعتين) أي في بيته، ولعله في بعض الأوقات لبيان الجواز (ولم يصل في المسجد) هذا تصريح بما علم ضمنًا (فقيل له) أي سئل عن سبب الفرق بين الفعلين في الحرمين المعظمين (فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) يعني وأنا أفعله تبعًا له، ولعله
(1) أخرجه البخاري تعليقًا (848)، وأبو داود (1006)، وابن ماجه (1427).
1131 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. (ح): وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، - قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ: قَالَ -: «مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا» وَتَمَّ حَدِيثُهُ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ:«إِذَا صَلَّيْتُمُ الْجُمُعَةَ فَصَلُّوا بَعْدَهَا أَرْبَعًا»
===
عليه السلام صلّى السنن في مكة فهي المسجد لبعد بيه، وصلَّى في المدينة في بيته لقربه.
1131 -
(حدثنا أحمد بن يونس، نا زهير، ح وحدثنا محمد بن الصباح البزار، نا إسماعيل بن زكريا) كلاهما أي زهير وإسماعيل، (عن سهيل) بن أبي صالح، (عن أبيه) أبي صالح، (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن الصباح: قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان مصليًا بعد الجمعة فليصل أربعًا، وتم حديثه) أي حديث ابن الصباح (وقال ابن يونس) أي أحمد: (إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعًا).
قال النووي في "شرح مسلم"(1): نبه بقوله: "من كان منكم مصليًا" على أنها سنَّة ليست بواجبة، وذكر الأربع لفضيلتها، وفعل الركعتين (2) في أوقات بيانًا لأن أقلها ركعتان.
قال القاري (3): قال ابن الملك: وهذا يدل على كون السنَّة بعدها أربع ركعات، وعليه الشافعي في قول، انتهى، وهو قول أَبي حنيفة ومحمد، وعن أبي يوسف: أن السنَّة بعدها ست جمعًا بين الحديثين، أو لما روي عن علي أنه قال: من كان مصليًا بعد الجمعة فليصل ستًا، وهو مختار الطحاوي.
(1)"شرح صحيح مسلم"(3/ 437).
(2)
وعند أحمد - كما في متونهم - أقلها ركعتان، وأكثرها ست، والبسط في "الأوجز"(3/ 445). (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(3/ 246).
قَالَ: فَقَالَ لِى أَبِى: يَا بُنَىَّ، فَإِنْ (1) صَلَّيْتَ فِى الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَيْتَ الْمَنْزِلَ أَوِ الْبَيْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». [م 881، ت 523، ن 1426، جه 1132، حم 2/ 249، خزيمة 1873، ق 2/ 239]
1132 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِى بَيْتِهِ". [م 882، ن 1428، ت 521، جه 1131، حم 2/ 11، ق 3/ 239]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
===
وقال أبو يوسف: أحب إلى أن يبدأ بالأربع، لئلا يكون قد صلَّى بعد الجمعة مثلها، وأخذ من مفهوم هذا الحديث بعض الشافعية أنه لا سنَّة للجمعة قبلها، وابتدع بعضهم فقال: الصلاة قبلها بدعة، كيف وقد جاء بإسناد جيد كما قال الحافظ العراقي: إنه عليه السلام كان يصلي قبلها أربعًا، وروى الترمذي أن ابن مسعود كان يصلي قبلها أربعًا وبعدها أربعًا، والظاهر أنه بتوقيف، انتهى.
(قال) أي سهيل: (فقال لي أبي) أي أبو صالح: (يا بني، فإن صليت في المسجد ركعتين، ثم أتيت المنزل أو البيت فصل) فيه (ركعتين) أخريين، وأخرج مسلم (2) في حديث عمرو الناقد: قال ابن إدريس: قال سهيل: فإن عجّلَ بك شيء فصل ركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجعت.
1132 -
(حدثنا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، قال أبو داود: وكذلك) أي كما رواه سالم عن ابن عمر (رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر) قلت: لم أجد حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر فيما عندي من
(1) وفي نسخة: "فإذا".
(2)
"صحيح مسلم"(881).
1133 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ، "أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَيَنْمَازُ عَنْ مُصَلَّاهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ قَلِيلاً غَيْرَ كَثِيرٍ- قَالَ: فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ - قَالَ: ثُمَّ يَمْضِى أَنْفَسَ مِنْ ذَلِكَ فَيَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَمْ رَأَيْتَ ابْنَ عُمَرَ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِرَارًا". [ق 3/ 241]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ وَلَمْ يُتِمَّهُ.
===
الكتب (1)، ولكن وجدت حديث نافع عن ابن عمر في "مسلم"(2)، وأيضًا وجدت فيه حديث عمرو بن دينار عن الزهري عن سالم عن أبيه، وليس فيه لفظ: في بيته.
1133 -
(حدثنا إبراهيم بن الحسن، نا حجاج بن محمد) الأعور، (عن ابن جريج، أخبرني عطاء، أنه رأى ابن عمر يصلي بعد الجمعة) أي يريد أن يصلي التطوع (فينماز) أي ينفصل ويتنحى، من الميز وهو الفصل (عن مصلاه الذي صلَّى فيه الجمعة قليلًا غير كثير، قال) أي عطاء: (فيركع) أي يصلي ابن عمر (ركعتين، قال) عطاء: (ثم يمشي أنفس) قال في "المجمع"(3): أي أفسح وأبعد قليلًا (من ذلك) أي من الفصل الأول (فيركع أربع ركعات، قلت لعطاء: كم رأيت ابن عمر يصنع ذلك؟ قال) عطاء: (مرارًا) أي رأيته مرارًا يصنع ذلك.
(قال أبو داود: رواه عبد الملك بن أبي سليمان) واسمه ميسرة العرزمي، بفتح المهملة وسكون الراء والزاي المفتوحة، ثقة وله أوهام (ولم يتمه) أي مثل تمام حديث ابن جريج، ولم أقف على رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء (4)، ولكن روى الطحاوي (5) بسنده عن أبي إسحاق عن عطاء قال
(1) قلت: أخرج رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر أحمد في "مسنده"(2/ 94).
(2)
"صحيح مسلم"(882).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 774).
(4)
أخرج روايته ابن أبي شيبة (2/ 47).
(5)
انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 337).