الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(296) بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا
؟
1267 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا (1) ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: "رَأَى رَسُولُ اللَّهِ (2) صلى الله عليه وسلم رَجُلاً
===
(296)
(بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ) أي سنَّة الفجر (مَتَى يَقْضِيهَا؟ )
1267 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا ابن نمير) هو عبد الله، (عن سعد بن سعيد) بن قيس بن عمرو الأنصاري، أخو يحيى، صدوق، سيِّئ الحفظ، (حدثني محمد بن إبراهيم) التيمي، (عن قيس بن عمرو) بن سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري المدني، جد يحيى بن سعيد بن قيس وإخوته، وزعم مصعب الزبيري أن اسم جد يحيى قيس بن قهد، وغلطه ابن أبي خيثمة في ذلك وقال: هما اثنان، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه قيس بن أبي حازم، وابنه سعيد بن قيس بن عمرو، وقيل: لم يسمع منه، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال الترمذي: ولم يسمع منه.
قلت: وأما ابن حبان فزعم أن قيس بن عمرو هو قيس بن قهد، وأن قهدًا لقب لعمرو، وكأنه أخذه من قول البخاري: قيس بن عمرو جد يحيى بن سعيد له صحبة، قال: وقال بعضهم: قيس بن قهد، وقال أبو نعيم في "الصحابة": قيس بن عمرو بن قهد بن ثعلبة، ثم قال: وقيل: قيس بن سهل، والله أعلم.
(قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا) كنى بالرجل عن نفسه، كما تدل عليه رواية عبد ربه ويحيى الآتية، ويدل عليه رواية الترمذي (3)، فإنه أخرج من طريق
(1) زاد في نسخة: "عبد الله".
(2)
وفي نسخة: "النبي".
(3)
"سنن الترمذي"(422).
يُصَلِّى بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَلَاةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَانِ» ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّى لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا فَصَلَّيْتُهُمَا الآنَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". [ت 422، جه 1154، حم 5/ 447، ق 2/ 483، ك 1/ 275، قط 1/ 385]
===
عبد العزيز بن محمد عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن جده قيس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة وصليت معه الصبح، الحديث.
(يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الصبح ركعتان) وفي نسخة: ركعتين، قال القاري (1): وفي نسخة صحيحة: "ركعتين ركعتين" لتأكيد نفي الزيادة، فعلى هذا لفظ صلاة الصبح منصوب بتقدير فعل، أي: الزموا وصلوا صلاة الصبح، وقال الطيبي (2): ركعتين منصوب بفعل مضمر تقديره أتصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، وليس بعدها صلاة؟ وتبعه ابن حجر فقال: أي أتصلي صلاة الصبح، وتصلي بعدها ركعتين ركعتين، وقد علمت أنه لا صلاة بعدها؟ ، فالاستفهام المقدر للإنكار، وركعتين الثاني تأكيد لفظي، أي هذه صلاة الصبح صليتها فكيف تصلي بعدها؟
(فقال الرجل: إني لم كن صليت الركعتين اللتين قبلهما) أي ركعتي الفجر (فصليتهما الآن) قال الطيبي: فاعتذر الرجل بأنه قد أتى بالفرض، وترك النافلة، وحينئذ أتى بها، وهذا هو مذهب الشافعي ومحمد.
قلت: ومذهب محمد أنها تقضى بعد طلوع الشمس، قال: وعند أبي حنيفة وأبي يوسف لا قضاء بعد الفوت يعني انفرادًا، وأما إذا فات فرض الصبح فإن السنَّة تقضى تبعًا له قبل الزوال (فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم)
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(3/ 134 - 135).
(2)
"شرح الطيبي"(3/ 19 - 20).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال ابن الملك: سكوته يدل على قضاء سنَّة الفجر بعد فرضه لمن لم يصلها قبله، وبه قال الشافعي (1).
قلت: وسيأتي أن الحديث لم يثبت، فلا يكون حجة على أبي حنيفة، قاله القاري.
قلت: أما أولًا: فإن الترمذي (2) قال: إسناد هذا الحديث (3) ليس بمتصل، فإن محمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس بن عمرو.
وثانياً: لما ثبت نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، فسكوته عليه السلام لا يحمل على التقرير.
وأما ثالثًا: فيحتمل أن تكون هذه الواقعة قبل النهي ثم نهى عنها، وفي رواية الترمذي (4) في محل قوله:"فسكت" لفظ "فلا إذًا".
قلت: وهو من حديث الدراوردي، وهو مختلف فيه، قال أبو زرعة: سيِّئ الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث يغلط، قال المزي: روى له البخاري مقرونًا بغيره، وقال ابن حبان: كان يخطئ، وقال الساجي: كان من أهل الصدق والأمانة إلَّا أنه كان كثير الوهم، وقال الزبير: حدثني عياش بن المغيرة بن عبد الرحمن: جاء الدراوردي إلى أبي يعرض عليه الحديث، فجعل يلحن لحنًا منكرًا، فقال له أبي: ويحك! إنك كنت إلى لسانك أحوج منك إلى هذا، قاله الحافظ في "تهذيب التهذيب"(5).
(1) فقط خلافًا للأئمة، كذا في "الأوجز"(2/ 670). (ش).
(2)
انظر: "سنن الترمذي"(2/ 286) رقم الحديث (422).
(3)
وفي "الإِمام": إسناده غير متصل، ومحمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، كذا في "عمدة القاري"(4/ 109). (ش).
(4)
انظر: "سنن الترمذي"(422).
(5)
"تهذيب التهذيب"(6/ 354).
1268 -
حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِىُّ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ. [انظر سابقه]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى (1) عَبْدُ رَبِّهِ وَيَحْيَى ابْنَا سَعِيدٍ هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلاً، أَنَّ جَدَّهُمْ زَيْدًا
===
وقال في "الميزان"(2): الدراوردي صدوق من علماء المدينة، غيره أقوى منه، قال أحمد بن حنبل: إذا حدث من حفظه يهم، وإذا حدث من كتابه فنعم، وإذا حدث جاء ببواطيل، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقد تقول (3) رواية ابن نمير عند أبي داود برواية عطاء بن أبي رباح الآتية عند أبي داود، وكذا عند أحمد، وكذا برواية عبد الله بن سعيد أخي يحيى بن سعيد عن جده من طريق ابن جريج عند أحمد، قال: خرج إلى الصبح، الحديث، وفيه فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، ومضى، ولم يقل شيئًا.
1268 -
(حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال: قال سفيان) بن عيينة: (كان عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا الحديث) المتقدم (عن سعد بن سعيد) كما يحدث عنه ابن نمير (قال أبو داود: روى عبد ربه ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلًا) أي لم يذكرا قيس بن عمرو ولا ابن إبراهيم التيمي (أن جدهم زيدًا) هذا الذي وقع في أبي داود من لفظ: "زيد" هكذا، هو في جميع النسخ الموجودة، وهو وهم، وغلط من الكاتب.
أما أولًا: فإن البيهقي (4) حكى هذه الرواية من طريق أبي داود، ولم يذكر "زيداً" بل قال: قال أبو داود: روى عبد ربه ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلًا: "أن جدهم صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم"، لم يسم زيدًا ولا غيره.
(1) وفي نسخة: "رواه".
(2)
"ميزان الاعتدال"(2/ 633).
(3)
الظاهر: وقد تُقَوَّى، فليتأمل.
(4)
"السنن الكبرى"(2/ 483).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وثانيًا: قال الترمذي (1) بعد ما أخرج هذا الحديث: روى بعضهم هذا الحديث عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فرأى قيسًا".
قلت: وهو الصواب، فإن جد سعد بن سعيد وإخوته عبد ربه ويحيى وعبد الله هو قيس، لا زيد.
وثالثًا: لم أجد في أجداده زيدًا يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، نعم فيهم: زيد بن ثعلبة، وهو الذي لم يدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هلك في الجاهلية.
ورابعًا: قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمة زيد جد يحيى بن سعيد: ذكره أبو داود في "باب من فاتته ركعتا الفجر"، فقال: قال عبد ربه ويحيى ابنا سعيد: "صلَّى جدنا زيد مع النبي صلى الله عليه وسلم".
هكذا قرأت بخط شيخنا البلقيني الكبير في هامش نسخته من "تجريد الذهبي"، ولم أر في النسخ المعتمدة من السنن لفظ:"زيد" بل فيها جدّنا خاصة، فليحرر، فإن نسب يحيى بن سعيد ليس فيه أحد يقال له:"زيد" إلَّا زيد بن ثعلبة، وهو جد أعلى جدًا هلك في الجاهلية، انتهى.
قلت: وكتب الحافظ في "الإصابة"(2) في ترجمة زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار جد عال ليحيى بن سعيد الأنصاري، وقع في أصل سماعنا من "سنن أبي داود" ما يقتضي أنه صحابي، فقال في باب "من فاتته ركعتا الفجر" بعد حديث محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس بن عمرو قال:
(1) انظر: "سنن الترمذي"(422).
(2)
انظر: "الإصابة"(1/ 558).
صَلى مَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (1).
===
"رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي بعد الصبح ركعتين"، الحديث: روى عبد ربه ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث أن جدهما زيدًا صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فاغتر بذلك شيخنا البلقيني، فألحق زيد بن ثعلبة في حاشية "التجريد في الصحابة" وعزاه لأبي داود، وزيد بن ثعلبة مات قبل الإِسلام بدهر طويل، وهو الجد الرابع لقيس بن عمرو جد يحيى بن سعيد، وكنت أظن أن الرواة اختلفوا في اسم جد يحيى بن سعيد، هل هو قيس بن عمرو، أو زيد بن عمرو، كما قالوا فيه: قيس بن قهد؟ ثم راجعت النسخ القديمة من "سنن أبي داود" فوجدت فيها بدل قوله: "زيدًا""مرسلًا"، فهذا هو المعتبر، والأول تصحيف، انتهى.
(صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم) أما حديث يحيى بن سعيد فقد قال البيهقي: فقد روي من وجه عن يحيى عن أبيه عن جده: "أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، فصلَّى معه، فلما سلَّم، قام فصلَّى ركعتي الفجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما هاتان الركعتان؟ قال: لم أكن صليتهما قبل الفجر، فسكت ولم يقل شيئًا"، ثم ذكر إسناده إلى يحيى بن سعيد.
قلت: وهذا كما ترى ليس بمرسل، بل ذكره فيه عن جده، والروايتان المرسلتان لعبد ربه ويحيى لم أقف عليهما (2)، وقد رأيت في "مسند أحمد" من طريق ابن جريج قال: سمعت عبد الله بن سعيد أخا يحيى بن سعيد يحدث عن جده قال: خرج إلى الصبح، الحديث.
(1) زاد في نسخة: "بهذه القصة".
(2)
قلت: رواية عبد ربه بن سعيد أخرجها عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 442) رقم (4016) ومن طريقه أحمد في "مسنده"(5/ 447)، كما صرح الشارح، ورواية يحيى بن سعيد الأنصاري، أخرجها ابن خزيمة في "صحيحه"(2/ 164) رقم (1116)، ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه"(6/ 222) رقم (2471)، والدارقطني في "سننه"(1/ 383)، وأخرجها الحاكم (1/ 275)، ومن طريقه البيهقي (2/ 483).