المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(214) باب من تجب عليه الجمعة - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٥

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(209) بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ

- ‌(210) بَابُ الإِجَابَةِ، أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ في يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(211) بَابُ فَضْلِ الْجُمُعَةِ

- ‌(212) بَابُ التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجُمُعَةِ

- ‌(213) بَابُ كفَّارَةِ مَنْ تَرَكَهَا

- ‌(214) بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ

- ‌(215) بَابُ الْجُمُعَةِ في اليَوْمِ الْمَطِيرِ

- ‌(216) بَابُ التَخَلُّفِ عنِ الْجَمَاعَةِ في اللَّيْلَةِ الْبَارِدِةِ

- ‌(217) بَابُ الْجُمُعَةِ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَرْأَةِ

- ‌(218) بَابُ الْجُمُعَةِ في الْقُرَى

- ‌(219) (بَابٌ إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ)

- ‌(220) بَابُ مَا يَقْرَأُ في صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(221) بَابُ اللُّبْسِ لِلْجُمُعَةِ

- ‌(222) بَابُ التَحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ

- ‌(223) (بَابُ اتِّخَاذِ المِنْبَرِ)

- ‌(224) بَابُ مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ

- ‌(225) بَابُ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ

- ‌(226) بَابٌ في وَقْتِ الْجُمُعَةِ

- ‌(228) بَابُ الإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ في خُطْبَتِهِ

- ‌(229) بَابُ الْجُلُوسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ

- ‌(230) بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا

- ‌(231) بَابُ الرَّجُلِ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ

- ‌(232) بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الْمِنبرِ

- ‌(233) بَابُ إِقْصَارِ الْخُطَبِ

- ‌(234) بَابُ الدُّنُوِّ مِنَ الإِمَامِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ

- ‌(235) (بَابُ الإمَامِ يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ للأمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(236) بَابُ الاحْتِبَاءِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(237) بَابُ الكَلَامِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(238) بَابُ اسْتِئْذَانِ الْمُحْدِثِ للإِمَامِ

- ‌(239) بَابٌ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(240) بَابُ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(241) باب الرَّجُلِ يَنْعَسُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(242) باب الإِمَامِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا يَنْزِلُ مِنَ الْمِنْبَرِ

- ‌(243) بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً

- ‌(245) باب الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا جِدَارٌ

- ‌(246) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌(247) (بَابُ صَلَاةِ العِيدَيْنِ)

- ‌(248) بَابُ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ

- ‌(249) (بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ في الْعِيدِ)

- ‌(250) بَابُ الْخُطْبَةِ

- ‌(251) [بابٌ: يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ]

- ‌(253) بَابُ التَّكْبِيرِ في الْعِيدَيْنِ

- ‌(255) بَابُ الْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ

- ‌(256) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ في طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ في طَرِيقٍ

- ‌(257) بَابٌ: إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الإِمَامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْغَدِ

- ‌(258) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌(260) جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعهَا

- ‌(261) بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ في الاسْتِسْقَاءِ

- ‌(262) بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(263) بَابُ مَنْ قَالَ: أَرْبَعُ رَكعَاتٍ

- ‌(264) بَابُ الْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(265) بَابٌ: أَيُنَادَى فِيهَا بِالصَّلَاةِ

- ‌(266) بَابُ الصَّدَقَةِ فِيهَا

- ‌(267) بَابُ الْعِتْقِ فِيهَا

- ‌(268) بَابُ مَنْ قَالَ: يَرْكَعُ رَكعَتَيْنِ

- ‌(269) بَابُ الصَّلَاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِهَا

- ‌(270) بَابُ السُّجُودِ عِنْدَ الآيَاتِ

- ‌(271) بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌(272) بَابٌ: مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ

- ‌(273) بَابُ الأَذَانِ في السَّفَرِ

- ‌(274) بَابُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي وَهُوَ يَشُكُّ في الوَقْتِ

- ‌(275) بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتينِ

- ‌(276) (بَابُ قَصْرِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ في السَّفَرِ)

- ‌(277) بَابُ التَّطَوُّعِ في السَّفَرِ

- ‌(278) (بَابُ التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالوِتْرِ)

- ‌(279) بَابُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(280) بَابٌ: مَتَى يُتِمُّ الْمُسَافِرُ

- ‌(281) بَابٌ: إِذَا أَقَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ يَقْصُرُ

- ‌(282) بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(283) باب مَنْ قَالَ: يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الإِمَامِ، وَصَفٌّ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُ قَائِمًا حَتَّى يُصَلِّىَ الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَنْصَرِفُوا فَيَصُفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَتَجِئُ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَيُصَلِّى بِهِمْ رَكْعَةً وَيَثْبُتُ جَالِسًا، فَيُتِمُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ جَمِيعًا

- ‌(284) بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَا صَلَّى رَكعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا أَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ رَكعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَاخْتُلِفَ في السَّلَامِ

- ‌(286) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ فيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ، فَيُصَلُّوَنَ لأَنْفُسِهِم رَكْعَةً

- ‌(287) بابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُ الَّذِينَ خَلْفَهُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجِئُ الآخَرُونَ إِلَى مَقَامِ هَؤُلَاءِ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً

- ‌(288) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكعَةً وَلَا يَقْضُونَ

- ‌(289) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتيْنِ

- ‌(290) بَابُ صَلَاةِ الطَّالِبِ

- ‌(291) (بَابُ تَفْريعِ أَبْوَابِ التَّطوّعِ وَرَكَعَاتِ السنَّةِ)

- ‌(292) بَابُ رَكعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌(293) بَابٌ: في تَخْفِيفِهِمَا

- ‌(294) بَابُ الاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا

- ‌(295) بَابٌ: إِذَا أَدْرَكَ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌(296) بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا

- ‌(297) بَابُ الأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا

- ‌(298) بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعَصْرِ

- ‌(299) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(300) بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِيهِمَا إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً

- ‌(301) باب الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ

- ‌(302) بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى

- ‌(303) بابٌ: فِى صَلَاةِ النَّهَارِ

- ‌(304) بَابُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌(305) بَابُ رَكْعَتَيِ الْمَغْرِبِ، أَيْنَ تُصَلَّيَان

- ‌(307) بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(308) بَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(309) بَابُ النُّعَاسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(310) بَابُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ

- ‌(311) بَابٌ: فِيمَنْ نَوَى الْقِيَامَ فَنَامَ

- ‌(312) بَابٌ: أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌(313) بَابُ وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(314) بَابُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللِّيْلِ بِرَكْعَتَينِ

- ‌(315) بَابٌ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَىَ مَثْنَىَ

- ‌(316) بَابٌ في رَفْعِ الصَّوتِ بِالْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(317) بَابٌ: في صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(318) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقَصْدِ في الصَّلَاةِ

الفصل: ‌(214) باب من تجب عليه الجمعة

(214) بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ

1055 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى عَمْرٌو، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ الْجُمُعَةَ

===

(214)

(بَابُ مَنْ تَجبُ علَيْهِ (1) الْجُمُعَةُ)

1055 -

(حدثنا أحمد بن صالح، نا ابن وهب) عبد الله، (أخبرني عمرو) بن الحارث، (عن عبيد الله بن أبي جعفر، أن محمد بن جعفر) بن الزبير (حدثه عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعة) قال القسطلاني (2): بفتح المثناة التحتية وسكون النون وفتح المثناة الفوقية، يفتعلون من النوبة، أي يحضرونها نوبًا، وفي رواية: يتناوبون، بمثناة تحتية فأخرى فوقية فنون بفتحات، وقال الحافظ في "الفتح"، قوله: ينتابون الجمعة، أي: يحضرونها نوبًا، والانتياب افتعال من النوبة، وفي رواية: يتناوبون، وهكذا قال العيني (3)، وهذا الكلام يدل على أن معنى اللفظين الانتياب والتناوب (4) ههنا واحد.

(1) اعلم أن هذه الترجمة تتضمن ثلاث مسائل: الأولى: هل يفرض على أهل البوادي والقرى أم لا؟ والثاني: هل تجب على العبد والمرأة أم لا؟ والثالث: هل تجب على من في فناء المصر أم لا؟ والمراد في كلام المصنف هو الثالث، فلا تغفل، والأوَّلان بَوَّبَ عليهما المصنف بعد ذلك، وتبويب الترمذي أولى من تبويب المصنف، إذ قال:"باب من كم يؤتى إلى الجمعة"، ونبه على بعض هذا الفرق في "العرف الشذي"(1/ 223).

قلت: وجمع في "البذل" في الأول، والثالث، وكان الأولى التفريق، فتأمل، وللحنفية في مسألة الفناء أي في وجوب الجمعة عليهم تسعة أقوال، لخصها "الشامي"(3/ 7)، واختلفوا في الفتوى والترجيح كما ذكره. (ش).

(2)

انظر: "إرشاد الساري"(3/ 647) ح (902).

(3)

"عمدة القاري"(5/ 54).

(4)

بخلاف ما قالوا: إن الانتياب بمعنى ي در ي كردن ": كما في "الصراح" وغيره، ولذا استدل به منكرو التقليد على وجوبها عليهم. (ش).

ص: 34

مِنْ مَنَازِلهِمْ وَمِنَ الْعَوَالِي". [خ 902، م 847]

===

(من منازلهم) في المدينة والقريبة من المدينة (ومن العوالي) جمع عالية، وهي مواضع وقرى بقرب مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة المشرق من ميلين إلى ثمانية أميال، وقيل أدناها من أربعة أميال، قاله العيني.

استدل المصنف على أن الجمعة تجب على من كان خارج المصر من أهل العوالي والقرى، فإنهم يأتون الجمعة في المدينة من القرى فثبت بهذا أن الجمعة كانت واجبة عليهم.

قلت: ولا دليل فيه لأنهم كانوا يحضرونها لعلها اختيارًا منهم على أنهم كانوا يأتونها نوبًا، فلو كانت واجبة عليهم ليحضرونها كلهم جميعًا.

قال العيني (1): وقال صاحب "التوضيح": في حديث الباب رَدٌّ لقول الكوفيين: إن الجمعة لا تجب على من كان خارج المصر؛ لأن عائشة أخبرت عنهم بفعل دائم أنهم يتناوبون الجمعة، فدل على لزومها عليهم، قلت: هذا نقله عن القرطبي وهو ليس بصحيح؛ لأنه لو كان واجبًا على أهل العوالي ما تناوبوا ولكانوا يحضرون جميعًا.

وقال القسطلانى (2): واستدل به على أن الجمعة تجب على من كان خارج المصر وهو يرُدُّ على الكوفيين حيث قالوا بعدم الوجوب، وأجيب بأنه لو كان واجبًا على أهل العوالي ما تناوبوا، ولكانوا يحضرون جميعًا (3).

وقال الحافظ في "الفتح"(4): وقال القرطبي: فيه رد على الكوفيين حيث

(1) انظر: "عمدة القاري"(5/ 56).

(2)

"إرشاد الساري"(3/ 647) ح (902).

(3)

وقد عرفت أن منكري التقليد أولوها بمعنى "مم در مم آمدن"، وأجابوا بأن من بقي من أهل العوالي بعد حضور بعضهم إلى المدينة لم يبلغوا إلى أربعين رجلًا فلم يجب عليهم لأجله. (ش).

(4)

"فتح الباري"(2/ 386).

ص: 35

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

لم يوجبوا الجمعة على من كان خارج المصر، كذا قال، وفيه نظر لأنه لو كان واجبًا على أهل العوالي ما تناوبوا ولكانوا يحضرون جميعًا، انتهى.

وقال في "مجمع البحار"(1): وكان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم، قال الكرماني: هو بفتح تحتية أي يحضرونها نوبًا، وفيه أنه لا تجب الجمعة على من هو خارج المصر ولا يخرجون جميعًا، قال الشوكاني (2): حكى الخطابي (3) الخلاف في أنها من فروض الأعيان أو من فروض الكفايات، وقال: قال أكثر الفقهاء: هي من فروض الكفايات، وذكر ما يدل على أن ذلك قول للشافعي، وقد حكاه المرعشي عن قوله القديم، وقال الدارمي: وغلَّطوا حاكيه، وقال أبو إسحاق المروزي: لا يجوز حكايته هذا عن الشافعي، قال العراقي: نعم هو وجه لبعض الأصحاب، قال: وأما ما ادعاه الخطابي من أن أكثر الفقهاء قالوا: "إن الجمعة فرض على الكفاية" ففيه نظر، فإن مذاهب الأئمة الأربعة متفقة على أنها فرض عين، لكن بشروط يشترطها أهل كل مذهب.

ثم بعد ذكر الأدلة على أن الجمعة من فرائض الأعيان، والجواب عنها، قال: والحق أن الجمعة من فرائض الأعيان على سامع النداء، ثم قال (4) في محل آخر: والمراد بالنداء المذكور في الحديث: هو النداء الواقع بين يدي الإِمام في المسجد؛ لأنه الذي كان في زمن النبوة، لا الواقع على المنارات؛ فإنه محدث، كما سيأتي، وظاهره عدم وجوب الجمعة على من لم يسمع النداء سواء كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة، أو في خارجه، وقد ادعى في "البحر" الإجماع على عدم اعتبار سماع النداء في

(1)"مجمع بحار الأنوار"(4/ 793).

(2)

انظر: "نيل الأوطار"(2/ 500، 501).

(3)

انظر: "معالم السنن"(1/ 244).

(4)

انظر: "نيل الأوطار"(2/ 503).

ص: 36

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

موضعها، واستدل لذلك بقوله:"إذ لم تعتبره الآية"، وأنت تعلم أن الآية قد قيد الأمر بالسعي فيها بالنداء؛ لما تقرر- عند أئمة البيان - من أن الشرط قيد لحكم الجزاء، والنداء المذكور فيها يستوي فيه من في المصر الذي تقام فيه الجمعة، ومن خارجه، نعم إن صح الإجماع، كان هو الدليل على عدم اعتبار سماع النداء لمن في موضع إقامة الجمعة عند من قال بحجية الإجماع، وقد حكى العراقي في "شرح الترمذي" عن الشافعي، ومالك، وأحمد بن حنبل؛ أنهم يوجبون الجمعة على أهل المصر، وإن لم يسمعوا النداء، انتهى.

وقال العيني في "شرح البخاري"(1): اختلف العلماء في وجوب الجمعة على من كان خارج المصر، فقال طائفة (2): تجب على من آواه الليل إلى أهله، روي ذلك عن أبي هريرة وأنس وابن عمر ومعاوية، وهو قول نافع والحسن وعكرمة والحكم والنخعي وأبي عبد الرحمن السلمي وعطاء والأوزاعي وأبي ثور لحديث أبي هريرة مرفوعًا:"الجمعة على من آواه الليل إلى أهله"، رواه الترمذي والبيهقي (3) وضعفاه، ونقل عن أحمد أنه لم يره شيئًا، ومعنى هذا الحديث أنه إذا جمع مع الإِمام أمكنه العود إلى أهله آخر النهار قبل دخول الليل.

قلت: واستشكل هذا المعنى الحافظ في "الفتح"(4) بأنه يلزم منه أنه يجب السعي من أول النهار وهو بخلاف الآية، انتهى.

قلت: ويحتمل أن يكون معنى "على من آواه الليل إلى أهله" أن الجمعة

(1)"عمدة القاري"(5/ 55).

(2)

وحكي ذلك عن جماعة من الحنفية، كما في "الشامي"، [انظر:"رد المحتار"(3/ 30)]. (ش).

(3)

"سنن الترمذي"(502)، "السنن الكبرى"(3/ 176).

(4)

انظر: "فتح الباري"(2/ 385).

ص: 37

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واجبة على من وصل من السفر إلى أهله والوطن، فحاصله أن الجمعة لا تجب على المسافر، فلم يبق الحديث قابلًا للاحتجاج.

ثم قال العيني (1): إنها تجب على من سمع النداء، رُوي ذلك عن عبد الله بن عمر أيضًا، وحكاه الترمذي عن الشافعي وأحمد وإسحاق، وحكاه ابن العربي عن مالك أيضًا، واستدلوا (2) بحديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الجمعة على من سمع النداء"، قال أبو داود: وروى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصورًا على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه، وقال ابن العربي (3): الوجوب على من سمع النداء عند الشافعي (4)، قال: وتعليقه السعي على سماع النداء يسقطه عمن كان في العصر الكبير إذا لم يسمعه.

قلت: قال الحافظ في "الفتح"(5): والذي ذهب إليه الجمهور أنها تجب على من سمع النداء، أو كان في قوة السامع سواء كان داخل البلد أو خارجه، ومحله كما صرح به اشافعي ما إذا كان المنادي صَيِّتًا، والأصوات هادئة والرجل سميعًا، انتهى.

قلت: وهذا القدر لا يكتفي لدفع الاعتراض، فإنه إذا كان البلد كبيرًا كالقسطنطينية، أو بومباي، أو كلكتا، فإنه لا يبلغ صوت المؤذن في نواحيها

(1)"عمدة القاري"(5/ 55).

(2)

كذا في الأصل، وفي "العمدة" واستدل له.

(3)

انظر: "عارضة الأحوذي"(2/ 289).

(4)

وذكره في "البرهان" قول محمد، وفي "العرف الشذي"(1/ 223) أن للحنفية فيه ثمانية أقوال، وبه قال الشامي، وعزا صاحب "الدر المحتار" هذا القول إلى محمد، وحكى عليه الفتوى، وذكر الشامي الاختلاف في الفتوى في ذلك. انظر:"رد المحتار"(3/ 9 - 30). (ش).

(5)

انظر: "فتح الباري"(2/ 385).

ص: 38

1056 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ - يَعْنِى الطَّائِفِىَّ -،

===

وأطرافها، وإن كان المؤذن صَيِّتًا، والرجال سامعين، والأصوات هادئة، فلا تجب عليهم الجمعة على هذا القول، وهذا بخلاف الآية.

ثم قال العيني (1): وقال طائفة: يجب على أهل العصر، ولا يجب على من كان خارجه، سمع النداء أو لم يسمعه، قال شيخنا في "شرح الترمذي": وهو قول أبي حنيفة بناء على قوله: إن الجمعة لا تجب على أهل القرى والبوادي ما لم يكن في العصر، ورجحه القاضي أبو بكر بن العربي، وقال: إن الظاهر مع أبي حنيفة رضي الله عنه.

قلت: مذهب أبي حنيفة: أن الجمعة لا تصح إلَّا في مصر جامع، أو في مصلَّى المصر، نحو مصلَّى العيد، وفي "المفيد" و"الإسبيجاني" و"التحفة": لا تجب الجمعة عندنا إلَّا في مصر جامع، أو في ما هو في حكمه كمصلى العيد، وفي "جوامع الفقه": وأرباض المصر كالمصر، وفي "الينابيع": لو كان منزله خارج المصر لا تجب عليه، قال: وهذا أصح ما قيل فيه، انتهى.

قلت: قال في "البدائع"(2): أما المصر الجامع فشرط وجوب الجمعة وشرط صحة أدائها عند أصحابنا حتى لا تجب الجمعة إلَّا على أهل المصر ومن كان ساكنًا في توابعه، وكذا لا يصح أداء الجمعة إلَّا في المصر وتوابعه، فلا تجب على أهل القرى التي ليست من توابع المصر ولا يصح أداء الجمعة فيها.

1056 -

(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، نا قبيصة) بن عقبة بن محمد بن سفيان السوائي بضم المهملة وتخفيف الواو والمد، أبو عامر الكوفي صدوق، ربما خالف، (نا سفيان) الثوري، (عن محمد بن سعيد - يعني الطائفي-) أبو سعيد

(1)"عمدة القاري"(5/ 55).

(2)

"بدائع الصنائع"(1/ 583).

ص: 39

عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْهٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» . [ق 3/ 173، قط 2/ 6]

===

المؤذن صدوق، قال ابن أبي وارة في "كتاب التفرد" إثر حديث له: محمد بن سعيد ثقة وثقه البيهقي، (عن أبي سلمة بن نبيه) بضم النون مصغرًا المدني مجهول، (عن عبد الله بن هارون) ويقال ابن أبي هارون، حجازي مجهول، هكذا في "التقريب"، وقال في "الميزان" (1): تفرد عنه أبو سلمة بن نبيه.

(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص، (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الجمعة) أي صلاة الجمعة واجبة (على كل من سمع النداء)(2) أي حقيقة أو حكمًا، والنداء هو الأذان أول الوقت، كما هو الآن في زماننا ليعلم الناس وقت الجمعة ليحضروا ويسعوا إلى ذكر الله، وإنما زاده عثمان لينتهي الصوت إلى نواحي المدينة.

وقد ذكر في "شرح المنية"(3): من هو في أطراف المصر ليس بينه وبين المصر فرجة، بل الأبنية متصلة فعليه الجمعة، يعني ولو لم يسمع النداء، وإن كان بينه وبين المصر فرجة من المزارع والمراعي، فلا جمعة عليه، وإن كان يسمع النداء، وعن محمد: إن سمع النداء فعليه الجمعة، انتهى، ولا تلزم مسافرًا بالاتفاق، وحكي عن الزهري والنخعي وجوبها على المسافر إذا سمع النداء.

(1)"ميزان الاعتدال"(2/ 516).

(2)

قلت: ومعنى الحديث عندي على رأي الشيحين أن المراد أن الصلاة في المصر دون القرى، لأن الحديث إذن في قوة قوله:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]، ومحل النداء هو المصر، كما ثبت في موضعه، فيكون الحديث تفسيرًا للآية وردًا لكونها فرض كفاية، وأما على رأي محمد رحمه الله كما يظهر من "الشامي"، أنه محمول على من في فناء المصر، فلو سمع النداء تجب عليه الصلاة. (ش).

(3)

(ص 552).

ص: 40

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنْ سُفْيَانَ مَقْصُورًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، لَمْ يَرْفَعُوهُ (1) وَإِنَّمَا أَسْنَدَهُ قَبِيصَةُ.

===

قال ابن حجر (2): وهذا الحديث ضعيف، لكن ذكر البيهقي له شاهدًا جيدًا، ومن ثم ذكره البغوي في الحسان (3) (قال أبو داود: روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصورًا) أي موقوفًا (على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه، وإنما أسنده قبيصة) والموقوف هو المعروف، والمرفوع منكر.

قال البيهقي (4) بعد إيراد هذا الحديث وقول أبي داود هذا: قال الشيخ: وقبيصة بن عقبة من الثقات، ومحمد بن سعيد هذا هو الطائفي ثقة، له شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا هشام بن خالد، ثنا الوليد، عن زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما الجمعة على من سمع النداء".

هكذا ذكره الدارقطني في كتابه بهذا الإسناد مرفوعًا، وروي عن حجاج بن أرطاة عن عمرو كذلك مرفوعًا، انتهى.

قلت: وحديث حجاج بن أرطاة أخرجه الدارقطني (5) من طريق محمد بن الفضل بن عطية، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، وفي سنده محمد بن الفضل، نسبوه إلى الكذب، وكذلك حديث وليد بن مسلم عن زهير بن محمد، أخرجه الدارقطني أيضًا، وفي سنده زهير بن محمد، روى عن أهل الشام مناكير، والوليد مدلس، وقد روى بالعنعنة، فعلى هذا جميع طرق الحديث متكلم فيه.

(1) وفي نسخة: "فلم يرفعوه".

(2)

"مرقاة المفاتيح"(3/ 246).

(3)

انظر: "مشكاة المصابيح"(1375).

(4)

"السنن الكبرى"(3/ 173).

(5)

"سنن الدارقطني"(2/ 6).

ص: 41