الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، كَانَ يَجْلِسُ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ حَتَّى يَفْرُغَ - أُرَاهُ (1) الْمُؤَذِّنُ - ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَلَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ". [خ 920، م 861، ن 1416، ق 3/ 205، قط 2/ 20]
(230) بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا
1593 -
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ (2) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا زُهَيْرٌ،
===
الخطاب العدوي المدني (عن نافع، عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب) للجمعة (خطبتين، كان) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (يجلس)(3) على المنبر (إذا صعد المنبر حتى يفرغ أراه المؤذن) من أذانه، وزاد لفظ "أراه" لأنه لم يقل أستاذه لفظ المؤذن، فيقول الراوي: أظن أنه أراد بفاعل يفرغ المؤذن.
(ثم) أي بعد ما يفرغ المؤذن من الأذان (يقوم) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيخطب) أي الخطبة الأولى (ثم يجلس) أي جلسة خفيفة (فلا يتكلم) أي في تلك الجلسة (ثم يقوم فيخطب) أي الخطبة الثانية.
(230)
(بَابُ الخُطْبَةِ)(4) أي خطبة الجمعة يخطب (قَائمًا)
1093 -
(حدثنا النفيلي) هو (عبد الله بن محمد، نا زهير،
(1) زاد في نسخة: "قال".
(2)
وفي نسخة: "عبد الله بن محمد النفيلي".
(3)
سنَّة عند الأربعة، ولا يصح نقل النووي وغيره عنا، كما أبطله العيني (5/ 73)، وكذا عن مالك، كما يظهر من الباجي. (انظر: المنتقى 1/ 188). (ش).
(4)
ولم يبوب المصنف لحكم الخطبة، لعله لظهوره، فإنها واجبة عند الأربعة، خلافًا لمنكري التقليد. نعم، اختلفوا هل هي بدل من الركعتين؟ قال مالك: نعم، صرح به في "المدونة"(1/ 384) انتهى، ومختلف عند الشافعية، كما في "الفتح"(2/ 415)، وقال الشامي: لا، وعند الحنابلة بدل من الركعتين لا من الظهر، كما في "نيل المآرب"(ص 95)، و"الروض المربع"(1/ 290)، ظاهر ما سيأتي عن "البدائع"(1/ 589) =
عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ
===
عن سماك، عن جابر بن سمرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب) يوم الجمعة (قائمًا) على الأرض قبل بناء المنبر، فلما بني المنبر يخطب قائمًا عليه، وعليه العمل في جميع أمصار المسلمين.
قال الشوكاني (1): واختلف في وجوبه، فذهب الجمهور إلى الوجوب (2) ونقل عن أبي حنيفة (3) أن القيام سنَّة وليس بواجب، واستدل الجمهور على الوجوب بحديث الباب وبغيره من الأحاديث الصحيحة، وأخرج ابن أبي شيبة (4) عن طاووس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وأول من جلس على المنبر معاوية، وروى ابن أبي شيبة أيضًا عن الشعبي أن معاوية إنما خطب قاعدًا لما كثر شحم بطنه ولحمه، ولا شك أن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين هو القيام حال الخطبة، ولكن الفعل بمجرده لا يفيد الوجوب كما عرفت غير مرة، انتهى.
قلت: قال في "البدائع"(5): ومنها أن يخطب قائمًا فالقيام سنَّة، وليس بشرط حتى لو خطب قاعدًا يجوز عندنا لظاهر النص، وكذا روي عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يخطب قاعدًا حين كبر وأسن، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة إلَّا أنه مسنون في حال الاختيار لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا.
(ثم يجلس) بعد الخطبة الأولى على المنبر جلسة خفيفة (ثم يقوم) على
= نعم، وإليه مال ابن العربي (انظر:"عارضة الأحوذي"(3/ 294، 300). (ش).
(1)
"نيل الأوطار"(2/ 559).
(2)
وهو مختار صاحب "العارضة"، (انظر:"عارضة الأحوذي" 2/ 295). (ش).
(3)
وأحمد كما في "الميزان"(1/ 245)، وهو مختار متونه، كما في "الأوجز"(2/ 404) وهما قولان للمالكية كما في "الدسوقي"(1/ 379)، انتهى. (ش).
(4)
انظر: "مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 112، 113).
(5)
"بدائع الصنائع"(1/ 592).
فَيَخْطُبُ قَائِمًا،
===
المنبر (فيخطب قائمًا) قال الشوكاني (1): واختلف في الجلوس بين الخطبتين، فذهب الشافعي والإمام يحيى إلى وجوبه. وذهب الجمهور إلى أنه غير واجب، استدل من أوجب ذلك بفعله صلى الله عليه وسلم وقوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقد قدمنا الجواب عن مثل هذا الاستدلال، وأنه غير صالح لإثبات الوجوب.
وقد اختلف في وجوب الخطبتين، فذهب إلى وجوبهما العترة والشافعي (2)، وحكى العراقي في شرح "الترمذي" عن مالك وأبي حنيفة والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن المنذر وأحمد بن حنبل - في رواية -: أن الواجب خطبة واحدة، قال: وإليه ذهب جمهور العلماء. ولم يستدل من قال بالوجوب إلَّا بمجرد الفعل مع قوله: "صلُّوا كما رأيتموني" الحديث. وقد عرفت أن ذلك لا ينتهض لإثبات الوجوب، انتهى.
قلت: استدل (3) الحنفية على وجوب الخطبة وكونها شرطًا بوجوه:
الأول: قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (4) والخطبة ذكر الله، فتدخل في الأمر بالسعي لها من حيث أنه ذكر الله، أو المراد بالذكر الخطبة، وقد أمر بالسعي إلى الخطبة، فدل على وجوبها وكونها شرطًا لانعقاد الجمعة.
والثاني: ما روي عن عمر وعائشة -رضي الله تعالى عنهما- أنهما قالا:
(1)"نيل الأوطار"(2/ 556).
(2)
وأحمد في المشهور، كما في حاشية "نيل المآرب"(1/ 265)، و"المغني"(3/ 170). (ش).
(3)
يشكل على هذا الاستدلال أن مقتضى الاختلاف السابق الاستدلال على وجوب وحدة الخطبة، وكلام "البدائع" حجة لإيجاب مطلقها لا وحدتها، (ش).
(4)
سورة الجمعة: الآية 9.
فَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَبَ، فَقَالَ: فَقَدْ - وَاللَّهِ - صَلَّيْتُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَىْ صَلَاةٍ". [م 862، ن 1415، جه 1105، حم 5/ 100]
1094 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، الْمَعْنَى، عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: "كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ (1) بَيْنَهُمَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ
===
"إنما قصرت الصلاة لأجل الخطبة"، أخبرا أن شطر الصلاة سقط لأجل الخطبة، وشطر الصلاة كان فرضًا، فلا يسقط إلَّا لتحصيل ما هو فرض.
والثالث: أن ترك الظهر بالجمعة عرف بالنص، والنص ورد بهذه الهيئة وهي وجوب الخطبة، كذا في "البدائع"(2).
(فمن حدثك أنه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب جالسًا فقد كذب، فقال) أي جابر بن سمرة:(فقد - والله - صليت معه) أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (أكثر من ألفي صلاة) قال الشوكاني (3): قال النووي: المراد الصلوات الخمس لا الجمعة، انتهى، ولا بد من هذا لأن الجمع التي صلاها صلى الله عليه وسلم من عند افتراض صلاة الجمعة إلى عند موته لا تبلغ ذلك المقدار ولا نصفه.
1094 -
(حدثنا إبراهيم بن موسى) أبو إسحاق الفراء الرازي يلقب بالصغير (وعثمان بن أبي شيبة، المعنى) أي معنى حديثهما واحد، (عن أبي الأحوص) سلام بن سليم، (نا سماك) بن حرب، (عن جابر بن سمرة قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتان) يوم الجمعة (يجلس بينهما) و (يقرأ القرآن) أي في الخطبة.
(1) وفي نسخة: "كان يجلس".
(2)
(1/ 589).
(3)
"نيل الأوطار"(2/ 559).
وَيُذَكِّرُ النَّاسَ". [م 862، دي 1557، جه 1106، ن 1584، حم 5/ 94]
1095 -
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:"رَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ قَعْدَةً لَا يَتَكَلَّمُ"، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. [ن 1083، حم 5/ 97]
===
(ويُذَكِّرُ الناس)(1) أي يعظهم، فقراءة القرآن في الخطبة عندنا سنَّة، وعند الشافعي شرط، والصحيح مذهبنا، لأن الله تعالى أمر بالذكر مطلقًا عن قيد القعدة والقراءة، فلا تجعل شرطًا للخبر الواحد، لأنه يصير ناسخًا لحكم الكتاب، وأنه لا يصلح ناسخًا له، ولكن يصلح مكملًا له، فقلنا: إن قدر ما ثبت بالكتاب يكون فرضًا، وما ثبت بالخبر الواحد يكون سنَّة عملًا بهما بقدر الإمكان، كذا في "البدائع"(2).
1095 -
(حدثنا أبو كامل) فضيل بن حسين، (نا أبو عوانة) الوضَّاح اليشكري، (عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا ثم يقعد قعدة) خفيفة (لا يتكلم) في القعدة (وساق) أبو عوانة (الحديث).
وقد أخرج الإِمام أحمد في "مسنده"(3) هذا الحديث تامًا من طريق عفان، ثنا أبو عوانة، ثنا سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا، ثم يقعد قعدة، لا يتكلم، ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى على منبره، فمن حدثك أنه يراه يخطب قاعدًا فلا تصدقه.
(1) قال الشعراني في "الميزان"(2/ 177): قال الشافعي ومالك في أرجح قوله: إن للخطبة خمسة أركان، التحميد، والصلاة، والوعظ، والقرآن، والدعاء، وقال الصاحبان: الكلام الطويل، وقال الإِمام: بالذكر مطلقًا كما في "الهداية"(1/ 82)، وهو رواية مالك وأحمد مع الأولين كما في حاشية "نيل المآرب"(1/ 198)، وزيادة قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} الآية [النحل: 90] في آخر الخطبة من عمر بن عبد العزيز، قاله القاري (3/ 372). (ش).
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 590).
(3)
انظر: "مسند أحمد"(5/ 89، 90).