الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(211) بَابُ فَضْلِ الْجُمُعَةِ
1050 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ"
===
فلم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة، ورجحه كثير من الأئمة أيضًا كأحمد وإسحاق، ومن المالكية الطرطوشي، وحكى العلائي أن شيخه ابن الزملكاني شيخ الشافعية في وقته كان يختاره ويحكيه عن نص الشافعي.
وأجابوا عن كونه ليس في أحد الصحيحين بأن الترجيح بما في الصحيحين أو أحدهما إنما هو حيث لا يكون بما انتقده الحفاظ، كحديث أبي موسى هذا، فإنه أعل بالانقطاع والاضطراب، أما الانقطاع فلأن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، وأما الاضطراب فقد رواه أبو إسحاق وواصل الأحدب ومعاوية بن قرة وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من أهل الكوفة، وأبو بردة كوفي فهم أعلم بحديثه من بكير المدني، وهم عدد، وهو واحد، وبهذا جزم الدارقطني بأن الموقوف هو الصواب.
وسلك صاحب "الهدي"(1) مسلكًا آخر، فاختار أن ساعة الإجابة منحصرة في أحد الوقتين المذكورين، وأن أحدهما لا يعارض الآخر، وسبق إلى نحو ذلك الإِمام أحمد وهو أولى في طريق الجمع.
(211)
(بَابُ فَضْلِ الْجُمُعَةِ)
أي فضل صلاة الجمعة
1050 -
(حدثنا مسدد، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن الوضوء) أي أكمله (ثم أتى الجمعة) أي المسجد لصلاة الجمعة.
(1) انظر: "زاد المعاد"(1/ 394).
قال: "فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا". [م 857، ق 3/ 223]
1051 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِى (1) عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِىُّ، عَنْ مَوْلَى امْرَأَتِهِ أُمِّ عُثْمَانَ
===
(قال) هكذا في أكثر النسخ الهندية وليس في المصرية والكانفورية، والضمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فاستمع وأنصت)(2) ولم يلغ فيها، (غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة)(3) أي ما كان فيها من الخطايا والزلات (وزيادة ثلاثة أيام)، أي غفر له ما صدر منه من الخطايا في ثلاثة أيام زائدة على الأسبوع، لأن الحسنة بعشرة أمثالها (4).
(ومن مس الحصى) أي لتسويتها، سواء مسها في الصلاة أو قبلها بطريق اللعب في حال الخطبة (فقد لنا) أي ارتكب (5) اللغو المنهي عنه، فلا يحصل له كمال الفضيلة.
1051 -
(حدثا إبراهيم بن موسى) الرازى، (أنا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق، (نا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني عطاء) بن أبي مسلم (الخراساني) واسم أبي مسلم ميسرة، أبو عثمان، (عن مولى امرأته أم عثمان) ولم أقف على ترجمة مولى امرأة عطاء أم عثمان فيما عندي من الكتب، لكن قال الشوكاني في "النيل" (6): حديث علي في إسناده رجل مجهول؛ لأن عطاء
(1) وفي نسخة: "قال: حدثني".
(2)
في "الموطأ"(237) عن عثمان: "أن للمنصت مثل ما للسامع". (ش).
(3)
الماضية، كما في رواية "المشكاة"(1387). (ش).
(4)
هذا إذا احتسب من صلاة الجمعة إلى مثلها، لكنها إذا احتسب من صبحة جمعة إلى الجمعة الأخرى تزيد على عشرة، كذا في "العرف الشذي"(1/ 221). (ش).
(5)
قال في "المجمع"(4/ 505): أي تكلم، أو عدل عن الصواب، أو خاب، والأصل الأول، جعل المس كاللغو لأنه يشغله عن سماع الخطبة كما يشغله الكلام. (ش).
(6)
"نيل الأوطار"(2/ 564).
قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ غَدَتِ الشَّيَاطِينُ بِرَايَاتِهَا إِلَى الأَسْوَاقِ، فَيَرْمُونَ (1) النَّاسَ بِالتَّرَابِيثِ أَوِ الرَّبَائِثِ
===
الخراساني رواه عن مولى امرأته أم عثمان قال: سمعت عليًا، الحديث.
(قال) أي مولى امرأة عطاء: (سمعت عليًا رضي الله عنه على منبر الكوفة يقول: إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين) أي يمشون (براياتها) جمع راية، وهي العلم الذي في العسكر، ويحتمل أن يكون معناه الغل والطوق الذي في العنق، وهذا المعنى أقرب، قال في "المجمع" (2): وفيه "الدين راية الله في الأرض يجعلها في عنق من أذله"(3)، انتهى. وقال في "القاموس": والقلادة هي التي توضع في عنق الغلام الآبق، قال ابن الأثير (4): الراية حديدة (5) مستديرة على قدر العنق تجعل فيه، ومنه حديث قتادة في العبد الآبق "كره له الراية ورخص في القيد" وهما من تأليف ياءين وراءٍ، قاله في "اللسان"(6).
(إلى الأسواق فيرمون) قال في "المجمع" عن شرح "الجامع الصغير": فإنما هو يربثون (الناس) أي مكان يرمون الناس (بالترابيث أو الربائث) قال في "فتح الودود": قال الخطابي (7): إنما هو الربائث جميع ربيثة، وهي ما يعوق الإنسان عن الوجه الذي يتوجه إليه، وأما الترابيث فليس بشيء، وقال في "النهاية" (8): يجوز- إن صحت الرواية- أن يكون جمع تربيثة، وهي المرة الواحدة من التربيث، يقال: رَبَّثه عن الأمر تربيثًا، وتربيثة واحدة إذا حبسه وثبطه.
(1) وفي نسخة: "فيربثون".
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(2/ 415).
(3)
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 24).
(4)
"النهاية"(2/ 291).
(5)
وفي الأصل: "مديدة" وهو تحريف.
(6)
"لسان العرب"(5/ 396).
(7)
"معالم السنن"(1/ 243).
(8)
"النهاية"(2/ 182).
وَيُثَبِّطُونَهُمْ عَنِ الْجُمُعَةِ، وَتَغْدُو الْمَلَائِكَةُ فتجلس (1) عَلَى باب (2) الْمَسْجِدِ فَيَكْتُبُونَ الرَّجُلَ مِنْ سَاعَةٍ وَالرَّجُلَ مِنْ سَاعَتَيْنِ حَتَّى يَخْرُجَ الإِمَامُ، فَإِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الاِسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ، فَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ كِفْلَانِ مِنْ أَجْرٍ (3) ، وَإِنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الاِسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ فَلَغَا وَلَمْ يُنْصِتْ، كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنْ وِزْرٍ،
===
(ويثبطونهم) أي: يعوقونهم (عن الجمعة) أي عن صلاتها، (وتغدو الملائكة فتجلس على باب المسجد، فيكتبون الرجل) الداخل في المسجد (من ساعة)(4) أي بعد ساعة الأذان أو من أهل ساعة واحدة، والمراد بالساعة: الساعة العرفية، (والرجل) الداخل (من ساعتين) أي يكتبون الرجل الداخل في المسجد بعد الساعتين، أو يكتبون الرجل من أهل الساعتين، (حتى يخرج الإمام) أي للخطبة.
(فإذا جلس الرجل مجلسًا يستمكن فيه من الاستماع) للخطبة (والنظر) إلى الإِمام (فأنصت) أي سكت سكوت مستمع، (ولم يلغ) أي لم يرتكب اللغو من الفعل والقول، وإن كان من قبيل الأمر بالمعروف، (كان له كفلان) أي نصيبان (من أجر، وإن جلس مجلسًا يستمكن فيه من الاستماع) للخطبة (والنظر) إِلى الإِمام (فلغا ولم ينصت كان له كفل) أي نصيب، وفي "البيهقي" (5): كفلان أو كفل (من وزر) الوزر الحمل والثقل، ويطلق كثيرًا على الإثم والذنب.
(1) وفي نسخة: "فيجلسون".
(2)
وفي نسخة: "أبواب".
(3)
وفي نسخة: "الأجر"، وفي نسخة:"فإن نأى وجلس حيث لا يسمع فأنصت، ولم يلغ، كان له كفل من أجر، وإن جلس مجلسًا يستمكن فيه من الاستماع والنظر فلغا ولم ينصت كان عليه كفلان من وزر".
(4)
من الصباح عند الجمهور، ومن الزوال عند مالك. (ش).
(5)
انظر: "السنن الكبرى"(3/ 220).
وَمَنْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِصَاحِبِهِ: صَهْ، فَقَدْ لَغَا، وَمَنْ لَغَا فَلَيْسَ لَهُ فِى جُمُعَتِهِ تِلْكَ شَىْءٌ. ثُمَّ يَقُولُ فِى آخِرِ ذَلِكَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ". [حم 1/ 93، ق 3/ 220]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: بِالرَّبَائِثِ. وَقَالَ: مَوْلَى امْرَأَتِهِ أُمِّ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ.
===
(ومن قال يوم الجمعة لصاحبه) أي لمن هو قريبه: (صه) أي هذه الكلمة الخفيفة المركبة من حرفين ومعناها اسكت (فقد لغا) وإن كان هذا من قبيل الأمر بالمعروف.
(ومن لغا فليس له في جمعته تلك) أي التي لغا فيها (شيء) من الأجر أي الفضيلة وإلَّا فقد حصل له نفس الصلاة وسقوط الفرض (ثم يقول) علي بن أبي طالب (في آخر ذلك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك) الحديث.
(قال أبو داود: رواه الوليد بن مسلم عن ابن جابر، قال) الوليد: (بالربائث) أي جزمًا، ولم يقل بالشك بين الترابيث والربائث (وقال) الوليد:(مولى امرأته أم عثمان بن عطاء) فزاد لفظ ابن عطاء يعني أن عثمان ابن لعطاء، كما أنه ابن لامرأته أم عثمان، وليس ابنها من غيره (1).
وقد أخرج هذا الحديث الإِمام أحمد في "مسنده": حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله، عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء الخراساني أنه حدثه عن مولى امرأته، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا كان يوم الجمعة خرجت
(1) قال ابن أبي حاتم في "علله"(1/ 207) رقم (599): "سألت أبي عن حديث رواه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عطاء الخراساني عن مولى أم عثمان امرأته عن علي
…
الحديث، قال: ورواه حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن رجل قوله موقوف، قلت لأبي: ما الصحيح؟ قال: حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أشبه، وحماد لم يحفظ".