الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ الْعِيدَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ". [م 887، ت 532، حم 5/ 91، ش 2/ 168، خزيمة 1432، حب 2819]
(253) بَابُ التَّكْبِيرِ في الْعِيدَيْنِ
1149 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ (1) ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (2) صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ
===
أي جابر: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين) أي بل أكثر من ذلك (العيدين بغير أذان ولا إقامة).
قال الشوكاني (3): وأحاديث الباب تدل على عدم شرعية الأذان والإقامة في صلاة العيدين، قال العراقي: وعليه عمل العلماء كافة.
وقال ابن قدامة في "المغني"(4): ولا نعلم في هذا خلافًا ممن يعتد بخلافه، إلَّا أنه روي عن ابن الزبير أنه أذن وأقام، قال: وقيل: إن أول من أذن في العيدين زياد، وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (5). بإسناد صحيح عن ابن المسيب قال: أول من أحدث الأذان في العيد معاوية رضي الله عنه، وقد زعم ابن العربي أنه رواه عن معاوية رضي الله عنه من لا يوثق به.
(253)
(بَابُ التَّكْبِيرِ (6) في العِيْدَيْنِ)، أي في صلاتهما
1149 -
(حدثنا قتيبة، نا ابن لهيعة، عن عقيل) بالضم مصغرًا ابن خالد بن عقيل مكبرًا، (عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر
(1) زاد في نسخة: "ابن سعيد".
(2)
وفي نسخة: "النبي".
(3)
"نيل الأوطار"(2/ 595).
(4)
"المغني"(3/ 267).
(5)
"مصنف ابن أبي شيبة"(5665).
(6)
قال ابن العربي (3/ 7): لم يصح فيه شيء. (ش).
في الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، في الأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا (1) ". [ق 3/ 286، جه 1280]
1150 -
حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ:"سِوَى تَكْبِيرَتَىِ الرُّكُوعِ". [انظر سابقه]
1151 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِىَّ
===
في الفطر والأضحى، في الأولى سبع تكبيرات (2)، وفي الثانية خمسًا).
1150 -
(حدثنا ابن السرح، أنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد) الجمحي، (عن ابن شهاب بإسناده ومعناه) أي باتحاد إسناد الحديث المتقدم واتحاد معناه، وزاد (قال) ابن وهب:(سوى تكبيرتي الركوع) قال الشوكاني (3): وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف، وذكر الترمذي في "كتاب العلل" أن البخاري ضعف هذا الحديث، وزاد ابن وهب في هذا الحديث "سوى تكبيرتي الركوع"، وزاد إسحاق "سوى تكبيرة الافتتاح"، ورواه الدارقطني (4) أيضًا.
1151 -
(حدثنا مسدد، نا المعتمر قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب، أبو يعلى الثقفي، عن ابن معين:
(1) وفي نسخة: "خمس تكبيرات".
(2)
ولا ذكر بينهما عندنا ومالك، وعند أحمد يقول: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا، وصلَّى الله تبارك وتعالى على سيدنا محمد النبي وآله وسلَّم تسليمًا، كما في "الروض المربع"(1/ 100)، وعند الشافعي يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، كما في "شرح الإقناع"(1/ 110). (ش).
(3)
"نيل الأوطار"(2/ 599).
(4)
"سنن الدارقطني"(2/ 46 - 47).
يُحَدِّثُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (1) قَالَ: قَالَ نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «التَّكْبِيرُ فِى الْفِطْرِ سَبْعٌ فِى الأُولَى، وَخَمْسٌ فِى الآخِرَةِ، وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا» . [جه 1278، حم 2/ 180، ق 3/ 285، قط 2/ 48]
1152 -
حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ حَيَّانَ -، عَنْ أَبِى يَعْلَى الطَّائِفِىِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:"أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ فِى الْفِطْرِ فِى الأُولَى سَبْعًا (2) ، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يَرْكَعُ". [انظر سابقه]
===
ضعيف، وعنه: صالح، وعنه: ليس به بأس، وقال النسائي: ليس بذلك القوي، ويكتب حديثه، وقال البخاري: فيه نظر، وحكى ابن خلفون أن ابن المديني وثقه، وقال الدارقطني: طائفي يعتبر به، وقال العجلي: ثقة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، له في "مسلم" حديث واحد:"كَادَ أمية أن يسلم".
(يحدث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: التكبير في الفطر سبع في الأولى) أي في الركعة الأولى (وخمس في الآخرة) أي في الركعة الثانية (والقراءة بعدهما) أي بعد التكبيرتين (كلتيهما).
1152 -
(حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، نا سليمان يعني ابن حيان) بتحتانية، الأزدي، أبو خالد الأحمر الكوفي الجعفري نزل فيهم، قال في "التقريب": صدوق يخطئ، (عن أبي يعلى الطائفي) وهو عبد الله بن عبد الرحمن المتقدم، (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر في الأولى) أي في الركعة الأولى (سبعًا) أي سبع تكبيرات (ثم يقرأ ثم يكبر) أي للركوع (ثم يقوم) بعد الفراغ من السجدتين (فيكبر أربعًا، ثم يقرأ، ثم يركع،
(1) وفي نسخة: "العاصي".
(2)
وفي نسخة: "بسبع".
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ وَكِيعٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَا: سَبْعًا وَخَمْسًا (1).
===
قال أبو داود: رواه وكيع وابن المبارك) أي عن عبد الله بن عبد الرحمن، وقد أخرج حديث ابن المبارك ابن ماجه في "سننه"، ولم أقف على حديث وكيع (2) (قالا: سبعًا وخمسًا) كما في رواية المعتمر، وهذا إشارة إلى أن ما خالف سليمان بن حيان عن أبي يعلى، وقال: فيكبر أربعًا، كأنه شاذ.
قال الشوكاني (3) في "النيل"(4): وقد اختلف العلماء في عدد التكبيرات في صلاة العيد في الركعتين، وفي موضع التكبير على عشرة أقوال:
أحدها: أنه يكبر في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة، قال العراقي: وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة، قال: وهو مروي عن عمر، وعلي، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وجابر، وابن عمر، وابن عباس، وأبي أيوب، وزيد بن ثابت، وعائشة، وهو قول الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وعمر بن عبد العزيز والزهري ومكحول، وبه يقول مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، قال الشافعي والأوزاعي وإسحاق وأبو طالب وأبو العباس: إن السبع في الأولى بعد تكبيرة الإحرام.
القول الثاني: أن تكبيرة الإحرام معدودة من السبع في الأولى، وهو قول أحمد ومالك والمزني وهو قول المنتخب.
القول الثالث: أن التكبير في الأولى سبع، وفي الثانية سبع، روي ذلك عن أنس بن مالك والمغيرة بن شعبة وابن عباس وسعيد بن المسيب والنخعي.
(1) وفي نسخة: "سبع وخمس".
(2)
أخرج روايته ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 172)، وأحمد في "مسنده"(2/ 180)، وزاد أحمد:"ولم يصل قبلها ولا بعدها".
(3)
مذاهب الأئمة أنها سبع في الأولى بدون تكبيرة الافتتاح عند الشافعي، ومعه عند مالك وأحمد، وأما في الثانية فخمس بدون تكبيرة القيام عن السجود عندهم كلهم، والقراءة بعدها في كلتيهما، وأما عندنا فالزوائد ثلاث، وبسط في "الأوجز"(3/ 638). (ش).
(4)
"نيل الأوطار"(2/ 599).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والقول الرابع: في الأولى ثلاث بعد تكبيرة الإحرام قبل القراءة، وفي الثانية ثلاث بعد القراءة، وهو مروي عن جماعة من الصحابة ابن مسعود وأبي موسى وأبي مسعود الأنصاري، وهو قول الثوري وأبي حنيفة.
والقول الخامس: يكبر في الأولى ستًا بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة، وفي الثانية خمسًا بعد القراءة، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، ورواه صاحب "البحر" عن مالك.
القول السادس: يكبر في الأولى أربعًا غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية أربعًا، وهو قول محمد بن سيرين، روي عن الحسن ومسروق والأسود والشعبي وأبي قلابة، وحكاه صاحب "البحر" عن ابن مسعود وحذيفة وسعيد بن العاص.
القول السابع: كالقول الأول، إلَّا أنه يقرأ في الأولى بعد التكبير، ويكبر في الثانية بعد القراءة، حكاه في "البحر" عن القاسم والناصر.
القول الثامن: التفرقة بين عيد الفطر والأضحى، فيكبر في الفطر إحدى عشرة، ستًا في الأولى وخمسًا في الثانية، وفي الأضحى ثلاثًا في الأولى وثنتين في الثانية، وهو مروي عن علي بن أبي طالب، كما في "مصنف ابن أبي شيبة"(1)، ولكنه من رواية الحارث الأعور عنه.
القول التاسع: التفرقة بينهما على وجه آخر، وهو أن يكبر في الفطر إحدى عشرة تكبيرة، وفي الأضحى تسعًا، وهو مروي عن يحيى بن يعمر.
القول العاشر: كالقول الأول إلَّا أن محل التكبير بعد القراءة، وإليه ذهب الهادي والمؤيد بالله وأبو طالب.
احتج أهل القول الأول بما في الباب من الأحاديث المصرحة بعدد التكبير، وكونه قبل القراءة، قال ابن عبد البر (2): وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(5700).
(2)
انظر: "الاستذكار"(7/ 49).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
طريق (1) حسان أنه كبر في العيدين سبعًا في الأولى، وخمسًا في الثانية من حديث عبد الله بن عمر وابن عمرو وجابر وعائشة وأبي واقد وعمرو بن عوف المزني، ولم يرو عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا، وهو أولى ما عمل به، انتهى.
وقد تقدم في حديث عائشة عند الدارقطني: "سوى تكبيرة الافتتاح"، وعن أبي داود:"سوى تكبيرتي الركوع"، وهو دليل لمن قال: إن السبع لا تعد فيها تكبيرة الافتتاح والركوع، والخمس لا تعد فيها تكبيرة الركوع، انتهى.
قلت: وخلاصة ما تكلم الشوكاني في أحاديث هذا الباب أنه قال: حديث عمرو بن شعيب، قال العراقي: إسناده صالح، ونقل الترمذي في "العلل المفردة" عن البخاري أنه قال: إنه حديث صحيح، قلت: قال الزيلعي (2) في "نصب الراية"(3): قال ابن القطان في كتابه: والطائفي هذا ضعفه جماعة، وقال الذهبي في "الميزان" (4): قال ابن معين: صويلح، وقال مرة: ضعيف، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وكذا قال أبو حاتم، قال ابن عدي: أما سائر حديثه فعن عمرو بن شعيب، وهي مستقيمة فهو ممن يكتب حديثه، قلت: ثم خلطه بمن بعده فوهم، انتهى، قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": وقال البخاري: فيه نظر، انتهى.
قلت: فكيف يسلم أن البخاري يحكم على حديثه بالصحة.
ثم ذكر الشوكاني (5). حديث عمرو بن عوف، وقال: في إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، قال الشافعي وأبو داود: إنه ركن من أركان الكذب، وقال ابن حبان: له نسخة موضوعة عن أبيه عن جده، وقد تقدم
(1) كذا في "النيل" والظاهر من طرق. (ش).
(2)
كذا في بسط الكلام عليه، وعلى سائر روايات التكبير في العيدين، في "شرح الإحياء"(3/ 639). (ش).
(3)
"نصب الراية"(2/ 217).
(4)
"ميزان الاعتدال"(2/ 452).
(5)
"نيل الأوطار"(2/ 598).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الكلام، قال الحافظ في "التلخيص" (1): وقد أنكر جماعة تحسينه على الترمذي، وأجاب النووي في "الخلاصة" عن الترمذي في تحسينه فقال: لعله اعتضد بشواهد غيرها، انتهى.
قلت: هذا لا يجديه نفعًا، فإنه لو كان عنده شواهد يلزم أن يذكرها لينظر فيها، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي، وقد قال الحافظ في "التقريب": ضعيف، من السابعة، ومنهم من نسبه إلى الكذب، وقال في "التلخيص" (2) على هذا الحديث: وكثير ضعيف مع أن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لا يخلو عن وهن وضعف.
ثم ذكر الشوكاني (3) حديث سعد المؤذن أخرجه ابن ماجه، ثم قال: قال العراقي: وفي إسناده ضعف.
قلت: قال الشيخ النيموي (4): هو من طريق عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده، أما عبد الرحمن بن سعد بن عمار فقال الذهبي في "الميزان" (5).: ليس بذاك، قال الخزرجي في "الخلاصة": ضعفه ابن معين، وقال الحافظ في "التقريب": ضعيف، وأما سعد بن عمار فقال في "الميزان" (6): لا يكاد يعرف، وقال في "التقريب": مستور.
ثم ذكر الشوكاني (7) حديث عبد الرحمن بن عوف عند البزار في "مسنده"(8) ثم قال: وفي إسناده الحسن البجلي، وهو لين الحديث، وقد صحح
(1)"التلخيص الحبير"(2/ 200).
(2)
"التلخيص الحبير"(2/ 199).
(3)
"نيل الأوطار"(2/ 598).
(4)
"آثار السنن"(2/ 105).
(5)
"ميزان الاعتدال"(2/ 566).
(6)
"ميزان الاعتدال"(2/ 124).
(7)
"نيل الأوطار"(2/ 599).
(8)
انظر: "كشف الأستار"(1/ 314).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الدارقطني إرسال هذا الحديث، قلت: ذكر الذهبي تضعيف الحسن بن عمارة البجلي في "الميزان"(1) مفصلًا ومطولًا.
ثم ذكر الشوكاني عن ابن عباس عند الطبراني (2)، ثم قال: في إسناده سليمان بن أرقم، وهو ضعيف، ثم ذكر عن جابر عند البيهقي (3) قال: مضت السنَّة أن يكبر للصلاة في العيدين سبعًا وخمسًا، وعن ابن عمر عند البزار والدارقطني (4)، وفي إسناده فرج بن فضالة وثقه أحمد، وقال البخاري ومسلم: منكر الحديث.
قلت: وقال الحافظ في "التلخيص"(5): قال أبو حاتم: هو خطأ.
ثم ذكر الشوكاني حديث عائشة عند أبي داود، ثم قال: وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف، وذكر الترمذي في "كتاب العلل" أن البخاري ضعف هذا الحديث، انتهى.
قلت: ثم الأنسب عندي أن أذكر ما قال صاحب "الجوهر النقي"(6) على أحاديث البيهقي في هذا الباب فقال: ذكر (البيهقي) فيه حديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفي رواية عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، ثم ذكر (البيهقي) حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أنه عليه السلام كان يكبر، الحديث.
ثم قال (البيهقي)(7): قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمدًا- يعني
(1)"ميزان الاعتدال"(1/ 513).
(2)
انظر: "مجمع الزوائد"(2/ 207).
(3)
انظر: "السنن الكبرى"(3/ 292).
(4)
"سنن الدارقطني"(2/ 47 - 48).
(5)
"التلخيص الحبير"(2/ 201).
(6)
انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (3/ 285 - 286).
(7)
انظر: "السنن الكبرى"(3/ 286).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
البخاري- عن هذا الحديث فقال: ليس في هذا الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول، قال: وحديث عبد الله بن عبد الرحمن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذا الباب صحيح أيضًا.
قلت: في حديث عمرو بن شعيب هذا بعد اضطراب متنه كما بينه البيهقي أن عبد الله الطائفي متكلم فيه، قال أبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي، وفي كتاب ابن الجوزي ضعفه يحيى، وهو وإن خرج له مسلم في المتابعات على ما قاله صاحب "الكمال". فالبيهقي تكلم فيمن هو أجل منه ممن احتج بهم في الصحيح كحماد بن سلمة وأمثاله لكونهم تكلم فيهم وإن كان الكلام فيهم دون الكلام الذي في الطائفي هذا، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، قال فيه الشافعي: ركن من أركان الكذب، وقال أبو داود: كذَّاب، وقال ابن حبان: يروي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلَّا على جهة التعجب، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن حنبل: منكر الحديث ليس بشيء، وقال عبد الله بن أحمد: ضرب أبي على حديثه في "المسند"، ولم يحدث عنه، وقال أبو زرعة وأهل الحديث: فكيف يقال في حديث هذا في سنده: ليس في هذا الباب شيء أصح من هذا؟ .
ثم ذكر البيهقي حديث ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، قلت: مدار هذا الحديث على ابن لهيعة وقد ضعفه جماعة، وذكر عند يحيى احتراق كتبه فقال: هو ضعيف قبل أن تحترق وبعد ما احترقت.
ثم ذكر البيهقي حديث بقية عن الزبيدي عن الزهري عن حفص بن عمر بن سعد بن قرظ أن أباه وعمومته أخبروه عن أبيهم سعد بن قرظ أن السنَّة في صلاة الأضحى والفطر
…
إلخ.
قلت: فيه شيئان، أحدهما: أن بقية متكلم فيه، الثاني: أنه وقع في هذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الكتاب في الموضعين سعد بن قرظ، وكذا رأيته في نسخة أخرى مسموعة، قال في "كتاب المعرفة": ورويناه من حديث أولاد سعد القرظ عن آبائهم عن سعد، وهو الصواب، إذ لا يعلم أحد يقال له: سعد بن قرظ، وخرج ابن منده هذا الحديث بهذا السند في ترجمة سعد القرظ في كتاب "معرفة الصحابة" له.
ثم ذكر البيهقي (1) حديث عبد الرحمن بن سعد حدثني عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد وعمر بن حفص بن عمر بن سعد عن آبائهم عن أجدادهم أنه عليه السلام كبر
…
إلخ.
قلت: فيه أشياء، أحدها: أن عبد الرحمن بن سعد بن عمار منكر الحديث، وفي "الكمال": سئل عن ابن معين فقال: ضعيف، الثاني: أنه مع ضعفه اضطربت روايته لهذا الحديث، فرواه البيهقي عنه كما تقدم، وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (2):"كان يكبر في العيدين في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة"، الثالث: أن عبد الله بن محمد بن عمار ضعفه ابن معين، ذكره الذهبي، وقال أيضًا: عمر بن حفص بن عمر بن سعد عن أبيه قال ابن معين: ليس بشيء، وذكر صاحب "الميزان" (3): أن عثمان بن سعيد ذكر ليحيى هذا الحديث ثم قال: كيف حال هؤلاء؟ قال: ليسوا بشيء.
الرابع: أن حفصًا والد عمر المذكور في هذا السند إن كان حفص بن عمر المذكور في السند الأول فقد اضطربت روايته لهذا الحديث، رواه ههنا عن سعد القرظ، وفي ذلك السند رواه عن أبيه وعمومته عن سعد القرظ، فظهر من هذا أن الأحاديث التي ذكرها البيهقي في هذا الباب لا تسلم من الضعف، وكذا سائر الأحاديث الواردة في هذا الباب، ولهذا قال ابن رشد: وإنما صار الجميع
(1) انظر: "السنن الكبرى"(3/ 288 - 289).
(2)
"سنن ابن ماجه"(1277).
(3)
"ميزان الاعتدال"(2/ 490).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
إلى الأخذ بأقاويل الصحابة رضي الله عنهم في هذه المسألة، لأنه لم يثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، نقل ذلك عن أحمد بن حنبل، وفي "التحقيق" لابن الجوزي: قال ابن حنبل: ليس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير في العيدين حديث صحيح.
ثم خرج البيهقي عن عبد الملك - هو ابن أبي سليمان - عن عطاء: كان ابن عباس يكبر في العيدين ثنتي عشر، سبع في الأولى وخمس في الآخرة، ثم قال: هذا إسناد صحيح، وقد قيل: فيه عن عبد الملك بن أبي سليمان ثلاث عشرة تكبيرة، سبع في الأولى، وست في الآخرة، وكأنه عد تكبيرة القيام، فقد أخبرنا أبو عبد الله فذكر بسنده أن ابن عباس كبر في العيد في الأولى سبعًا ثم قرأ، وفي الثانية خمسًا (1).
قلت: قد اختلف في تكبير ابن عباس، فذكر البيهقي وجهين من رواية عبد الملك، وتأول الثاني، وذكر ابن أبي شيبة (2) وجهًا ثالثًا، فقال: ثنا هشيم، أنا خالد - هو الحذاء -، عن عبد الله بن الحارث - هو أبو الوليد نسيب ابن سيرين - قال: صلَّى بنا ابن عباس يوم عيد، فكبر تسع تكبيرات، خمسًا في الأولى وأربعًا في الآخرة، ووالى بين القراءتين، وهذا سند صحيح.
وقال ابن حزم: روينا من طريق شعبة عن خالد الحذاء وقتادة كلاهما عن عبد الله بن الحارث هو ابن نوفل قال: كبر ابن عباس يوم العيد في الركعة الأولى أربع تكبيرات، ثم قرأ ثم ركع ثم قام، فقرأ ثم كبر ثلاث تكبيرات سوى تكبيرة الركوع، قال: وروينا من طريق يحيى القطان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس في التكبير في العيدين قال: يكبر تسعًا، أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، قال: وهذان سندان في غاية الصحة.
وقال ابن أبي شيبة: ثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس
(1)"السنن الكبرى"(3/ 288).
(2)
انظر: "مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 174).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أنه كان يكبر في العيد، في الأولى سبع تكبيرات بتكبيرة الافتتاح، وفي الآخرة ستًا بتكبيرة الركعة كلهن قبل القراءة، وهذا أيضًا إسناد صحيح صرح فيه بأن السبع في الأولى بتكبيرة الافتتاح، فإن كان رواية عبد الملك عن عطاء كذلك، والمراد بها أن السبع بتكبيرة الافتتاح، فمذهب الشافعي مخالف للروايتين، فإنه ذكر أن السبع في الأولى ليس فيها تكبيرة الافتتاح.
ثم قال: وكما ذكرت روي عن ابن عباس، وإن كان المراد برواية عبد الملك ذلك، وإن السبع ليس فيها تكبيرة الافتتاح كما ذهب إليه الشافعي، فرواية ابن جريج عن عطاء مخالفة لها، فكان الأولى بالشافعي اتِّباع رواية ابن جريج، لأن رواية عبد الملك محتملة، ورواية ابن جريج مصرحة بأن السبع بتكبيرة الافتتاح، ولجلالة ابن جريج وثقته خصوصًا في عطاء، فإنه أثبت الناس فيه، قاله ابن حنبل، وقال ابن المديني: ما كان في الأرض أعلم بعطاء من ابن جريج.
وأما عبد الملك فهو وإن أخرج له مسلم فقد تكلموا فيه، ضعفه ابن معين، وتكلم فيه شعبة لتفرده بحديث الشفعة، وقيل لشعبة: تحدث عن محمد بن عبيد الله العرزمي وتدع حديث عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، وهو حسن الحديث؟ ، قال: من حسنها فررت، ذكره البيهقي في "باب شفعة الجوار" على أن ظاهر رواية عبد الملك أنها موافقة لرواية ابن جريج، وإن السبع بتكبيرة الافتتاح إذ لو لم تكن منها لقيل: كبر ثمانيًا.
وعلى تقدير مخالفة رواية ابن جريج لرواية عبد الملك يلزم البيهقي إطراح رواية عبد الملك لمخالفتها رواية ابن جريج، لأنه قال فيما مضى في "باب التراب في ولوغ الكلب": عبد الملك بن أبي سليمان لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات، وإلى العمل بمقتضى رواية ابن جريج ذهب مالك وأحمد بن حنبل فإنهما جعلا السبع بتكبيرة الافتتاح.
ثم إن البيهقي أخرج رواية عمار مولى بني هاشم من طريق يحيى بن
1153 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَابْنُ أَبِى زِيَادٍ - الْمَعْنَى قَرِيبٌ - قَالَا: حَدَّثَنَا زَيْدٌ - يَعْنِى ابْنَ حُبَابٍ -، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: "أَخْبَرَنِى أَبُو عَائِشَةَ - جَلِيسٌ لأَبِى هُرَيْرَةَ -
===
أبي طالب جعفر بن عبد الله بن الزبرقان عن عبد الوهاب بن عطاء عن حميد عن عمار
…
إلخ، وعبد الوهاب تقدم كلام أحمد وغيره فيه، وتقدم أيضًا أن يحيى كذبه موسى بن هارون، وخط أبو داود السجستاني على حديثه، وقال فيه أبو أحمد الحافظ: ليس بالمتين، وقد أخرج ابن أبي شيبة رواية عمار هذا فقال: حدثنا يزيد بن هارون أنا حميد عن عمار فذكره، فعدل البيهقي عن رواية يزيد بن هارون مع جلالته إلى ذلك الطريق الضعيف، وأظن رواية يزيد لم تقع له.
ثم أخرج من رواية ابن أبي أويس ثنا أبي ثنا ثابت بن قيس شهدت عمر بن عبد العزيز يكبر في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة.
قلت: وإسماعيل بن أبي أويس عبد الله الأصبحي ابن أخت مالك الفقيه، وإن خرج له في الصحيح فقد تكلموا فيه، قال ابن الجوزي في كتابه: قال يحيى: هو وأخوه يسرقان الحديث، وقال النضر بن سلمة المروزي: هو كذاب، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن الجنيد: قال ابن معين: ابن أبي أويس مخلط يكذب ليس بشيء، وفي "الكمال": قال أبو القاسم الطبري: بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدي إلى تركه، وثابت بن قيس هو أبو غصن الغفاري، عن ابن معين: ليس حديثه بذاك، وفي كتاب ابن الجوزي: قال يحيى: ضعيف، وقال ابن حبان: لا يحتج بخبره إذ لم يتابعه غيره، انتهى.
1153 -
(حدثنا محمد بن العلاء وابن أبي زياد) عبد الله بن الحكم القطواني (المعنى قريب) أي معنى حديثهما قريب، ليس فيه اختلاف شديد (قالا: نا زيد - يعني ابن حباب -، عن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه) ثوبان بن ثابت العنسي بالنون الدمشقي والد عبد الرحمن، قال في "التقريب": ثقة (عن مكحول قال: أخبرني أبو عائشة) الأموي مولاهم (جليس لأبر هريرة) قال في "تهذيب التهذيب": قال ابن حزم
أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ (1) سَأَلَ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِىَّ وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِى الأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَكْبِيرَهُ عَلَى الْجَنَائِزِ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: صَدَقَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: كَذَلِكَ كُنْتُ أُكَبِّرُ فِى الْبَصْرَةِ (2) حَيْثُ كُنْتُ عَلَيْهِمْ. قَالَ (3) أَبُو عَائِشَةَ: وَأَنَا حَاضِرٌ سَعِيدَ (4) بْنَ الْعَاصِ". [حم 4/ 416، ق 3/ 289]
===
وابن القطان: مجهول، وقال الذهبي في "الميزان" (5): غير معروف.
(أن سعيد بن العاص)(6) بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي، قتل أبوه يوم بدر كافرًا، قال ابن سعد: قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولسعيد تسع سنين، وقال الزبير بن بكار: استعمله عثمان على الكوفة، واستعمله معاوية على المدينة، وقال سعيد بن عبد العزيز: أقيمت عربية القرآن على لسان سعيد، لأنه كان أشبه لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبد البر: كان من أشراف قريش، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان رضي الله عنه، وقال الزبير: مات في قصره بالعرصة على ثلاث أميال من المدينة، ودفن بالبقيع سنة 58 هـ.
(سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى) أي صلاة الأضحى (والفطر) أي صلاة الفطر؟ (فقال أبو موسى: كان يكبر) في كل ركعة (أربعًا) أي مع تكبيرة الإحرام في الأولى، وتكبيرة الركوع في الثانية (تكبيره) أي مثل تكبيره (على الجنائز، فقال حذيفة: صدق) أبو موسى (فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت) أميرًا (عليهم، قال أبو عائشة: وأنا حاضر سعيد بن العاص) حين سؤاله أبا موسى وجواب أبي موسى وتصديق حذيفة.
(1) وفي نسخة: "العاصي".
(2)
وفي نسخة: "بالبصرة".
(3)
وفي نسخة: "قال: وقال".
(4)
وفي نسخة: "لسعيد بن العاصي".
(5)
"ميزان الاعتدال"(4/ 543).
(6)
انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(2/ 328) رقم (2084).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الزيلعي في تخريجه (1): سكت عنه أبو داود ثم المنذري في "مختصره"، ورواه أحمد في "مسنده"، واستدل به ابن الجوزي في "التحقيق" لأصحابنا، ثم أعله بعبد الرحمن بن ثوبان، قال: قال ابن معين: هو ضعيف، وقال أحمد: لم يكن بالقوي، وأحاديثه مناكير، قال: وليس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في تكبير العيدين حديث صحيح، انتهى.
قال في "التنقيح": عبد الرحمن بن ثوبان وثقه غير واحد، وقال ابن معين: ليس به بأس، ولكن أبو عائشة، قال ابن حزم: مجهول، وقال ابن القطان: لا أعرف حاله، انتهى.
قلت: عبد الرحمن بن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، تقدَّمت ترجمته في المجلد الأول على (ص 599)، اختلف أقوال ابن معين فيه، مرة قال: ضعيف، ومرة قال: صالح، وأما علي بن المديني فكان حسن الرأي فيه، وقال: ابن ثوبان رجل صدق لا بأس به، وقد حمل عنه الناس، وقال عمرو بن علي: حديث الشاميين ضعيف إلَّا نفرًا، فاستثناه منهم، وقال عثمان الدارمي عن دحيم: ثقة يُرمى بالقدر، وقال أبو حاتم: ثقة يشوبه شيء من القدر، وتغير عقله في آخر حياته، وهو مستقيم الحديث، وقال أبو داود: كان فيه سلامة، وليس به بأس، وكان مجاب الدعوة، أخرج له البخاري في "الأدب المفرد".
قلت: ووقع عنده في إسناد حديث علقمة في الجهاد، فقال: ويذكر عن ابن عمر حديث: "جعل رزقي تحت ظل رمحي" الحديث، ووصله أبو داود من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن حسان بن عطية عن ابن منيب الحرشي عن ابن عمر رضي الله عنه، كذا في "التهذيب" للحافظ.
(1) انظر: "نصب الراية"(2/ 214).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال في "الخلاصة": عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي بنون، أبو عبد الله الدمشقي الزاهد، قال أحمد: لم يكن بالقوي، وقال يعقوب بن شيبة: كان رجل صدق، وقال دحيم: ثقة يرمى بالقدر، قال في "التقريب" في ترجمته: صدوق يخطئ، ويرمى بالقدر، وتغير بأَخَرَة.
وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمته: وثقه دحيم، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو داود: كان فيه سلامة، وكان مجاب الدعوة، وقال أبو حاتم: ثقة، وقال صالح جزرة: قدري صدوق.
وقد أخرج الترمذي (1) حديث ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر"، وحسنه، وقد وثق الفلاس ابن ثوبان.
وأما ما ادعوا من جهالة أبي عائشة، فقد قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": روى عنه مكحول وخالد بن معدان، وكذا قال في "الخلاصة"، فارتفعت الجهالة برواية اثنين عنه.
قال الشيخ النيموي في "آثار السنن"(2): وأعلَّه البيهقي في "سننه الكبرى"(3) بأنه خولف راويه في موضعين في رفعه، وفي جواب أبي موسى، والمشهور أنهم أسندوه إلى ابن مسعود فأفتاهم بذلك، ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى.
قلت: الجمع ممكن، لأن أبا موسى كان عنده فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه تأدب مع ابن مسعود، فأسند الأمر إليه مرة، فلما أفتاهم ذكره أبو موسى مرة أخرى، وأيد ما قاله ابن مسعود بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الموقوف عن ابن مسعود في حكم المرفوع، لأن هذا لا يمكن أن يكون من جهة
(1) انظر: "سنن الترمذي"(3537).
(2)
انظر: "آثار السنن"(ص 315). ط باكستان.
(3)
"السنن الكبرى"(3/ 290).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الرأي والقياس، وقد وافق ابن مسعود جماعة من الصحابة على ذلك لعدم إنكارهم عليه.
وأما حديث ابن مسعود الذي قال في جواب سعيد بن العاص حين سأل عن حذيفة وأبي موسى عن التكبير في صلاة العيد فهو الذي رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(1): أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود، قالا: كان ابن مسعود جالسًا، وعنده حذيفة وأبو موسى الأشعري، فسألهم سعيد بن العاص عن التكبير في صلاة العيد، فقال حذيفة: سل الأشعري، فقال الأشعري، سل عبد الله، فإنه أقدمنا وأعلمنا، فقال ابن مسعود: يكبر أربعًا، ثم يقرأ، ثم يكبر، فيركع، فيقوم في الثانية، فيقرأ، ثم يكبر أربعًا بعد القراءة، انتهى.
قلت: كان غرض سعيد بن العاص عن سؤال التكبير في صلاة العيد الذي كان يكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا وإن لم يكن مذكورًا في اللفظ، ولكن مراده ذلك، فما أجابه ابن مسعود هو الذي ثبت عنده من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن سعيد بن العاص يسأل عن رأيهم وقياسهم.
وقد روى عبد الرزاق في "مصنفه"(2) أخبرنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود أن ابن مسعود كان يكبر في العيدين تسعًا، أربع قبل القراءة، ثم يكبر فيركع (3). وفي الثانية يقرأ، فإذا فرغ كبر أربعًا، ثم ركع.
وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه"(4): حدثنا هشيم ثنا مجالد عن الشعبي
(1)(3/ 293) برقم (5687).
(2)
برقم (5686).
(3)
كذا في الأصل: "كان يكبر في العيدين تسعًا، أربع قبل القراءة، ثم يكبر فيركع"، وفي "المصنف" هكذا:"كان يكبر في العيدين تسعًا تسعًا، أربعًا قبل القراءة، ثم كبر، فركع".
(4)
(2/ 78) وليس فيه: "وأن يخطب بعد الصلاة على راحلته".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عن مسروق قال: كان عبد الله بن مسعود يعلمنا التكبير في العيدين تسع تكبيرات، خمس في الأولى، وأربع في الآخرة، ويوالي بين القراءتين، وأن يخطب بعد الصلاة على راحلته، وينظر الطبراني (1) فإنه رواه من طرق أخرى.
قال الترمذي في كتابه: وروي عن ابن مسعود أنه قال في التكبير في العيدين تسع تكبيرات، في الركعة الأولى خمس تكبيرات قبل القراءة، وفي الركعة الثانية يبدأ بالقراءة ثم يكبر أربعًا مع تكبيرة الركوع، وقد روي عن غير واحد من الصحابة نحو هذا، وهو قول أهل الكوفة، وبه يقول سفيان الثوري، انتهى.
قال ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): حدثنا يحيى بن سعيد عن أشعث عن محمد بن سيرين عن أنس أنه كان يكبر في العيد تسعًا، فذكر مثل حديث ابن مسعود، وروى عبد الرزاق في "مصنفه" (3): أخبرنا إسماعيل بن أبي الوليد ثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث قال: شهدت ابن عباس كبر في صلاة العيد بالبصرة تسع تكبيرات، ووالى بين القراءتين، قال: وشهدت المغيرة بن شعبة فعل ذلك أيضًا، فسألت خالدًا كيف كان فعل ابن عباس؟ ففسر لنا كما صنع ابن مسعود في حديث معمر والثوري عن أبي إسحاق سواءً، وكذلك روى ابن أبي شيبة في "مصنفه": حدثنا هشيم ثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث قال: صلَّى ابن عباس يوم عيد فكبر تسع تكبيرات خمسًا في الأولى وأربعًا في الآخرة، ووالى بين القراءتين.
(1) انظر: "المعجم الكبير"(9/ 352).
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 174).
(3)
برقم (5689).
(254)
بَابُ (1) مَا يُقْرأُ في الأَضْحَى وَالْفِطْرِ
1154 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِىِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِىَّ:
===
(254)
(بَابُ مَا يُقْرَأُ (2) في الأضْحَى) أي في صلاة الأضحى (وَالْفِطْرِ) أي صلاة الفطر
1154 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ضمرة بن سعيد المازني، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي) قيل: اسمه الحارث بن مالك، وقيل: ابن عوف، وقيل: اسمه عوف بن الحارث، صحابي، قال البخاري وابن حبان والباوردي: شهد بدرًا.
ظاهر هذا السياق يدل على أن هذا الحديث مرسل، فإن عبيد الله لم يدرك عمر بن الخطاب ولا حضر عند سؤاله أبا واقد، ولكن أدرك أبا واقد، وأخبره أبو واقد بذلك، فالحديث صحيح.
قال النووي في "شرح مسلم"(3): قوله: عن عبيد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد رضي الله عنه، وفي الرواية الأخرى عن عبيد الله عن أبي واقد قال: سألني عمر بن الخطاب، هكذا هو في جميع النسخ، فالرواية الأولى مرسلة، لأن عبيد الله لم يدرك عمر رضي الله عنه، ولكن الحديث صحيح
(1) في نسخة: "باب ما يقرأ فيهما".
(2)
قال الشعراني (2/ 192): ومنه قول الشافعي: يستحب قراءة "ق" في الأولى، و"اقتربت الساعة" في الثانية، أو قراءة "الأعلى" و"الغاشية" مع قول أحمد ومالك: إنه يقرأ بـ "الأعلى" و"الغاشية" مع قول أبي حنيفة: لا تخصيص. قلت: لكنهم استحبوا "الأعلى" و"الغاشية" كما في "الأوجز"(3/ 635)، والمرجح عند مالك "سبح اسم ربك""والشمس وضحاها". (ش).
(3)
انظر: "شرح صحيح مسلم"(3/ 448 - 449).