المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(261) باب رفع اليدين في الاستسقاء - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٥

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(209) بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ

- ‌(210) بَابُ الإِجَابَةِ، أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ في يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(211) بَابُ فَضْلِ الْجُمُعَةِ

- ‌(212) بَابُ التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجُمُعَةِ

- ‌(213) بَابُ كفَّارَةِ مَنْ تَرَكَهَا

- ‌(214) بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ

- ‌(215) بَابُ الْجُمُعَةِ في اليَوْمِ الْمَطِيرِ

- ‌(216) بَابُ التَخَلُّفِ عنِ الْجَمَاعَةِ في اللَّيْلَةِ الْبَارِدِةِ

- ‌(217) بَابُ الْجُمُعَةِ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَرْأَةِ

- ‌(218) بَابُ الْجُمُعَةِ في الْقُرَى

- ‌(219) (بَابٌ إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ)

- ‌(220) بَابُ مَا يَقْرَأُ في صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(221) بَابُ اللُّبْسِ لِلْجُمُعَةِ

- ‌(222) بَابُ التَحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ

- ‌(223) (بَابُ اتِّخَاذِ المِنْبَرِ)

- ‌(224) بَابُ مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ

- ‌(225) بَابُ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ

- ‌(226) بَابٌ في وَقْتِ الْجُمُعَةِ

- ‌(228) بَابُ الإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ في خُطْبَتِهِ

- ‌(229) بَابُ الْجُلُوسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ

- ‌(230) بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا

- ‌(231) بَابُ الرَّجُلِ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ

- ‌(232) بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الْمِنبرِ

- ‌(233) بَابُ إِقْصَارِ الْخُطَبِ

- ‌(234) بَابُ الدُّنُوِّ مِنَ الإِمَامِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ

- ‌(235) (بَابُ الإمَامِ يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ للأمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(236) بَابُ الاحْتِبَاءِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(237) بَابُ الكَلَامِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(238) بَابُ اسْتِئْذَانِ الْمُحْدِثِ للإِمَامِ

- ‌(239) بَابٌ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(240) بَابُ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(241) باب الرَّجُلِ يَنْعَسُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(242) باب الإِمَامِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا يَنْزِلُ مِنَ الْمِنْبَرِ

- ‌(243) بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً

- ‌(245) باب الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا جِدَارٌ

- ‌(246) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌(247) (بَابُ صَلَاةِ العِيدَيْنِ)

- ‌(248) بَابُ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ

- ‌(249) (بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ في الْعِيدِ)

- ‌(250) بَابُ الْخُطْبَةِ

- ‌(251) [بابٌ: يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ]

- ‌(253) بَابُ التَّكْبِيرِ في الْعِيدَيْنِ

- ‌(255) بَابُ الْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ

- ‌(256) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ في طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ في طَرِيقٍ

- ‌(257) بَابٌ: إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الإِمَامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْغَدِ

- ‌(258) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌(260) جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعهَا

- ‌(261) بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ في الاسْتِسْقَاءِ

- ‌(262) بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(263) بَابُ مَنْ قَالَ: أَرْبَعُ رَكعَاتٍ

- ‌(264) بَابُ الْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(265) بَابٌ: أَيُنَادَى فِيهَا بِالصَّلَاةِ

- ‌(266) بَابُ الصَّدَقَةِ فِيهَا

- ‌(267) بَابُ الْعِتْقِ فِيهَا

- ‌(268) بَابُ مَنْ قَالَ: يَرْكَعُ رَكعَتَيْنِ

- ‌(269) بَابُ الصَّلَاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِهَا

- ‌(270) بَابُ السُّجُودِ عِنْدَ الآيَاتِ

- ‌(271) بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌(272) بَابٌ: مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ

- ‌(273) بَابُ الأَذَانِ في السَّفَرِ

- ‌(274) بَابُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي وَهُوَ يَشُكُّ في الوَقْتِ

- ‌(275) بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتينِ

- ‌(276) (بَابُ قَصْرِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ في السَّفَرِ)

- ‌(277) بَابُ التَّطَوُّعِ في السَّفَرِ

- ‌(278) (بَابُ التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالوِتْرِ)

- ‌(279) بَابُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌(280) بَابٌ: مَتَى يُتِمُّ الْمُسَافِرُ

- ‌(281) بَابٌ: إِذَا أَقَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ يَقْصُرُ

- ‌(282) بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(283) باب مَنْ قَالَ: يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الإِمَامِ، وَصَفٌّ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُ قَائِمًا حَتَّى يُصَلِّىَ الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَنْصَرِفُوا فَيَصُفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَتَجِئُ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَيُصَلِّى بِهِمْ رَكْعَةً وَيَثْبُتُ جَالِسًا، فَيُتِمُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ جَمِيعًا

- ‌(284) بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَا صَلَّى رَكعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا أَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ رَكعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَاخْتُلِفَ في السَّلَامِ

- ‌(286) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ فيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ، فَيُصَلُّوَنَ لأَنْفُسِهِم رَكْعَةً

- ‌(287) بابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُ الَّذِينَ خَلْفَهُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجِئُ الآخَرُونَ إِلَى مَقَامِ هَؤُلَاءِ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً

- ‌(288) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكعَةً وَلَا يَقْضُونَ

- ‌(289) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتيْنِ

- ‌(290) بَابُ صَلَاةِ الطَّالِبِ

- ‌(291) (بَابُ تَفْريعِ أَبْوَابِ التَّطوّعِ وَرَكَعَاتِ السنَّةِ)

- ‌(292) بَابُ رَكعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌(293) بَابٌ: في تَخْفِيفِهِمَا

- ‌(294) بَابُ الاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا

- ‌(295) بَابٌ: إِذَا أَدْرَكَ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌(296) بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا

- ‌(297) بَابُ الأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا

- ‌(298) بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعَصْرِ

- ‌(299) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(300) بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِيهِمَا إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً

- ‌(301) باب الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ

- ‌(302) بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى

- ‌(303) بابٌ: فِى صَلَاةِ النَّهَارِ

- ‌(304) بَابُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌(305) بَابُ رَكْعَتَيِ الْمَغْرِبِ، أَيْنَ تُصَلَّيَان

- ‌(307) بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(308) بَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(309) بَابُ النُّعَاسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(310) بَابُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ

- ‌(311) بَابٌ: فِيمَنْ نَوَى الْقِيَامَ فَنَامَ

- ‌(312) بَابٌ: أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌(313) بَابُ وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(314) بَابُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللِّيْلِ بِرَكْعَتَينِ

- ‌(315) بَابٌ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَىَ مَثْنَىَ

- ‌(316) بَابٌ في رَفْعِ الصَّوتِ بِالْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(317) بَابٌ: في صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(318) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقَصْدِ في الصَّلَاةِ

الفصل: ‌(261) باب رفع اليدين في الاستسقاء

(261) بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ في الاسْتِسْقَاءِ

1168 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ وَعُمَرَ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى بَنِى آبِى اللَّحْمِ:

===

(261)

(بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ) للدعاء (في الاسْتِسْقَاءِ)

1168 -

(حدثنا محمد بن سلمة المرادي، أنا ابن وهب) عبد الله، (عن حيوة) بن شريح (وعمر بن مالك) كذا في نسخ أبي داود، وعند أحمد في "مسنده": حدثنا هارون، ثنا ابن وهب قال: وأخبرني حيوة، عن عمر بن مالك، فليتأمل، وقد أخرج مسلم حديث التغني بالقرآن برواية ابن وهب عن حيوة وعمر بن مالك مقرونًا به عن ابن الهاد، وهذا يؤيد ما في أبي داود، الشَّرْعَبِيُّ بفتح المعجمة وسكون الراء وفتح المهملة بعدها موحدة، المعافري المصريُّ، وقيل فيه: عمرو بن مالك، وهو وهم، والصواب: عمر بن مالك.

(عن ابن الهاد) أي يزيد بن عبد الله، (عن محمد بن إبراهيم، عن عمير) مصغرًا (مولى بني آبي اللحم) له صحبة، شهد خيبر مع مولاه، وعاش إلى نحو السبعين، زاد أبو داود لفظ بني، لأنه لما كان مولى آبي اللحم فهو مولى بنيه، واستشهد مولاه يوم حنين بها، فهو بعد مولى بنيه.

وآبي اللحم بالمد بلفظ اسم الفاعل، صحابي مشهور (1)، اختلف في اسمه، قيل: اسمه عبد الله بن عبد الملك، وقيل: خلف بن عبد الملك، وقيل: عبد الله بن عبد الله بن مالك، وقيل: اسمه الحويرث بن عبد الله بن خلف بن مالك، وقال المرزباني: اسمه عبد الله بن عبد ملك - بفتح اللام مجردًا عن الألف واللام-، إنما سمي آبي اللحم لأنه يأبى أن يأكل اللحم، وقيل: لأنه لا يأكل ما ذبح على النصب، قال ابن عبد البر: هو من قدماء الصحابة

(1) انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(1/ 41) رقم (1)، و"الإصابة"(1/ 9).

ص: 273

"أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يسْتَسْقِي عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ،

===

وكبارهم، ولا خلاف في أنه شهد حنينًا وقتل بها، ولكن قال الواقدي: كان ينزل الصفراء، واختلف في سند هذا الحديث، ففي أبي داود، عن عمير مولى بني آبي اللحم.

(أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم) وكذا عند أحمد في "مسنده"(1) بسند قتيبة بن سعيد، ثنا الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يزيد بن عبد الله، عن عمير مولى آبي اللحم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا بسند آخر هارون بن معروف قال: قال ابن وهب: أخبرنا حيوة، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عمير مولى آبي اللحم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذا عند الحاكم (2) من طريق يحيى بن بكير، ثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يزيد بن عبد الله، عن عمير مولى آبي اللحم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن زاد الذهبي في "ذيله" في هذا السند لفظ عن آبي اللحم، وعند النسائي والترمذي في حديث قتيبة زادا لفظ عن آبي اللحم بعد قوله "عن عمير مولى آبي اللحم".

ثم قال الترمذي (3): قال أبو عيسى: كذا قال قتيبة في هذا الحديث: عن آبي اللحم، ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث الواحد، وعمير مولى آبي اللحم، قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وله صحبة، انتهى.

وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمة آبي اللحم: له عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في الاستسقاء روى عنه عمير مولاه.

(يستسقي عند أحجار الزيت)(4) قال ياقوت الحموي في "معجم

(1)(5/ 223).

(2)

"المستدرك"(1/ 535).

(3)

"سنن الترمذي"(2/ 444).

(4)

وفي "وفاء الوفا": أحجار الزيت موضعان أحدهما: هذا، والثاني: بالحرة كانت فيها وقعة الحرة

إلخ. (ش).

ص: 274

قَرِيبًا مِنَ الزَّوْرَاءِ (1) ، قَائِمًا يَدْعُو يَسْتَسْقِى، رَافِعًا يَدَيْهِ قِبَلَ وَجْهِهِ، لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَهُ". [حم 5/ 223، ن 1514، ت 557، ك 1/ 535]

1169 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى خَلَفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَتَتِ (2) النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بَوَاكِى (3)

===

البلدان" (4): موضع بالمدينة، قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء، وقال العمراني: أحجار الزيت موضع بالمدينة داخلها، انتهى، قال القاري (5): سمي بذلك لسواد أحجارها بها، كأنها طليت بالزيت.

(قريبًا) أي حال كونه قريبًا (من الزوراء) بفتح الزاي المعجمة والمد، هو موضع عند سوق المدينة قرب المسجد (قائمًا) أي يستسقي قائمًا (يدعو يستسقي) حالان أي داعيًا مستسقيًا (رافعًا يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما) أي بيديه حين رفعهما (رأسه) قال القاري: لا ينافي ما مر عن أنس أنه كان يبالغ في الرفع للاستسقاء لاحتمال أن ذلك أكثر أحواله، وهذا في نادر منها أو بالعكس.

1169 -

(حدثنا ابن أبي خلف) محمد بن أحمد، (نا محمد بن عبيد) مصغرًا، ابن أبي أمية، أبو عبد الله الكوفي الأحدب مولى أياد، ثقة حافظ، (نا مسعر) بن كدام، (عن يزيد الفقير) هو يزيد بن صهيب (6) الكوفي، أبو عثمان المعروف بالفقير بفتح الفاء بعدها قاف، قيل له ذلك، لأنه كان يشكو فقار ظهره، ثقة.

(عن جابر بن عبد الله قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكي) جمع باكية، جاءت

(1) زاد في نسخة: "فرآه".

(2)

وفيها نسختان: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يواكي"، و"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم".

(3)

وفي نسخة: "بواد".

(4)

"معجم البلدان"(1/ 108).

(5)

"مرقاة المفاتيح"(4/ 612).

(6)

وفي الأصل: "يزيد بن صهيب بن الكوفي" وهو خطأ، والصواب:"يزيد بن صهيب الكوفي". انظر: "تهذيب التهذيب"(11/ 338).

ص: 275

فَقَالَ: "اللهُمَّ اَسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مُرِيعًا

===

النبي صلى الله عليه وسلم نفوس باكية، أو نساء باكيات لانقطاع المطر عنهم ملتجئة إليه، وهذه هي الرواية المعتمدة في "سنن أبي داود"، وقد صحف كثير منهم نسخ السنن بوجوه متعددة لا يظهر لبعضها معنى صحيح، قاله في "فتح الودود".

قلت: ضبطه صاحب "المصابيح" و"المشكاة" قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يواكئ، وأقره علي القاري في "شرحه" (1) قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يواكئ، المواكأة والتوكؤ والاتكاء: الاعتماد والتحامل على الشيء، في "النهاية" (2): أي يتحامل على يديه، أي يرفعهما ويمدهما في الدعاء، ومنه التوكؤ على العصا، وهو التحامل عليها، كذا قاله الخطابي في "معالم السنن"(3)، انتهى.

وقال القاري أيضًا في ختم الحديث: قال ميرك: بإسناد صحيح، ولفظه "أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواك"، وفي نسخة: بواكي بالباء الموحدة، جمع باكية، ووقع في شرح الخطابي:"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يواكئ" بالياء المثناة من تحت مضمومة وآخره مهموز، قال: ومعناه يتحامل على يديه إذا رفعهما ومدهما في الدعاء، قال النووي: وهذا الذي ادعاه الخطابي لم تأت به الرواية ولا انحصر الصواب فيه، بل ليس له واضح المعنى، وفي رواية البيهقي:"أتت النبي صلى الله عليه وسلم هوازل (4) " بدل "بواكي" انتهى، ويمكن الجمع بينهما، قاله القاري.

(فقال: اللَّهُم اسقنا) بهمزة الوصل والقطع (غيثًا) أي مطرًا (مغيثًا) بضم أوله من الإغاثة أي معينًا (مريئًا) بفتح الميم والمد، ويجوز إدغامه أي هنيئًا، محمود العاقبة، لا ضرر فيه من الغرق والهدم، يقال: مرأني الطعام وأمرأني: إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبًا (مريعًا) بفتح الميم ويضم: ذا مراعة

(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(3/ 614) ح (1507).

(2)

"النهاية"(5/ 218).

(3)

"معالم السنن"(1/ 255).

(4)

كذا في الأصل و"مرقاة المفاتيح"(3/ 615)، لكن وقع في "السنن الكبرى" (3/ 355):"هوازن" بدل "هوازل" وهو تحريف.

ص: 276

نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ». قَالَ: فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ. [ق 3/ 355، ك 1/ 327، خزيمة 1416]

1170 -

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ (1):"أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِى شَىْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إلَّا فِى الاِسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ". [خ 1031، م 895، ق 3/ 357، ك 1/ 327، قط 2/ 68]

===

وخصب، ويروى مروعًا- بالواو (2) وبضم الميم -أي منبتًا للربيع، ويروى مرتعًا -بفتح الميم والتاء -أي ينبت به ما يرتع الإبل، وقال بعضهم: مريعًا أي خصيبًا، فعيل من مرع الأرض بالضم مراعة أي صارت كثيرة الماء والنبات، وقيل غير ذلك.

(نافعًا غير ضار عاجلًا غير آجل، قال) أي جابر: (فأطبقت) على بناء الفاعل، وقيل بالمفعول (عليهم السماء) يقال: أطبق إذا جعل الطبق على رأس شيء وغطاه به، أي جعلت عليهم السحاب كطبق، قيل: أي ظهر السحاب في ذلك الوقت وغطاهم السحاب كطبق فوق رؤوسهم بحيث لا يرون السماء من تراكم السحاب وعمومه الجوانب.

1170 -

(حدثنا نصر بن علي، أنا يزيد بن زريع، نا سعيد) أي ابن أبي عروبة، (عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه) أي رفعًا بليغًا (في شيء من الدعاء) أي من جنس الدعاء (إلَّا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه).

قال العيني في "شرح البخاري"(3): قال النووي (4): هذا الحديث ظاهره

(1) وفي نسخة: "أنس بن مالك".

(2)

كذا في الأصل، والصواب:"مُربعًا بالباء". انظر: "مرقاى المفاتيح"(2/ 614).

(3)

"عمدة القاري"(5/ 282).

(4)

انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (3/ 458).

ص: 277

1171 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِىُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ:"أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَسْقِى هَكَذَا، يَعْنِى: وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ (1) بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِى الأَرْضَ، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ". [حم 3/ 241، خزيمة 1412، ق 3/ 357]

1172 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بن

===

يوهم أنه لم يرفع صلى الله عليه وسلم يديه إلَّا في الاستسقاء، وليس الأمر كذلك، بل قد ثبت رفع يديه في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء، وهي أكثر من أن تحصى، فيتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلَّا في الاستسقاء، أو أن المراد لم أره يرفع وقد رآه غيره، فيقدم رواية المثبتين فيه، انتهى.

1171 -

(حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، نا عفان، نا حماد، أنا ثابت، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقي هكذا) بين أنس فعله صلى الله عليه وسلم بفعله (يعني) زاد لفظ يعني، لأن الراوي نسي لفظ الشيخ، فقال: يريد الشيخ باللفظ الذي بعده (ومد يديه) أي ومد رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه (وجعل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بطونهما مما يلي الأرض، حتى رأيت بياض إبطيه) حتى غاية لقوله: "ومد يديه" بمعنى ورفع يديه.

قال القاري (2): فعل هذا تفاؤلًا بتقلب الحال ظهرًا لبطن نحو صنيعه في تحويل الرداء، أو إشارة إلى ما يسأله، وهو أن يجعل بطن السحاب إلى الأرض لينصب ما فيه من الأمطار، كما قال: إن الكف إذا جعل بطنها إلى الأرض انصب ما فيها من الماء، وقيل: من أراد دفع بلاء من القحط ونحوه فليجعل ظهر كفه إلى السماء، ومن سأل نعمة من الله فليجعل بطن كفه إلى السماء.

1172 -

(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا شعبة، عن عبد ربه بن

(1) وفي نسخة: "يجعل".

(2)

"مرقاة المفاتيح"(3/ 609).

ص: 278

سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنِى مَنْ رَأَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ بَاسِطًا كَفَّيْهِ. [تقدَّم بأتمّ منه برقم 1169]

1173 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ قال: حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ الْمَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِى الْمُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ.

===

سعيد) بن قيس، الأنصاري، أخو يحيى المدني، ثقة، (عن محمد بن إبراهيم) التيمي، (أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم) قال في "التقريب" و"تهذيب التهذيب" في المبهمات: محمد بن إبراهيم التيمي، أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم عند أحجار الزيت، هو عمير مولى آبي اللحم (يدعو) أي يستسقي (عند أحجار الزيت باسطاً كفيه) أي رافعًا ومادًّا يديه كما تقدم من روايته في أول الباب، وهذا يرجح أن الحديث من مرويات عمير، لا من مرويات مولاه آبي اللحم، كما تقدم من بعض الروايات.

1173 -

(حدثنا هارون بن سعيد الأيلي، نا خالد بن نزار) الغساني الأيلي بفتح الهمزة وسكون التحتانية، صدوق يخطئ (قال: حدثني القاسم بن مبرور، عن يونس) بن يزيد الأيلي، (عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر) أي حبسه وفقده، وحكي في "المجمع" (1) عن الطيبي: شكى الناس القحوط، هو مصدر أو جمع قحط، وأضافه إلى المطر ليشير إلى عمومه في بلدان شتى.

(فأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بمنبر، فوضع له في المصلَّى) قال القاري (2): قال ابن الهمام: وفيه أنه أمر بإخراج المنبر، وقال المشايخ: لا يخرج وليس إلَّا بناء على عدم حكمهم بصحته (ووعد الناس يومًا يخرجون فيه) أي في ذلك اليوم إلى المصلى.

(1)"مجمع بحار الأنوار"(4/ 218).

(2)

"مرقاة المفاتيح"(3/ 615).

ص: 279

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَدَا حَاجبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ

===

(قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا) بالألف لا بالهمزة أي ظهر (حاجب الشمس) قال ميرك: الظاهر أن المراد بالحاجب ما طلع أولًا من جرم الشمس مستدقًا مشبهًا بالحاجب، قال في "المغرب": حاجب الشمس أول ما يبدو من الشمس، مستعار من حاجب الوجه.

(فقعد على المنبر) وفيه دلالة على استحباب إخراج المنبر والصعود عليها، ومنعه فقهاء الحنفية، قال في "البدائع" (1): ولا يخرج المنبر في الاستسقاء، ولا يصعده لو كان في موضع الدعاء منبر؛ لأنه خلاف السنَّة، وقد عاب الناس على مروان بن الحكم عند إخراجه المنبر في العيدين ونسبوه إلى خلاف السنَّة على ما بينا، انتهى.

قلت: الحديث وإن صححه الحاكم في "المستدرك" لكن قال أبو داود: هذا حديث غريب، إسناده جيد، وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (2): فلما وافى المصلى صعد المنبر- إن صح، وإلَّا ففي القلب منه شيء-، وكذا حكى الأمير اليماني عنه في "سبل السلام"(3).

وقد أخرج البخاري في "صحيحه"(4): وقال لنا أبو نعيم عن زهير عن أبي إسحاق: خرج عبد الله بن يزيد الأنصاري، وخرج معه البراء بن عازب وزيد بن أرقم، فاستسقى، فقام لهم على رجليه على غير منبر، فاستغفر ثم صلَّى ركعتين، يجهر بالقراءة، ولم يؤذن ولم يقم، فهذا عبد الله بن يزيد استسقى، ومعه الصحابة، فلم يخرج المنبر ولم يصعد عليه، فلو كان إخراج المنبر سنَّة لما تركه، ولو تركه لأنكر عليه الصحابة الموجودن إذ ذاك.

(1)"بدائع الصنائع"(1/ 634).

(2)

"زاد المعاد"(1/ 457).

(3)

"انظر: "سبل السلام" (3/ 270).

(4)

"صحيح البخاري"(1023).

ص: 280

فَكَبَّرَ (1) وَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عز وجل أَنْ تَدْعُوهُ وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ»

===

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لم يخرج المنبر في العيدين، ولم يخطب فيهما إلَّا قائمًا على الأرض، والاستسقاء فيه زيادة التواضع والتضرع كما في الحديث: خرج متبذلًا متواضعًا متذللًا، وهذه الحالة ينافيه الترفع على المنبر.

(فكبر وحمد الله عز وجل قال القاري: قال مالك والشافعي وأحمد في الرواية المختارة عند أصحابه: تسن الخطبة، وتكون بعد الصلاة خطبتان على المشهور، ويستفتحهما بالاستغفار (2) كالتكبير في العيد، وقال أبو حنيفة وأحمد في الرواية المنصوص عليها: لا خطبة لها، وإنما هي دعاء واستغفار، ثم قال: قال صاحب "الهداية"(3): ثم هي كخطبة العيد عند محمد، قال ابن الهمام (4): يعني فتكون خطبتين يفصل بينهما بجلوس، وعند أبي يوسف واحدة، ولا صريح في المرويات يوافق قول محمد أنها خطبتان.

(ثم قال: إنكم شكوتم) أي إلى الله ورسوله (جدب دياركم) بفتح الجيم وسكون المهملة أي قحطها (واستئخار المطر) أي تأخره (عن إبان زمانه) بكسر الهمزة وتشديد الباء أي عن أول زمان المطر، والإبان: أول الشيء، قيل: نونه أصلية، فيكون فعالًا، وقيل: زائدة، فيكون فعلان، وفي "القاموس": إبان الشيء بالكسر: حينه أو أوله (عنكم) متعلق باستئخار (وقد أمركم الله عز وجل في كتابه (أن تدعوه) بقوله: {ادْعُونِي} (ووعدكم أن يستجيب لكم) بقوله: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، ولا خلف في وعده.

(1) زاد في نسخة: "صلى الله عليه وسلم".

(2)

وعندنا بالتحميد كما في "الشامي". (انظرة: "رد المحتار" 3/ 58). (ش).

(3)

"الهداية"(1/ 87).

(4)

انظر: "فتح القدير"(2/ 93).

ص: 281

ثُمَّ قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إلَّا أَنْتَ الْغَنِىُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ. أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى خير» ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ (1) فِى الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إلي النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَّبَ - أَوْ حَوَّلَ - رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ

===

(ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ} ) بغير ألف ({يَوْمِ الدِّينِ}) وفي نسخة "المشكاة": "مالك" بالألف

في جميع النسخ، قاله القاري (2)، (لا إله إلَّا الله يفعل ما يريد، اللهُمَّ أنت الله لا إله إلَّا أنت الغني ونحن الفقراء) المحتاجون إليك في الإيجاد والإمداد (أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قُوَّةً وبلاغًا) أي زادًا يُبَلِّغُنا (إلى خير) أي إلى خير الدنيا والآخرة، وفي نسخة "المشكاة": إلى حين، أي آجالنا، والمعنى اجعل الخير الذي أنزلت إلينا لقوتنا نتقوى به على شكرك وعبادتك، ومددًا لنا مددًا طوالًا.

(ثم رفع يديه) أي للدعاء (فلم يزل في الرفع حتى بدا) أي ظهر (بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره) واستقبل القبلة إشارة إلى التبتل إلى الله (وقلَّب) بالتشديد، وفي نسخة: بالتخفيف (أو حول) شك من الراوي (رداءه) للتفاؤل، وإرادة تقليب الحال (وهو رافع يديه) حال من قوله:"ثم حول إلى الناس ظهره" أو من قوله: "وقلب رداءه"، فالحال حينئذ مقارنة.

(ثم أقبل على الناس) بوجهه (ونزل) من المنبر (فصلَّى ركعتين فأنشأ الله) أي أوجد وأحدث (سحابة، فرعدت وبرقت) بفتح الراء، أي ظهر فيه الرعد

(1) وفي نسخة: "فلم يترك".

(2)

انظر: "مرقاة المفاتيح"(3/ 616).

ص: 282

ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتِ السُّيُولُ، فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الْكِنِّ ضَحِكَ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ:«أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنِّى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» . [ق 3/ 349، ك 1/ 328]

===

والبرق (ثم أمطرت بإذن الله) بالألف، وهو دليل للمذهب المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من أهل اللغة أن مطرت وأمطرت لغتان في المطر، (فلم يأت) رسول الله صلى الله عليه وسلم من المحل الذي استسقى فيه من الصحراء (مسجده حتى سالت السيول) من جميع الجوانب.

(فلما رأى سرعتهم) أي سرعة مشيهم والتجائهم (إلى الكن) بكسر الكاف وتشديد النون، وهو ما يرد به الحر والبرد من المساكن (ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده) أي آخر ضراسه، وكان ضحكه تعجبًا من طلبهم المطر اضطرارًا، ثم طلبهم الكن عنه فرارًا، ومن عظيم قدرة الله تعالى وإظهار قربة رسوله وصدقه بإجابة دعائه سريعًا، ولصدقه أتى بالشهادتين (فقال: أشهد أن الله على كل شيء قدير، وإني عبد الله ورسوله).

قال القاري (1): قال ابن الهمام (2): وذلك الكلام السابق هو المراد بالخطبة كما قاله بعضهم، ولعل الإِمام أحمد أعله بهذه الغرابة أو بالاضطراب، فإن الخطبة (3) فيه مذكورة قبل الصلاة، وفيما تقدم من حديث أبي هريرة بعدها، وهذا إنما يتم إذا تم استبعاد أن الاستسقاء وقع حال حياته بالمدينة أكثر

(1)"مرقاة المفاتيح"(3/ 618).

(2)

"فتح القدير"(2/ 95).

(3)

اختلفوا في الجمع بينهما، ومختار الأئمة الذين قالوا بالصلاة فيها أنها تقدم على الخطبة، فقيل: رواية أبي داود هذه شاذة، وفي "البداية" عكسه، فقال: من ذكر الخطبة ذكر في علمي قبل الصلاة، وقال الطحاوي: رأيت خطبة الاستسقاء أشبه بالعيد، وجمع الحافظ بأنه دعا أولًا، ثم صلَّى ثم خطب، فذكر كل راو أحدهما، كذا في "الأوجز"(4/ 140 - 141). (ش).

ص: 283

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقْرَؤونَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وَإِنَّ (1) هَذَا الْحَدِيثَ حُجَّةٌ لَهُمْ.

1174 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُنَا يَوْمَ جُمُعَةٍ (2) إِذْ قَامَ رَجُلٌ

===

من سنتين، السنة التي استسقى فيها بغير صلاة، والسنة التي صلَّى فيها، وإلَّا فالله سبحانه أعلم.

(قال أبو داود: هذا حديث غريب، إسناده جيد، أهل المدينة يقرؤون ملك يوم الدين) بقصر الميم بلا ألف (وإن هذا الحديث حجة لهم) اختلف القراء فيه، فقرأ عاصم والكسائي بالألف، وقرأ الباقون بغير ألف، وكلتا القراءتين ثبتتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترًا، فلا تحتاج إحداهما إلى الحجة في ثبوته، خصوصًا بدليل ظني فقوله:"هذا الحديث حجة لهم" لا محصل له.

1174 -

(حدثنا مسدد، نا حماد بن زيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك وبونس بن عبيد) عطف على حماد بن زيد (3)، (عن ثابت) البناني، (عن أنس قال: أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يخطبنا يوم جمعة إذ قام رجل)

قال الشوكاني (4): في "مسند أحمد" ما يدل على أن هذا المبهم كعب بن

(1) وفي نسخة: "فإن".

(2)

وفي نسخة: "الجمعة".

(3)

كذا قال صاحب "التيسير على البخاري"، لكن الصحيح أنه عطف على عبد العزيز لا على حماد، كذا في "اللامع"(4/ 88). (ش).

(4)

"نيل الأوطار"(2/ 658).

ص: 284

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْكُرَاعُ، هَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ (1) اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ (2) وَدَعَا. قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ سَحَابَةً (3) ، ثُمَّ اجْتَمَعَتْ (4) ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ

===

مرة، وفي "البيهقي" من طريق مرسلة ما يدل على أنه خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وزعم بعضهم أنه أبو سفيان بن حرب، قال في "الفتح": وفيه نظر لأنه جاء في واقعة أخرى.

وقال الحافظ (5): لم أقف على تسميته، (فقال: يا رسول الله)، هذا يدل على أن السائل كان مسلمًا، وبه يرد على من قال: إنه أبو سفيان، لأنه حين سؤاله بذلك لم يكن قد أسلم.

(هلك الكراع) بضم الكراع: اسم لجمع الخيل (هلك الشاء) جمع شاة، وأيضًا تجمع على شياه، وأصل الشاة شاهة، والنسبة شاهي وشاوي، وتصغيرها شويهة وشوية، وعينها واو انقلب ياءً في شياه لكسرة ما قبلها، ووجه الهلاك فقدان العلف لأجل القحط (فادع الله أن يسقينا فمد يديه) أي رفعهما (ودعا) أي الله تعالى أي استسقى.

(قال أنس: وأن السماء لمثل الزجاجة) صافية عن السحاب والغبار (فهاجت ريح، ثم أنشأت) أي الريح (سحابة، ثم اجتمعت) السحابة (ثم أرسلت السماء عزاليها) جمع عزلاء بفتح مهملة ممدودة: فم السقاء الذي يفرغ منه الماء، والجمع العزالي بكسر لام وفتحها، (فخرجنا) من المسجد (نخوض الماء

(1) زاد في نسخة: "لنا".

(2)

وفي نسخة: "يده".

(3)

وفي نسخة: "سحابًا".

(4)

وفي نسخة: "اجتمع".

(5)

"فتح الباري"(2/ 501).

ص: 285

حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ يَزَلِ الْمَطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَحْبِسَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:«حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ يَتَصَدَّعُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ". [خ 1021، م 897، ق 3/ 344]

1175 -

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ

===

حتى أتينا منازلنا، فلم يزل المطر) أي لم ينقطع (إلى الجمعة الأخرى، فقام إليه ذلك الرجل أو غيره فقال: يا رسول الله، تهدمت البيوت) لكثرة المطر (فادع الله أن يحبسه) أي المطر.

(فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم) لسرعة ضجرهم وملالتهم (ثم قال: حوالينا) وفي رواية: "حولنا"، وكلاهما صحيح، والحول والحوال بمعنى الجانب، قال في "القاموس": وهو حَوالَيْهِ وحَوْلَهُ وحَوْلَيْهِ وَحَوَالَهُ وأَحْوالَهُ بمعنىً، وقال في "المجمع":"اللهم حوالينا"، يقال: رأيت الناس حوله وحواليه، أي مطيفين به من جوانبه، يريد أنزل الغيث في مواضع النبات لا مواضع الأبنية، قال النووي: حواليه وحواله وحوليه وحوله بفتح لام وحاء في جميعها أي جوانبه.

(ولا علينا) وهذا من كمال أدبه صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يدع اللَّهُمَّ احبسه عنا بأنه كان من نعمة الله تعالى، بل قال: اللَّهُم حوالينا (فنظرت إلى السحاب يتصدع) أي يتفرق (حول المدينة كأنه إكليل) بكسر الهمزة: هو ما أطاف بالرأس من عصابة مزينة بجوهر أو خرز، أراد أن الغيم تقطع من وسط السماء وصار في آفاقها كالإكليل.

1175 -

(حدثنا عيسى بن حماد، أنا الليث، عن سعيد المقبري، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس أنه) أي شريك (سمعه)

ص: 286

يَقُولُ (1) نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ بِحِذَاءِ وَجْهِهِ فَقَالَ (2): «اللَّهُمَّ اسْقِنَا» وَسَاقَ نَحْوَهُ (3). [خ 1013، م 897]

1176 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ. (ح): وَحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ قَادِمٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ

===

أي أنسًا (يقول نحو حديث عبد العزيز، قال) أي شريك في حديثه عن أنس: (فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه بحذاء وجهه فقال: اللَّهُمَّ اسقنا) غرض المصنف بهذا بيان الفرق بين لفظ شريك، وبين لفظ عبد العزيز، فإن عبد العزيز قال في حديثه عن أنس: فمد يديه ودعا، وقال شريك في حديثه عن أنس: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه بحذاء وجهه، فقال: اللَّهُمَّ اسقنا (وساق نحوه) أي وساق شريك بعد ذلك حديثه نحو حديث عبد العزيز.

1176 -

(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول، ح: وحدثنا سهل بن صالح) بن حكيم الأنطاكي أبو سعيد البزاز، صدوق، (نا علي بن قادم) الخزاعي أبو الحسن الكوفي، قال ابن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم: محله الصدق، قال ابن عدي: نقموا عليه أحاديث رواها عن الثوري غير محفوظة، (نا سفيان) الثوري، (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري.

(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه) شعيب، (عن جده) عبد الله بن عمرو بن

(1) زاد في نسخة: "فذكر".

(2)

وفي نسخة: "وقال".

(3)

زاد في نسخة: "يعني نحو حديث عبد العزيز بن صهيب".

ص: 287