الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1272 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِىٍّ: "أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ.
(299) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ
1273 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: اقْرَأْ
===
1272 -
(حدثنا حفص بن عمر، نا شعبة، عن أبي إسحاق) السبيعي، (عن عاصم بن ضمرة، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل) الصلاة (العصر ركعتين) وفي رواية للترمذي (1) عنه: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يصلي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ، يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَسْلِيْمِ عَلَى المَلَائِكَةِ المُقَرَّبِيْنَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ المُسْلِميْنَ وَالْمُؤْمِنِينَ"، ولأجل الاختلاف في ذلك قال علماؤنا: إن المصلي يُخَيَّرُ بين الإتيان بالركعتين أو الأربع تطوعًا.
(299)
(بَابُ الصَّلَاةِ) أي التطوع (بَعْدَ) صلاة (الْعَصْرِ)
1273 -
(حدثنا أحمد بن صالح، نا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن) عبد الله (بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس، أن عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر) الزهري، أبو جبير المدني، صحابي صغير، مات قبل الحرة (والمسور) كمنبر (ابن مخرمة) بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري، أبو عبد الرحمن، صحابي (أرسلوه) أي كريبًا (إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: اقرأ) من قرأ، وفي نسخة:"أقرأ" من
(1)"سنن الترمذي"(429).
عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقُلْ: إِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا (1) ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُمَا!
فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِى بِهِ، فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا، فَرَدُّونِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِى بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا، أَمَّا حِينَ صَلَّاهُمَا فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ وَعِنْدِى نِسْوَةٌ مِنْ بَنِى حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَصَلَاّهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ
===
الإقراء عليها السلام منا جميعًا وسلها عن الركعتين بعد العصر) أي اللتين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العصر، وقد نهى عن الصلاة بعدها، ما الذي استقر أمره عليه فيهما؟ (وقيل: إنا أخبرنا أنك تصلينهما، وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما) أي عن الركعتين بعد العصر (فدخلت عليها) أي على عائشة (فبلغتها ما أرسلوني به) أي بتبليغه من السلام والكلام.
(فقالت: سل أم سلمة) أي لأنها صاحبة الواقعة، فهي أعلم بها من غيرها (فخرجت إليهم، فأخبرتهم بقولها، فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة) فجئت إليها، فسألت (فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما) أي عن الركعتين بعد العصر (ثم رأيته يصليهما) وفي رواية الطحاوي: "ثم رَأَيْتُه صَلَّاهُما".
(أما حين صلاهما) أولًا (فـ) قصتها (أنه) صلى الله عليه وسلم (صلَّى العصر ثم دخل) أي في بيتي (وعندي نسوة من بني حرام) بفتح المهملتين (من الأنصار فصلاهما) في البيت (فأرسلت إليه الجارية)، قال الحافظ (2): لم أقف على اسمها، ويحتمل أن تكون بنتها زينب، لكن في رواية المصنف:"فأَرْسَلْتُ إلَيْهِ الخَادِمَ".
(1) في نسخة بدله: "تصلينها".
(2)
"فتح الباري"(3/ 106).
فَقُلْتُ: قُومِى بِجَنْبِهِ فَقُولِى لَهُ: تَقُولُ (1) أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْمَعُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا؟ ، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِى عَنْهُ. قَالَتْ: فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «يَا اِبْنَةَ (2) أَبِى أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِى (3) نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ،
===
(فقلت) للجارية: (قومي بجنبه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقولي له: تقول أم سلمة: يا رسول الله، أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما؟ ) فهل نسخ وارتفع ذلك النهي المتقدم؟
(فإن أشار بيده فاستأخري عنه، قالت) أم سلمة: (ففعلت الجارية) ما قلت لها من أنها قامت بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغته ما أرسلت به (فأشار) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بيده) إلى الجارية (فاستأخرت عنه) أي تأخَّرت.
(فلما انصرف) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة (قال) للجارية: قولي لأم سلمة، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لم يخاطب الجارية بالجواب، وأجاب أم سلمة من غير الواسطة (يا ابنة أبي أمية) وهو والد أم سلمة، واسمه حذيفة، وقيل: سهيل بن المغيرة المخزومي (سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناسٌ من عبد القيس بالإِسلام من قومهم).
وللطحاوي (4) عن وجه آخر: "قَدِمَ عَلَيَّ قَلائصٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَنَسِيْتُهما [حَتَى صَلَّيْت العَصْر]، ثُمَّ ذَكَرْتُهُما، فَكَرِهْتُ أَنْ أُصَلِّيَهُما في المَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَرَوْنَ، فَصَلَّيْتُهُما عِنْدَكِ"، وله من وجه آخر:"فَجَاءَنِي مَالٌ فَشَغَلَنِي"،
(1) زاد في نسخة: "لك".
(2)
في نسخة: "بنت".
(3)
في نسخة: "أتى".
(4)
انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 302).
فَشَغَلُونِي عن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ". [خ 1233، م 834]
===
وله من وجه آخرة "قَدِمَ عَلَيَّ وَفْدٌ مِنْ بَنِي تَمِيْمٍ أَوْ جَاءَتنِي صَدَقَةٌ"(فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان).
قال الحافظ (1): في رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أم سلمة عند الطحاوي من الزيادة: "فَقُلْتُ: أُمِرْتَ بِهِمَا؟ فَقَالَ: لَا، ولكنْ كنتُ أُصَلِّيْهما بعدَ الظُّهْرِ، فشغلْتُ عَنْهُمَا فَصَلَّيْتُهُما الآن"، وله من وجه آخر عنها:"لَمْ أَرَه صَلَّاهُما قَبْلُ وَلَا بَعْدُ"، لكن هذا لا ينفي الوقوع، فقد ثبت في مسلم (2) عن أبي سلمة:"أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْهُمَا، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهما قَبْلَ الْعَصْرِ، فَشُغِلَ عَنْهُما، أوْ نَسِيَهُما، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ العَصْرِ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا، وَكَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا"، ومن طريق عروة عنها:"مَا تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِيْ قَطُّ".
ومن ثم اختلف نظر العلماء، فقيل: تقضى الفوائت في أوقات الكراهة لهذا الحديث، وقيل: هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو خاص بالذي وقع له مثل ما وقع له صلى الله عليه وسلم.
قال القاري (3): وهذا يدل على أن قضاء السنَّة سنَّة، وبه أخذ الشافعي، قاله ابن الملك، وظاهر الحديث أن هذا من خصوصياته عليه السلام؛ لعموم النهي للغير، ولأنه ورد في أحاديث عن عائشة:"أنه كان يصليهما دائمًا"، وقد ذكر الطحاوي بسنده حديث أم سلمة، وزاد (4):"فقلت: يا رسول الله! أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا"، انتهى.
فمعنى الحديث كما قال ابن حجر: أي وقد علمت أن من خصائصي أني
(1)"فتح الباري"(3/ 106).
(2)
"صحيح مسلم"(835).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(3/ 132).
(4)
وحكى الحافظ في "التلخيص"(1/ 477) هذه الزيادة. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
إذا عملت عملاً داومت عليه، فمن ثم فعلتهما ونهيت غيري عنهما، انتهى، لكن خالف كلامه حيث قال: ومن هذا أخذ الشافعي أن ذات السبب لا تكره في تلك الأوقات حيث لا تحري، انتهى، ولا يخفى أنه إذا كان من خصوصياته، فلا يصلح للاستدلال، والله أعلم.
قال القاضي: اختلفوا في جواز الصلاة في الأوقات الثلاثة، وبعد صلاة الصبح إلى الطلوع، وبعد صلاة العصر إلى الغروب، فذهب داود إلى جواز الصلاة فيها مطلقًا، وقد روي عن جمع من الصحابة، فلعلهم لم يسمعوا نهيه عليه الصلاة والسلام، أو حملوه على التنزيه دون التحريم، وخالفهم الأكثرون، فقال الشافعي: لا يجوز فيها فعل صلاة لا سبب لها، أما الذي له سبب كالمنذورة وقضاء الفائتة فجائز؛ لحديث كريب عن أم سلمة، واستثنى أيضًا مكة، واستواء الجمعة، لحديثي جبير بن مطعم، وأبي هريرة، وقال أبو حنيفة: يحرم فعل كل صلاة في الأوقات الثلاثة، سوى فعل عصر يومه عند الاصفرار، ويحرم المنذورة، والنافلة بعد الصلاتين دون المكتوبة الفائتة، وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة. وقال مالك: يحرم فيها النوافل دون الفرائض، ووافقه أحمد، غير أنه جوز فيها ركعتي الطواف، انتهى.
قلت: وخلاصة الكلام (1) في هذا الباب أن كثيرًا من الصحابة رووا عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب، حتى شركتهم عائشة رضي الله عنها، وروت:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وعن صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
ثم روت أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما بعد العصر، فالذي روت أم سلمة: أنها سألت عنه صلى الله عليه وسلم إنك تنهى عن هاتين
(1) قال ابن العربي: حاصل الأقوال في ذلك خمسة: (1) لا صلاة فيهما. (2) لا نفل فيهما، (3) لا نفل التي لا سبب لها، (4) لا صلاة فيهما ولا عند الزوال، (5) إلا بمكة، ثم بسط دلائل كل قول، وراجع:"الأوجز"(4/ 365). (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الركعتين، ورأيتك تصليهما، فكيف هذا؟ فاعتذر عنه صلى الله عليه وسلم بأن الركعتين بعد الظهر ما صليتهما، فهما هاتان الركعتان، وفي بعض الروايات عنها أنها قالت:"ما رأيته صلاها قبل ولا بعد".
وفي رواية عنها عند الطحاوي (1): "قالت: نعم، صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ركعتين بعد العصر، قلت: أمرت بهما؟ قال: لا، ولكن أصليهما بعد الظهر، فشغلت عنهما فصليتهما الآن"، وفي رواية عنها عند الطحاوي:"قالت: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، ثم دخل بيتي، فصلَّى ركعتين، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! صليت صلاة لم تكن تصليها، قال: قدم عليَّ مال، فشغلني عن ركعتين كنت أصليهما بعد الظهر، فصليتهما الآن، قلت: يا رسول الله! أفنقضيهما إذا فاتتا، قال: لا".
فهذه الروايات تشير إلى أن فعله صلى الله عليه وسلم كان مخصوصًا به، وبعض الروايات في هذا المعنى أصرح من بعض.
وأما عائشة رضي الله عنها فرويت عنها روايات مختلفة، ففي روايات عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم داوم على الركعتين بعد العصر، "قالت: ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما سرًا ولا علانية، ركعتان قبل الصبح، وركعتان بعد العصر"، وفي غيرها من الروايات هذا المعنى روي عنها بألفاظ مختلفة، ومعنى المداومة أنه صلى الله عليه وسلم إذا دخل عندها صلاهما، وأما إذا دخل على غيرها من الأزواج، أو لم يدخل على إحداهن، أو كان في سفر لم يصلهن.
وفي رواية عنها عند الطحاوي: "أن معاوية بن أبي سفيان قال، وهو على المنبر لكثير بن الصلت: اذهب إلى عائشة، فاسألها عن ركعتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر، قال أبو سلمة: فقمت معه، وقال ابن عباس لعبد الله بن الحارث: اذهب معه فجئناها فسألناها، فقالت: لا أدري، سلوا أم سلمة"، الحديث.
(1)"شرح معاني الآثار"(1/ 301).