الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ شَارَكَهُ النَّاسُ في الصَّلَاةِ كُلّهَا". [حم 6/ 275، خزيمة 1363، ق 3/ 265، ك 1/ 336]
(286) بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ فيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ، فَيُصَلُّوَنَ لأَنْفُسِهِم رَكْعَةً
1243 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً،
===
أي فرغ عن الصلاة (وقد شاركه الناس في الصلاة كلها).
فإن قلت: كيف يقال: إن الناس قد شاركوه في الصلاة كلها، وقد أحرمت الطائفة الثانية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعته الأولى؟
قلت: فإنهم وإن شاركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الثانية وأحرموا خلفه بعد تمام الركعة الأولى، لكنهم لما صلوا ركعتيهم قبل سلام الإِمام، وسلموا مع سلام الإِمام، ولم يقضوا بعد سلام الإِمام شيئًا من صلاتهم، فكأنهم أيضًا شاركوه في صلاتهم كلها، ويمكن أن يؤول هذا الكلام على وجه آخر، فيقال: هذا بيان لقوله في الحديث: "ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي معناه قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركعة الثانية، والحال أنه قد شاركه الناس كلهم في الصلاة أي في التي بقيت من الصلاة، وتأنيث الضمير باعتبار الطائفة.
(286)
(بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ) ويفرغ الإِمام عن الصلاة بالسلام (فَيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ فَيُصَلُّونَ لأنْفُسِهِمْ رَكْعَةً) التي بقيت من صلاتهم، فيكون الطائفة الأولى بحكم اللاحقين، والثانية مسبوقون
1243 -
(حدثنا مسدد، نا يزيد بن زريع، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بإحدى الطائفتين ركعة،
وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَامُوا فِى مَقَامِ أُولَئِكَ، وَجَاؤوا (1) أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ، وَقَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ". [خ 4133، م 839، ت 564، ن 1538، ق 3/ 260، حم 2/ 147]
===
والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم) لما صلت الطائفة الأولى ركعتهم الأولى (انصرفوا) أي مواجهة العدو (فقاموا في مقام أولئك) أي الطائفة الثانية التي كانت مواجهة العدو (وجاؤوا) وفي المصرية:"وجاء" بالإفراد (أولئك) أي الطائفة الثانية (فصلَّى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بهم ركعة أخرى، ثم سلَّم عليهم، ثم قام هؤلاء) أي الطائفة الثانية (فقضوا ركعتهم) الباقية (وقام هؤلاء) أي الطائفة الأولى (فقضوا ركعتهم).
قال الحافظ في "الفتح"(2): قوله: "فقام كل واحد منهم فركع لنفسه" لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، وظاهره أنهم أتموا لأنفسهم في حالة واحدة، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب، وهو الراجح (3) من حيث المعنى، وإلَّا فيستلزم تضييع الحراسة المطلوبة، وإفراد الإِمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود ولفظه:"ثم يسلم فقام هؤلاء" أي الطائفة الثانية، فقضوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، ثم ذهبوا، ورجع أولئك إلى مقامهم، فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا.
(1) وفيه نسختان: "فجاؤوا"، "جاء".
(2)
"فتح الباري"(2/ 430 - 431).
(3)
وقال الزيلعي على "الهداية": قال البيهقي: ويمكن أن يحمل هذا على حديث ابن مسعود، وقال القرطبي في "شرح مسلم": الفرق بين حديث ابن عمر وابن مسعود أن في حديث ابن عمر كان قضاؤهم على حالة واحدة، ويبقى الإِمام كالحارس وحده، وفي حديث ابن مسعود كان قضاؤهم متعاقبًا، وتأول بعضهم حديث ابن عمر بما في حديث ابن مسعود، وبه أخذ أبو حنيفة وأصحابه غير أبي يوسف، وهو نص أشهب عن أصحابنا خلاف ما قاله ابن حبيب. (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ نَافِعٌ وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم (1) ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ،
===
وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها، ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها، وبهذه الكيفية أخذ الحنفية، واختار الكيفية التي في حديث ابن مسعود أشهب والأوزاعي، وهي الموافقة لحديث سهل بن أبي حثمة من رواية مالك عن يحيى بن سعيد، ورجح ابن عبد البر هذه الكيفية الواردة في حديث ابن عمر على غيره لقوة الإسناد ولموافقة الأصول في: أن المأموم لا يتم صلاته قبل صلاة إمامه، انتهى ملخصًا (2).
(قال أبو داود: وكذلك رواه نافع وخالد بن معدان عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم) أما رواية نافع فقد أخرجها مسلم وغيره (3)، وأما حديث خالد بن معدان (4) عن ابن عمر فلم أجده فيما تتبعت.
(وكذلك قول مسروق) وهذا القول أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5) ثنا غندر عن شعبة عن مغيرة عن الشعبي عن مسروق أنه قال: صلاة الخوف يقوم الإِمام ويصفون خلفه صفين، ثم يركع الإِمام فيركع الذين يلونه، ثم يسجد بالذين يلونه، فإذا قام تأخر هؤلاء الذين يلونه، وجاء الآخرون فقاموا مقامهم، فركع بهم وسجد بهم، والآخرون قيام، ثم يقومون فيقضون ركعة، فيكون للإمام ركعتان في جماعة، ويكون للقوم ركعة ركعة في جماعة ويقضون الركعة الثانية.
(و) كذلك روى (يوسف بن مهران) قال في "التقريب": يوسف بن مهران البصري، وليس هو يوسف بن ماهك، ذاك ثقة، وهذا لم يرو عنه
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(2)
انظر: "فتح الباري"(2/ 430 - 431).
(3)
"صحيح مسلم"(839)، وأخرجه أيضًا مالك في "موطئه"(1/ 178) رقم (451).
(4)
كذلك أورد هذا السند ابن عبد البر في "التمهيد"(15/ 258) ولم يسق لفظه.
(5)
"المصنف"(2/ 466).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ رَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّهُ فَعَلَهُ.
===
إلَّا ابن جدعان، هو لين الحديث (عن ابن عباس) وصله ابن أبي شيبة في "مصنفه" (1) فقال: حدثنا غندر عن شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس مثل ذلك.
قلت: وقد أخرج ابن جرير (2): حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ} إلى قوله: {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} فإنه كانت تأخذ طائفة منهم السلاح، فيقبلون على العدو، والطائفة الأخرى يصلون مع الإِمام ركعة، ثم يأخذون أسلحتهم فيستقبلون العدو، ويرجع أصحابهم فيصلون مع الإِمام ركعة، فيكون للإمام ركعتين، ولسائر الناس ركعة واحدة، ثم يقضون ركعة أخرى، وهذا تمام الصلاة، انتهى.
(وكذلك روى يونس عن الحسن عن أبي موسى أنه فعله) أخرج ابن جرير (3): حدثني يعقوب بن إبراهيم ثنا ابن علية عن يونس بن عبيد عن الحسن أن أبا موسى الأشعري صلَّى بأصحابه صلاة الخوف بأصبهان إذ غزاها، قال: فصلَّى بطائفة من القوم ركعة، وطائفة تحرس، فنكص هؤلاء الذين صلَّى بهم ركعة، وخلفهم الآخرون، فقاموا مقامهم فصلَّى بهم ركعة، ثم سلم، فقامت كل طائفة فصلت ركعة.
قلت: وكذلك روي عن زيد بن ثابت وحذيفة وجابر عند الطحاوي (4).
(1)"المصنف"(2/ 466).
(2)
انظر: "جامع البيان"(4/ 256). سورة النساء: الآية 102.
(3)
"جامع البيان"(4/ 255).
(4)
انظر: شرح معاني الآثار" (1/ 310 - 311).