الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(231) بَابُ الرَّجُلِ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ
1096 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنا (1) شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ الطَّائِفِىُّ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ: الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ الْكُلَفِىُّ،
===
(231)
(بَابُ الرَّجُلِ يَخْطُبُ) متكئًا (عَلَى قَوْسٍ)
1096 -
(حدثنا سعيد بن منصور، نا شهاب بن خراش) بكسر المعجمة ثم راء مهملة، قال الشوكاني (2): الحديث في إسناده شهاب بن خراش أبو الصلت، وقد اختلف فيه، فقال ابن المبارك: ثقة، وقال أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم: لا بأس به، وقال ابن حبان كان رجلًا صالحًا، وكان ممن يخطئ كثيرًا حتى خرج عن الاعتداد به، قال الحافظ: والأكثر وثقوه، انتهى.
(حدثنا شعيب بن رزيق) بتقديم الراء على الزاي مصغرًا (الطائفي) الثقفي، قال ابن معين: ليس به بأس، قال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات" (قال) شعيب:(جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: الحكم (3) بن حزن الكلفي) قال في "الأنساب"(4): بضم الكاف وفتح اللام وفي آخرها الفاء، هذه النسبة إلى كلفة بطن من تميم، قاله البخاري، منهم الحكم بن حزن الكلفي، انتهى.
وقال الحافظ في "الإصابة"(5): ويقال: من بني كلفة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وهو قول خليفة في آخرين، قال مسلم: لم يرو عنه إلَّا شعيب.
(1) وفي نسخة: "حدثني".
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 560).
(3)
قال السيوطي: ليس له إلَّا هذا الحديث، كذا في حاشية "أبي داود"، وحاشية "التهذيب"(2/ 425). (ش).
(4)
"الأنساب"(5/ 88).
(5)
(6/ 257).
فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ (1) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابِعَ سَبْعَةٍ أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زُرْنَاكَ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ. فَأَمَرَ بِنَا، أَوْ أَمَرَ لَنَا بِشَىْءٍ مِنَ التَّمْرِ، وَالشَّأْنُ إِذْ ذَاكَ دُونٌ، فَأَقَمْنَا بِهَا أَيَّامًا شَهِدْنَا فِيهَا الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ،
===
(فأنشأ) أي فشرع (يحدثنا قال) الحكم: (وفدت) أي ذهبت وافدًا (إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة) أي في سبعة أنا سابعهم (أو) للشك من الراوي (تاسع تسعة، فدخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله زرناك) أي أتيناك زائرين، وللزائر حق (فادع الله لنا بخير، فأمر بنا أو أمر لنا) أو للشك من الراوي، والمأمور بعض الخادمين من الصحابة (بشيء) أي بقليل (من التمر، والشأن) أي والحال (إذ ذاك) أي في ذاك الزمان (دون) أي ضعيفة، وهذا اعتذار من قلة التمر (فأقمنا بها) أي بالمدينة (أيامًا شهدنا) أي حضرنا (فيها) أي المدينة (الجمعة) أي صلاتها (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئًا) (2) قال في "الجمع" (3): التوكؤ على العصا هو التحامل عليها، وقال في "القاموس" (4): توكأ عليه تَحَمَّلَ واعتمد (على عصا أو قوس) أو للشك من الراوي.
وقال علماء الحنفية: وإذا قام يكون السيف بيساره متكئًا عليه في كل بلدة فتحت عنوة ليريهم أنها فتحت بالسيف، فإذا رجعتم عن الإِسلام فذاك باق بأيدي المسلمين يقاتلونكم به حتى ترجعوا إلى الإِسلام، ويخطب بدونه أي السيف في كل بلدة فتحت صلحًا، ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فتحت بالقرآن فيخطب فيها بلا سيف، ومكة فتحت بالسيف، كذا في "مراقي الفلاح"(5).
(1) وفي نسخة: "النبي".
(2)
ذكر في "المنهل" إختلافهم في أي اليدين يأخذ القوس وما يفعل بالأخرى. (ش).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(5/ 109).
(4)
"القاموس المحيط"(1/ 148).
(5)
انظر: "مراقي الفلاح"(ص 334).
فحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ لَنْ تُطِيقُوا أَوْ لَنْ تَفْعَلُوا كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا» (1). سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ قَالَ: ثَبَّتَنِى فِى شَىْءٍ مِنْهُ بَعْضُ أصحابي (2)، [وَقَدْ كَانَ انْقَطَعَ مِنَ الْقُرطَاس]. [حم 4/ 212، خزيمة 1452، ق 3/ 206]
===
وقال الطحطاوي عليه: وفيه إشارة إلى أنه يكره الاتكاء على غيره كعصًا وقوس، "خلاصة" لأنه خلاف السنَّة "محيط"، وناقش فيه ابن أمير الحاج بأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان خطيبًا بالمدينة متكئًا على عصا أو قوس، كما في "أبي داود"، وكذا رواه البراء بن عازب عنه صلى الله عليه وسلم، وصححه ابن السكن، انتهى.
(فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات) كلها إما منصوبات بنزع الخافض، أي حمد الله وأثنى عليه بكلمات أو خطب بكلمات، ويحتمل أن تكون مرفوعة خبر لمبتدأ محذوف وهو الخطبة.
(ثم قال: أيها الناس إنكم لن تطيقوا أو لن تفعلوا) أو للشك من الراوي (كل ما أمرتم به) أي ليس لكم طاقة أن تؤدوا جميع ما أمرتم به (ولكن سددوا) أي اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة، وهو القصد في الأمر والعدل فيه (وأبشروا) من الإبشار، وفي نسخة: وبشروا من التبشير، أي وأبشروا بالثواب على العمل وإن قل.
(سمعت أبا داود) وفي نسخة: قال أبو علي وهو اللؤلؤي تلميذ أبي داود (قال) أي أبو داود: (ثبتني في شيء) أي كلمات (منه) أي من هذا الحديث (بعض أصحابي) أي الذين كانوا معي في مجلس التحديث (وقد كان انقطع من القرطاس).
حاصله أن أبا داود لم يسمع بعض كلمات الحديث من لفظ شيخه سماعًا حسنًا ولهذا لم يكتبه في القرطاس، فثبته بعض أصحابه فكتبه بقولهم.
(1) زاد في نسخة: "قال أبو علي".
(2)
وفي نسخة: "أصحابنا".
1097 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ (1) ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِى عِيَاضٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ (2): أَنَّ رَسُولَ (3) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ،
===
1097 -
(حدثنا محمد بن بشار، نا أبو عاصم، نا عمران) القطان كما في نسخة، (عن قتادة، عن عبد ربه) بن أبي يزيد، ويقال: ابن يزيد، ويقال: عبد رب، روى عن أبي عياض، وعنه قتادة، روى له أبو داود حديثًا في الخطبة، والنسائي آخر في الصائم يصبح جنبًا.
قلت: قال علي بن المديني: عبد ربه الذي روى عنه قتادة مجهول، لم يرو عنه غير قتادة، وقال البخاري في "تاريخه": نسبه همام، وقال علي: عرفه ابن عيينة قال: كان يبيع الثياب، انتهى، قاله الحافظ (4).
(عن أبي عياض) المدني عن ابن مسعود، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، روى قتادة عن عبد ربه عنه، قال مسلم في الكنى: أبو عياض عمرو بن الأسود سمع معاوية، وعنه خالد بن معدان، وقيل: اسمه قيس ابن ثعلبة، (عن ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد) أي خطب (قال: الحمد لله) نحمده و (نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا بين
(1) زاد في نسخة: "القطان".
(2)
زاد في نسخة: "قال".
(3)
وفي نسخة: "النبي".
(4)
انظر: "تهذيب التهذيب"(6/ 130).
مَنْ يُطِعِ الله وَرَسولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا
===
يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما).
قال الشوكاني (1): فيه جواز التشريك بين ضمير الله تعالى ورسوله، ويؤيد ذلك ما ثبت في "الصحيح" (2) عنه صلى الله عليه وسلم بلفظ:"أن يكون الله تعالى ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما"، وما ثبت - أيضًا- أنه صلى الله عليه وسلم أمر مناديًا ينادي يوم خيبر "إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية".
وأما في "صحيح مسلم" و"سنن أبي داود" و"النسائي"(3) من حديث عدي بن حاتم: أن خطيبًا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله تعالى ورسوله فقد غوى"، فمحمول على ما قال النووي من أن سبب الإنكار عليه، أن الخطبة شأنها البسط والإيضاح، واجتناب الإشارات والرموز، قال: ولهذا ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا لتفهم عنه.
قال: وإنما ثنى الضمير في مثل قوله: "أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما"، لأنه ليس خطبة وعظ، وإنما هو تعليم حكم، فكلما قل لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ، فإنه ليس المراد حفظها، وإنما يراد الاتعاظ بها، ولكنه يرد عليه أنه قد وقع الجمع بين الضميرين منه صلى الله عليه وسلم في حديث الباب، وهو وارد في الخطبة لا في تعليم الأحكام (4).
(1)"نيل الأوطار"(2/ 554).
(2)
أخرجه البخاري (16، 6941)، ومسلم (43).
(3)
انظر: "صحيح مسلم"(870)، و (سنن أبي داود)(1099)، و"سنن النسائي"(3279).
(4)
انظر: "شرح صحيح مسلم"(3/ 426).
فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ الله شَيْئًا". [جه 1892، ن 1404، ت 1105، حم 1/ 302]
1098 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ تَشَهُّدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وقَالَ: «وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى، وَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يُطِيعُهُ وَيُطِيعُ رَسُولَهُ، وَيَتَّبِعُ رِضْوَانَهُ، وَيَجْتَنِبُ سَخَطَهُ، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَلَهُ". [انظر سابقه]
===
وقال القاضي عياض وجماعة من العلماء: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنكر على الخطيب تشريكه في الضمير المقتضي للتسوية، وأمره بالعطف تعظيمًا (1) لله تعالى بتقديم اسمه، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر:"لا يقول أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله، ثم ما شاء فلان"، ويرد على هذا ما قدمنا من جمعه صلى الله عليه وسلم بين ضمير الله وضميره، ويمكن أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنكر على ذلك الخطيب التشريك، لأنه فهم منه اعتقاد التسوية [فنبّهه] على خلاف معتقده، وأمره بتقديم اسم الله تعالى على اسم رسوله ليعلم بذلك فساد ما اعتقده (فإنه لا يضر إلَّا نفسه ولا يضر الله شيئًا).
1098 -
(حدثنا محمد بن سلمة المرادي، أنا ابن وهب) عبد الله، (عن يونس أنه سأل ابن شهاب) الزهري (عن تشهد) أي خطبة (رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فذكر) أي ابن شهاب (نحوه) أي نحو الحديث المتقدم (وقال) وهذا بيان الاختلاف في هذا الحديث وفي الحديث المتقدم، ولفظ هذا الحديث:(ومن يعصهما فقد غوى) ثم زاد: (ونسأل الله ربنا أن يجعلنا ممن يطيعه ويطيع رسوله، ويتبع رضوانه، ويجتنب سخطه، فإنما نحن به وله) قلت: وهذا الحديث مرسل.
(1) وفي الأصل: "تقديسًا" وهو خطأ، والصواب:"تعظيمًا".
1099 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمٍ الطَّائِىِّ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ خَطِيبًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يَعْصِهِمَا، فَقَالَ:«قُمْ - أَوِ اذْهَبْ - بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ» . [م 870، ن 3279، حم 4/ 256]
===
1099 -
(حدثنا مسدد، يحيى، عن سفيان بن سعيد) الثوري، (حدثني عبد العزيز بن رفيع، عن تميم) بن طرفة بفتح الطاء والراء والفاء (الطائي) المسلمي بضم الميم وسكون المهملة، (عن عدي بن حاتم، أن خطيبًا) لم يعرف اسمه (خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال) أي في خطبته: (من يطع الله ورسوله) فقد رشد (ومن يعصهما، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قم أو اذهب) أو للشك من الراوي (بئس الخطيب أنت).
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز [الجمع] في الضمير بينه وبين ربه تعالى كقوله: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما"، وقوله: "ومن يعصهما فإنه
…
إلخ"، وهو ممتنع لغيره، فلذا أنكر على الخطيب، وإنما امتنع على غيره لأنه إذا جمع أوهم إطلاقه التسوية بخلافه هو فإن منصبه لا يتطرق له إيهامه، قال في "الفصول المفيدة في الواو المزيدة": قيل: في الجمع بين هذه الأحاديث وجوه:
الأول: أنه خاص به صلى الله عليه وسلم إذ يعطي مقام الربوبية حقه، ولا يتوهم فيه تسوية له بما عداه أصلًا، بخلاف أمته فإنه مظنة التسوية عند الإطلاق، والجمع بين الضمائر بين اسم الله وغيره، فلذا جمعهما بضمير واحد، وأمر الخطيب بالإفراد لإيهامه التسوية بجمعهما، ويرد عليه أن حديث ابن مسعود فيه تعليمه صلى الله عليه وسلم أمته تلك الخطبة ليقولوها عند الحاجة، وفيه: ومن يعصهما، فيدل على عدم الخصوصية به، قلت: وأيضًا والخصوصيات لا تثبت بالاحتمال.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أنكر على الخطيب كان هناك من يتوهم منه التسوية بين المقامين بجمعه الاسمين بضمير واحد، وحيث لم يكن من يلتبس عليه أتي بضمير الجمع.
الثالث: أن منعه لم يكن بتحتم بدليل الأحاديث الآخر، بل على وجه ندب وإرشاد إلى الأولوية، لأن بإفراد اسمه تعالى من التعظيم ما يليق بجلاله.
الرابع: أن إنكاره خاص بالخطيب المذكور، ومن على مذهبه، فكأنه صلى الله عليه وسلم فهم من حاله أنه لم يجمع بينهما إلَّا لظنه التسوية بينهما في المقام، ولعل هذا الجواب هو الأقوى، كذا في "الدرجات"(1).
قلت: وهذه الوجوه كلها مرجعها إلى أن الإنكار على الخطيب لأجل الجمع بين الله ورسوله في الضمير، وهذه الوجوه كلها كما ترى مدخولة، واختار الإِمام الطحاوي في "مشكل الآثار" (2) طريقًا بديعًا فقال: باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدل على أنه لا ينبغي للرجل في كلامه أن يقطعه إلَّا على ما يحسن قطعه عليه ولا يحول به معناه عما تكلم به من أجله، ثم ساق حديث تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم، قال: جاء رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد أحدهما فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بئس الخطيب أنت، قم". قال: فكان المعنى عندنا- والله أعلم- أن ذلك يرجع إلى معنى التقديم والتأخير فيقول: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ثم يبتدأ بقوله:"ومن يعصهما فقد غوى" وإلَّا عاد وجهه إلى التقديم والتأخير الذي ذكرنا، كمثل ما عاد إليه معنى قوله عز وجل: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ
(1)"درجات مرقاة الصعود"(ص 71 - 72).
(2)
"مشكل الآثار"(8/ 371).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وَإِسْمَاعِيلُ} (1) على معنى قوله عز وجل: وإذ يرفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت
…
إلخ.
وحاصل هذا الكلام أن الخطيب توقف على قوله: "ومن يعصهما" وقطعه عن الجزاء فأوهم أن هذا عطف على لفظ: "ومن يطع الله ورسوله"، فيكون حينئذ لفظ "فقد رشد" جزاءً لكليهما، وحينئذ يفسد المعنى.
قلت: وهذا التوجيه منحصر فيما إذا لم يكن بعد قوله: "ومن يعصهما" لفظ "فقد غوى" في الروايات، وأما إذا كان في الرواية هذا اللفظ، فلا يتمشى هذا التوجيه.
ثم رأيت "صحيح مسلم"(2) وفيه أخرج هذا الحديث من طريق وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن رفيع ولفظه: "أن رجلًا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ومن يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله"، قال ابن نمير: فقد غوى، وفيه تصريح بأن الخطيب لم يقف على قوله:"ومن يعصهما" ولم يقطعه عما بعده من الجزاء، وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في إنكاره عليه تصريح بأنه أرشده إلى الإفراد بين ضمير الله وضمير رسوله صلى الله عليه وسلم.
فإن قلت: لعل الخطيب توقف بين الشرط والجزاء وهو موهم بفساد المعنى.
قلت: إن كان التوقف لحاجة دعت إليه كالتنفس والسعال فهو غير قاطع شرعًا، وإن كان من غير حاجة فهو بعيد من الخطيب الماهر بأساليب الكلام والعارف باللسان.
(1) سورة البقرة: الآية 127.
(2)
"صحيح مسلم"(870).
1100 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ، عَنْ بِنْتِ (1) الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَتْ: "مَا حَفِظْتُ {ق} إلَّا مِنْ فِى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَخْطُبُ (2) بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ
===
1100 -
(حدثنا محمد بن بشار، نا محمد بن جعفر) غندر، (نا شعبة، عن خبيب) بن عبد الرحمن، (عن عبد الله بن محمد بن معن) المدني الغفاري، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وليس له في الكتابين "أبي داود" و"مسلم" غير هذا الحديث، (عن بنت الحارث بن النعمان) هكذا في رواية محمد بن جعفر، والمشهور بل الصواب: بنت الحارثة بن النعمان كما يأتي عن أبي داود في الرواية عن روح بن عبادة عن شعبة، وعن ابن إسحاق، وهي أم هشام أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها، روت عنها أختها عمرة.
(قالت: ما حفظت) سورة ("ق" إلَّا من في) أي من لسان (رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها) أي يقرؤها في الخطبة (كل جمعة) قال الشوكاني (3): لا خلاف في استحباب قراءة القرآن في الخطبة، وإنما الخلاف في الوجوب، وقد اختلف في محل القراءة على أربعة أقوال:
الأول: في إحداهما لا بعينها، وإليه ذهب الشافعي، وهو ظاهر إطلاق الأحاديث.
والثاني: في الأولى، وإلى هذا ذهبت الهادوية وبعض أصحاب الشافعي، واستدلوا بما رواه ابن أبي شيبة (4) عن الشعبي مرسلًا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه، ثم قال: السلام عليكم
(1) وفي نسخة: "ابنة".
(2)
وفي نسخة: "كان يخطب".
(3)
"نيل الأوطار"(2/ 558).
(4)
"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 114).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ويحمد الله تعالى ويثني عليه، ويقرأ سورة، ثم يجلس، ثم يقوم، فيخطب، ثم ينزل، وكان أبو بكر وعمر يفعلانه.
والقول الثالث: أن القراءة مشروعة فيهما جميعًا، وإلى ذلك ذهب العراقيون من أصحاب الشافعي، قال العراقي: وهو الذي اختاره القاضي من الحنابلة.
والرابع: في الخطبة الثانية دون الأولى، حكاه العمراني، ويدل عليه ما رواه النسائي (1) عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم، ويقرأ آيات، ويذكر الله عز وجل، قال العراقي: وإسناده صحيح، وأجيب عنه بأن قوله:"يقرأ" معطوف على قوله: "يخطب" لا على قوله: "يقوم".
والظاهر من أحاديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يلازم قراءة سورة أو آية مخصوصة في الخطبة، بل كان يقرأ مرة هذه السورة، ومرة هذه، ومرة هذه الآية، ومرة هذه، انتهى.
قال: ومذهب الحنفية في هذه المسألة أن قراءة القرآن يسن في الأولى منهما، قال في "مراقي الفلاح" (2): ويسن بداءته بحمد الله بعد التعوذ في نفسه سرًا، والثناء عليه بما هو أهله، والشهادتان وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتذكير وقراءة آية من القرآن لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في خطبته:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} ، ثم قال: وسن إعادة الحمد والثناء وإعادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ابتداء الخطبة الثانية، والدعاء فيها للمؤمنين والمؤمنات مكان الوعظ.
وقال في "البدائع"(3): وأما سنن الخطبة فمنها أن يخطب خطبتين على
(1)"سنن النسائي"(1418).
(2)
"مراقي الفلاح"(ص 334).
(3)
"بدائع الصنائع"(1/ 591).
قَالَتْ: وَكَانَ تَنُّورُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَنُّورُنَا وَاحِدًا". [م 873، ن 1413، حم 6/ 63، خزيمة 1786، ق 3/ 211، ك 1/ 284]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: بِنْتِ (1) حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أُمُّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ.
===
ما روي عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال: ينبغي أن يخطب خطبة خفيفة يفتتح فيها بحمد الله تعالى ويثني عليه، ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويعظ، ويذكر، ويقرأ سورة، ثم يجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم، فيخطب خطبة أخرى، يحمد الله وُيثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويكون قدر الخطبة قدر سورة من طوال المفصل، انتهى.
قلت: وظاهره أن قراءة القرآن سنَّة في الأولى من الخطبتين، ولكن حكى صاحب "البحر" عن "التجنيس"، قال: قال في "التجنيس": أن الثانية كالأولى إلَّا أنه يدعو للمسلمين مكان الوعظ، وظاهره أنه يسن قراءة آية في الثانية كالأولى، انتهى.
(قالت) أي بنت حارثة: (وكان تنور رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنورنا واحدًا) قال النووي: إشارة إلى حفظها ومعرفتها لأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وقربها من منزله.
(قال أبو داود: قال روح (2) بن عبادة، عن شعبة قال: بنت حارثة بن النعمان) بزيادة التاء في حارث، (وقال ابن إسحاق (3): أم هشام بنت حارثة بن النعمان) بزيادة كنيتها وزيادة التاء في حارث.
(1) وفي نسخة: "ابنة".
(2)
أورد روايته البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة"(3/ 39) رقم (2193)، وعزاه إلى أحمد بن منيع في "مسنده".
(3)
أخرج روايته أحمد في "مسنده"(6/ 435)، ومُسلم في "صحيحه"(873)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 284)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 211)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 115).
1101 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِى سِمَاكٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:"كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا، يَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ". [م 866، ت 507، ن 1418، جه 1106، حم 5/ 86]
===
حاصل هذا الكلام أن روحًا عن شعبة ومحمد بن إسحاق ذكرا حارثة بزيادة التاء على خلاف ما ذكر محمد بن جعفر من غير التاء، فقول محمد بن جعفر خلاف الصواب.
قلت: وقد أخرج مسلم في "صحيحه"(1) وأحمد في "مسنده"(2) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة بهذا السند، وفيهما عن بنت لحارثة بن النعمان، هذا لفظ مسلم، وعن ابنة حارثة بن النعمان وهذا لفظ أحمد، فما روى أبو داود في رواية محمد بن جعفر بدون حرف التاء، فلعل محمد بن جعفر روى بلفظين: مرة بالتاء، ومرة بتركها، وبلغ أبا داود بدون التاء، والله أعلم.
1101 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى) القطان، (عن سفيان) الثوري (قال: حدثني سماك، عن جابر بن سمرة قال: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) والمراد بالصلاة العام الشامل للجمعة وغيرها بدليل أن مسلمًا (3) روى هذا الحديث، ولفظه:"قال: كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات، فكانت صلاته قصدًا وخطبته قصدًا"(قصدًا) القصد في الشيء الاعتدال والاقتصاد فيه وترك التطويل، قال النووي (4): أي بين الطول الظاهر والتخفيف الماحق، وإنما كانت صلاته صلى الله عليه وسلم وخطبته كذلك، لئلا يمل الناس، واختلف في أقل ما يجزئ على أقوال مبسوطة في كتب الفقه (وخطبته قصدًا، يقرأ آيات من القرآن) أي في الخطبة (ويذكر الناس) أي يعظهم.
(1) انظر: "صحيح مسلم"(873).
(2)
"مسند أحمد"(6/ 463).
(3)
"صحيح مسلم"(866).
(4)
انظر: "شرح صحيح مسلم"(3/ 422).
1102 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ أُخْتِهَا قَالَتْ:"مَا أَخَذْتُ {ق} إلَّا مِنْ فِى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَقْرَؤُهَا فِى كُلِّ جُمُعَةٍ". [م 873]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ (1): كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَابْنُ أَبِى الرِّجَالِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ.
===
1102 -
(حدثنا محمود بن خالد، نا مروان) الطاطري، (نا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري، (عن عمرة) بنت عبد الرحمن، (عن أختها) لأمها أم هشام بنت حارثة بن النعمان (قالت: ما أخذت {ق} إلَّا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقرؤها في كل جمعة) أي في خطبتها، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم يقرؤها تامة، أو يقرأ بعضها في جمعة، ثم يقرأ البعض الآخر في جمعة أخرى.
(قال أبو داود: كذا) أي كما رواه سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد كذا (رواه يحيى بن أيوب) الغافقي، أخرج حديثه مسلم (2) وكذا أبو داود كما سيأتي (وابن أبي الرجال)(3) عبد الرحمن بن أبي الرجال بكسر الراء، ثم جيم، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان الأنصاري المدني، كان ينزل بعض ثغور الشام، صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه الإِمام أحمد في "مسنده"(4)، لكن لفظه:"قالت: ما أخذت {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلَّا من وراء النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بها في الصبح".
(عن يحيى بن سعيد) الأنصاري، (عن عمرة، عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان).
(1) وفي نسخة: "قال اللؤلؤي: سمعت أبا داود".
(2)
انظر: "صحيح مسلم"(2/ 87).
(3)
أخرج روايته أحمد في "مسنده"(6/ 463)، والنسائي في "سننه"(2/ 157).
(4)
"مسند أحمد"(6/ 463).
1103 -
حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ أُخْتٍ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهَا، بِمَعْنَاهُ.
===
قلت: قد تقدم أن حديث ابن أبي الرجال الذي عند أحمد فيه قراءة سورة "ق" في صلاة الصبح، وأما في حديث سليمان بن بلال عند أبي داود ومسلم، وحديث يحيى بن أيوب عند مسلم، وقعت قراءة سورة "ق" في خطبة الجمعة، فقول أبي داود، "كذا رواه ابن أبي الرجال" بتمثيل حديث ابن أبي الرجال بحديث يحيى بن أيوب وسليمان بن بلال غير مستقيم، ولو ورد التمثيل إلى السند فهو أيضًا بعيد عن الفهم، لأنه ليس فيه شائبة الاختلاف.
1103 -
(حدثنا ابن السرح) أحمد بن عمرو، (أنا ابن وهب) عبد الله، (أخبرني يحيى بن أيوب) الغافقي، (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري، (عن عمرة) بنت عبد الرحمن، (عن أخت لعمرة بنت عبد الرحمن) واسمها أم هشام بنت حارثة بن النعمان (كانت) أم هشام بنت حارثة (أكبر منها) أي من عمرة، لأن أم هشام صحابية وعمرة تابعية (بمعناه) أي بمعنى حديث سليمان بن بلال.
وقد استشكل صاحب "العون"(1) بأن أم هشام هي بنت حارثة بن النعمان بن نقع بن زيد الأنصاري الخزرجي، وعمرة هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري، فكيف تكون أختها؟ ، ثم أجاب عنه بأن المراد أختها من الرضاعة، أو من القرابة البعيدة، فلا إشكال.
قلت: لعله لم يقف على ما صرح به الحافظ في "تهذيب التهذيب"(2) بأنها أختها لأمها، فلا إشكال فيه.
(1)"عون المعبود"(3/ 317).
(2)
انظر: (12/ 438 - 481).