الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(260) جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعهَا
(1)
1161 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِىَ،
===
الخروج إلى الصحراء، لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع، فإذا حصل في المسجد مع أولويته كان أولى، انتهى.
وفيه أن كون العلة الضيق والسعة مجرد تخمين لا ينتهض للاعتذار عن التأسي به صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الجَبَّانَةِ بعد الاعتراف بمواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك، انتهى.
ومذهب الحنفية في ذلك ما قال صاحب "الدر المختار"(2): "والخروج إليها" أي الجَبَّانَة لصلاة العيد "سنَّة وإن وسعهم المسجد الجامع" هو الصحيح، قال الشامي: قال في "الظهيرية": وقال بعضهم: ليس بسنَّة، وتعارف الناس ذلك لضيق المسجد وكثرة الزحام، والصحيح الأول، انتهى.
(260)
(جُمَّاعُ (3) أَبْوَابِ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعهَا)
1161 -
(حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت) بن عثمان الخزاعي، أبو الحسن بن شبوية بمعجمة بعدها موحدة ثقيلة (المروزي) ثقة، (نا عبد الرزاق) بن همام، (أنا معمر، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه) عبد الله بن زيد بن عاصم: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس) من المدينة إلى المصلَّى (يستسقي)
(1) وفي نسخة: "باب تفريع صلاة الاستسقاء".
(2)
انظر: "رد المحتار"(3/ 49).
(3)
وشرعيتها في السنَّة السادسة على ما في "المجمع"(5/ 265)، وبسط في "الأوجز" (4/ 121) فيه سبعة أبحاث: لغته، وسببها، وبدؤها، وحكمها، ووقتها، ومسالك الأئمة فيها، وإذا لم يمطروا. (ش).
فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَدَعَا وَاسْتَسْقَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ". [خ 1025، م 894، ت 556، ن 1509، جه 1267، حم 4/ 38]
===
أي يطلب السقي بالغيث (فصلَّى بهم) أي بالصحابة (ركعتين جهر بالقراءة فيهما، وحَوَّل رداءه) وسيجيء طريق التحويل، (ورفع يديه) للدعاء (فدعا) أي الله تعالى بالحمد والثناء (واستسقى) أي طلب الغيث (واستقبل القبلة) في الدعاء.
وفي هذا الحديث وأمثاله دلالة على مشروعية صلاة الاستسقاء، وبذلك قال جمهور العلماء من السلف والخلف، ولم يخالف في ذلك إلَّا أبو حنيفة - رحمه الله تعالى-، قاله الشوكاني في "النيل"(1).
قلت: اختلف علماء الحنفية في بيان مذهب الإِمام، فقال بعضهم: إن الإِمام أنكر سنية صلاة الاستسقاء في جماعة، ولم ينكر مشروعيته، قال صاحب "الهداية" (2): قال أبو حنيفة رحمه الله: ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، وإن صلَّى الناس وحدانًا جاز، وإنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار لقوله تعالى:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} (3) الآية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى ولم ترو عنه الصلاة.
قال ابن الهمام (4): يعني في ذلك الاستسقاء، فلا يرد أنه غير صحيح، كما قال الإِمام الزيلعي: المخرج ولو تعدى بصره إلى قدر سطر حتى رأى قوله في جوابهما، قلنا: فعله مرة وتركه أخرى، فلم يكن سنة، ولم يحمله على النفي مطلقًا، وإنما يكون سنَّة ما واظب عليه، وقال بعضهم: أنكر الإِمام مشروعية صلاة الاستسقاء بجماعة.
(1)"نيل الأوطار"(2/ 649).
(2)
(1/ 87).
(3)
سورة نوح: الآية 10.
(4)
"فتح القدير"(2/ 58).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال صاحب "البدائع"(1): وأما صلاة الاستسقاء فظاهر الرواية عن أبي حنيفة أنه قال: لا صلاة في الاستسقاء، وإنما هو الدعاء، وأراد بقوله: لا صلاة في الاستسقاء الصلاة بجماعة، أي لا صلاة فيه بجماعة بدليل ما روي عن أبي يوسف أنه قال: سألت أبا حنيفة عن الاستسقاء هل فيه صلاة أو في عاء موقت أو خطبة؟ فقال: أما صلاة بجماعة فلا، ولكن الدعاء والاستغفار، وإن صلوا وحدانًا فلا بأس به.
والدليل له قوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} والمراد منه الاستغفار في الاستسقاء بدليل قوله: {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} أمر بالاستغفار في الاستسقاء، فمن زاد عليه الصلاة فلا بُدَّ له من دليل، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في الروايات المشهورة أنه صلَّى في الاستسقاء، فإنه روي أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى الجمعة، فقام رجل فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أجدبت الأرض، وهلكت المواشي، فَاسْقِ لنا الغيث، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء ودعا، الحديث، وما روي أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى.
وعن عمر رضي الله عنه أنه خرج إلى الاستسقاء، ولم يصل بجماعة، بل صعد المنبر، واستغفر الله، وما زاد عليه فقالوا: ما استسقيت يا أمير المؤمنين، فقال: لقد استسقيت بمجاديح السماء التي بها يستنزل الغيث، وتلا قوله تعالى:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} ، وروي أنه خرج بالعباس، فأجلسه على المنبر، فوقف بجنبه يدعو ويقول: اللَّهُمَّ إنا نتوسل إليك بعم نبيك، ودعا بدعاء طويل، فما نزل عن المنبر حتى سقوا.
وعن علي أنه استسقى ولم يصلّ، وما روي أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى بجماعة، حديث شاذٌّ ورد في محل الشهرة، لأن الاستسقاء يكون بملأ من الناس، ومثل هذا الحديث يرجح كذبه على صدقه أو وهمه على ضبطه، فلا يكون مقبولاً مع أن
(1)"بدائع الصنائع"(1/ 631).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
هذا مما تعم به البلوى في ديارهم، وما تعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته لا يقبل فيه الشاذ، والله تعالى أعلم.
قال العيني في شرح "البخاري"(1): وقال النووي (2): لم يقل أحد غير أبي حنيفة هذا القول.
قلت: هذا ليس بصحيح، لأن إبراهيم النخعي قال مثل قول أبي حنيفة، فروى ابن أبي شيبة (3): حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أنه خرج مع مغيرة بن عبد الله الثقفي يستسقي، قال: فصلى المغيرة فرجع إبراهيم حيث رآه يصلي، وروي ذلك أيضًا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -.
وأيضًا الحديث يدل على أن تحويل الرداء فيه سنَّة.
قال صاحب "التوضيح": تحويل الرداء سنَّة عند الجمهور، وانفرد أبو حنيفة وأنكره، ووافقه ابن سلام من قدماء العلماء بالأندلس، والسنَّة قاضية عليه.
قلت: أبو حنيفة لم ينكر التحويل الوارد في الأحاديث، إنما أنكر كونه من السنَّة، لأن تحويله صلى الله عليه وسلم كان لأجل التفاؤل لينقلب حالهم من الجدب إلى الخصب، فلم يكن لبيان السنَّة، وما ذكرناه من حديث ابن زيد الذي رواه الحاكم يقوي ما ذهب إليه أبو حنيفة، انتهى.
قال الخطابي (4): اختلفوا في صفة التحويل، فقال الشافعي: ينكس أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه، ويتوخى أن يجعل ما على شقه الأيمن على الشمال، ويجعل الشمال على اليمين، وكذلك قال إسحاق، وقال الخطابي: إذا كان
(1)"عمدة القاري"(5/ 345).
(2)
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (3/ 456).
(3)
انظر: "مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 474).
(4)
انظر: "معالم السنن"(1/ 253).
1162 -
حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ وَيُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (1)، أَخْبَرَنِى عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ الْمَازِنِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يَسْتَسْقِى فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ يَدْعُو اللَّهَ عز وجل. [انظر سابقه]
===
الرداء مربعًا يجعل أعلاه أسفله، وإن كان طيلسانًا مدورًا قلبه ولم ينكسه، وقال أصحابنا إن كان مربعًا يجعل أعلاه أسفله، وإن كان مدورًا يجعل جانب الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن.
وقال ابن بزيزة: ذكر أهل الآثار أن رداءه صلى الله عليه وسلم كان طوله أربعة أذرع وشبرًا، في عرض ذراعين وشبر، وقال الواقدي: كان طوله ستة أذرع في ثلاثة أذرع وشبر، وإزاره من نسج عمان طوله أربع أذرع وشبر، في عرض ذراعين وشبر، كان يلبسهما يوم الجمعة والعيد، ثم يطويان، والحكمة في التحويل التفاؤل بتحول الحال عما هي عليه.
قال المهلب: وقال ابن العربي: قال محمد بن علي: حول رداءه ليتحول القحط، قال القاضي أبو بكر: هذه أمارة بينه وبين ربه لا على طريق الفأل، فإن من شرط الفأل أن لا يكون بقصد، وإنما قيل له: حول رداءك فيتحول حالك، قاله العيني (2).
1162 -
(حدثنا ابن السرح وسليمان بن داود قالا: أنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي ذئب ويونس، عن ابن شهاب، أخبرني عباد بن تميم المازني أنه سمع عمه) عبد الله بن زيد (وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا) إلى المصلى (يستسقي، فحول إلى الناس ظهره يدعو الله عز وجل فإن الدعاء مستقبلاً إلى القبلة أفضل، وأدعى إلى الإجابة.
(1) زاد في نسخة: "قال".
(2)
"عمدة القاري"(5/ 244).
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ: وَقَرَأَ فِيهِمَا، زَادَ ابْنُ السَّرْحِ: يُرِيدُ الْجَهْرَ.
===
(قال سليمان بن داود) شيخ المصنف في حديثه: (واستقبل القبلة) أي زاد سليمان في حديثه هذا الكلام، ولم يذكره ابن السرح ثم اتفقا فقالا:(وحول رداءه (1)، ثم صلَّى ركعتين (قال الحافظ (2): والفرق بين تحويل الظهر والاستقبال أنه في ابتداء التحويل وأوسطه يكون منحرفًا حتى يبلغ الانحراف غايته، فيصير مستقبلًا.
(قال ابن أبي ذئب: وقرأ فيهما) أي في الركعتين، ولم يقل يونس هذا اللفظ في روايته عن ابن شهاب، وقد أخرج مسلم حديث يونس عن الزهري، ولم يذكر فيه القراءة (زاد ابن السرح: يريد الجهر).
قلت: قد أخرج البخاري هذا الحديث من طريق نعيم قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، ثم صلَّى ركعتين يجهر فيهما بالقراءة (3).
وأيضًا أخرج من طريق آدم حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي، قال: فحول إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه، ثم صلَّى لنا ركعتين، فالروايتان
(1) اختلفوا في وقت التحويل ووقت الاستقبال، فعند الصاحبين: يستقبل بعد الخطبة للدعاء، وتحويل الرداء إذا مضى صدر من خطبة، وعند الشافعية: إذا مضى الثلث من الخطبة الثانية يتوجه إلى القبلة ويحول رداءه، ثم يتوجه إلى القوم ويتم الخطبة، واختلفت الروايات عن مالك، وفي "الشرح الكبير" (2/ 289): المذهب يخطب ثم يستقبل القبلة، فيحول أولاً وبعده يدعو، وعند الحنابلة: يخطب ثم يستقبل القبلة، ويدعو سرًا ويحول الرداء، كذا في "الأوجز"(4/ 126 - 127). (ش).
(2)
"فتح الباري"(2/ 514).
(3)
انظر: "صحيح البخاري"(1025).
1163 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ: قَرَأْتُ فِى كِتَابِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ - يَعْنِى الْحِمْصِىَّ -، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِىِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ - لَمْ يَذْكُرِ الصَّلَاةَ - قَالَ:"وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ عِطَافَهُ الأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْسَرِ، وَجَعَلَ عِطَافَهُ الأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عز وجل". [انظر تخريج الحديث السابق، وق 3/ 350]
===
للبخاري مصرحتان بأن ذكر الجهر (1) بالقراءة داخل في الحديث.
1163 -
(حدثنا محمد بن عوف قال: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث - يعني الحمصي -، عن عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، عن محمد بن مسلم) الزهري (بهذا الحديث) المتقدم (بإسناده لم يذكر) الزبيدي عن الزهري (الصلاة) كما ذكره ابن أبي ذئب ويونس (قال) أي الزبيدي في حديثه: (وحول رداءه، فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن).
قال في "المجمع"(2): العطاف والمعطف: الرداء سمي عطافًا لوقوعه على عطفي الرجل، وهما ناحيتا عنقه، وإنما أضاف العطاف إلى الرداء لأنه أراد أحد شقي العطاف، فالهاء ضمير الرداء، ويجوز كونه للرجل، ويريد بالعطاف جانب ردائه الأيمن.
قال الشامي (3): إن كان مربعًا جعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه، وإن كان مدورًا جعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن، وإن كان قباء جعل البطانة خارجًا والطهارة داخلًا، انتهى.
(ثم دعا الله عز وجل أي برفع القحط ونزول الغيث.
(1) ويجهر القراءة فيهما، به قالت الأئمة الأربعة، كذا في "الأوجز"(4/ 142). (ش).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(3/ 226).
(3)
انظر: "رد المحتار"(3/ 71).
1164 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (1) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عن عَبْد اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ قَالَ:"اسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ (2) صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا (3) فَيَجْعَلَ (4) أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ"(5). [ق 3/ 351، وانظر تخريج الحديث السابق]
===
1164 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز، عن عمارة بن غزية، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد، قال: استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة له سوداء) والخميصة بفتح معجمة وكسر ميم: هي ثوب خز أو صوف معلم، وقيد بعضهم بقيد سواد، وجمعها الخمائص، كذا في "المجمع".
(فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بأسفلها فيجعل أعلاها، فلما ثقلت) أي الخميصة جعل أسفلها أعلاها (قلبها) أي الخميصة (على عاتقه) فجعل جانبه الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن.
وقد أخرج الطحاوي (6) بعض هذه الأحاديث التي فيها ذكر صفة قلب الرداء، ثم قال: ففي هذه الآثار قلبه لردائه، وصفة قلب الرداء كيف كان، وأنه إنما جعل ما على يمينه منه على يساره، وما على يساره على يمينه، لما ثقل عليه أن يجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه، فكذلك نقول: ما أمكن أن يجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه، فقلبه كذلك هو، وما لا يمكن ذلك فيه حوله، فجعل الأيمن منه أيسر والأيسر منه أيمن.
(1) وفي نسخة: "سعيد الثقفي".
(2)
وفي نسخة: "النبي".
(3)
وفي نسخة: "أسفلها".
(4)
وفي نسخة: "فيجعله".
(5)
وفي نسخة: "عاتقيه".
(6)
انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 324).
(1)
.
1165 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ بِلَالٍ -، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِى، وَأَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ". [خ 1028، م 894، ق 3/ 350، حم 4/ 38، قط 2/ 66]
1166 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِىَّ يَقُولُ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ"(2). [انظر تخريج الحديث السابق]
===
1165 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة ، نا سليمان - يعني ابن بلال - عن يحيى) بن سعيد الأنصاري، (عن أبي بكر بن محمد) بن عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي، ثم النجاري بالنون والجيم، المدني القاضي، يقال: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد، ثقة، ولاه عمر بن عبد العزيز القضاء:(عن عباد بن تميم، أن عبد الله بن زيد أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي، وأنه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما أراد أن يدعو استقبل القبلة ثم حول رداءه).
1166 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، (أنه سمع عباد بن تميم يقول: سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى، وحول رداءه حين استقبل القبلة) وفي رواية "البخاري" (3) في حديث عبد الله بن زيد:"أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فقلب رداءه".
(1) زاد في نسخة: "باب في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى".
(2)
في نسخة وقع هذان الحديثان رقم (1165 - 1166) بعد الحديث الآتي برقم (1167).
(3)
"صحيح البخاري"(1011).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الحافظ (1): ثم إن ظاهر قوله: "فقلب رداءه" أن التحويل وقع بعد فراغ الاستسقاء، وليس كذلك، بل المعنى فقلب رداءه في أثناء الاستقساء وقد بينه مالك في روايته المذكورة ولفظه:"حوَّل رداءه حين استقبل القبلة"، ولمسلم من رواية يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد:"وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه"، وأصله للمصنف كما سيأتي بعد أبواب، وله من رواية الزهري عن عباد:"فقام فدعا الله قائمًا ثم توجه قبل القبلة، وحول رداءه"، فعرف بذلك أن التحويل وقع في أثناء الخطبة عند إرادة الدعاء، انتهى.
قلت: وهو مذهب الحنفية في ذلك، فإنهم قالوا: إنه يقلب في أثناء خطبته.
قال في "البدائع"(2): وعندهما يقلب إذا مضى صدر من خطبته، ولكن يشكل هذا بما في "أبي داود" من "أنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة، ثم حول رداءه"، وفي أخرى له:"وحول رداءه حين استقبل القبلة"، فهذان اللفظان يدلان على أنه وقع تحويل الرداء بعد استقبال القبلة، واستقبال القبلة للدعاء بعد الخطبة، لأن الخطبة لم تكن إلَّا باستقبال الإِمام للناس واستدبار القبلة، فلما استقبل القبلة فكان الخطبة أتمها، فلا يكون التحويل إلَّا بعد الخطبة، لا في أثنائها.
ويمكن أن يوجه قوله: "حين استقبل القبلة" أي حين أراد استقبال القبلة، وكذلك قوله:"ثم حول رداءه" يحمل فيه "ثم" بمعنى الواو، يدل عليه ما رواه مسلم (3) من رواية يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد:"وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة، وحول رداءه" بحرف الواو.
(1)"فتح الباري"(2/ 498).
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 634).
(3)
"صحيح مسلم"(894).
1167 -
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ نَحْوَهُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ (1)، أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ: أَرْسَلَنِى
===
1167 -
(حدثنا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة نحوه) أي حدثنا عثمان بن أبي شيبة مثل ما حدثناه النفيلي يعني معنى حديثيهما واحد، وإن اختلفا في بعض الألفاظ (قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل) هكذا في جميع نسخ "أبي داود"، وكذا في "الترمذي" و"النسائي" و"الطحاوي"(2)، وفي "سنن الدارقطني" و"المستدرك" (3) للحاكم: إسماعيل بن ربيعة بن هشام بن إسحاق، والظاهر أنهما صحيحان، لأن كليهما يرويان عن هشام بن إسحاق ابن عبد الله.
(نا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة) قال في "تهذيب التهذيب": هشام بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة أبو عبد الرحمن المدني، روى عن أبيه، وعنه حفيده إسماعيل بن ربيعة بن هشام، وسفيان الثوري، وحاتم بن إسماعيل، مقبول (أخبرني أبي) هو إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة العامري مولاهم، ويقال: الثقفي صدوق، وثَّقه أبو زرعة (قال) إسحاق بن عبد الله:(أرسلني).
قال الزيلعي (4): ورواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع الرابع من القسم الخامس من حديث هشام بن عبد الله بن كنانة عن أبيه قال: أرسلني أمير من الأمراء إلى ابن عباس أسأله عن صلاة الاستسقاء، وهكذا في لفظ النسائي، وهشام هو ابن إسحاق بن عبد الله بن كنانة، فنسبه بجده، وترك اسم أبيه،
(1) وفي نسخة: "قال: أخبرني".
(2)
انظر: "سنن الترمذي"(558)، و"سنن النسائي"(1521)، و"شرح معاني الآثار"(1/ 324).
(3)
"سنن الدارقطني"(2/ 67)، و"المستدرك"(1/ 326).
(4)
"نصب الراية"(2/ 240).
الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ - قَالَ عُثْمَانُ: ابْنُ عُقْبَةَ، وَكَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ - إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم فِى الاِسْتِسْقَاءِ فَقَالَ:
===
فإن الباقين قالوا: عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه، قال: أرسلني، الحديث، انتهى.
قلت: فعلى هذا فالمرسل- بفتح السين - هو إسحاق بن عبد الله، لا أبوه عبد الله كما يفهم من ظاهر قول ابن حبان والنسائي.
(الوليد بن عتبة، قال عثمان) بن أبي شيبة شيخ المصنف: (ابن عقبة) حاصله أن شيخي المصنف النفيلي وعثمان بن أبي شيبة اختلفا في هذا اللفظ، فقال النفيلي: أرسلني الوليد بن عتبة، وقال عثمان بن أبي شيبة: أرسلني الوليد بن عقبة (وكان) الوليد (أمير المدينة) ذكر ابن جرير في "تاريخ الأمم والملوك" في سنة ثمان وخمسين، فقال: ففيها نزع معاوية مروان عن المدينة في ذي القعدة في قول أبي معشر، وأمَّر الوليد بن عتبة بن أبي سفيان.
ثم ذكر فيما وقع سنة ستين، وفي هذه السنة عزل يزيد الوليد بن عتبة عن المدينة، عزله في شهر رمضان، فأقر عليهما عمرو بن سعيد الأشدق.
ثم ذكر في وقائع سنة إحدى وستين، قال أبو جعفر: حدثت عن محمد بن عمر قال: نزع يزيد عمرو بن سعيد بن العاص لهلال ذي الحجة سنة 61 هـ، وولى الوليد بن عتبة، فأقام (2) الحجة سنة 61 هـ، بالناس، وأعاد ابن ربيعة العامري على قضائه، وحدثني أحمد بن ثابت قال: حدثت عن إسحاق بن عيسى عن أبي معشر قال: حج بالناس في سنة إحدى وستين الوليد بن عتبة، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أهل السير.
(إلى ابن عباس أسأله) بتقدير اللام، أي لأسأله، أي ابن عباس، فهو علة للإرسال (عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء فقال) ابن عباس:
(1) وفي نسخة: "النبي".
(2)
وفي كلا الوقتين يحتمل، لأن وفاة ابن عباس سنة 69 هـ، وقيل: سنة 70 هـ. (ش).
"خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم مُتَبَذِّلاً مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى - زَادَ عُثْمَانُ: فَرَقِىَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ اتَّفَقَا - وَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ هَذِهِ،
===
(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي إلى المصلى (متبذلًا) لابسًا ثياب البذلة، تاركًا لثياب الزينة، تواضعًا لله تعالى على خلاف العيد والجمعة (متواضعًا) أي مظهرًا للتواضع (متضرعًا) مظهرًا للضراعة، وهي التذلل عند طلب الحاجة.
(حتى أتى المصلى، زاد عثمان: فرقي على المنبر) أي اختلف النفيلي وعثمان بن أبي شيبة في ذكر المنبر، فلم يذكره النفيلي، وذكره عثمان، قال: فرقي رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وسيأتي البحث فيه في حديث عائشة (ثم اتفقا) أي النفيلي وعثمان بن أبي شيبة فقالا:(فلم يخطب) النبي صلى الله عليه وسلم (خطبكم هذه) بصيغة الجمع، وفي نسخة: خطبتكم بالإفراد.
قال الشوكاني (2): هذا النفي متوجه إلى القيد لا إلى المقيد، كما يدل على ذلك الأحاديث المصرحة بالخطبة، ويدل عليه- أيضًا- قوله في هذا الحديث:"فرقي المنبر ولم يخطب خطبتكم هذه" فلا يصح التمسك به لعدم (3) مشروعية الخطبة.
قلت: ظاهر هذا الكلام أن النفي راجع إلى المقيد والقيد جميعًا، ولم يخطب صلى الله عليه وسلم في هذه المرة، فلا تكون الأحاديث المصرحة بالخطبة دليلًا على الخطبة في هذه المرة، وأما قوله في الحديث:"فرقي المنبر" فهو مختلف فيه، ذكره عثمان فقط في رواية أبي داود، ومحمد بن عبيد بن محمد في رواية النسائي.
فأما عثمان فله مع كونه ثقة أوهام وغرائب ومناكير، قال الخطيب في "جامعه": لم يحك عن أحد من المحدثين من التصحيف في القرآن الكريم أكثر
(1) وفي نسخة: "النبي".
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 650).
(3)
وقع في الأصل: "على عدم"، وفي "النيل":"لعدم".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مما حكي عن عثمان بن أبي شيبة، وأما محمد بن عبيد الله بن محمد قال النسائي: لا بأس به، وكذا قال مسلمة: كوفي لا بأس به.
وقد أخرج أبو داود هذا الحديث من طريق النفيلي، فلم يذكر هذا اللفظ، وعند الترمذي من حديث قتيبة عن حاتم بن إسماعيل، وعند الطحاوي من حديث أسد بن موسى عن حاتم بن إسماعيل، وعنده من حديث عبيد بن إسحاق العطار عن حاتم بن إسماعيل، وعنده أيضًا من حديث أبي نعيم ثنا سفيان عن هشام بن إسحاق، وعند الدارقطني والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث وكيع ثنا سفيان من حديث هشام بن إسحاق، وكذا عند الدارقطني من طريق عبد الله بن يوسف ثنا إسماعيل بن ربيعة بن هشام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عن إسحاق بن عبد الله، فكلهم لم يذكروا هذا اللفظ.
واختلف في الخطبة، فقال أبو حنيفة: لا يخطب، لأن الخطبة من توابع الصلاة بجماعة، والجماعة غير مسنونة في هذه الصلاة عنده، وعندهما سنَّة فكذا الخطبة، ثم عندمحمد يخطب خطبتين، يفصل بينهما بالجلسة كما في صلاة العيد، وعن أبي يوسف أنه يخطب خطبة واحدة، لأن المقصود منها الدعاء فلا يقطعها بالجلسة.
قال الشوكاني في "النيل"(1): وحكى المهدي في "البحر" عن الهادي والمؤيد بالله: أنه لا خطبة في الاستسقاء، واستدلا على ذلك بقول ابن عباس الآتي:"ولم يخطب كخطبتكم"، وهو غفلة من أحاديث الباب.
قلت: وقد تقدم ما فيه فإنه مبني على أن النفي راجع إلى القيد فقط، ويرده قوله الآتي: "ولكن لم يزل في الدعاء
…
" إلخ، فإنه كالصريح في أنه لم يخطب، فإن الخطبة كانت مستقبل الناس مستدبر الكعبة، والدعاء بالعكس.
(1)"نيل الأوطار"(2/ 648).
وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِى الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّى فِى الْعِيدِ". [ن 1506، ت 558، جه 1266، حم 1/ 230، خزيمة 1405، ق 3/ 347، ك 1/ 326، قط 2/ 67]
===
(ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير) وهذا الكلام يدل على نفي الخطبة مطلقًا، فإن الدعاء كان مستقبل القبلة، والخطبة كانت مستقبل الناس (ثم صلَّى ركعتين كما يصلي في العيد) قال الطحاوي (1): كما يصلي في العيدين يحتمل أنه جهر فيهما كما يجهر في العيدين، وفي رواية:"فصلى ركعتين ونحن خلفه يجهر فيهما بالقراءة، ولم يؤذن، ولم يقم"، ولم يقل مثل صلاة العيدين، فدل ذلك أن قوله:"مثل صلاة العيدين" في الحديث الأول إنما أراد به هذا المعنى أنه صلَّى بلا أذان ولا إقامة كما يفعل في العيدين.
قال الحافظ (2): وقد أخرج الدارقطني (3) من حديث ابن عباس أنه يكبر فيهما خمسًا (4) وسبعًا كالعيد، وأنه يقرأ فيهما بـ {سَبِّحِ اسْمَ} و {هَلْ أَتَاكَ} وفي إسناده مقال، لكن أصله في السنن بلفظ "ثم صلَّى ركعتين كما يصلي في العيد" فأخذ بظاهره الشافعي فقال: يكبر فيهما.
قلت: وكذا في رواية عن محمد، الحديث أخرجه البيهقي والحاكم في "المستدرك"(5)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال في "التعليق المغني": وفي تصحيحه نظر، لأن محمد بن عبد العزيز هذا قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال ابن القطان: أبوه عبد العزيز مجهول، فاعتل الحديث بهما.
(1) انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 324).
(2)
"فتح الباري"(2/ 500).
(3)
"سنن الدارقطني"(2/ 66).
(4)
وبتكبيرات الزوائد قال الشافعي وأحمد، وهو رواية عن محمد، والمشهور عنه خلافه، وهو قول الشيخين من الحنفية ومالك، يعني عدم التكبير، كذا في "الأوجز"(126/ 4). (ش).
(5)
انظر: "السنن الكبرى"(3/ 348)، و"المستدرك"(1/ 336).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَالإِخْبَارُ للنُّفَيْلِيِّ (1)، وَالصَّوَابُ: ابْنُ عُتْبَةَ (2).
===
قال الحافظ في "الفتح"(3) في شرح حديث عبد الله بن زيد: واستدل به على أن الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة، وهو مقتضى حديث عائشة وابن عباس، لكن وقع عند أحمد (4) في حديث عبد الله بن زيد التصريح بأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة (5)، وكذا في حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (6) حيث قال: فصلَى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، والمرجح عند المالكية والشافعية الثاني، وعن أحمد رواية كذلك، انتهى (7).
قلت: وعند الحنفية يصلي أولًا، ثم بعد الفراغ من الصلاة يخطب مستقبلًا إلى الناس، وإذا فرغ من الخطبة جعل ظهره إلى الناس، ووجهه إلى القبلة ويشتغل بدعاء إلاستسقاء، والناس قعود مستقبلون بوجوههم إلى القبلة في الخطبة والدعاء، كذا في "البدائع"(8).
(قال أبو داود: والإخبار للنفيلي) أي لفظ الخبر للنفيلي لا لعثمان، (والصواب ابن عتبة) أي بالتاء لا بالقاف، كما قال عثمان بن أبي شيبة، وكذلك بالقاف عند الترمذي من رواية قتيبة عن حاتم، وعند الطحاوي (9) من رواية أسد بن موسى.
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(2)
وفي نسخة وقع هذا الحديث رقم (1167) قبل الحديث (1165).
(3)
انظر: "فتح الباري"(2/ 500).
(4)
"مسند أحمد"(4/ 40).
(5)
وفي "حاشية البخاري": لا نزاع في جواز الأمرين، إنما الخلاف في الأولى. (ش).
(6)
"سنن ابن ماجه"(1268).
(7)
قال الشعراني: ومنه قول مالك والشافعي وأحمد في أشهر روايتيه باستحباب خطبتين للاستسقاء، وتكونان بعد الصلاة مع قول أبي حنيفة. والرواية الثانية لأحمد: أن لا خطبة لها، إنما هو دعاء واستغفار. (انظر:"الميزان الكبرى" 1/ 257). (ش).
(8)
"بدائع الصنائع"(1/ 634).
(9)
انظر: "سنن الترمذي"(558)، و"شرح معاني الآثار"(1/ 324).