الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(284) بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَا صَلَّى رَكعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا أَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ رَكعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَاخْتُلِفَ في السَّلَامِ
1238 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
===
(284)
(بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَاصَلَّى) الإِمام والصف الأول (رَكْعَةً، وَثَبَتَ قَائِمًا) أي في الركعة الثانية (أَتَمُّوا) أي أهل الصف الأول (لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً) ثانية (ثُمَّ سَلَّمُوا)(1) أي فرغوا عن الصلاة بالسلام قبل الإِمام (ثُمَّ انْصَرَفُوا) عن الإِمام (فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، واخَتُلِفَ في السَّلَامِ)
أي وقع الاختلاف بين الروايتين في السلام، أي في سلام الإِمام بأن في إحداهما سلم الإِمام مع الجماعة، وفي ثانيتهما لم يسلم الإِمام مع إحدى الجماعتين، بل سَلَّم الطائفة قبل الإِمام، ثم لما تم ركعتا الإِمام سلَّم الإِمام، وبقي للطائفة الثانية ركعتها الأخرى، فلما أتموها سلموا.
1238 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن يزيد بن هارون، عن صالح بن خوات عمن صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولفظ البخاري: عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف.
قال الحافظ في "الفتح": قيل: إن اسم هذا المبهم (2) سهل بن أبي حثمة، لأن القاسم بن محمد روى حديث صلاة الخوف عن صالح بن
(1) ليس في الحديث تصريح السلام، لكنه هو المراد على الظاهر. (ش).
(2)
والحاصل أن الرواية وإن كانت عن سهل صحيحة لكنها مرسلة، إذ لم يشهد سهل معه صلى الله عليه وسلم. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
خوات عن سهل بن أبي حثمة، وهذا هو الظاهر من رواية البخاري، ولكن الراجح أنه أبوه خوات (1) بن جبير، لأن أبا أويس روى هذا الحديث عن يزيد بن رومان شيخ مالك، فيه فقال:"عن صالح بن خوات عن أبيه"، أخرجه ابن منده في "معرفة الصحابة" من طريقه، وكذلك أخرجه البيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه، وجزم النووي في "تهذيبه" بأنه خوات بن جبير، وقال: إنه محقق من رواية مسلم وغيره (2).
قلت: وسبقه لذلك الغزالي فقال: إن صلاة ذات الرقاع في رواية خوات بن جبير، وقال الرافعي في "شرح الوجيز": اشتهر هذا في كتب الفقه، والمنقول في كتب الحديث رواية صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة وعمن صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلعل المبهم هو خوات والد صالح.
قلت: وكأنه لم يقف على رواية خوات التي ذكرتها، وبالله التوفيق.
ويحتمل أن صالحًا سمعه من أبيه ومن سهل بن أبي حثمة، ولذا يبهمه تارة ويعينه أخرى، إلَّا أن تعيين كونها كانت ذات الرقاع إنما هو في روايته عن أبيه، وليس في رواية صالح عن سهل: أنه صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وينفع هذا فيما سنذكره قريبًا من استبعاد أن يكون سهل بن أبي حثمة كان في سن من يخرج في تلك الغزاة، فإنه لا يلزم من ذلك أن لا يرويها، فتكون روايته إياها مرسل صحابي، فبهذا يقوي تفسير الذي صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم بخوات، والله أعلم، انتهى (3).
(1) وبه جزم النووي في مبهمات لغاته. (2/ 178). (ش).
(2)
انظر: "فتح الباري"(7/ 422).
(3)
انظر: "فتح الباري"(7/ 423).
يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ: "أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِى مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا،
===
(يوم ذات الرقاع) قال البخاري في "الصحيح": غزوة ذات الرقاع وهي غزوةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ من بني ثعلبة من غطفان، فنزل نخلًا، وهي بعد خيبر، لأن أبا موسى (1) جاء بعد خيبر، انتهى (2)، قال في "تاريخ الخميس" (3): سميت ذات الرقاع لأن الظهر كان قليلًا، وأقدام المسلمين نقبت من الحفاء، فلفوا عليها الخرق وهي الرقاع، هذا هو الصحيح في تسميتها، وقيل: سميت به بجبل هناك يقال له: الرقاع، لأن فيه بياضًا وحمرة وسوادًا، وقيل: سميت بشجرة هناك يقال لها: ذات الرقاع، وقيل: لأن المسلمين رقعوا راياتهم، ويحتمل أن يكون هذه الأمور كلها وجدت فيها.
وسببها أن قادمًا قدم المدينة فأخبر بأن أنمار وثعلبة وغطفان قد جمعوا جموعًا لقصد المسلمين، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستخلف على المدينة عثمان بن عفان، وخرج في أربع مئة رجل، وقيل: في سبع مئة، فمضى حتى أتى محالهم بذات الرقاع، فلم يجد إلَّا نسوة فأخذهن، وفيهن جارية وضيئة، وهربت الأعراب إلى رؤوس الجبال، ولم يكن قتال، وأخاف المسلمون بعضهم بعضًا من غير أن يغيروا عليهم، فصلَّى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، انتهى.
(صلاة الخوف: أن طائفة صفت معه) أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مفعول لحدثنا (وطائفة وجاه العدو، فصلَّى بالتي معه) أي الطائفة التي معه (ركعة، ثم ثبت) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قائمًا) في الركعة الثانية (وأتموا) أي الطائفة التي معه (لأنفسهم) بأداء الركعة الثانية حين قام الإِمام (ثم) أي بعد سلامهم (انصرفوا) أي الطائفة
(1) وجزم الحافظ في "التلخيص"(2/ 601) بأن التي فيها صلاة الخوف غير التي فيها مجيء أبي موسى، فغزوة ذات الرقاع ثنتان. (ش).
(2)
انظر: "صحيح البخاري"(4125).
(3)
"تاريخ الخميس"(1/ 464).
وَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى، فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِى بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ". [خ 4129، م 842، ن 1537]
===
الأولى التي كانت مع الإِمام (وصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلَّى بهم الركعة) الثانية (التي بقيت من صلاته) صلى الله عليه وسلم (ثم) لما جلس للتشهد (ثبت جالسًا، وأتموا) أي الطائفة الثانية (لأنفسهم) الركعة الثانية الباقية عليهم (ثم سلم بهم) أي بالطائفة الأخيرة أي معهم ليحصل لهم فضيلة التسليم معه كما حصل للأولين فضيلة التحريم معه، هذا ما قاله القاري (1).
وأما كلام الحافظ في "الفتح": فيشير (2) إلى أن الطائفة الأولى لما أتمت صلاتها، وأراد الانصراف إلى العدو لم يسلم، فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد، وصلت الطائفة الثانية ركعتيها، فحين ذلك سلَّم الجميع مع سلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ (3): قوله: "فصلَّى معه ركعة ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم" هذه الكيفية تخالف الكيفية التي تقدمت عن جابر في عدد الركعات، وتوافق الكيفية التي تقدمت عن ابن عباس في ذلك، لكن تخالفها في كونه صلى الله عليه وسلم ثبت قائمًا حتى أتمت الطائفة لأنفسها ركعة أخرى، وفي أن الجميع استمروا في الصلاة حتى سلموا بسلام النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى.
لكن كلام أبي داود في ترجمة الباب وهو قوله: "أتموا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا" يقتضي أن رواية يزيد بن رومان في سلام الطائفة الأولى بعد إتمام الركعة الثانية محمولة على رواية يحيى بن سعيد عن القاسم، فإن رواية يزيد بن
(1)"مرقاة المفاتيح"(3/ 519).
(2)
والظاهر عندي أن كلام الحافظ الآتي لا يدل على استمرارهم في الصلاة في حديث الباب، بل في حديث ابن عباس، فلا إشارة في كلام الحافظ إلى عدم السلام في حديث الباب. (ش).
(3)
"فتح الباري"(7/ 423).
قَالَ مِالِكٌ: وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ.
===
رومان ساكتة عن سلامها، ورواية يحيى بن سعيد مصرحة بالسلام فحمل عليها.
(قال مالك (1): وحديث يزيد بن رومان أحب ما سمعت إلى) ولفظ البخاري (2): قال مالك: "وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف".
ولفظ مالك في موطئه (3): "وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أحب ما سمعت إلى في صلاة الخوف" فما في أبي داود من قوله: "وحديث يزيد بن رومان أحب
…
إلخ"، بتقييد حديث يزيد بن رومان، مراده حديث صالح بن خوات سواء كان من حديث يزيد بن رومان أو من حديث القاسم بن محمد.
وقال الدارقطني (4) بعد ما أخرج حديث يزيد بن رومان: قال ابن وهب: قال لي مالك: أحب إلى هذا، ثم رجع قال: يكون قضاؤهم بعد السلام أحب إلى.
قال الحافظ (5): هذا القول يقتضي أنه سمع في كيفيتها صفات متعددة،
(1) وما يظهر من ملاحظة الزرقاني (1/ 371) أن الإِمام مالكًا رضي الله عنه كان يقول أولًا بذاك، ثم رجع عنه إلى حديث القاسم الذي فيه سلام الإِمام منفردًا بدون انتظار فراغ الطائفة الثانية، إذ مقتضى الإمامة عدم الانتظار، فتأمل.
وكذلك سيأتي عن الدارقطني رجوع الإِمام عن ذلك، ورجح أحمد حديث يزيد بن رومان، وفرق الشافعي في الترجيح بين كون العدو إلى القبلة، فاختار حديث عسفان، وبين كونه في غير القبلة فمثل أحمد، واختار الحنفية حديث ابن عمر وابن مسعود لأنهما أوفق بالقرآن، كذا في "الأوجز"(4/ 25). (ش).
قلت: قال صاحب "فتح القدير"(2/ 63) بعد إيراد رواية ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما: ولا يخفى أن كلا من الحديثين إنما يدل على بعض المطلوب، وقد روي تمام صورة الكتاب موقوفًا على ابن عباس من رواية أبي حنيفة، ذكره محمد في "كتاب الآثار"(ص 39)، وراجع "معارف السنن شرح سنن الترمذي"(5/ 46 - 47).
(2)
انظر: "صحيح البخاري"(4130).
(3)
"موطأ الإِمام مالك"(1/ 185).
(4)
"سنن الدارقطني"(2/ 61).
(5)
"فتح الباري"(7/ 341).
1239 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِى حَثْمَةَ الأَنْصَارِىَّ حَدَّثَهُ: "أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنْ يَقُومَ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَطَائِفَةٌ مُوَاجِهَةَ الْعَدُوِّ، فَيَرْكَعُ الإِمَامُ رَكْعَةً وَيَسْجُدُ بِالَّذِينَ مَعَهُ ثُمَّ يَقُومُ، فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ سَلَّمُوا وَانْصَرَفُوا، وَالإِمَامُ قَائِمٌ، فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، ثُمَّ يُقْبِلُ الآخَرُونَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا
===
وهو كذلك فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة صلاة الخوف كيفيات حملها بعض العلماء على اختلاف الأحوال، وحملها آخرون على التوسع والتخيير، ووافقه على ترجيح هذه الصفة الشافعية وأحمد وداود لسلامتها من كثرة المخالفة، ولكونها أحوط لأمر الحرب.
وقال السهيلي: اختلف الفقهاء في الترجيح، فقال طائفة: يعمل منها بما كان أشبه بظاهر القرآن، وقال طائفة: يجتهد في طلب أخيرها، فإنه الناسخ لما قبله، وقال طائفة: يؤخذ بأصحها نقلًا وأعلاها رواة، وقال طائفة: يؤخذ بجميعها على اختلاف أحوال الخوف، فإذا اشتد الخوف أخذ بأيسرها مؤنة، والله أعلم.
1239 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد) الأنصاري، (عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات الأنصاري أن سهل بن أبي حثمة الأنصاري حدثه: أن صلاة الخوف أن يقوم الإِمام وطائفة من أصحابه) معه للصلاة، (وطائفة مواجهة العدو، فيركع الإِمام) بمن معه (ركعة) أي ركوعًا (ويسجد) أي الإِمام (بالذين معه) سجدتين (ثم يقوم) أي الإِمام.
(فإذا استوى قائمًا ثبت قائمًا، وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية) في حال قيام الإِمام (ثم سلموا) بعد تمام الركعتين قبل الإِمام (وانصرفوا) إلى مواجهة العدو (والإمام قائم) أي في الركعة الثانية (فكانوا) أي ذهبوا (وجاه العدو، ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا) أي لم يدخلوا في صلاة الإِمام.
فَيُكَبِّرُونَ وَرَاءَ الإِمَامِ، فَيَرْكَعُ بِهِمْ، وَيَسْجُدُ بِهِمْ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ". [خ 4131، م 841، ت 565، ن 1553، جه 1259، حم 3/ 448، ق 3/ 253]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَمَّا (1) رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ نَحْوُ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، إلَّا أَنَّهُ خَالَفَهُ فِى السَّلَامِ، وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ
===
(فيكبرون) للتحريمة (وراء الإِمام، فيركع بهم ويسجد بهم، ثم) أي بعد ما يتشهد (يسلم) لأنه أتم ركعتيه (فيقومون) أي الطائفة الثانية (فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية، ثم) أي بعد إتمام الركعة الثانية بركوعها وسجودها والتشهد، (يسلمون).
(قال أبو داود: وأما رواية يحيى بن سعيد عن القاسم نحو رواية يزيد بن رومان، إلَّا أنه) أي يحيى بن سعيد عن القاسم (خالفه) أي يزيد بن رومان (في السلام). ففي رواية يحيى بن سعيد: "يسلم الإِمام قبل أن يتم الطائفة الثانية ركعتهم الثانية"، وفي رواية يزيد بن رومان: "يسلم الإِمام بعد إتمام الطائفة الثانية الصلاة.
(ورواية عبيد الله) وهي التي أخرجها ابن جرير في "تفسيره"(2): حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت عبيد الله عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الخوف أن تقوم طائفة من خلف الإِمام وطائفة يلون العدو، فيصلي الإِمام بالذين خلفه ركعة، ويقوم قائمًا، فيصلي القوم إليها ركعة أخرى، ثم يسلمون فينطلقون إلى أصحابهم ويجيء أصحابهم، والإمام قائم فيصلي بهم ركعة فيسلم، ثم يقومون فيصلون إليها ركعة أخرى، ثم ينصرفون". قال عبيد الله: فما سمعت فيما نذكره في صلاة الخوف شيئًا، هو أحسن عندي من هذا.
(1) وفي نسخة: "فأما".
(2)
انظر: "جامع البيان"(4/ 253).
نَحْوُ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: وَيثْبُتُ (1) قَائِمًا (2).
(285)
بَابُ مَنْ قَالَ: يُكَبِّرُونَ جَمِيعًا وإنْ كَانُوا مُسْتَدْبِرِين (3) الْقِبْلَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَأتُونَ مَصَافَّ أَصْحَابِهِمْ، وَيَجِيءُ الآخَرُونَ فَيَرْكعُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِم رَكْعَةً، ثَمَّ تُقْبِلُ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ تُقَابِلُ (4) الْعَدُوَّ فَيُصَلُّون لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، وَالإِمَامُ قَاعِدٌ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ كلِّهِمْ جَمِيعًا
===
فمن قال: إن المراد بقوله: "ورواية عبيد الله رواية عبيد الله بن معاذ العنبري المتقدمة" فقد غفل.
(نحو رواية يحيى بن سعيد) المذكور ههنا، (قال) عبيد الله في حديثه:(ويثبت قائمًا) كما قال يحيى بن سعيد في حديثه.
(285)
(بابُ مَنْ قَالَ: يُكَبِّرُونَ) أي الطائفتان (جَمِيعًا) مع الإِمام للتحريمة (وإِنْ كَانُوا مُسْتَدْبِرينَ القبلة ثُمَّ يُصَلِّي) أي الإِمام (بِمَنْ مَعَهُ) أي من الطائفة الأولى (رَكعَةً، ثُمَّ) إذا أتموا ركعة (يَأْتُونَ مَصَافَّ أَصْحَابِهِمْ) أي مصاف الطائفة الثانية (وَيجيءُ الآخَرُونَ) أي الطائفة الثانية (فَيَرْكَعُون لأنْفُسِهمْ رَكعَةً) التي تقدم الإِمام بأدائها (ثُمَّ) بعد ما صلوا ركعتهم الأولى (يُصَلِّي) الإِمام (بِهِمْ رَكعَةً) ثانية (ثُمَّ) أي بعد ما أتموا ركعتيهم (تُقْبِلُ الطَّائِفَةُ التي كَانَتْ تُقَابِلُ الْعَدُوَّ) وهي الطائفة الأولى (فَيُصَلُّونَ لأنْفُسِهِمْ رَكْعَةً) ثانية التي بقيت لهم (وَالإمَامُ قَاعِدٌ) أي في التشهد (ثُمَّ يُسَلِّم بِهِمْ كُلِّهِمْ) أي الطائفتين (جَمِيعًا)
(1) وفي نسخة: "ثبت".
(2)
قلت: قول أبي داود هذا تكرر في النسخة الهندية وغيرها، وقد تقدَّم عقب حديث (1237).
(3)
وفي نسخة: "مستدبري".
(4)
وفي نسخة: "مقابل".
1240 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ (1) وَابْنُ لَهِيعَةَ قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ: "هَلْ صَلَّيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ. فقَالَ مَرْوَانُ: مَتَى؟ قَالَ (2) أَبُو هُرَيْرَةَ: عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَقَامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلَي (3) الْعَدُوِّ، ظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرُوا جَمِيعًا: الَّذِينَ مَعَهُ وَالَّذِينَ مُقَابِلِى الْعَدُوِّ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَةً وَاحِدَةً،
===
1240 -
(حدثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، نا أبُو عَبْدِ الرَّحمنِ المُقرئ) عبد الله بن يزيد، (نا حيوة) بن شريح (وابن لهيعة قالا: نا أبو الأسود) محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي، النوفلي المدني، يتيم عروة، ثقة (أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم أنه) أي مروان (سأل أبا هريرة: هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ قال أبو هريرة: نعم، فقال مروان: متى؟ ) أي متى صليتها؟ .
(قال أبو هريرة: عام غزوة نجد) والنجد ما ارتفع من الأرض، وهي غزوة ذات الرقاع، ثم بين كيفيتها، فقال:(قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة العصر، فقامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابلي العدو، ظهورهم) أي الطائفة الأخرى (إلى القبلة، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) للتحريمة (فكبروا جميعًا: الذين معه) أي خلفه (والذين مقابلي) وفي نسخة: مقابلو (العدو، ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة) أي ركوعًا (واحدة) أي ركوع الركعة الأولى.
(1) وفي نسخة: "حيوة بن شريح".
(2)
وفي نسخة: "فقال".
(3)
وفي نسخة: "مقابل".
وَرَكَعَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِى مَعَهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِى تَلِيهِ، وَالآخَرُونَ قِيَامٌ مُقَابِلِى الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَامَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِى مَعَهُ، فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدُوِّ فَقَابَلُوهُمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِى كَانَتْ مُقَابِلِى الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَامُوا فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَةً أُخْرَى، وَرَكَعُوا مَعَهُ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِى كَانَتْ مُقَابِلِى الْعَدُوِّ، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ وَمَنْ مَعَهُ (1) ، ثُمَّ كَانَ السَّلَامُ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَلَّمُوا جَمِيعًا، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَينِ
===
(وركعت الطائفة التي معه، ثم سجد) رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتي الركعة الأولى (فسجدت الطائفة التي تليه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (والآخرون قيام) أي الطائفة الثانية قائمة (مقابلي العدو) وفي نسخة: مقابلو (ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى الركعة الثانية (وقامت الطائفة التي معه) أي الطائفة الأولى (فذهبوا إلى العدو، فقابلوهم، وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو، فركعوا وسجدوا) لأنفسهم (ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو) قائم قبل.
(ثم قاموا) فشركوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيام (فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى) أي ركوعًا ثانيًا (وركعوا معه وسجد) رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتين (وسجدوا معه) ولم يذكر فيه أنهم لما فرغوا عن ركعتيهم هل ذهبوا إلى مصاف أصحابهم أو بقوا هنالك؟ والظاهر أنهم ما ذهبوا إلى العدو، بل بقوا هنالك.
(ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو) وهي الطائفة الأولى فقاموا للركعة الثانية (فركعوا) ركوعًا (وسجدوا) سجدتين وتشهدوا (ورسول الله صلى الله عليه وسلم قَاعِد) في التشهد (ومن معه) من الطائفة الثانية (ثم كان السلام، فسلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا) أي الطائفتان (جميعًا، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين)
(1) وفي نسخة: "من كان معه".
وَلكُلِّ رَجُلٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً رَكعَةً". [ن 1543، حم 2/ 320 خزيمة 1361، ق 3/ 264، ك 1/ 338]
1241 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِىُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى نَجْدٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ
===
وفي نسخة: ركعتان (ولكل رجل من الطائفتين ركعة ركعة) أي مع الإِمام، وأما الركعة الثانية فالطائفة الأولى صلتها حين رجعوا من مواجهة العدو، والإمام قاعد في التشهد، وأما الطائفة الثانية فصلت الركعة الأولى حين كان الإِمام قائمًا في الركعة الثانية لأنفسهم منفردين عن الإِمام، وصلت الركعة الثانية مع الإِمام مع ركعته الثانية.
والحديث أخرجه النسائي في "مجتباه" والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1) ولفظهما: ولكل رجل من الطائفتين ركعتان ركعتان، وهذا ظاهر لا يحتاج إلى التوجيه.
1241 -
(حدثنا محمد بن عمرو الرازي) المعروف بزنيج مصغرًا، (نا سلمة) بن الفضل، (حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود، يتيم عروة، أبو الأسود، (عن عروة بن الزبير، عن أبي هريرة) وقد تقدم في الحديث السابق أن عروة بن الزبير يروي هذا الحديث عن أبي هريرة بواسطة مروان بن الحكم، وههنا أسقط ذكره، فإن ثبت أن عروة بن الزبير سمع عن أبي هريرة أيضًا هذا الحديث، فالسند متصل وإلَّا ففيه انقطاع.
(قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجد حتى إذا كنا بذات الرقاع) قال
(1) انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 314).
مِنْ نَخْلٍ، لَقِىَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (1)، وَلَفْظُهُ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ حَيْوَةَ. وَقَالَ فِيهِ: حِينَ رَكَعَ بِمَنْ مَعَهُ وَسَجَدَ قَالَ: فَلَمَّا قَامُوا مَشَوُا
===
في "القاموس": وذات الرقاع جبل فيه بقع حمرة وسواد وبياض (من نخل) قال في "معجم البلدان"(2): نخل بالفتح ثم السكون: منزل من منازل بني ثعلبة من المدينة على مرحلتين، وقيل: موضع بنجد من أرض غطفان مذكور في غزاة ذات الرقاع، وهو موضع في طريق الشام، ذكره المتنبي فقال:
فمرت بنخل وفي ركبها
…
عن العالمين وعنه غنى
(لقي جمعًا من غطفان، فذكر) محمد بن إسحاق (معناه) أي معنى حديث حيوة (ولفظه) أي لفظ محمد بن إسحاق (على غير لفظ حيوة).
وقد أخرج الطحاوي حديث ابن إسحاق في "شرح معاني الآثار"(3) مفصلًا: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن أبي هريرة قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصدع الناس صدعين، فصلَّى طائفة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطائفة تجاه العدو، فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن خلفه ركعة، وسجد بهم سجدتين، ثم قام، وقاموا معه، فلما استووا قيامًا رجع الذين خلفه وراءهم القهقرى، فقاموا وراء الذين بإزاء العدو، وجاء الآخرون، فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا لأنفسهم ركعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم، ثم قاموا فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم أخرى، فكانت لهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان، وجاء الذين بإزاء العدو، فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين، ثم جلسوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم بهم جميعًا.
(وقال فيه) أي الفرق بينهما أن ابن إسحاق قال فيه: (حين ركع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بمن معه وسجد قال) ابن إسحاق: (فلما قاموا مشوا
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(2)
"معجم البلدان"(5/ 276).
(3)
"شرح معاني الآثار"(1/ 314).
الْقَهْقَرَى إِلَى مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرِ اسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ". [انظر سابقه]
1242 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ فَحَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنِى عَمِّى، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَتْ: "كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صُفُّوا مَعَهُ، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا، ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا، ثُمَّ سَجَدُوا هُمْ لأَنْفُسِهِمُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ،
===
القهقرى) أي راجعين على أعقابهم مستقبلين إلى القبلة (إلى مصاف أصحابهم، ولم يذكر) ابن إسحاق (استدبار القبلة) فزاد لفظ "القهقري".
1242 -
(قال أبو داود: وأما عبيد الله بن سعد فحدثنا قال: حدثني عمي) يعقوب بن إبراهيم، (نا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، (عن ابن إسحاق) محمد، (حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، أن عروة بن الزبير حدثه، أن عائشة حدثته بهذه القصة قالت: كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) للتحريمة (وكبرت الطائفة الذين صفوا معه) وهي الطائفة الأولى.
(ثم ركع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فركعوا) أي الطائفة الأولى (ثم سجد) أي السجدة الأولى (فسجدوا) أي الطائفة الأولى معه (ثم رفع) رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من السجدة الأولى (فرفعوا) أي الطائفة الأولى رؤوسهم من السجدة الأولى.
(ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا) ولم يسجد السجدة الثانية للركعة الأولى، (ثم سجدوا هم) أي الطائفة الأولى (لأنفهسم) السجدة (الثانية، ثم قاموا فنكصوا) أي رجعوا (على أعقابهم يمشون القهقرى) لا يستدبرون القبلة (حتى قاموا من ورائهم) أي الطائفة الثانية التي كانت مقابلة العدو، ولفظ الوراء
وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَقَامُوا فَكَبَّرُوا، ثُمَّ رَكَعُوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَجَدُوا لأَنْفُسِهِمُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَامَتِ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا فَصَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَكَعَ فَرَكَعُوا، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا جَمِيعًا ثُمَّ عَادَ فَسَجَدَ الثَّانِيَةَ وَسَجَدُوا (1) مَعَهُ سَرِيعًا كَأَسْرَعِ الإِسْرَاعِ جَاهِدًا لَا يَأْلُونَ سِرَاعًا، ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمُوا (2)، فَقَامَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم
===
يحتمل معنى القدام والخلف (وجاءت الطائفة الأخرى) أي الثانية (فقاموا فكبروا) للتحريمة (ثم ركعوا لأنفسهم) من غير أن يشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم) السجدة الثانية التي بقيت له من ركعته الأولى (فسجدوا معه) السجدة الأولى (ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم) بعد أن فرغ من سجدتيه لركعته الأولى إلى الركعة الثانية (وسجدوا) أي الطائفة الثانية (لأنفسهم الثانية، ثم قامت الطائفتان جميعًا، فصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فركعوا) كلهم.
(ثم سجد) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فسجدوا) كلهم (جميعًا) أي السجدة الأولى (ثم عاد) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فسجد الثانية) أي السجدة الثانية للركعة الثانية (وسجدوا معه سريعًا كأسرع الإسراع) بفتح الهمزة على صيغة الجمع، ولكن لم أجد الجمع لسريع على أسراع في كتب اللغة، أو بكسر همزة على صيغة المصدر، معناه كأشد الإسراع، (جاهدًا) أي ساعيًا في السرعة جاهدًا فيه (لا يألون) أي لا يقصرون (سراعًا) أي في السرعة، لأن الطائفتين كلهم مشتغلون في الصلاة، فيجتهدون في السرعة مخافة هجوم العدو.
(ثم سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا) أي الطائفتان جميعًا (فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم)
(1) وفي نسخة: "فسجدوا".
(2)
وفي نسخة: "فسلموا".