الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(272) بَابٌ: مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ
؟
===
(272)
(بَابٌ: مَتَى يَقْصُرُ (1) المُسَافِرُ؟ )
إذا خرج الرجل من بيته أو ركب راحلته لقصد السفر هل يجوز له القصر، أو إذا فارق بيوت بلده، أو إذا بلغ ستة أميال أو ثلاثة أميال؟ وحكى البخاري في "صحيحه" عن علي أنه قصر، وهو يرى البيوت، فلما رجع قيل له: هذه الكوفة، قال: لا حتى ندخلها.
قال العيني (2) ما حاصله: إن العلماء اختلفوا في هذا الباب، فعندنا إذا فارق المسافر بيوت المصر يقصر، وقال الشافعي: في البلد يشترط مجاوزة السور لا مجاوزة الأبنية المتصلة بالسور خارجة، وحكى الرافعي وجهًا: أن المعتبر مجاوزة الدور، ورجح الرافعي هذا الوجه، وإن لم يكن في جهة خروجه سور، أو كان في قرية يشترط مفارقة العمران.
وفي "المغني"(3) لابن قدامة: ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت مصره أو قريته ويخلفها وراء ظهره، قال: وبه قال مالك والأوزاعي وأحمد والشافعي وإسحاق وأبو ثور.
(1) تحتمل هذه الترجمة أن نتناول مسألتين، أولاهما المذكورة في الشرح، والثانية - وهي الأوجه عندي في غرض الترجمة - بيان المسافة التي إذا أرادها الرجل يصير مسافرًا وهو ثلاثة أميال عند الظاهرية، وقيل: واحد عند ابن حزم، كما قال الشوكاني، وإلى قول الظاهرية مال المصنف لما أورد في الباب الروايات الثلاثة، وتحتمل الأولى أيضًا، والأصل أن حديث أنس هذا اختلفوا في محله، فحمله الظاهرية على بيان المسافة، كما في "النيل"(2/ 478) وغيره، وحمله بعضهم على جواز بداءة القصر وهو قول لمالك، كما في "البداية"(1/ 168 - 169)، وترجم المصنف في الصوم بترجمتين بهاتين المسألتين، الأولى: متى يفطر إذا خرج، والثانية: مسيرة ما يفطر. (ش).
(2)
"عمدة القاري"(5/ 393).
(3)
انظرة "المغني"(3/ 111).
1201 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِىِّ قَالَ: "سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ
===
وقال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على هذا، وعن عطاء وسليمان بن موسى أنهما كانا يبيحان القصر في البلد لمن نوى السفر، وعن الحارث بن أبي ربيعة أنه أراد سفرًا، فصلَّى بالجماعة في منزله ركعتين، وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب عبد الله، وعن عطاء أنه قال: إذا دخل عليه وقت صلاة بعد خروجه من منزله قبل أن يفارق بيوت المصر يباح له القصر، وقال مجاهد: إذا ابتدأ السفر بالنهار لا يقصر حتى يدخل الليل، وإذا ابتدأ بالليل لا يقصر حتى يدخل النهار، انتهى مختصرًا.
1201 -
(حدثنا ابن بشار) بندار، (نا محمد بن جعفر) غندر، (نا شعبة، عن يحيى بن يزيد الهنائي) بضم الهاء ثم نون خفيفة ومد، أبو نصر، ويقال: أبو يزيد البصري، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، له عند مسلم وأبي داود حديث واحد في قصر الصلاة في السفر، ويقال: هو ابن أبي إسحاق المتقدم.
(قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة، فقال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال) جمع ميل، الميل من الأرض: منتهى مد البصر، لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه، وقيل: حده أن ينظر إلى الشخص في أرض مصطحبة، فلا يدرى أهو رجل أو امرأة أو هو ذاهب أو آت؟ .
قال النووي (1): الميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرون أصبعًا معترضة معتدلة، والإصبع ست شعيرات معترضة معتدلة، وهذا الذي قاله هو الأشهر.
(1) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (3/ 217).
أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ - شَكَّ شُعْبَةُ - يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ". [م 691، حم 3/ 129، ق 3/ 146]
1202 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ (1) سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: "صَلَّيْتُ مَعَ
===
(أو ثلاثة فراسخ) جمع فرسخ فارسي، معرب فرسنك، وهو ثلاثة أميال (شعبة شك) أي في لفظ الأميال والفراسخ (يصلي ركعتين) أي الرباعية، وحكى النووي (2): أن أهل الظاهر ذهبوا إلى أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال مستدلين بهذا الحديث.
قلت: وكيف يستدل بهذا على أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال، ولفظ ثلاثة أميال مشكوك فيه، فإن المشكوك غير ثابت في نفسه، فلا يفيد إثبات شيء، ولعل هذا الحديث محمول على ما سيروى عن أنس: أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى بذي الحليفة ركعتين، وذو الحليفة على سبعة أميال من المدينة، فعبره بثلاثة فراسخ.
قال العيني (3): وكان قصره في ذي الحليفة، لأنه كان أول منزل نزله، ولم تحضر قبله صلاة، ولا يصح استدلال من استدل به على استباحة القصر في السفر القصير لكون بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال، لأن ذا الحليفة لم يكن منتهى سفر النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما خرج إليها يريد مكة، فاتفق نزوله بها، وكان صلاة العصر أول صلاة حضرت بها فقصرها، واستمر على ذلك إلى أن رجع.
1202 -
(حدثنا زهير بن حرب، نا ابن عيينة) سفيان، (عن محمد بن المنكدر وإبراهيم بن ميسرة) أنهما (سمعا أنس بن مالك يقول: صليت مع
(1) وفي نسخة: "أنهما سمعا".
(2)
كما نقله الشوكاني عنه، وليس في أصل النووي بهذا السياق. (انظر:"نيل الأوطار"(2/ 478). (ش).
(3)
"عمدة القاري"(5/ 393 - 394).