الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 -
كتابُ الشهادات
1 -
بابُ: مَنْ تُقْبلُ شهادتُهُ، ومَن لا تُقْبلُ
قالَ اللهُ: " وأشْهدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ".
وقالَ: " وَلا يأبَى الشُّهَداءُ إذا ما دُعُوا ".
وقالَ: " ولا تَكْتُموا الشَّهادةَ ومَنْ يَكْتُمْها فإنّهُ آثمٌ قَلْبُهُ ".
وقالَ: " إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بنبَأ فَتَبيَّنوا ".
قالَ مُجاهدٌ: (مَنْ تَرْضَونَ من الشُّهداءِ)، قالَ: عَدْلان، حُرّان، مسلمان، وهكذا قالَ الشافعيُّ.
وقال أبو يحيى الساجي: رُويَ عن عليٍّ، والحسنِ، والنَّخعيِّ، والزُّهري، ومُجاهدٍ، وعطاءٍ " لا تجوزُ شهادةُ العبيدِ ".
قالَ تعالى: " الذينَ يَجْتنبونة كبائِرَ الإثْمِ والفَواحشَ إلاّ اللّمَمَ إنَّ ربَّكَ واسِعٌ المَغْفرةِ ".
وتقدّمَ حديثُ أبي بكْرةَ: " ألا أُنبّئكمْ بأكْبر الكَبائرِ، الإشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالدين، ألا وقولُ الزّورِ، وشهادةُ الزُّور "
(1)
.
وعن ابن عباسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" ما مِن ولدِ آدمَ أحدٌ إلا وقد عملَ خطيئةً أو همَّ بها، ليسَ يحيى بنَ زكريّا عليه السلام "
(2)
، رواهُ أبو القاسمِ البَغَويُّ، وفي
(1)
تقدم.
(2)
وأخرجه البيهقي (10/ 186) هكذا من طريق ابن جدعان، ومن طريق غيره مرسلاً عن الحسن.
إسنادهِ: عليُّ بنُ زيدِ بنِ جُدعانَ، وفيهِ كلامٌ.
لكنْ رُويَ من حديثِ عبدِ الله بنِ عمْرو، بإسنادٍ أجودَ مِن هذا.
قالَ المُزَنيُّ: سمعتُ الشافعيَّ رحمه الله، وسُئلَ عن العدلِ، فقالَ: ما أحدٌ يطيعُ اللهَ، حتّى لا يَعصيَهُ، وما أحدٌ يَعصي اللهَ حتّى لا يطيعَهُ، ولكنْ إذا كانَ أكثرُ عملهِ الطاعةَ، ولا يقيمُ على كبيرةٍ، فهو عدلٌ.
عن أبي مسعودٍ البَدْريّ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إنّ ممّا أدركَ الناسُ من كلامِ النّبُوةِ الأولى: إذا لمْ تستحِ، فاصنعْ ما شئتَ "
(3)
، رواهُ البخاريُّ، وهذا: هو: الحديثُ الذي لمْ يسمعِ القَعْنَبيُّ من شُعبةَ سِواهُ.
وهو دليلٌ على الحَضِّ على اجتنابِ الرّذائلِ، ولا تُقْبلُ شهادةُ مُتعاطيها، واللهُ أعلمُ.
قالَ شُعْبةُ عن حُصيْنٍ عن أسيد - هو ابن أبي أسيد، قالَ: سمعتُ ابنَ عمرَ، وأتاهُ رجلٌ، فقالَ: إني كنتُ أكْنِسُ
(4)
حتّى تزوّجتُ وعُتِقتُ، وحَجَجْتَ، قالَ: ما كنتَ تكنِسُ "
(5)
، قالَ: العذرةَ، قالَ: أنت خبيثٌ، وعتقُكَ خبيثٌ، وحَجُّكَ خبيثٌ، اخرجْ منهُ كما دخلتَ فيهِ "
(6)
، رواهُ البيهقيُّ بإسنادٍ صحيحٍ.
وهو دليلٌ على أنهُ: لا يُقْبلُ شهادتُهُ.
عن أبي هريرة: " أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتبعُ حمامةً، فقالَ: شيطانٌ يتبعُ شيطانةً "
(7)
، رواهُ أبو داودَ، وابنُ ماجة، بإسنادٍ حسنٍ قويٍّ على شرطِ مسلمٍ،
(3)
البخاري (16/ 64).
(4)
غير واضحة بالأصل، ولعلها هكذا.
(5)
كذاك، غير واضحة بالأصل، ولعلها هكذا، والله أعلم وقد تابعنا في إثباتها ما في البيهقي (6/ 139).
(6)
البيهقي (6/ 139).
(7)
أبو داود (2/ 582) وابن ماجة (3765).
وقولُ الشيخِ: والقوّالُ: - يعني به المغَنّي - وقد تقدّمَ في بابِ الإجارةِ الكلامُ على النّهي عن الغناءِ، وهكذا الرَّقَّاصُ لا تُقْبلُ شهادتهُ أيضاً، لما في فعلهِ من الدّناءةِ الدالّةِ على قلّةِ المروءةِ، لأنّ فعلهُ لا يَصدرُ عن تامِّ العقلِ، وفيهِ تشبّهٌ بالنساءِ من التّكسُّرِ والتخنُّثِ، وقد لعَنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المتشبّهين من الرّجالِ بالنّساءِ، والمُتَشبِّهاتِ من النساءِ بالرّجالِ.
وأما المشعوذُ، فإنْ اشتملَ فعلُهُ على سحرٍ، فقد تقدّمَ في كتابِ الجناياتِ الكلامُ على السّحرةِ، وإلا فهو مخرقةٌ وسفاهةٌ، تدلُّ على نذالةِ مُتعاطيها.
وأمّا الأكلُ في الأسواقِ: فعن أبي أُمامةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الأكلُ في السّوقِ دناءَهٌ "
(8)
، رواهُ الحافظُ أبو أحمدَ بنُ عدِيٍّ من حديثِ جعفرِ بنِ الزّبير - وهو متروكٌ -.
ورواهُ من حديثِ أبي هريرةَ أيضاً، ولا يصحُّ، لأنّ في إسنادِهِ سعيدُ بنُ لقمانَ، وقد قالَ الحافظُ أبو الفتحِ الأزديّ: لا يُحتجُّ بهِ، ولأنّ الأكلَ في الأسواقِ غالباً يستلزمُ شيئين محذورين؛ أحدُهما: الأكلُ قائماً كما هو المعتادُ من صنيعِ العوامِ، وقد رَوى مسلمٌ من حديثِ قتادةَ عن أنسٍ:" أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم زجَرَ عن الشُّربِ قائماً، قالَ قتادةُ: فقلنا: فالأكلُ؟، قالَ: ذاكَ أشرُّ وأخبثُ "
(9)
.
ولهُ عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، وأبي هريرةَ في
(10)
الزّجرِ عن الشربِ قائماً والآخرُ: تناولُ الشّهواتِ بحضرةِ مَن يُحبُّها ولا يصلُ إليها، وقد أُتيَ عليه السلام بلبنٍ من البقيعِ مكشوفٍ، فقالَ للّذي جاءَ بهِ: ألا غَطَّيتَهُ، واللهُ أعلمُ. وأمّا الشطرنج فقد قالَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: هو شر من النَّرْدِ. ونص على ذلكَ مالكٌ رحمهُ اللهُ تعالى.
(8)
ابن عدي في " الكامل " 2/ 512 و 5/ 670 من حديث أبي أمامة، و 6/ 2150 من حديث أبي هريرة، وأخرجه الطبراني هكذا عن أبي أمامة وفيه: عمر بن موسى بن وجيه، وهو ضعيف (5/ 24) مجمع الزوائد، وأبو يعلى عن أبي هريرة وضعفه الأزدي من طريقيه (3/ 446) لسان الميزان.
(9)
مسلم (6/ 110).
(10)
مسلم (6/ 110)(6/ 111).
وروى مسلمٌ في صحيحِهِ عن بُرَيْدةَ: أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" مَن لعبَ بالنَّرْدَشيرِ، فكأنَّما صبغَ يدَهُ في لحمِ خِنزيرٍ ودمِهِ "
(11)
.
وعند الإمامِ أحمدَ من حديثِ عبدِ الرّحمن
(12)
الخطميّ، قالَ: سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: " مثلُ الذي يلعبُ بالنّردِ، ثمَّ يقومُ فَيُصلّي مثلُ الذي يتوضأَ بالقيحِ ودمِ الخنزيرِ، ثمَّ يقومُ فيُصلّي "
(13)
.
وروى الإمامُ مالكٌ في الموَطَّأ عن أبي موسى الأشْعريِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" مَن لعب بالنرد، فقد عَصى الله ورسولَهُ "
(14)
.
وأخرجهُ الإمامُ أحمدُ في مُسندِهِ، وأبو داودَ، وابنُ ماجة في سُننِهما، ورُويَ موقوفاً، واللهُ أعلمُ.
وأمّا الأحاديثُ المرْويّةُ في الشّطرنجِ، فلا يصحُّ منها شيءٌ، وقد صنَّفَ الناسُ فيهِ مُصَنَّفاتٍ مُفْرَدةٍ، وأوْردوا فيهِ أحاديثَ من الطَّرفين، وما أظنّهُ كانَ معروفاً في زمانِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بل أولُ ظهورهِ في زمنِ الصّحابةِ، فإنهُ من وضعِ الهنودِ، ويُنسبُ إلى رجلٍ منهم، يُقالُ لهُ (صعة)
(15)
، وقدْ ذكروا حكايةً طويلةً في سببِ وضعهِ، اللهُ أعلمُ بصحّتِها، والغرضُ أنَّ أحسنَ ما ورَدَ في النَّهي عنهُ ما رواهُ البيهقيُّ من حديثِ جعفرَ
(11)
مسلم (7/ 50).
(12)
بالأصل غير واضح ما بعد كلمة " عبد الرّحمن "، والمعروف أنه عبد الرّحمن الخطمي الأنصاري عن أبيه كما في نيل الأوطار (8/ 258) وأبوه على الراجح: وأبو عبد الرّحمن الخطمي ذكره البخاري وغيره من الصحابة (4/ 128) الإصابة، وعند الطبراني أنه عبد الرحمن والد موسى راوي الحديث هذا عن أبيه، وفي الإصابة (2/ 394) عبد الرّحمن بن حبيب الخطمي، والله أعلم.
(13)
أحمد (5/ 370)، والبيهقي (10/ 215).
(14)
مالك (2/ 237) وأحمد (4/ 394) وأبو داود (2/ 582) وابن ماجة (3762).
(15)
هكذا بالأصل، وهو غير معجم، و (صصة) هكذا ضبط في نيل الأوطار (8/ 259) حيث ذكر مثل هذا الكلام أو نصه نقلاً عن الإمام ابن كثير في (إرشاده) وهو كتابنا هذا كما حققنا ذلك في المقدمة، والله أعلم.
ابن محمدٍ عن أبيهِ " أنّ عليّاً قالَ في الشّطرنجِ: هو مِن الميْسرِ "
(16)
، وهذا: منقطعٌ جيّدٌ. لأنَّ أهلَ الرّجلِ أعلمُ بحديثِهِ.
وقد رُويَ عنهُ من وجهٍ آخرَ: " أنهُ مرَّ على قومٍ يلعبونَ بالشّطرنجِ، فقالَ: (ما هذهِ التَّماثيلُ الّتي أنْتُمْ لها عَاكِفُونَ)، وفي روايةٍ عنهُ فقالَ: (لغيرِ هذا خُلقْتُمْ)، قالَ البيهقيُّ: ورُوِّينا عن ابنِ عبّاسٍ، وابنِ عمرَ، وأبي موسى، وأبي سعيدٍ، وعائشةَ: " أنهم كرهوا ذلكَ ".
ورُوِّيناهُ عن أبي جعفرٍ، وابنِ المُسيَّبِ، وابنِ سيرين، وإبراهيمَ النَّخعيّ، والزُّهريِّ، ويزيدَ بنِ أبي حبيبٍ، ومالكِ بنِ أنسٍ.
وقالَ الرّبيعُ عن الشافعيّ: يُكرَهُ، واللَّعبُ بالنّردِ يكرهُ أكثرَ من اللعبِ بشيءٍ من الملاهي.
عن المِسْورِ بنِ مَخْرمةَ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " فاطمةُ بَضْعةٌ منّي يُريبُني ما رَابَها، ويؤذيني ما آذاها "
(17)
، أخرجاهُ. والغرضُ منهُ: أنّ الولدَ بمنزلةِ الجزءِ من الوالدِ، ومالُهُ كمالهِ، فلا تُقبلُ شهادتُهُ لهُ.
وقد وردَ الحديث من طرقٍ مُتعدِّدةٍ: " أنتَ ومالُك لأبيكَ "
(18)
.
وعن عائشةَ رضي الله عنها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: " إنّ أطيبَ ما أكلَ الرّجلُ من كسبهِ، وولدُهُ من كسبِهِ "
(19)
، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وهذا لفظُهُ، وأهلُ السننِ، وحسَّنَهُ الترمذيُّ، وصحَّحهُ أبو حاتِم الرّازيُّ، ولهُ طرقٌ مُتعدّدةٌ، بعضُها على شرطِ الصّحيحين، وقد
(16)
البيهقي (10/ 212)، وكذا أخرج الرواية الأخرى عنه، وعن بقية الصحابة وبعض التابعين عنده في الكبرى (10/ 212) أيضاً.
(17)
البخاري (20/ 211) ومسلم (7/ 141).
(18)
سوف يأتي قريباً.
(19)
أحمد (متن 6/ 31) وأبو داود (2/ 259) والترمذي (2/ 406) والنسائي (7/ 241) وابن ماجة (2290).
بَسطتُ الكلامَ عليها في الأصلِ.
وعن حَبيبِ المُعلّمِ عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدّهِ: " أنّ رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا رسولَ اللهِ: إنّ لي مالاً وولداً، وإنّ والدي يجتاحُ مالي، فقالَ: أنتَ ومالُكَ لوالدكَ، أولادُكمْ من أطيبِ كسبِكُمْ، فكلوا من كسبِ أولادِكمْ "
(20)
، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأبو داودَ.
وأخرجهُ ابنُ ماجة من حديثِ حَجّاج بنِ أرطاةٍ عن عمْرو بنِ شُعيْبٍ. ورواهُ ابنُ ماجة أيضاً، من حديثِ جابرِ بنِ عبد الله.
وأخرجَهُ الطَّبرانيُّ من حديثِ عبدِ الله بنِ مَسعودٍ، وقد حرَّرتُ هذهِ الأحاديث بأسانيدِها ومُتونِها، وكلامَ الأئمةِ عليها في الأصلِ، ولله الحمدُ والمِنّةُ.
عن عَمْرو بنِ شُعيْبٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا تجوزُ شهادةُ خائنٍ ولا خائنةٍ، ولا ذي غِمْرٍ على أخيهِ، ولا تجوزُ شهادةُ القانعِ لأهلِ البيتِ، والقانعُ: الذي يُنفقُ عليهِ أهلُ البيتِ "
(21)
، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وهذا لفظُهُ، وأبو داودَ، وابنُ ماجة، وإسنادُهُ: جيدٌ.
وعن عبدِ الرّحمنِ الأعرجِ: أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ:
(22)
" لا تجوز شهادةُ ذي الظِّنّةِ، والحِنّةِ "
(23)
، رواهُ الشافعيُّ، وأبو داودَ في المراسيلِ: ورُويَ من وجهٍ آخرَ.
قالَ تعالى: " واسْتشْهدُوا شَهيدَيْنِ مِنْ رجَالِكُمْ فإنْ لمْ يكونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وامْرَأتَانِ مِمَّنْ تَرْضَونَ مِنَ الشُّهداءِ. . " الآية.
وعن ابنِ عمرَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: " ما رأيتُ مِن ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أغلبَ
(20)
أحمد (متن 2/ 214) وأبو داود (2/ 259) وابن ماجة (2292 و 2291) والطبراني في الكبير 7/ 230.
(21)
أحمد (15/ 220) وأبو داود (2/ 275) وابن ماجة (2366).
(22)
كلمة (قال) ساقطة من الأصل، ولا بد إثباتها.
(23)
أخرجه البيهقي في " المعرفة "(2099) من طريق الشافعي، وأبو داود في المراسيل (203).
لذي لِبٍّ منكنَّ، قالتْ: يا رسولَ اللهِ، وما نقصانُ العقلِ والدّينِ؟، قالَ: أمّا نقصانُ العقلِ: فشهادةُ امرأتين تعدِلُ شهادةَ رجلٍ. . وذكرَ الحديث "
(24)
، رواهُ مسلمٌ.
عن عَمْرو بنِ دينارٍ عن ابنِ عبّاسٍ: " أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قضى بيمينٍ وشاهدٍ "
(25)
، رواهُ مسلمٌ، ولهُ طرقٌ.
وعندَ الإمامِ أحمدَ، وأبي داودَ " قالَ عمرو: إنّما كانَ ذلكَ في الأموالِ "
(26)
، وقد حَكى الشافعيُّ عن محمدِ بنِ الحسنِ: أنهُ تكلّمَ فيهِ، وقالَ: لو أعلمُ أنّ سيفَ بنَ سليمانَ يرويهِ لأفسدتهُ عندَ الناسِ، قلتُ: يا أبا عبدِ اللهِ، إذا أفسدتَهُ، فسدَ؟
قالَ البيهقيُّ: سيفُ بنُ سليمانَ المَكّيُّ من الثقاتِ الذين احتجَّ بهم البخاريُّ، ومسلمٌ.
وكذا الطَّحاويُّ تكلّمَ في اتصالِ سندِهِ، وردَّ عليهِ البيهقيُّ ذلكَ.
وقالَ الشافعيُّ رحمه الله: هذا: حديثٌ ثابتٌ، لا يَردُّ احدٌ من أهلِ العلمِ مثلَهُ، لو لمْ يكنْ فيهِ غيرُهُ، معَ أنهُ معهُ غيرُهُ ممّا يشدُّهُ.
قلتُ: هذا الحديثُ مَرْويٌّ في مُسندِ الإمامِ أحمدَ من حديثِ جابرٍ، وسعدِ بنِ عُبادةَ، وعُمارةَ، وخُزَيْمةَ.
ورواهُ أبو هريرةَ، وسُرَّقُ، وزُبَيْبٌ، كلُّهم عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من طرقٍ متعدِّدةٍ، وصحّحهُ الحافظان أبو زُرْعةَ، وأبو حاتِمٍ الرّازيان من حديثِ أبي هريرةَ، وزيدِ بنِ ثابتٍ، قالَ تعالى:" ثُمَّ لمْ يأتُوا بأرْبعةِ شُهَداءَ "، فهو: حديثٌ مشهورٌ، واللهُ أعلمُ.
عن أبي هريرةَ: أنّ سعدَ بنَ عُبادةَ، قالَ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ وجدتَ معَ
(24)
مسلم (1/ 61).
(25)
مسلم (5/ 128).
(26)
أحمد (15/ 216) وأبو داود (2/ 277) لكنه في الحقوق وليس في الأموال، وأحمد عن جابر (15/ 216) وعن سعد (15/ 217) وعن ابن عباس (15/ 216).
امرأتي رجلاً أُمهِلُهُ حتّى حتّى آتيَ بأربعةِ شُهداءَ، قالَ: نعمْ، - وذكرَ الحديث "
(27)
، رواهُ مسلمٌ.
ففيه: أنهُ لا يُقبلُ في الشّهادةِ على الزّنا إلا أربعةٌ.
قالَ محمدُ بنُ إسحاقَ عن الزُّهريّ عن سعيدِ بنِ المُسيَّبِ: " أنّ عمرَ بنَ الخطابِ جَلدَ أبا بَكْرةَ، ونافعَ بنَ الحارثِ، وشِبْلَ بنَ مَعْبدٍ، قالَ: فاستتابَ نافعاً وشِبْلَ بنَ مَعْبدٍ، فتابا وقَبلَ شهادتَهما، واستتابَ أبا بَكْرة، فأبى، وأقامَ، فلمْ تُقْبلْ شهادتُهُ، وكانَ أفضلَ القومِ "
(28)
.
وقد رواهُ عن الزُّهريِّ: سفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، والأوزاعيُّ، وسليمانُ بنُ كَثيرٍ
(29)
، وقد تقدّمَ ذكرُها في بابِ حدِّ القذفِ لما شهدوا على المُغيرةِ، وتَوقَّفَ زيادٌ، فحُدَّ الثلاثةُ، ومثلُ هذا يشتهرُ، ولمْ نعلمْ لهُ مُخالفاً، فيكونُ إجماعاً سُكوتياً، فيُقوِّي جانب القولِ بحدِّ الثلاثةِ، وهو الذي صحَّحهُ الأصحابُ، ولله الحمدُ والمِنّةُ.
(27)
مسلم (4/ 210).
(28)
تقدم، وأخرجه الشافعي في الأم (7/ 26) عمن يثق به من أهل المدينة عن ابن شهاب.
(29)
البيهقي (10/ 152) عن الثلاثة عن الزهري. والشافعي (7/ 26) الأم.