المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب: ما يجوز بيعه، وما لا يجوز - إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيوع

- ‌ بابُ: ما يَتمُّ بهِ البيعُ

- ‌ بابُ: ما يجوزُ بيعُهُ، وما لا يجوز

- ‌ بابُ: الرِّبا

- ‌ بابُ: بيعِ الأصولِ والثّمارِ

- ‌ بابُ: بيعِ المُصَرّاةِ، والرّدِّ بالعَيبِ

- ‌ بابُ: اختلافِ المُتبايعين

- ‌ بابُ: السَّلَمِ

- ‌ بابُ: القَرْضِ

- ‌ بابُ: الرَّهْن

- ‌ بابُ: التَّفْليسِ

- ‌ بابُ: الحَجْرِ

- ‌ بابُ: الصُّلْحِ

- ‌ بابُ: الحِوالةِ

- ‌ بابُ: الضَّمان

- ‌ بابُ: الشّرِكَةِ

- ‌ بابُ: الوكالةِ

- ‌ بابُ: الوَديعةِ

- ‌ بابُ: العاريَةِ

- ‌ بابُ: الغَصْبِ

- ‌ بابُ: الشُّفْعةِ

- ‌ بابُ: القِراض

- ‌ بابُ: العَبْدِ المَأذون

- ‌ بابُ: المُساقاةِ والمُزارَةِ

- ‌ بابُ: الإجارَةِ

- ‌ بابُ: المُسابَقةِ

- ‌ بابُ: إحياءِ المواتِ، وتملّكِ المُباحاتِ

- ‌ بابُ: اللُّقَطةِ

- ‌ بابُ: اللَّقيطِ

- ‌ بابُ: الوَقْفِ

- ‌ بابُ: الهِبَةِ

- ‌ بابُ: الوَصيَّةِ

- ‌ بابُ: العِتْقِ

- ‌ بابُ: التَّدبيرِ

- ‌ بابُ: الكتابةِ

- ‌ بابُ: عِتْقِ أُمِّ الوَلدِ

- ‌ بابُ: الوَلاءِ

- ‌ كتابُ الفَرائض

- ‌ بابُ: ميراثِ أهلِ الفَرْضِ

- ‌ بابُ: ميراثِ العَصَبةِ

- ‌ بابُ: ميراثِ الجد والإخوة

- ‌ كتابُ النِّكاحِ

- ‌ بابُ: ما يَحرمُ مِن النِّكاحِ

- ‌ بابُ(1): عيوب النكاح أو ما يثبت به الخيار أو (الخيار في النكاح، والرّدّ بالعيب)

- ‌ بابُ: نكاحِ المُشركِ

- ‌ كتابُ الصَّداقِ

- ‌ بابُ: المُتْعةِ

- ‌ بابُ: الوليمةِ والنَّثرِ

- ‌ بابُ: عِشرةِ النِّساءِ، والقَسْم، والنُّشوزِ

- ‌ بابُ: الخُلْعِ

- ‌ كتابُ الطَّلاقِ

- ‌ بابُ: عددِ الطَّلاقِ، والاستثناء فيهِ

- ‌ بابُ: الشَرْط في الطَّلاقِ

- ‌ بابُ: الشّكّ في الطلاقِ

- ‌ بابُ: الرَّجْعةِ

- ‌ بابُ: الإيلاءِ

- ‌ بابُ: الظِّهار

- ‌ بابُ: اللِّعانِ

- ‌ بابُ: ما يلحقُ من النَّسبِ، وما لا يلحقُ

- ‌ كتابُ الأيمان

- ‌ بابُ: مَنْ يَصحُّ يَمينُهُ، وما تَصِحُّ بهِ اليمينُ

- ‌ بابُ: جامعِ الأيمان

- ‌ بابُ: كفّارةِ اليمينِ

- ‌ كتابُ العِدَد

- ‌ بابُ: الاسْتبراءِ

- ‌ بابُ: الرّضاعِ

- ‌ كتابُ النَّفَقاتِ

- ‌ بابُ: نَفقةِ الزَّوجاتِ

- ‌ بابُ: نفقةِ الأقاربِ، والرَّقيقِ، والبهائمِ

- ‌ بابُ: الحَضانةِ

- ‌ كتابُ الجنايات

- ‌ بابُ: مَنْ يجبُ عليهِ القِصاصُ، ومنْ لا يجبُ

- ‌ بابُ: ما يجبُ بهِ القصاصُ مِنَ الجِناياتِ

- ‌ بابُ: العفْوِ والقِصاص

- ‌ بابُ: منْ يجبُ عليهِ الدِّيةُ من الجنايةِ

- ‌ بابُ: ما يجبُ فيهِ الدِّيةُ من الجناياتِ

- ‌ بابُ: الدِّياتِ

- ‌ بابُ: العاقلةِ، وما تحملُهُ

- ‌ بابُ: كفارة القتل

- ‌ بابُ: قتالِ أهلِ البَغْي

- ‌ بابُ: قتلِ المُرْتَدّ

- ‌ بابُ: قتال المشركين

- ‌ بابُ: قَسْمِ الفيءِ والغَنيمةِ

- ‌ بابُ: عقدِ الذِّمةِ، وضربِ الجزْيةِ

- ‌ بابُ: عقْدِ الهُدْنةِ

- ‌ بابُ: خراج السَّواد

- ‌ كتابُ الحدودِ

- ‌ بابُ: حَدِّ الزِّنا

- ‌ بابُ: حَدِّ القَذْفِ

- ‌ بابُ: قاطعِ الطّريقِ

- ‌ بابُ: حدِّ الخمرِ

- ‌ بابُ: التَّعزيرِ

- ‌ بابُ(1): أدب السّلطان

- ‌ كتابُ الأقضيةِ

- ‌ بابُ: ولايةِ القضاءِ، وأدبِ القاضي

- ‌ بابُ: صفةِ القضاءِ

- ‌ بابُ: القِسمةِ

- ‌ بابُ: الدعوى والبيّناتِ

- ‌ بابُ: اليمينِ في الدّعاوى

- ‌ كتابُ الشهادات

- ‌ بابُ: مَنْ تُقْبلُ شهادتُهُ، ومَن لا تُقْبلُ

- ‌ بابُ: تحمّلِ الشَّهادةِ وإدائِها، والشَّهادةِ على الشَّهادةِ

- ‌ بابُ: الإقرار

الفصل: ‌ باب: ما يجوز بيعه، وما لا يجوز

2 -

‌ بابُ: ما يجوزُ بيعُهُ، وما لا يجوز

عن أبي مَسعودٍ البَدريِّ: " أنّهُ عليه السلام نَهى عن ثَمنِ الكَلْبِ، ومَهْرِ البَغيِّ، وحُلْوانِ الكاهنِ " أخرجاه

(1)

.

ولمسلمٍ عن رافعِ بنِ خَديجٍ، سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:" ثَمنُ الكلبِ خَبيثٌ، ومَهْرُ البغيِّ خَبيثٌ، وكَسْبُ الحَجّامِ خبيثٌ "

(2)

.

عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول عامَ الفتحِ:" إنّ الله ورسولَهُ حرّمَ بيعَ الخمرِ، والميتةِ والخِنْزير، والأصنامِ " أخرجاه

(3)

. أمَّا منعُ بيعِ الوقفِ، وأُمِّ الوَلدِ، والمكاتبِ، والمرهونِ، فَستأتي أدلَّتُهُ في بابِ كلٍّ مِنها إن شاءَ اللهُ.

تقدَّمَ النَّهيُ عن بيعِ ما اشتراهُ قبلَ قَبْضِهِ، وباقي المعاوَضاتِ مقيسةٌ على البيعِ، عن أبي هريرةَ، قالَ:" نَهى عليه السلام عن بيعِ الحَصاةِ، وعن بيعِ الغَرَرِ "، رواهُ مسلمٌ

(4)

.

عن محمدِ بنِ إبراهيمَ الباهِليِّ عن محمدِ بنِ زيدٍ عن شهْرِ بنِ حوْشبٍ عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، قالَ:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن شراءِ ما في بطونِ الأنعامِ حتّى تضعَ، وما في ضروعِها إلاّ بكَيْلٍ، وعن شِراءِ العبدِ وهو آبِقٌ، وعن شراءِ المَغانمِ حتّى تُقْسَمَ، وعن شراءِ الصَّدَقاتِ حتّى تُقْبَضَ، وعن ضَربةِ الغائصِ "، رواهُ أحمدُ

(5)

، وابن ماجة،

(1)

البخاري (12/ 56) ومسلم (5/ 35).

(2)

مسلم (5/ 35).

(3)

البخاري (12/ 54) ومسلم (5/ 41).

(4)

مسلم (5/ 3).

(5)

رواه أحمد (15/ 34) وابن ماجة (2196) والترمذي (4/ 132).

ص: 9

والترمذيُّ ببعضِهِ، وقالَ غَريبٌ، وقال أبو حاتم الرازِيُّ في كتابِ العِلَلِ: محمدُ بنُ إبراهيمَ هذا، شيخٌ مجهولٌ.

وقال أحمدُ: حدَّثنا محمدُ بنُ السّمَّاكِ عن يزيدَ بنِ أبي زيادٍ عن المسَيّبِ بنِ رافعٍ عن ابنِ مَسعودٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: " لا تَشْتروا السّمكَ في الماءِ، فإنّهُ غَرَرٌ "

(6)

، هذا إسنادٌ ضعيفٌ لحالِ يَزيدَ بنِ أبي زيادٍ، فإنهُ كانَ سَيِّءَ الحفظِ ويَقبلُ التلقينَ، ثُمَّ هو مُنْقطعٌ بينَ المُسَيّبِ بنِ رافعٍ وبينَ ابنِ مَسعودٍ.

وقدْ رواهُ الثوريُّ وهُشَيْمٌ عن يزيد بنِ أبي زيادٍ عن المُسَيّبِ عن ابنِ مَسعودٍ مَوْقوفاً عَلَيهِ.

قالَ الحافظُ أبو بكر البَيْهقيُّ وهوَ الصَّحيحُ.

عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُباعَ ثمرٌ حتّى يُطْعَمَ، أو صوفٌ على ظَهرٍ، أو لَبَنٌ في ضَرْعٍ، أو سَمْنٌ في لبَنٍ "

(7)

رواهُ الدارَقُطنيُّ، والبَيْهقيُّ من حديثِ عمرَ بنِ فَرُّوخٍ، وهو ضعيفٌ. وقدْ رَوَياهُ من وَجهٍ آخَرَ مَوقوفاً، وهو أصحُّ.

وكذا رواهُ الشافعيُّ في مُسْنَدِهِ من طريقٍ آخَرَ عن ابنِ عباسٍ مَوْقوفاً.

عن المغيرةِ بنِ شُعْبةَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عن إضاعةِ المالِ " رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ

(8)

.

يُسْتَدَلُّ بهِ على أنهُ لا يجوزُ بيعُ ذراعٍ من ثوبٍ ببعضِ قيمتِهِ مُقَطّعَةً لما فيه من إضاعةِ المالِ.

عن حَكيمِ بنِ حِزامٍ، قالَ: " قلتُ: يا رسولَ اللهِ، يأتيني الرجلُ يَسألُني البيعَ ليسَ

(6)

أحمد (15/ 35) وأخرجه البيهقي هكذا (5/ 340) مرفوعاً وموقوفاً وصحح الوقف.

(7)

الدارقطني (3/ 14) والبيهقي (5/ 340) مرفوعاً وموقوفاً. والموقوف (3/ 15).

(8)

البخاري (8/ 294) ومسلم (5/ 131).

ص: 10

عندي، أبيعهُ منهُ، ثمَّ أبتاعهُ مِنَ السّوقِ؟ قالَ: لا تَبعْ ما ليسَ عندَكَ "

(9)

، رواه الشافعيُّ، وأحمدُ، وأهلُ السُّنَنِ من غيرِ وجهٍ عنهُ، وفي إسْنادِهِ: اختلافٌ، وقدْ حسَّنهُ الترمذِيُّ.

استدلّوا بهِ على أنهُ لا يَصحُّ بيعُ المعدومِ، وأخذَ بعضُهمْ منهُ المنعَ من صحّةِ بيعِ الغائبِ.

قالَ مالكٌ: فيما بلَغَهُ عن عمرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ: " نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن بَيعِ العُرْبانِ "

(10)

.

وقد أسندَهُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجة من حديثِ مالكٍ، وبه قالَ مالكٌ، وذلكَ فيما نَرى واللهُ أعلمُ: أنْ يشتريَ الرجلُ العبدَ أو يُكاري الدّابةَ ثمَّ يقولَ: أعطيكَ ديناراً على أني إنْ تركتُ السلعةَ أو الكرى، فما أعطيتكَ لكَ.

قالَ البيهقيُّ: بلَغَني أنَّ مالكاً أخذَهُ عن عبدِ اللهِ بن عامرٍ الأسْلَميّ، وقيلَ: ابن لَهيعةَ، وقيلَ: عن الحارثِ عن

(11)

عبدِ الرحمن عن عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، وكلٌّ من هؤلاءِ: ضَعيفٌ.

وقال أبو مُصْعَبٍ الزُّهريُّ عن مالكٍ حدَّثني رَبيعةُ عن عمرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ، فذكَرَهُ، وهذا إسنادٌ جيّدٌ.

عن جابرٍ: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عن الثُّنْيا

(12)

، رواهُ مسلمٌ، تقدَّمَ النَّهيُ عن بيعِ الغَرَرِ، وحديثُ حَكيمٍ:" لا تَبعْ ما ليسَ عندَكَ "

(13)

، وقدْ اسْتُدِلَّ بهما على أنهُ لا

(9)

الشافعي (بدائع المنن 2/ 156) وأحمد (15/ 46) وأبو داود (2/ 254) والنسائي (7/ 289) والترمذي (2/ 351) وابن ماجة (2187).

(10)

أحمد (15/ 45) وأبو داود (2/ 253)، وابن ماجة (2192)، لم أجده في " سنن النسائي ".

(11)

هكذا بالأصل (عن)، والصواب: بن عبد الرحمن، لأنه الحارث بن عبد الرّحمن بن أبي ذباب كما في " السنن الكبرى "(5/ 243).

(12)

مسلم (5/ 18).

(13)

تقدم.

ص: 11

يَصحّ بيعُ الغائبِ.

واحتجوا على القولِ بالصحةِ بما أخرجاهُ في الصَّحيحينِ عن ابنِ مَسعودٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا تُباشِر المرأةُ المرأة تَنعتُها لزوجِها، كأنَّهُ يَنظرُ إليها "

(14)

، قالوا: فنَزَّلَ الوصفَ التامَّ منزلةَ الرؤيةِ، فدلَّ على صحةِ البيعِ لزوالِ الغَرَرِ.

عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " من اشترى شَيئاً لمْ يَرَهُ، فَهو بالخِيارِ إذا رآهُ "

(15)

، رواهُ الدارَقُطنيُّ من حديثِ عمرَ بنِ إبراهيمَ بنِ خالدٍ الكُرْديِّ عن وهْبٍ اليَشْكُرِيِّ عن محمدِ بنِ سيرينَ عنهُ، قالَ الدارَقطنيُّ: وعمرُ: هذا: يَضعُ الحديثَ، وهذا باطلٌ، وإنما ينزلُ من قبلِ ابنِ سيرين.

قال الشافعيُّ: أخبرَنا سفيانُ بنُ عُيَينةَ عن عبدِ الكريمِ الجَزَريِّ عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ:" لا تَبيعوا إلى العَطاءِ، ولا الأنْذَرِ، ولا إلى الدّياسِ "

(16)

، هذا: مُنقطعٌ وموقوفٌ، وقدْ عَضدوهُ بحديثِ النّهي عن الغَررِ لما في جهالةِ الأجلِ من الغَررِ، وسيأتي حديثُ:" من أسلفَ في شيءٍ، فَليُسلِفْ في كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ إلى أجَلٍ معلومٍ "

(17)

.

عن ابنِ عمرَ، قالَ:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن بيعِ حبَلِ الحَبَلةِ "

(18)

، اخرجاه.

وفي لفظٍ لهما عن ابنِ عمرَ: " كان أهلُ الجاهليةِ يَبتاعونَ لحمَ الجزور إلى حَبَل الحَبَلةِ "

(19)

، وحبَلُ الحبَلةِ: أن تُنْتِجَ الناقةُ ما في بطنِها، ثمَّ تحملَ التي نَتِجتْ فنَهاهمْ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلكَ.

عن أبي هريرةَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عن المُلامَسةِ، والمنابَذةِ "

(20)

، أخرجاهُ.

(14)

البخاري (20/ 219) ومسلم (5/ 18).

(15)

الدارقطني (3/ 6).

(16)

الشافعي (3/ 85).

(17)

سيأتي.

(18)

البخاري (11/ 264) ومسلم (5/ 3).

(19)

البخاري (11/ 268) ومسلم (5/ 3).

(20)

البخاري (11/ 268) ومسلم (5/ 3).

ص: 12

ولهما عن أبي سَعيد مثلُهُ

(21)

، وللبخاريِّ عن أنَسٍ مثلُهُ

(22)

.

قال محمدُ بنُ إسحاقَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ " أنَّهُ سمعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنهى عن بيعِ المَجْرِ "

(23)

.

وقدْ رَواهُ أبو عُبَيْد القاسمُ بنُ سَلام حدَّثنا زيدُ بنُ الحُبابِ عن موسى بنِ عُبَيْدةَ عن عبدِ اللهِ بن دينارٍ عن ابنِ عمرَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عن بيعِ المجرِ " قال أبو عُبَيْد: قالَ أبو زيدٍ: المَجْرُ: أن يُباعَ البعيرُ أو غيرُهُ بما في بطنِ الناقَةِ.

قالَ يحيى بنُ مَعينٍ: أنكِرَ على موسى بن عُبَيْدة هذا الحديثُ، وهو من أسبابِ تضعيفِهِ.

قال الإمامُ أحمدُ حدَّثنا يحيى بنُ أَبي بُكَيْر حدَّثنا إبراهيم بنُ نافعٍ، قالَ: سمعتُ عمرَو بنُ دينارٍ يذكرُ عن أبي المِنْهال: " أَنَّ زيدَ بنَ أَرْقَمَ والبراءَ بنَ عازبٍ كانا شَريكين، فاشْتَريا فِضَّةً بنقدٍ ونَسيئةٍ، فبلغَ ذلكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأَمَرهُما أنَّ ما كانَ بنَقْدٍ فأَجيزوهُ، وما كانَ بنَسيئةٍ فَرُدّوهُ "

(24)

، هذا إسنادٌ صحيحٌ، وقد يتوَهّمُ كثيرٌ من المحدِّثين أنهُ مُرْسَلٌ، لما يَبدو من ظاهرِهِ، وليسَ كذلك عندَ جماعةٍ من المحقّقين، وهذا رواهُ البخاريُّ في صحيحِهِ، وهو من أحسنِ ما يُستدَلُّ بهِ على القولِ بتفريقِ الصَّفَقةِ، وهو الصحيحُ، واللهُ أعلمُ.

قالَ الشافعيُّ: أخبرَنا الدَّراوَرْدِيُّ عن محمدِ بنِ عمر وعن أبي سَلَمة عن أبي هريرةَ، قال:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن بَيْعتينِ في بَيْعةٍ "

(25)

وأخرجَهُ أحمدُ، وأبو داودَ،

(21)

البخاري (11/ 862) ومسلم (5/ 3).

(22)

البخاري (12/ 14).

(23)

أبو عبيد في " غريب الحديث "(1/ 206)، وأخرجه البيهقي (5/ 134) من طريقه مع التفسير كما هو هنا، وكذا علقه عن محمد بن إسحاق به، فذكره.

(24)

أحمد (15/ 75) والبخاري (13/ 61).

(25)

الشافعي (8/ 88 الأم مع مختصر المزني) وأحمد (15/ 45) وأبو داود (2/ 246)، والترمذي (2/ 350) والنسائي (7/ 296).

ص: 13

والترمذِيُّ، والنَّسائيُّ، من حديثِ محمدِ بنِ عمرِو بنِ عَلْقَمةَ بنِ وقَّاصٍ، وقدْ أخرجَ لهُ مُسلمٌ في كتابِهِ ومُتابَعةً، وقالَ الترمذِيُّ: حسنٌ صَحيحٌ.

وعن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا يَحلُّ سَلَفٌ وبَيعٌ، ولا شَرطانِ في بيعٍ، ولا ربحُ ما لمْ يَضْمَنْ، ولا بيعُ ما ليسَ عندَكَ "

(26)

، رواهُ أحمدُ، وأهلُ السُّنَنِ، وصحَّحهُ الترمذِيُّ، وابْنُ خُزَيْمةَ.

وعن عبدِ الرَّحمنِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ عن أبيهِ، قالَ:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن صَفَقَتينِ في صَفقة "

(27)

، قالَ: هوَ الرجلُ يبيعُ، فيقولُ: بنَسَأ بِكذا، وبنَقْدٍ: بِكَذا، وكذا رواهُ أحمدُ، وقدْ اختلَفَ الأئِمّةُ في سماعِ عبدِ الرّحمنِ بنِ عبدِ اللهِ من أبيهِ، فأنكَرهُ شُعْبةُ وغيرُهُ.

عن عبدِ الرحمنِ بنِ

(28)

جبارةَ عن أبي عبدِ الرّحمنِ الحُبُليِّ عن أبي أيوبَ الأنصاريِّ، واسمُهُ: خالدُ بنُ زيدٍ رضي الله عنه، قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: " مَنْ فرَّقَ بينَ جاريةٍ وولدِها، فرَّقَ اللهُ بينَهُ وبينَ أحبتِهِ يومَ القيامةِ "

(29)

، رواهُ أحمدُ، والترمذِيُّ، وقالَ: حسنٌ غَريبٌ.

وعن عليٍّ: " أنهُ فرَّقَ بينَ جاريةٍ وولدِها، فناهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ورَدَّ البيعَ "

(30)

، رواهُ أبو داودَ، وهذا عامٌّ فيما قبلَ التمييز وبعدَهُ على قولٍ.

فأمَّا بعدَ البلوغِ، فَعن سَلَمةَ بنِ الأكْوَعِ قالَ: " غزَوْنا فزارةَ وعلينا أبو بكر،. . فذكرَ الحديثَ إلى أنْ قالَ: فجئتُ بهم أسوقُهم، وفيهم امرأةٌ عليها قشعٌ من دمٍ، معَها

(26)

أحمد (15/ 45) وأبو داود (2/ 254) والنسائي (7/ 295)، والترمذي (2/ 351) وابن ماجة (2188).

(27)

أحمد (15/ 45).

(28)

هكذا بالأصل، ولا أدري كيف ذا، والمعروف أنه حُيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرّحمن الحبلي كما هو عند أحمد (5/ 412)، والبيهقي (9/ 126).

(29)

أحمد (15/ 53) والترمذي (2/ 376).

(30)

أبو داود (2/ 58)، قلت: وأحمد (15/ 54).

ص: 14

بنتٌ لها من أحسنِ العربِ، فنَفَّلني أبو بكر ابنتَها فقدِمْنا المدينةَ وما كشفتُ لها ثوباً، فلقيني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في السوقِ فقالَ: يا سَلَمةُ: هَبْ لي المرأةَ، فقلتُ: با رسولَ اللهِ لقَدْ أعجَبتْني وما كشفتُ لها ثَوباً، ثمَّ لَقيني، فقالَ: هبْ لي المرأةَ للهِ أبوكَ، فقلتُ: هيَ لكَ يا رسولَ اللهِ، فبعثَ بها إلى مكَّةَ ففدَى بها ناساً من المسلمينَ كانوا أُسِروا بمكة "

(31)

، رواهُ مسلمٌ.

عن جابرٍ: " أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عن المُحاقَلةِ والمُزابَنةِ، والثُّنْيا "

(32)

، رواهُ مسلمٌ من حديثِ أبي الزُّبَيْرِ عنهُ.

وأَخرجَهُ أبو داودَ، والترمِذيُّ، والنّسائيُّ، من حديثِ سُفيان بنِ حسينٍ عن يونُسَ بنِ عُبَيْدٍ عن عَطاءٍ عن جابرٍ مَرفوعاً، وزادوا " إلا أن تُعْلَمَ "

(33)

، وقالَ الترمذِيُّ: حسنٌ صَحيحٌ غَريبٌ، وكذا صحّحهُ الإمامُ أبو جعفر بنُ جَريرٍ الطَّبَرِيُّ. قلتُ: وسفيانُ بنُ حسينٍ هذا، قد تكَلَّمَ فيهِ غيرُ واحدٍ من الأئِمَّةِ.

عن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" قالَ اللهُ عز وجل: ثلاثةٌ أنا خَصمُهمْ يومَ القيامةِ: رجلٌ أعطى بي ثم غدَرَ، ورجلٌ باعَ حرّاً فأكلَ ثمنَهُ، ورجلٌ استأْجَرَ أَجيراً فاسْتَوفى منهُ، ولم يُعْطِهِ أجرَهُ "

(34)

، رواهُ البخارِيُّ. وهذا أعم مِن كونِ الحرِّ، حَملاً أو مُنْفصِلاً.

قالَ اللهُ: " ولَنْ يجعلَ اللهُ لِلكافرينَ على المؤمنين سَبيلاً "، استدلّوا بهذهِ الآيةِ على أنهُ لا يصحُّ بيعُ العبدِ المسلمِ من الكافرِ، واسْتأنَسوا أيضاً بحديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ:" أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى أن يُسافرَ بالقرآنِ إلى أرضِ العدو، مَخافةَ أنْ ينالَهُ العَدوُّ "

(35)

، رواه مسلم.

(31)

مسلم (5/ 150).

(32)

مسلم (5/ 18).

(33)

أبو داود (2/ 235) والترمذي (2/ 378) والنسائي (7/ 296).

(34)

البخاري (12/ 41).

(35)

مسلم (6/ 30).

ص: 15

قالوا: والعبدُ المسلمُ في معنى ذلكَ لما ينالُهُ من العنت

(36)

له في يدِ الكافرِ.

وقدْ يُحتجُ للقولِ الآخرِ بما رُويَ من طرقٍ عدّةٍ في السيرةِ وغيرِها عن سَلْمانَ: " أنهُ اشتراهُ يهوديٌّ من المدينةِ، فلما قَدمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهاجراً، وأسلمَ سَلْمانُ، أمرَهُ أن يُكاتبَ مولاهُ فكاتبَهُ

(37)

، وساعدَهُ المسلمونَ في كتابتِهِ، فقدْ أقرَّ مُلكَ اليهوديِّ عليهِ، وأمَرهُ بالمُكاتَبةِ، وقدْ يُجابُ عن هذا بأجوبةٍ، ليسَ هذا مَوضعَ بَسْطِها.

عن ابنِ عمرَ، قالَ: قال عليه السلام: " لُعِنتِ الخمرُ على عشرةِ أوجهٍ، لُعَنَت الخمرُ: بعَيْنِها، وشارِبها، وسَاقيها، وبائِعها، ومُبْتاعِها

(38)

، ومُعْتَصرِها، وحامِلِها، والمحمولةِ إليه، وآكلِ ثمنِها "

(39)

، رواهُ أَحمدُ، وأَبو داودَ، وابنُ ماجة.

وللترمِذيِّ، وابنِ ماجَة أيضاً عن أنسٍ

(40)

: نحوَهُ.

قالوا: وآكلُ ثمنِها: هو بائعُها عِنَباً مِمّنْ يَتّخذُهُ خمراً، وقدْ قالَ تعالى:" وتَعاوَنُوا عَلى البِرِّ والتَّقْوَى وَلا تَعاوَنُوا عَلى الإثْمِ والعُدْوانِ ".

عن عِمرانَ بنِ حُصَيْنٍ: " أنهُ عليه السلام نَهى عن بيعِ السّلاحِ في الفِتنةِ "

(41)

، رواهُ أبو بكر بن أبي عاصمٍ، وابنُ عَديٍّ من طُرقٍ عن أبي رَجاءٍ عنهُ، والصحيحُ: أنهُ موقوفٌ عليهِ كما رواهُ عبدُ الله بنُ أحمدَ، وعلّقهُ البخاريُّ عنهُ.

عن النُّعْمانِ بنِ بَشيرٍ، سمعتُهُ عليه السلام وهو يقولُ:" الحلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بَيِّن، وبينَ ذلكَ أُمورٌ مُشْتَبِهاتٌ، فمَنْ اتَّقى الشُّبُهاتِ اسْتبرَأَ لدينهِ وعِرضِهِ، ومنْ وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقعَ في الحَرامِ. . الحديث "

(42)

، أخرجاهُ.

(36)

غير واضح بالأصل، ولعله " لما يناله من الأسر في يد الكافر " أو ما يشبه ذا.

(37)

أخرجه البيهقي (10/ 321) من طرق في الكبرى وإسناد بعضها: حسن.

(38)

لعله سقط منه: عاشرها وهو: " وعاصرها " كما هو ثابت عند ابن ماجة (2/ 122) وأحمد (2/ 71).

(39)

أحمد (16/ 116) وأبو داود (2/ 292) وابن ماجة (3380).

(40)

الترمذي (2/ 380) وابن ماجة (3381).

(41)

البخاري معلقاً (11/ 219).

(42)

البخاري (11/ 165) ومسلم (5/ 50).

ص: 16

يُؤخذُ منهُ النّهيُ عن البيعِ ممّنْ أكثر مالِهِ حَرام.

عن عائشةَ: " أنها أرادتْ أن تشتريَ بَريرةَ للعتقِ فاشترطوا ولاءَها، فذَكَرتْ ذلكَ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: اشْتَريها وأعْتِقيها، فإنّما الوَلاءُ لمَنْ أعتقَ "

(43)

، أخرجاهُ.

ولَهُما: " فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كلُّ شَرْطٍ ليسَ في كتابِ اللهِ فهوَ باطلٌ "

(44)

.

وقدْ رَوى الخَطّابي في كتابِ مَعالمِ السُّننِ عن

(45)

" أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عن بيعٍ وشَرْطٍ "

(46)

، وإسنادُهُ: ضَعيفٌ.

قالَ سعيدُ بنُ مَنصورٍ: حدَّثنا هُشَيْم حدَّثَنا حُمَيْدُ الطَّويلُ عن الحسنِ: " أنَّ رجلاً باعَ جاريةً لأبيهِ، وأبوهُ غائبٌ، فلَمّا قدمَ أبى أن يُجيزَ بيعَهُ، وقدْ ولَدتْ من المُشتري، فاخْتَصما إلى عمرَ بنِ الخطابِ، فقَضى للرجلِ بجاريتِهِ، وأمرَ المشتري أن يأخذَ بيعَهُ بالخلاصِ، فَلَزِمَهُ، فقالَ أبو البائعِ: مُرْهُ فلْيخلِّ عن ابني، فقالَ: وأَنتَ فخلِّ عن ابنه "

(47)

، هذا: إسنادٌ جيّدٌ إلى الحَسنِ إلا أنَّهُ: مُنقطعٌ بينَ الحسنِ وعمرَ، لأنهُ لمْ يُدْرِكْهُ، وفي قولِهِ:" وأَنتَ أَيضاً فخلِّ عن ابنه "، دليلٌ علَى أنهُ قدْ كانَ احتسبهُ لأجلِ قيمتهِ، والله أعلمُ.

(43)

البخاري (11/ 287) ومسلم (4/ 215).

(44)

البخاري (11/ 288) ومسلم (4/ 214).

(45)

كذا بالأصل مع فراغ قدر كلمتين، والمعروف أنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه كما في التلخيص (3/ 12)، وغيره.

(46)

الخطابي (3/ 146)، وأخرجه الحاكم في علوم الحديث (128) والطبراني الأوسط، وابن حزم في المحلّى.

(47)

أخرجه البيهقي (6/ 18) من طريقه طريقات هكذا.

ص: 17