الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
بابُ: عِشرةِ النِّساءِ، والقَسْم، والنُّشوزِ
قالَ اللهُ: " وعاشِروهُنَّ بالمعروفِ. . الآية ".
وعن أبي هريرةَ، قالَ عليه السلام:" مَن كانَ يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخر، فلا يُؤذي جارَهُ، واسْتوصوا بالنّساءِ خيراً، فإنهنّ خُلقْنَ من ضِلعٍ، وإن أعوجَ شيء في الضِّلَعِ أعلاهُ، فإن ذهبتَ تُقيّمُهُ كَسَرْتَهُ، فإن تركْتَهُ لم يزلْ أعوجَ، فاسْتوصوا بالنّساء خيراً "
(1)
، أخرجاه، ولفظُهُ للبخاريّ.
وعنهُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِهِ فأبتْ، أن تجيءَ لَعَنتْها الملائكةُ حتى تُصبحَ "
(2)
رواهُ البخاريّ، وهذا لفظُهُ. ولمسلمٍ " نحوَهُ ".
ولهما: " إذا باتتْ المرأةُ مُهاجرةً فراشَ زوجها لعَنتْها الملائكةُ حتى ترجعَ "
(3)
.
قد تقدّمَ قولهُ عليه السلام: " مَطْلُ الغنيّ ظُلمٌ "
(4)
، فيجبُ على كلّ من الزوجين بذلُ ما يجبُ عليهِ من غيرِ مَطْلٍ.
وقد رَوى الطَّبرانيّ عن أبي هريرةَ، قالَ: " لعنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُسَوِّفات، وهن اللاتي إذا دُعينَ قُلنْ: سوفَ، والمُفَلّساتِ
(5)
، وهنَّ اللاتي يقلْنَ: نحن حُيّضٌ "
(6)
، لكنْ في إسنادِهِ: يحيى بنُ العَلاءِ البَجَلي، وهو: ضعيفٌ جدّاً.
(1)
البخاري (20/ 166) ومسلم (4/ 178).
(2)
البخاري (20/ 184) ومسلم (4/ 157).
(3)
البخاري (20/ 185) ومسلم (4/ 156).
(4)
تقدم.
(5)
هكذا بالأصل، وفي مسند أبي يعلى (6467):" المفلسة ".
(6)
لم يعزه الهيثميُّ في المجمع (4/ 296) إلا لأبي يعلى الموصلي.
تقدّمَ نهيُهُ عليه السلام عن الضَّررِ والإضرارِ - وهو حاصلٌ في إسكانِ إحدى الزّوجتين معَ الأخرى في المنزلِ الواحدِ إلا أن يكونَ نادراً.
عن أبي سعيدٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إنّ من أشرِّ الناسِ عندَ اللهِ، منزلةً يومَ القيامةِ: الرجلُ يُفضي إلى امرأتِهِ وتُفضي إليه، ثمّ يَنشُرُ سِرَّها "
(7)
، رواهُ مسلم.
فيُؤخذُ، منهُ كراهةُ وطء إحدى المرأتين بحضرةِ الأخرى.
عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا تصومنَّ امرأةٌ وزوجها شاهدٌ إلا بإذنِه، ولا تأذنْ في بيتِهِ "
(8)
أخرجاهُ
(9)
، فيُؤخذُ منهُ أنها لا تخرجُ من منزلهِ، إلا بإذنِهِ أيضاً، ويُؤيّدُهُ.
حديثُ ابنِ عمرَ: أتتْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ، فقالت: يا رسولَ اللهِ: ما حقُّ الزوجِ على زوجتِهِ؟، قالَ: لا تخرجُ من بيتِها إلا بإذنهِ، فإنْ فعلتْ لعنَتْها ملائكةُ الرَّحمةِ، وملائكةُ الغضبِ، قالتْ: يا نبيَّ اللهِ، وإنْ كانَ ظالماً؟، قالَ: وإن كان ظالماً - الحديث "
(10)
.
عن أبي هريرةَ، قالَ عليه السلام:" من كانتْ لهُ امرأتان، فمالَ إلى إحداهُما جاءَ يومَ القيامةِ وشِقُّهُ مائلٌ "
(11)
، رواهُ أحمدُ، وأهلُ السُّننِ، وهذا لفْظُ أبي داود، وإسنادُهُ صحيحٌ، وهو محمولٌ على من قَسمَ لإحدى المرأتين، ولم يَقسِمْ للأخرى، لما روتْ عائشةُ، قالتْ:" كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقسمُ فيعدلُ ويقولُ: اللَّهمَّ هذا قَسَمي فيما أملكُ، فلا تَلمْني فيما تملكُ، ولا أملكُ "
(12)
، رواهُ أهلُ السُّننِ، ولفظُهُ لأبي داود، وقالَ: يعني - القلبَ، وإسنادُهُ صحيحٌ.
(7)
مسلم (4/ 157).
(8)
هكذا بالأصل، وقد سقط منه كلمتان هما:" إلا بإذنه " كما في البخاري.
(9)
البخاري (20/ 185) ومسلم (3/ 91).
(10)
البيهقي (7/ 292) بلفظ أطول برواة: ثقات إلا ليثاً متكلم فيه.
(11)
أحمد (16/ 237) وأبو داود (1/ 492) والترمذي (5/ 304) وابن ماجة (1969) والنسائي (7/ 63).
(12)
أبو داود (1/ 492) والترمذي (2/ 304) وابن ماجة (1971) والنسائي (7/ 64).
قالَ سليمانُ بنُ يَسارٍ: " من السّنةِ إذا تزوّجَ الحرّةَ على الأمةِ، قسَمَ للحرّةِ ليلتين، وللأمةِ ليلةً "
(13)
.
ورواهُ الدارَقطنيُّ عن عليّ بنِ أبي طالبٍ قوله، وفي إسنادهِ: ابنُ أبي لَيْلى، وهو سيّءُ الحفظِ.
قالتْ عائشةُ في حديثِ الإفكِ الذي في الصحيحين: " وكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ سَفراً، أقرعَ بينَ نسائهِ، فأيّتهنَّ خرجَ سهْمُها خرجَ بها. . الحديث "
(14)
.
عن عائشةَ: " أنّ سودةَ بنتَ زَمْعةَ وهبَتْ يومَها لعائشةَ، فكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقسِمُ لعائشةَ يومَها، ويومَ سَوْدةَ "
(15)
، أخرجاه.
وعنها في قولِهِ تَعالى: " وإنْ امرأةٌ خافَتْ من بَعْلِها نُشوزاً أو إعْراضاً "، قالتْ: نَزلَتْ في المرأةِ تكونُ عندَ الرجل، فلعَلّهُ لا يستكثرُ منها، ويكونُ لها صحبةٌ ووليدٌ فيكرهُ أن يُفارقَها، فتقولُ: أنتَ في حلٍّ من شَأني "
(16)
، أخرجاهُ.
عن أنسٍ، قالَ:" كانَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم تسعُ نِسوةٍ، فكانَ إذا قسمَ بينهنَّ لا ينتهي إلى المرأةِ الأولى إلا في تِسْعٍ، فكنَّ يجتمعنَ كلَّ ليلةٍ في بيتِ التي يأتيها "
(17)
، رواهُ مسلمٌ.
ولهما عنهُ، قالَ:" كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا انصرفَ من صلاةِ العصرِ، دخلَ على نسائهِ فيدنو من إحداهن "
(18)
، فدَلَّ على أنّ عماد القَسْم الليلُ.
(13)
لم أجده في سنن الدارقطني، البيهقي (7/ 299، 300) مع قول سليمان بن يسار ولم يعزه في التلخيص للدارقطني.
(14)
البخاري (13/ 224) ومسلم (8/ 113).
(15)
البخاري (20/ 198) ومسلم (4/ 174).
(16)
البخاري (13/ 271) ومسلم (8/ 241).
(17)
مسلم (4/ 174).
(18)
لم نجده هكذا، ولكن نسبه في نيل الأوطار إليهما (6/ 371) من حديث عائشة وهو في البخاري (9/ 33) عنها مع قصة العَسَل.
وعن عائشةَ، قالتْ:" يا ابنَ أُختي، كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يُفضِّلُ بعضَنا على بعضٍ في القَسْمِ، من مُكْثِهِ عندَنا، وكانَ قلَّ يومٌ إلا وهو يطوفُ علينا جَميعاً فيدنو من كلِّ امرأةٍ من غيرِ مَسيسٍ حتّى يبلغَ إلى التي هو يومُها فيبيتُ عندَها "
(19)
، رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، وهذا لفظُهُ، وإسنادهُ صحيحٌ حسنٌ.
عن أبي قِلابةَ عن أنسٍ، قالَ:" من السّنةِ إذا تزوَّجَ الثّيِّبَ أقامَ عندَها ثلاثاً، ثمَّ قَسمَ، قالَ أبو قِلابةَ: ولو شئتُ لقلتُ: إن أنساً رفعهُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "
(20)
، أخرجاهُ.
عن أُمِّ سَلمةَ: " أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لما تزوّجها، أقامَ عندها ثلاثاً، وقالَ: إنهُ ليسَ بكِ على أهلكِ هَوانٌ، إنْ شئتِ سبَّعتُ لكِ، وإنْ سبَّعتُ لكِ سبَّعتُ لنسائي "
(21)
، رواهُ مسلمٌ.
وفي لفظٍ: " إنْ شئتِ سبَّعتُ عندَكِ، وإنْ شئتِ ثَلَّثْتُ ثمَّ درتُ، قالتْ: ثَلِّثْ "
(22)
، وفي لفظٍ لهُ:" لما أرادَ الخروجَ أخذتْ بثوبِهِ، فقالَ: إن شئتِ زِدْتُكِ وحاسبْتُكِ، للبكرِ سَبْعٌ، وللثَّيب ثَلاثٌ "
(23)
.
قالَ اللهُ: " واللاتي تَخافُونَ نُشوزَهُنَّ فَعِظوهُنَّ واهْجروهُنَّ في المضاجعِ واضْرِبوهُنَّ. . الآية ".
قالَ الشافعيّ: هذه الآية مُنزلةٌ على أحوالٍ، وهو أحسنُ ما سمعتُ في ذلكَ.
عن جابر: " أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذكرَ في خُطبةِ الحجّ: " فاتَّقوا اللهَ في النّساءِ، فإنّكُمْ أخذْتموهنَّ بكلمةِ اللهِ، ولكمْ عليْهنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحداً تكرهونَهُ، فإنْ فعلْنَ ذلكَ فاضربوهنَّ ضَرْباً غيرَ مُبَرّحٍ، ولهنَّ رزقُهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروفِ "
(24)
، رواهُ مسلمٌ.
(19)
أحمد (6/ 1008 المتن)، وأبو داود (1/ 492).
(20)
البخاري (20/ 200) ومسلم (4/ 173).
(21)
مسلم (4/ 173).
(22)
مسلم (4/ 173).
(23)
مسلم (4/ 173).
(24)
مسلم (4/ 41).
قال اللهُ: " وإنْ خِفْتُم شِقاقَ بَيْنهما فابْعَثوا حَكَماً مِنْ أهْلِهِ وحَكَماً من أهلِها إنْ يُريدا إصْلاحَاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهما إنَّ اللهَ كانَ عَليماً خَبيراً ".
قالَ عَبيدَةُ السلْمانيّ في هذهِ الآيةِ: " جاءَ رجلٌ وامرأةٌ إلى عليّ، ومعَ كلّ واحد منهما فئامٌ من الناسِ، فأمَرهُمْ عليٌّ فَبعثوا حَكَماً من أهلهِ، وحَكماً من أهلِها، ثمّ قالَ للحَكمين: تدريانِ ما عَليْكما؟ إنْ رأيْتُما أن تجمَعا، أن تجمعا، وإنْ رأيْتما أن تُفَرِّقا أن تُفَرِّقا، قالتْ المرأةُ: رَضيتُ بكتابِ اللهِ بما عليَّ فيهِ وليَ، وقالَ الرّجلُ: أمّا الفُرْقةُ، فلا، فقالَ عليٌّ: كذَبْتَ، واللهِ حتّى تُقِرَّ بمثلِ الذي أقرَّتْ بهِ "
(25)
، رواهُ الشافعيُّ بإسنادٍ صحيحٍ.
ففيهِ دلالةٌ على أنّ الحكمين حاكمانِ حيثُ جعلَ إليهما الجمعَ والتفريقَ، ولمْ يَعتبرْ رِضا الزّوجينِ، وهو الذي صحَّحهُ المُصنّفُ ويُؤيّدُهُ ما.
رواهُ الشافعيّ عن مُسلمِ بنِ خالدٍ عن ابن جُريجٍ عن ابن أبي مُليْكةَ سمعته يقولُ: " بعث عثمانُ ابنَ عبّاسٍ، ومعاويةَ في شأنِ عَقيلِ بنِ أبي طالبٍ، وزوجتِهِ، فاطمةَ بنتِ عُتْبةَ لما وقعَ بينَهما من الخصومةِ، فقالَ ابنُ عبّاسٍ: لأفَرّقنَّ بينَهما، وقالَ معاويةُ: ما كنتُ لأُفرِّقُ بينَ شيخين من بَني عبدِ مَنافٍ، فأصلحا بينَهما "
(26)
.
وصحَّح النّوويُّ أنهما وَكيلان، فعن رضا الزّوجين، لقولِ عليّ للزوجِ:" كذبتَ، حتى تُقرَّ بمثل ما أقرَّتْ بهِ ".
(25)
الشافعي (5/ 177)، والبيهقي بمثله (7/ 305).
(26)
الشافعي (5/ 177)، والبيهقي بمثله (7/ 306).