الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
بابُ: الدعوى والبيّناتِ
(1)
تقدّمَ قولُهُ عليه السلام: " لو يُعطى الناسُ بدعواهم، لادّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالَهم، ولكنَّ البيَّنةَ على المُدَّعي "
(2)
.
زادَ الشافعيُّ والبيهقيُّ: " واليمينُ على مَن أنكرَ "
(3)
.
عن أبي هريرةَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عرضَ على قومٍ اليمينَ فأسرعوا، فأمرَ أن يُسهمَ بينَهم في اليمينِ أيُّهمْ يَحلِفُ "
(4)
، رواهُ البخاريّ.
وعنهُ: " أنّ رجلين تَدارثَا في دابّةٍ ليسَ لواحدٍ منهما بيِّنةٌ، فأمرَهما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يَستَهما على اليمين أحبّاً أمْ كَرِها "
(5)
، رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، وابنُ ماجة، وإسنادُهُ: على شَرطِهما.
وفي روايةٍ لأحمدَ، وأبي داودَ:" إذا كرِهَ اثنان اليمينَ، أو استحبّاها، فليستهما عليها "
(6)
.
وعن أبي موسى: " أنّ رجلين اختصَما إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في دابّةٍ ليسَ لواحدٍ منهما بيّنةٌ، فجعلَها بينَهما نصْفينِ "
(7)
، رواهُ الإمامُ أحمدُ وأهلُ السّننِ إلا الترمذيّ، وفي إسنادِهِ اختلافٌ كثيرٌ.
(1)
غير واضحة بالأصل، ولعلها هكذا، والله أعلم.
(2)
تقدم.
(3)
الشافعي (2/ 233) والبيهقي (10/ 252).
(4)
البخاري (13/ 254).
(5)
أحمد (15/ 217) وأبو داود (2/ 279) وابن ماجة (2329).
(6)
أحمد (15/ 217) وأبو داود (2/ 279).
(7)
أحمد (15/ 217) وأبو داود (2/ 279) والنسائي (8/ 248) وابن ماجة (2330).
وقد رُويَ مُرْسلاً، ورجّحَ ذلكَ البخاريُّ، والبيهقيُّ، وغيرُهما.
قالَ الشافعيُّ: أخبرَنا ابنُ أبي يحيى عن إسحاقَ بن أبي فَرْوةَ عن عمرَ بنِ الحكمِ عن جابرِ بنِ عبد الله: " أنّ رجلين تَداعيا دابّةً، وأقامَ كلُّ واحدٍ منهما البيّنةَ أنها دابّتُهُ، نتَجها، فقضى بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم للذي هيَ في يديهِ "
(8)
، ثمّ قالَ: وهذهِ روايةٌ صالحةٌ ليستْ بالقويّةِ، ولا السّاقطةِ، ولمْ نجدْ أحداً مِن أهلِ العلمِ يُخالفُ في القولِ بهذا، مع أنها قد رُويَتْ من غيرِ هذا الوجهِ، وإنْ لمْ تكنْ قويّةً.
قلتُ: ذكرَها البيهقيُّ من روايةِ محمدِ بنِ الحسنِ عن أبي حنيفة عن هَيْثَمٍ الصَّيْرفيِّ، عن الشَّعْبيِّ عن جابرِ بنِ عبدِ الله، وقَضى بذلكَ شُريْحٌ أيضاً، وهو ظاهرٌ في عدمِ التَّحليفِ، وهو الذي نصَّ عليه الشافعيُّ، وهو المذهبُ المنصوصُ، معَ أنهُ رُويَ عن عليّ: أنهُ كانَ يُحلِّفُ معَ البيِّنةِ، وقَضى بهِ شُرَيْحٌ أيضاً.
قالَ: وهم لا يقولون بذلك، معَ أنهم لا يروون عن أحدٍ من الصّحابةِ خلافهُ، واللهُ أعلمُ.
عن أبي موسى: " أنّ رجلين ادّعيا بعيراً، فبعثَ كلُّ واحدٍ منها شاهدين، فقسمَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بينَهما نصْفينِ "
(9)
، رواهُ أبو داودَ بإسنادٍ رجالُه كلهم: ثقاتٌ.
وقد قيلَ: إنهُ معْلولٌ، بأنهُ: مُرْسلٌ، واللهُ أعلمُ.
والغرضُ منهُ: أنهُ إذا تعارضتِ البيّناتُ، أنهما تُستعملان في القسمةِ، لا في الوقفِ، ولا في القُرعةِ، على أنّ الشيخَ أبا زكريّا صحّحَ القولَ بسقوطِها، واللهُ أعلمُ.
وقدّمَ الشافعيُّ ما رواهُ عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ، قالَ: " اختصمَ رجلانِ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في أمرٍ، فجاءَ كلُّ واحدٍ منهما بشهداءَ عُدولٍ على عِدَّةٍ واحدةٍ فأسهمَ رسولُ
(8)
الشافعي (6/ 237 الأم) والبيهقي (10/ 256) من طريقه، هكذا، وكذا من طريق أبي حنيفة رحمه الله عن هيثم الصيرفي عن الشعبي عن جابر كذلك.
(9)
أبو داود (2/ 279)، والرواية عن عليّ في الحلف مع البينة عند البيهقي (10/ 261).
اللهِ صلى الله عليه وسلم بينهما، وقالَ: اللهمَّ أنتَ تقضي بينَهما "
(10)
.
وقد رواهُ أبو داودَ في المراسيلِ، وهو صحيحٌ عنهُ.
وحكاهُ الشافعيُّ في الجديدِ عن عليٍّ، وابنِ الزُّبيرِ، وقوّاهُ بأنّ القُرعةَ في القرآنِ في قصّةِ يونسَ:" فَسَاهمَ فكانَ مِنَ المُدْحَضينَ "، وبأنهُ عليه السلام كانَ إذا أرادَ سفراً، أقرعَ بينَ نسائِهِ، وبقصَّةِ الذي أعتقَ ستّةَ ممْلوكين، فأقرعَ بينهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأعتقَ اثنين، وأرَقَّ أربعةً، وبسطَ القولَ في ذلكَ، ثمّ قالَ: وأنا أستخيرُ اللهَ في القولِ بالقُرْعةِ أو القِسمةِ أو أنا فيهِ واقفٌ، ثمّ قالَ: لا يُعطى واحدٌ منهما شيئاً، ويُوقَفَ حتّى يَصْطَلِحا.
تقدّمَ حديثُ قولِهِ عليه السلام لهندِ بنتِ عُتْبةَ امرأةِ أبي
(11)
سفيان، وهو حجةٌ في مسألةِ الظَّفرِ، وعامٌّ في وجود البيِّنةِ وعَدَمِها.
وقد ذكرَ الشافعيُّ حديثَ أبي هريرةَ: " أدِّ الأمانةَ إلى مَن ائتمنكَ، ولا تَخُنْ من خانكَ "
(12)
، رواهُ أبو داودَ والترمذيُّ، وحسّنهُ.
وقالَ الشافعيُّ: لا يثبتُ، ولو ثبتَ لمْ يكنْ فيهِ حجّةٌ علينا، لأنّا لا نُسمّي من أخذَ حقَّهُ خائناً، بدلالةِ الكتابِ، والسنّةِ، وإجماعِ الأكثرين على ذلكَ، واللهُ أعلمُ.
(10)
الشافعي (6/ 245 الأم) معلقاً عنه، وأبو داود في المراسيل (203)، والبيهقي (10/ 259).
(11)
تقدم.
(12)
أبو داود (2/ 260) والترمذي (2/ 368).