المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب: حد الزنا - إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيوع

- ‌ بابُ: ما يَتمُّ بهِ البيعُ

- ‌ بابُ: ما يجوزُ بيعُهُ، وما لا يجوز

- ‌ بابُ: الرِّبا

- ‌ بابُ: بيعِ الأصولِ والثّمارِ

- ‌ بابُ: بيعِ المُصَرّاةِ، والرّدِّ بالعَيبِ

- ‌ بابُ: اختلافِ المُتبايعين

- ‌ بابُ: السَّلَمِ

- ‌ بابُ: القَرْضِ

- ‌ بابُ: الرَّهْن

- ‌ بابُ: التَّفْليسِ

- ‌ بابُ: الحَجْرِ

- ‌ بابُ: الصُّلْحِ

- ‌ بابُ: الحِوالةِ

- ‌ بابُ: الضَّمان

- ‌ بابُ: الشّرِكَةِ

- ‌ بابُ: الوكالةِ

- ‌ بابُ: الوَديعةِ

- ‌ بابُ: العاريَةِ

- ‌ بابُ: الغَصْبِ

- ‌ بابُ: الشُّفْعةِ

- ‌ بابُ: القِراض

- ‌ بابُ: العَبْدِ المَأذون

- ‌ بابُ: المُساقاةِ والمُزارَةِ

- ‌ بابُ: الإجارَةِ

- ‌ بابُ: المُسابَقةِ

- ‌ بابُ: إحياءِ المواتِ، وتملّكِ المُباحاتِ

- ‌ بابُ: اللُّقَطةِ

- ‌ بابُ: اللَّقيطِ

- ‌ بابُ: الوَقْفِ

- ‌ بابُ: الهِبَةِ

- ‌ بابُ: الوَصيَّةِ

- ‌ بابُ: العِتْقِ

- ‌ بابُ: التَّدبيرِ

- ‌ بابُ: الكتابةِ

- ‌ بابُ: عِتْقِ أُمِّ الوَلدِ

- ‌ بابُ: الوَلاءِ

- ‌ كتابُ الفَرائض

- ‌ بابُ: ميراثِ أهلِ الفَرْضِ

- ‌ بابُ: ميراثِ العَصَبةِ

- ‌ بابُ: ميراثِ الجد والإخوة

- ‌ كتابُ النِّكاحِ

- ‌ بابُ: ما يَحرمُ مِن النِّكاحِ

- ‌ بابُ(1): عيوب النكاح أو ما يثبت به الخيار أو (الخيار في النكاح، والرّدّ بالعيب)

- ‌ بابُ: نكاحِ المُشركِ

- ‌ كتابُ الصَّداقِ

- ‌ بابُ: المُتْعةِ

- ‌ بابُ: الوليمةِ والنَّثرِ

- ‌ بابُ: عِشرةِ النِّساءِ، والقَسْم، والنُّشوزِ

- ‌ بابُ: الخُلْعِ

- ‌ كتابُ الطَّلاقِ

- ‌ بابُ: عددِ الطَّلاقِ، والاستثناء فيهِ

- ‌ بابُ: الشَرْط في الطَّلاقِ

- ‌ بابُ: الشّكّ في الطلاقِ

- ‌ بابُ: الرَّجْعةِ

- ‌ بابُ: الإيلاءِ

- ‌ بابُ: الظِّهار

- ‌ بابُ: اللِّعانِ

- ‌ بابُ: ما يلحقُ من النَّسبِ، وما لا يلحقُ

- ‌ كتابُ الأيمان

- ‌ بابُ: مَنْ يَصحُّ يَمينُهُ، وما تَصِحُّ بهِ اليمينُ

- ‌ بابُ: جامعِ الأيمان

- ‌ بابُ: كفّارةِ اليمينِ

- ‌ كتابُ العِدَد

- ‌ بابُ: الاسْتبراءِ

- ‌ بابُ: الرّضاعِ

- ‌ كتابُ النَّفَقاتِ

- ‌ بابُ: نَفقةِ الزَّوجاتِ

- ‌ بابُ: نفقةِ الأقاربِ، والرَّقيقِ، والبهائمِ

- ‌ بابُ: الحَضانةِ

- ‌ كتابُ الجنايات

- ‌ بابُ: مَنْ يجبُ عليهِ القِصاصُ، ومنْ لا يجبُ

- ‌ بابُ: ما يجبُ بهِ القصاصُ مِنَ الجِناياتِ

- ‌ بابُ: العفْوِ والقِصاص

- ‌ بابُ: منْ يجبُ عليهِ الدِّيةُ من الجنايةِ

- ‌ بابُ: ما يجبُ فيهِ الدِّيةُ من الجناياتِ

- ‌ بابُ: الدِّياتِ

- ‌ بابُ: العاقلةِ، وما تحملُهُ

- ‌ بابُ: كفارة القتل

- ‌ بابُ: قتالِ أهلِ البَغْي

- ‌ بابُ: قتلِ المُرْتَدّ

- ‌ بابُ: قتال المشركين

- ‌ بابُ: قَسْمِ الفيءِ والغَنيمةِ

- ‌ بابُ: عقدِ الذِّمةِ، وضربِ الجزْيةِ

- ‌ بابُ: عقْدِ الهُدْنةِ

- ‌ بابُ: خراج السَّواد

- ‌ كتابُ الحدودِ

- ‌ بابُ: حَدِّ الزِّنا

- ‌ بابُ: حَدِّ القَذْفِ

- ‌ بابُ: قاطعِ الطّريقِ

- ‌ بابُ: حدِّ الخمرِ

- ‌ بابُ: التَّعزيرِ

- ‌ بابُ(1): أدب السّلطان

- ‌ كتابُ الأقضيةِ

- ‌ بابُ: ولايةِ القضاءِ، وأدبِ القاضي

- ‌ بابُ: صفةِ القضاءِ

- ‌ بابُ: القِسمةِ

- ‌ بابُ: الدعوى والبيّناتِ

- ‌ بابُ: اليمينِ في الدّعاوى

- ‌ كتابُ الشهادات

- ‌ بابُ: مَنْ تُقْبلُ شهادتُهُ، ومَن لا تُقْبلُ

- ‌ بابُ: تحمّلِ الشَّهادةِ وإدائِها، والشَّهادةِ على الشَّهادةِ

- ‌ بابُ: الإقرار

الفصل: ‌ باب: حد الزنا

10 -

‌ كتابُ الحدودِ

1 -

‌ بابُ: حَدِّ الزِّنا

قال اللهُ: " ولا تقْربُوا الزِّنَا إنَّهُ كانَ فَاحِشةً وساءَ سَبيلاً ".

وقالَ تعالى: " والَّذينَ هُمْ لِفُرُوجهِمْ حافِظونَ إلاَّ على أزْواجِهِمْ أوْ ما مَلكَتْ أيْمانُهُمْ فإنَّهُمْ غَيْرُ مَلومينَ ".

عن أبي هُريرةَ قالَ: " أتى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من المسلمينَ، وهو في المسجدِ، فناداهُ فقالَ: يا رسولَ اللهِ: إنّي زنيتُ - يريدُ نفسَه -، فأعرضَ عنهُ، فتنَحّى لشقِّ وجهِهِ الذي أعرضَ قبلَهُ، فلما شهدَ على نفسِهِ أربعَ شهاداتٍ، دعاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: أبكَ جنونٌ؟، قالَ: لا، يا رسولَ اللهِ، قالَ: أحصنتَ؟، قالَ: نعَمْ، يا رسولَ اللهِ، قالَ: اذهبوا بهِ فأرجموهُ، قالَ ابنُ شهابٍ: فأخبرني مَنْ سمعَ جابراً: فكنتُ فيمنْ رجَمَهُ، فرجمناهُ بالمُصَلّى، فلما أذْلقْتهُ الحجارةُ جمزَ حتّى أدركناهُ بالحرَّةِ، فرجمناه "

(1)

، أخرجاهُ، ولفظُهُ للبخاريِّ.

وتقدّم حديثُ: " رُفعَ عن أمّتي الخطأ، والنّسيانُ، وما اسْتُكرِهوا عليهِ "

(2)

.

ورَوى الإمامُ أحمدُ عن الشَّعْبيِّ: أنّ علياً قالَ لشراحةَ: لعلّكَ رأيتِ في منامِك، لعلّكِ استُكْرِهتِ، لعلّ زوجَكِ أتاكِ، لعلّكِ لَعلَّكِ، فكلُّ ذلكَ تقولُ: لا، وذكرَ الحديث "

(3)

.

(1)

البخاري (8/ 205) ومسلم (5/ 116).

(2)

تقدم.

(3)

أحمد (6/ 95).

ص: 353

وتقدَّم حديثُ ابنِ عمرَ في رجمِ اليهوديّ والمرأةِ

(4)

اليهوديةِ، فدَلَّ على أنّ الإسلامَ ليسَ شَرْطاً في الإحصان.

فأمَّا الحديثُ الذي رواهُ إسحاقُ بنُ راهوية عن الدَّرَاوَرْدِيّ عن عُبيْدِ الله بنِ عمرَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ مرفوعاً: " مَنْ أشركَ باللهِ، فليسَ بِمحْصنٍ "

(5)

، فإنهُ مُنكرٌ جداً، وإسنادُهُ: على شرطِ مسلمٍ.

ورُويَ من وجهٍ آخرَ عن موسى بنِ عُقبةَ عن نافعٍ، لكنَّ الصحيحَ: أنهُ موقوفٌ على ابنِ عمرَ قولَهُ، كما قرَّرهُ الدارَقُطنيُّ، والبيهقيُّ، وكما رواهُ الجماعة عن نافعٍ، والله أعلم.

ثمَّ بتقديرِ صحّتِهِ فمحمولٌ على الإحصانِ في القذفِ، لا في الزّنا، كما سيأتي هذا كلّهُ، إن سُلِّمَ أنَّ أهلَ الكتابِ يدخلون في مُطْلَقِ اسمِ الشِّركِ، وفيهِ نزاعٌ، واللهُ أعلمُ.

قالَ تعالى: " الزّانيَةُ والزّاني فاجْلِدُوا كلَّ واحِدٍ منْهما مائة جلدة. . الآية ".

عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: قالَ عمرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه وهو جالسٌ على مِنْبرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إنّ اللهَ بعثَ محمداً بالحقِّ، وأنزلَ عليهِ الكتابَ، فكانَ فيما أنزلَ عليهِ آيةُ الرّجْمِ، قرأناها ووعَيْناها، وعقَلْناها، ورجمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ورجَمْنا بعدَهُ، فأخشى إنْ طالَ بالناسِ عهد زمانٍ أن يقولَ قائلٌ: ما أرى آيةَ الرّجْمِ في كتابِ اللهِ، وإنَّ الرجْمَ حقٌّ على مَن زنا إذا أُحصن مِن الرّجالِ والنساءِ، إذا قامتِ البيّنةُ، أو كان الحبلُ، أو الاعترافُ "

(6)

، أخرجاهُ، ولفظهُ لمسلمٍ.

عن أبي هريرةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ رضي الله عنهما، قالا: " جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: أنشدكَ اللهَ إلا قضيتَ بينَنا بكتابِ اللهِ، فقامَ خصمُهُ، وكانَ أفقهَ منهُ فقالَ:

(4)

تقدم.

(5)

البيهقي (8/ 216) من طريقه، ورجح وقفه على ابن عمر.

(6)

البخاري (8/ 209) ومسلم (5/ 116).

ص: 354

صدقَ، اقضِ بينَنا بكتابِ اللهِ، وأذنْ لي يا رسولَ اللهِ، فقالَ: قلْ، قالَ: إنّ ابني كانَ عسيفاً على أهل هذا، فزنا بامرأتِهِ، فافتديتُ منهُ بمائةِ شاةٍ وجاريةٍ، وإني سألتُ رجالاً من أهلِ العلمِ، فأخبروني أنّ على ابني جلدَ مائةٍ وتغريب عامٍ، وإنّ على امرأةِ هذا الرّجمَ، فقالَ: والذي نفسي بيدِهِ، لأقضينَّ بينكما بكتابِ اللهِ، المائةُ والخادمُ ردٌّ عليكَ، وعلى ابنِكَ جَلْدُ مائةٍ، وتغريبُ عامٍ، ويا أُنيس: اغدُ على امرأةِ هذا، فاسألْها، فإنْ اعترفَتْ فارجمْها، فرجَمها "

(7)

، أخرجاهُ، وهذا لفظُ البخاريِّ.

وعنهُ: " أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قضى فيمن زَنا، ولمْ يُحصنْ بنفي عامٍ، بإقامةِ الحدِّ عليهِ "

(8)

، رواهُ البخاريُّ.

قالَ تعالى: " فإذا أُحْصِنَّ فإنْ أتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فعلَيْهنَّ نِصْفُ مَا عَلى المُحصَناتِ مِنَ العذابِ ".

عن أبي هريرةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الأمةِ إذا زنتْ، ولمْ تُحصَنْ، قالَ:" إنْ زنَتْ فاجْلِدوها، ثم إنْ زنَتْ فاجْلِدوها، ثم إنْ زنتْ فاجْلدوها، ثمَّ بيعوها، ولو بضَفيرٍ "

(9)

، أخرجاهُ.

وعن الحسنِ بنِ سَعْدٍ عن أبيهِ: " أنَّ يحنسَ وصفيّةَ كانا من الخمسِ، فزنتْ صفيةُ برجلٍ من الخمسِ، فولدتْ غلاماً ادّعاهُ الزّاني ويحنسُ، فاختصَما إلى عثمانَ بنِ عفّانَ، فرفعها إلى عليّ بنِ أبي طالبٍ، فقالَ عليٌّ: أقضي فيها بقضاءِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الولدُ للفراشِ، وللعاهرِ الحجرُ "، وجلَدهُما خمسين خمسين "

(10)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ.

قالَ الشافعيُّ: أخبرَنا مالكٌ عن نافعٍ: " أنَّ عبداً استكرهَ جاريةً من رَقيقِ الخمسِ، فجلدَهُ عمرُ ونفاهُ "

(11)

، وهذا: منقطعٌ: جيّدٌ، وهو أحدُ القولين: أنَّ العبدَ يُغَرَّبُ.

(7)

البخاري (8/ 208) ومسلم (5/ 121).

(8)

البخاري (8/ 212).

(9)

البخاري (8/ 213) ومسلم (5/ 124).

(10)

أحمد (16/ 105).

(11)

الشافعي (7/ 233) الأم مع المسند.

ص: 355

وعن عليٍّ: " لا نفْيَ عليهِ "

(12)

، وهو قولُ الفقهاءِ بالمدينةِ، وأحدُ القولين، واللهُ أعلمُ.

عن ابنِ عبّاسٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" منْ وجدْتموهُ يعملُ عملَ قومِ لوطٍ، فاقتلوا الفاعلَ والمفعولَ بهِ "

(13)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، والترمذيُّ، وابنُ ماجة، من حديثِ الدَّراوَرْديِّ عن عَمْرو

(14)

بن أبي بكر بنِ عَمْرو عن عِكْرمةَ عنهُ، وعمْرو، هذا، أخرجَ لهُ الأئمةُ الستّةُ في كُتُبهمْ، وتكلّمَ فيهِ ابن مَعينٍ وغيرُهُ لأجلِ هذا الحديثِ وغيرهِ، لكنْ روى أبو داودَ من حديث سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ ومُجاهدٍ عن ابنِ عبّاسٍ:" في البكرِ يوجدُ على اللوطيةِ، قالَ: يُرْجمُ "

(15)

.

ورواهُ البيهقيُّ من وجهٍ آخرَ، وحكاهُ الشافعيُّ عنهُ.

ورواهُ عن عليٍّ أيضاً: " أنهُ رجمَ لوطيّاً، ثم قالَ: وبهذا نأخذُ، يُرْجمُ اللوطيُّ مُحْصناً كانَ أو غيرَ مُحْصَنٍ، قالَ: وسعيدُ بنُ المسَيَّبِ يقولُ: " السنّةُ أن يُرجَمَ اللوطيُّ أُحصِنَ أوْ لمْ يُحصَنْ "، وعِكْرمةُ يرويهِ عن ابنِ عبّاسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ورَوى البيهقيُّ من حديثِ محمد بنِ المُنْكدِرِ، وصَفْوانَ بنِ سُلَيْمٍ:" أنَّ خالدَ بنَ الوليدِ كتبَ إلى أبي بكرٍ في رجلٍ من العربِ يُنكَحُ كما تُنكَحُ المرأةُ، فجمعَ أبو بكر الناسَ، فاجتمعَ رأيُ أصحابِ محمد صلى الله عليه وسلم على أن يحرقَهُ بالنّارِ، فكتبَ إلى خالدٍ بذلكَ "

(16)

، وهذا: منقطعٌ.

(12)

عبد الرزاق (7/ 312) المصنف، ومحمد في كتاب الآثار (107) طبعة أنوار محمدي لكناؤ، والبيهقي (8/ 243)، كذا عن الفقهاء بالمدينة عنده.

(13)

أحمد (16/ 102) وأبو داود (2/ 468) والترمذي (3/ 8) وابن ماجة (2561).

(14)

هكذا بالأصل، والمعروف أنه: عمرو بن أبي عمرو: ميسرة مولى المطلب بن حنطب، أبو عثمان المخزومي المدني كما في التهذيب (8/ 82) وكذا عند البيهقي (8/ 232)، وأبي داود (2/ 468).

(15)

أبو داود (2/ 468) والبيهقي (8/ 232) عن ابن عباس وعليّ.

(16)

البيهقي (8/ 232)، وكذا من طريق جعفر بن محمد عن عليّ نحوه.

ص: 356

وقال البيهقيُّ: رُويَ من أوجهٍ أُخرَ، عن جعفرِ بنِ محمدٍ عن أبيهِ عن جدّهِ عن عليٍّ، في اللوطيِّ يُرْجَمُ ويُحرقُ بالنّارِ "، واللهُ أعلمُ.

فهذا عُمْدةُ القولِ برجمِ اللائطِ مُطلقاً سواءٌ كانَ مُحْصناً أو غيرَهُ، كما نصَّ عليه الإمامُ الشافعيُّ، وعنهُ قولٌ: أنهُ كالزّاني، سواء، لعمومِ الآية:" الزّانيةُ والزّاني فاجْلدُوا كُلَّ واحِدٍ منْهما مائةَ جَلْدةٍ "، وحديث عُبادةَ:" والبكرُ: جلدُ مائةٍ، وتغريبُ عامٍ ".

وما رواهُ البيهقيُّ من حديثِ اليَمانِ بنِ المُغيرةِ عن عطاءِ بنِ أبي رَباحٍ، قالَ:" شهدتُ ابنَ الزُّبيرِ أُتيَ بسبعةٍ أُخِذوا في لِواطةٍ، أربعةٍ منهم قدْ أَحصنوا النساءَ، وثلاثةٍ لم يُحصنوا، فأمرَ بالأربعةِ فأُخرجُوا من المسجدِ فرُضِخوا بالحجارةِ، وأمرَ بالثلاثةِ فضُربوا الحدودَ، وابنُ عمرَ، وابنُ عبّاسٍ في المسجدِ "

(17)

.

وهذا قولُ عطاءٍ، والحسنِ، وإبراهيمَ النّخعي، قالَ البيهقيُّ: وإليهِ يرجعُ الشافعيُّ فيما زعمَ البيهقيُّ

(18)

، واللهُ أعلمُ.

عن ابنِ عبّاسٍ، أيضاً بالسّندِ المتقدمِ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" من أتى بهيمةً، فاقْتلوهُ، واقتلوها معَهُ "

(19)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأهلُ السُّننِ.

وقدْ رَوى الترمذيُّ، والنَّسائيُّ من حديثِ أبي رَزينٍ عن ابنِ عبّاسٍ: أنهُ قالَ: " مَنْ أتى بهيمةً، فلا شيءَ عليهِ "

(20)

، قالَ الترمذيُّ: وهذا أصحُّ من حديثِ عَمْرِو بنِ أبي عمْرو، وكذا قالَ ابنُ داسةَ عن أبي داود.

وأمّا البيهقيُّ: فرجّحَ روايةَ عمْرٍو على هذهِ، وقالَ: هو أحفظ

(21)

، وقد تابعهُ غيرُهُ

(17)

البيهقي (8/ 233).

(18)

هكذا بالأصل، وهو غير متجه، والذي في الكبرى للبيهقي (8/ 233): وإلى هذا رجع الشافعي فيما زعم الربيع بن سليمان هكذا، ولعله أصح.

(19)

أحمد (16/ 103) وأبو داود (2/ 468) والترمذي (3/ 8) والنسائي في الكبرى كما في التحفة 5/ 158 وابن ماجة (2564).

(20)

الترمذي (3/ 8) والنسائي في الكبرى كما في التحفة 5/ 158، والبيهقي (8/ 234).

(21)

كذا قال، وعبارة البيهقي (8/ 234) ليست نصاً في ذلك، بل قال: وعمرو بن أبي عمرو =

ص: 357

عن عِكْرمةَ على ذلكَ.

قلتُ: تابعَهُ عبّادُ بنُ العَوام

(22)

، وداودُ بنُ الحُصيْنِ عن عِكرمةَ عن ابنِ عباسٍ موقوفاً بنحوهِ.

قالَ الحسنُ بنُ عَرَفَةَ العَبديُّ في جزئِهِ المشهورِ: حدَّثني عليُّ بنُ ثابتٍ الجَزريُّ عن مَسْلمةَ بنِ جعفرٍ عن حسّان بنِ حُميْد عن أنسِ بنِ مالكٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" سبعةُ لا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامةِ، ولا يُزكّيهم، ولا يجمعُهُم معَ العالمين، ويُدخلُهم النّارَ أوّلَ الدّاخلين، إلا أن يَتوبوا، فمن تابَ، تابَ اللهُ عليهِ: الناكحُ يَدهُ، والفاعلُ والمفعولُ بهِ، ومُدمِنُ الخمرِ، والضاربُ والدَيهِ حتّى يَستغيثا، والمؤذي جيرانَهُ حتّى يَلعنوهُ، والناكحُ حليلةَ جارِهِ "

(23)

، هذا: حديثٌ غريبٌ، وإسنادُهُ: لا تثبتُ بمثلِهِ حجّةٌ، لجهالةِ حسّان بنِ حُميدٍ، وهذا، وقد ضعَّفَ أبو الفتحِ الأزديُّ مَسْلمةَ بنَ جعفرٍ، وعليَّ بنَ ثابتٍ الجَزريَّ من أجلِذا الحديثِ.

قلتُ: لكنّ عليَّ بنَ ثابتٍ وثّقهُ الإمامُ أحمدُ، وابنُ معينٍ، فيُؤخذُ منهُ لعْنُ من استمنى بيدِهِ، واللهُ أعلمُ.

عن محمدِ بنِ عبد الرحمن عن خالدٍ الحذّاءِ عن ابنِ سيرين عن أبي موسى الأشعري، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إذا أتى الرّجلُ الرّجلَ، فهما زانيان، وإذا أتت المرأةُ المرأةَ، فهما زانيتان "

(24)

، رواهُ البيهقيُّ، وقالَ: محمدُ بنُ عبدِ الرحمن، هذا، لا أعرفهُ، وهو: منكرٌ بهذا الإسنادِ.

قلتُ: يُستأنَسُ بهِ في تعزيرِ المرأةِ إذا أتت امرأةً مثلها.

= لا أراه يقصر عن عاصم بن بهدلة وقد تابعه.

(22)

كذا بالأصل، والذي في البيهقي (8/ 233): عباد بن منصور، وكذا عند غيره.

(23)

الحسن بن عرفة، ذكره ابن كثير في تفسيره أن ابن عرفة أخرجه في جزئه المشهور، وقال: غريب (3/ 239).

(24)

البيهقي (8/ 233).

ص: 358

عن قتادةَ عن حَبيبِ بنِ سالمٍ، قالَ:" رُفِعَ إلى النُّعمان بنِ بَشيرٍ رجلٌ وقعَ على جاريةِ امرأتِهِ، فقالَ: " لأقضينَّ فيها بقضاءِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إن كانتْ أحلّتها لهُ لأجلدنّهُ مائةً، وإنْ لمْ تكنْ أحلَّتها لهُ رجَمْتُهُ "

(25)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأهلُ السّننِ، وصحَّحهُ أبو حاتِم الرّازيُّ، وتكلَّمَ فيهِ الترمذيُّ، وغيرُهُ.

فيؤخذُ منهُ: أنّ من وطئَ جاريةً مشتركةً بينهُ وبينَ غيرِهِ أنهُ يُعزَّرُ لشبهةِ الملكِ كما هنا، لما أذِنتْ لهُ صارَ إذنُها شُبْهةً في دَرْءِ الحدِّ عنهُ، وصيرَ فيهِ إلى التعزيرِ، لكنهُ عندَ من وقَّتهُ بالمائةِ على مقتضى هذا الحديثِ، كالإمامِ أحمدَ، ومن تبعَهُ نوعٌ من التأديبِ، واللهُ أعلمُ.

وقد رَوى البيهقيُّ عن عمرَ، مثلَ هذا الحديثِ سواء، ثمّ قالَ: لعلّهُ ادّعى جهالةً فعزَّرَهُ.

وقالَ محمدُ بنُ إسحاقَ عن يحيى بنِ عبد الرّحمنِ بنِ حاطبٍ عن أبيهِ، قالَ:" كانَ حاطبٌ قد أعتقَ حينَ ماتَ من رَقيقِه من صامَ منهم وصلّى، وقد كانتْ لهُ جاريةٌ حبشيةٌ قد صامتْ وصلّتْ ولم تفقهْ وتَزوّجتْ، فلم يُرْعَ بها في زمانِ عمرَ بنِ الخطابِ إلا وهي حُبلى من زِنا، فأتيتُ عمرَ، وجئتُ بها، فسألها: أزنيتِ؟، قالتْ: نعمْ من مَرغوشٍ بدرهمين، فقالَ عمرُ: ماذا ترونَ في هذهِ، فقالَ عليٌّ وعبدُالرحمن بنُ عَوفٍ: أقضاءً غيرَ قضاءِ الله، تبغي، وعثمان جالسٌ مقنعاً قابعاً، فقالَ: مالكَ يا عثمانُ لا تتكلمُ؟، قالَ: أشار عليكَ أخواكَ، فقالَ: وأنتَ فأشِرْ، فقالَ: أُراها تستهلُّ بهِ كأنّها لا تعرفهُ، ولا أرى الحدَّ إلى على من عرفَهُ، فقالَ عمرُ: صدقتَ يا عثمانُ، وضربها الحدَّ الأدنى، ونفى عنها الرّجم "

(26)

، وهذا: إسنادٌ جيّدٌ، ودليلٌ على أنّ من زَنا بامرأةٍ وادّعى أنهُ جهلَ تحريمَ الزّنا لعذرٍ، قُبِلَ منهُ.

(25)

أحمد (16/ 100) وأبو دواد (2/ 467) والترمذي (3/ 6) والنسائي (6/ 124) وابن ماجة (2551) والبيهقي (8/ 241).

(26)

البيهقي عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى (8/ 238).

ص: 359

كما رَوى عبد الوهابِ بنُ عبدِ الرّحيم الجويريُّ

(27)

في فوائدِهِ: فقالَ: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُييْنةَ، قالَ: سمعَ عَمْرو - يعني - ابنَ دينارٍ: سعيدَ بنَ المسيَّبِ يقولُ: " ذكرَ الزّنا بالشامِ، فقالَ رجلٌ: قد زنيتُ البارحةَ، فقالوا: ما تقولُ؟ فقالَ: أو حرَّمهُ اللهُ، ما علمتُ أنّ الله حرَّمهُ، فكُتِبَ إلى عمرَ، فكتَبَ: إنْ كانَ علمَ أنَّ اللهَ حرَّمهُ، فحدّوهُ، وإنْ لمْ يكنْ علمَهُ فعلّموهُ، فإنْ عادَ فحدّوهُ "، وهذا: إسنادٌ صحيحٌ إليهِ.

عن عائشةَ: أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قالَ:" ادْرأُوا الحدودَ عن المسلمين ما استطعتمْ، فإنْ كانَ لهُ مخرجٌ فخَلّوا سبيلَهُ، فإنّ الإمامَ أنْ يُخطئَ في العفوِ، خيرٌ من أنْ يُخطئَ في العقوبةِ "

(28)

، رواهُ الترمذيُّ من حديثِ يزيدَ بنِ زيادٍ الدِّمَشْقي عن الزُّهريِّ عن عُرْوةَ عنها، قالَ: ويزيدُ، هذا: ضعيفٌ، وقد رُويَ موقوفاً، وهو أصحُّ.

ورُويَ نحوهُ عن غيرِ واحدٍ من الصّحابةِ: أنهم قالوا، مثلَ ذلكَ.

قلتُ: ورواهُ ابنُ ماجةَ عن أبي هريرةَ مرفوعاً: " ادْفعوا الحدودَ ما وجدتمْ لهُ مَدْفعاً "

(29)

.

فيُؤخذُ منهُ: أن من وجدَ امرأةً في فراشِهِ فظنّها زوجتَهُ أو أمتَهُ، فوطِئِها، أنهُ لا يُحَدُّ.

تقدّمَ النّهيُ عن وَطءِ المرأةِ في الدُّبُرِ، وحالِ الحيضِ، فأمّا كفّارةُ وَطْءِ الحائضِ على القولِ القديمِ: فعن ابنِ عباسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: " في الذي يأتي امرأتَهُ وهي حائضٌ، يتصدّقُ بدينارٍ، أو نصفَ دينارٍ "

(30)

، كذا رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأهلُ السُّننِ، قالَ أبو داودَ: هكذا الرّوايةُ الصحيحةُ.

(27)

غير معجمة بالأصل، والاعتماد على تلخيص الحبير (4/ 61).

(28)

الترمذي (2/ 438)، والبيهقي (8/ 238) ورجح وقفه.

(29)

ابن ماجة (2545) وفيه إبراهيم بن الفضل، ضعفوه.

(30)

الإمام أحمد (2/ 156) وأبو داود (1/ 60) والترمذي (1/ 91) والنسائي (1/ 153) وابن ماجة (640).

ص: 360

وفي لفظٍ للترمذيِّ: " إذا كانَ دماً أحمرَ، فدينارٌ، وإن كان دماً أصفرَ، فنصفُ دينارٍ "

(31)

.

ولأحمدَ أيضاً: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جعلَ في الحائضِ تُصابُ ديناراً، فإنْ أصابها وقد أدبرَ الدمُ عنها، ولم تغتسلْ، فنصفُ دينارٍ "

(32)

، كلُّ ذلكَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

عن أبي هريرةَ، قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: " إذا زنتْ أمةُ أحدِكمْ فتبيّن زِناها، فلْيجلدْها الحدَّ ولا يُثربْ عليها، ثمَّ إنْ زنتْ فليجلدْها الحدَّ ولا يُثربْ عليها، ثمَّ إن زنتْ فتبيّنَ زناها، فلْيبعْها، ولو بحبلٍ من شعرٍ "

(33)

، أخرجاهُ.

وهذا عامٌّ في ثبوتهِ بالإقرارِ، أو البيّنةِ، سواءٌ كانَ المولى رجلاً أو امرأةً، عَدْلاً، أو فاسقاً، حُرّاً، أو مُكاتباً.

ويَعضدُهُ حديثُ عليّ رضي الله عنه رفعَهُ: " أقيموا الحدودَ على ما مَلَكَتْ أيمانُكم "

(34)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأبو دوادَ، فناطَ إقامةَ الحدِّ بمُلْكِ اليمينِ، واللهُ أعلمُ.

عن حكيم بنِ حِزامٍ، قالَ:" نهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُسْتفاد في المساجدِ، وأنْ تُنشدَ فيها الأشعارُ، أو تُقامَ فيها الحدودُ "

(35)

، رواهُ أبو دوادَ، والبيهقيُّ، بإسنادٍ لا بأسَ بهِ.

وعن ابنِ عباسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا تُقامُ الحدودُ في المساجدِ، ولا يُقادُ بالولد الوالدُ "

(36)

، رواهُ الترمذيُّ، وقالَ: لا نعرفُهُ إلا من حديثِ إسماعيلَ بنِ مُسلمٍ المكّيِّ، وقد تكلّموا فيهِ.

(31)

الترمذي (1/ 91).

(32)

أحمد (المتن 1/ 230).

(33)

البخاري (8/ 213) ومسلم (5/ 214).

(34)

أحمد (16/ 106) وأبو داود (2/ 471)، قلت: والترمذي (2/ 428) ومسلم (5/ 125).

(35)

أبو داود (2/ 476) والبيهقي (10/ 103).

(36)

الترمذي (2/ 428) وابن ماجة (2599) و (2600)، والبيهقي (10/ 103).

ص: 361

ورواهُ ابنُ ماجة من حديثِ واثِلةَ بنِ الأسْقعِ، وعبدِ الله بنِ عمرَ، وفي إسنادِ كلٍّ منهما: ضعفٌ.

ورَواهُ الحافظُ أبو أحمدَ العسّالُ من حديثِ إسْرائيلَ عن سُهَيْلٍ عن أبيهِ عن أبي هريرةَ مرفوعاً بنحوِهِ.

وقدْ جمعتُ ذلكَ مبسوطاً في جزءٍ مُفردٍ، واللهُ أعلمُ.

عن عليٍّ رضي الله عنه: " أنَّ أمةً لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم زنتْ، فأمرَني أنْ أجلدَها، فإذا هي حديثُ عهْدٍ بنفاسٍ، فخشيتُ إنْ أنا جلدْتُها أن أقتلَها، فذكرتُ ذلكَ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: أحسنتَ، اتركْها حتّى تماثلَ "

(37)

، رواهُ مسلمٌ.

ففيهِ دليلٌ على: أنّ المرأةَ لا تُجلدُ إذ كانتْ حاملاً حتّى تضعَ، وتبرأ من ألمِ الولادةِ.

قالَ الشافعيُّ: أخبرَنا مالكٌ عن زيدِ بنِ أسلمَ: " أنّ رجلاً اعترفَ على نفسِهِ بالزّنا على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فدعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بسوطٍ، فأُتي بسوطٍ مكسورٍ، فقالَ: فوقَ هذا، فأُتي بسوطٍ جديدٍ لمْ تُقطَعْ ثمرتُهُ، فقالَ: بينَ هذينِ، فأُتيَ بسوطٍ قد لانَ وركبهُ، فأمرَ بهِ فجُلدَ "

(38)

، وهذا: مُرْسَلٌ.

قالَ الثَّوريُّ عن جويبرٍ عن الضحَّاك عن ابنِ مسعودٍ: أنهُ قالَ: " لا يحلُّ في هذهِ الأمةِ تجريدٌ، ولا مَدٌّ، ولا غلٌّ، ولا صفدٌ "

(39)

، هذا: منقطعٌ - وجويبر: هو ابنُ سعيد: ضعيفٌ، إلا أنه يَقوى برواية الثّوري في جامعِهِ عنهُ.

عن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" إذا ضربَ أحدُكمْ، فلْيجتنب الوجهَ "

(40)

، رواهُ مسلمٌ.

(37)

مسلم (5/ 125).

(38)

الشافعي (6/ 145 الأم).

(39)

البيهقي (8/ 326) من طريق الثوري في جامعه.

(40)

مسلم (8/ 31).

ص: 362

وقالَ عليٌّ للجالدِ: " اضربْ، واعطِ كلَّ عضوٍ حقَّهُ، واتّقِ وجهَهُ، ومذاكيرَهُ "

(41)

.

وعنهُ: أنُ كانَ يقولُ: " يُضربُ الرّجلُ قائماً، والمرأةُ قاعدةً "

(42)

، رواهما سعيد. قالَ محمدُ بنُ إسحاقَ عن يعقوبَ بنِ عبدِ الله الأشجِّ عن أبي أُمامةَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ عن سعيدِ بنِ سعدِ بنِ عُبادةَ، قالَ:" كانَ بينَ أبياتنا رُوَيْجلٌ ضعيفٌ مُخْدَجٌ، فلم يُرعِ الحيُّ إلا وهو على أمةٍ من إمائهم يُخبِّثُ بها، قالَ: فذكرَ ذلكَ سعدٌ بنُ عُبادةَ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكانَ ذلكَ الرّجلُ مسلماً، فقالَ: اضربوهُ حدَّهُ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنهُ أضعفُ ممّا تحسب، لو ضربناهُ مائةً قتلناهُ، فقالَ: خُذوا لهُ عِثكالاً فيهِ مائةُ شِمْراخٍ، ثمَّ اضربوهُ بهِ ضربةً واحدةً، قالَ: ففعلوا هكذا "

(43)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وابنُ ماجة.

ورواهُ أبو داودَ من حديثِ أبي أُمامةَ عن بعضِ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الأنصارِ.

والنّسائيُّ عن أبي أُمامةَ عن أبيهِ.

والطَّبرانيُّ عن أبي أُمامةَ عن أبي سعيدٍ: فذكرَهُ.

ورواهُ الشافعيُّ عن أبي أُمامةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

والظاهرُ: أنّ هذا الاضطرابَ لا يضرُّهُ، واللهُ أعلمُ.

قالَ الشَّعْبيُّ عن عليٍّ: أنهُ قالَ في قصةِ شراحةَ: لو كان شهدَ على هذهِ أحدٌ، لكانَ أوّلَ من يرمي الشاهدُ يشهدُ، ثم يُتبعُ شهادتَهُ حجرَه، ولكنها أقرّتْ، فأنا أوّلُ من رَماها، فرَماها بحجرٍ، ثمَّ روى الناسُ، وأنا فيهم، قال: فكنتُ واللهِ فيمن رجَمَها "

(44)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ.

(41)

رواه البيهقي (8/ 327) من طريق سعيد بن منصور.

(42)

رواه البيهقي (8/ 327) من طريق سعيد بن منصور.

(43)

أحمد (16/ 99) وابن ماجة (2574) وأبو داود (2/ 470) والنسائي في الكبرى كما في التحفة 4/ 15 والشافعي (6/ 136).

(44)

أحمد (16/ 95).

ص: 363

وفيهِ دلالةٌ على سماعِ الشَّعبي من عليٍّ، إلا أنهُ من روايةِ مُجالدٍ عنهُ، واللهُ أعلمُ.

تقدّمَ حديثُ شَدادٍ بنِ أوْسٍ: " إذا قتلتمْ فأحسِنوا القِتْلةَ "

(45)

، فيُؤخذُ منهُ: أنهُ لا رجمَ في حرٍّ شديدٍ، ولا بردٍ شديدٍ حتّى يزولَ إذا كانَ ثبوتُهُ بالإقرارِ، وهو المنصوصُ عليهِ، واللهُ أعلمُ.

عن عبدِ اللهِ بنِ بُرَيْدةَ عن أبيهِ، قالَ:" جاءتِ الغامديةُ، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، قد زنيتُ فطهّرني، وإنهُ رُدَّها، فلما كانَ الغدُ، قالتْ: لمَ تردّني؟، لعلّكَ أن تردَّني كما رددتَ ماعِزاً، فواللهِ إني لحُبْلى، قالَ: إما لا، فاذهبي حتّى تلدي، فلما ولدتْ، أتتْ بالصّبيِّ في خرْقةٍ، قالتْ: هذا قد ولدتُهُ، قالَ: اذهبي فأرضعيهِ حتّى تفطميهِ، فلما فطَمتْهُ أتتهُ بالصبيِّ في يدهِ كسرةُ خبزٍ، قالتْ: يا نبيَّ اللهِ، قد فطمتُهُ، وقد أكلَ الطعامَ، فدفعَ الصبيَّ إلى رجلٍ من المسلمين، ثم أمرَ بها فحفرَ لها إلى صدرِها، وأمرَ الناسَ فرَجموها - الحديث "

(46)

، رواهُ مسلمٌ.

وبمقتضاهُ قالَ الأصحابُ هنا: إنها لا تُرجمُ حتّى تَفطِمَ الصّغيرَ، وفرَّقوا بينَ هذا وحالةِ القِصاص باحتمالِ رجوعِها في

(47)

مدّةِ الرّضاعِ، لأنَّ الحدودَ مبنيّةٌ على المسامحةِ بخلافِ ذلكَ فإنهُ حقُّ الآدميِّ، واللهُ أعلمُ.

وظاهرُ كلامِ المصنّفِ يقتضي أن تُرجَمَ إذا استغنى الولدُ بكبرٍ عنها، وإن لمْ تفطمْهُ.

وقد يُحتجُّ لهُ بالرّوايةِ الأخرى لمسلمٍ من حديثِ سليمانَ بنِ بُرَيْدَةَ عن أبيهِ: " أنها لما وضعتْ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا نرجمُها وندعُ ولدَها صغيراً ليسَ لهُ من يرضعُهُ، فقامَ رجلٌ من الأنصارِ، فقالَ: إليَّ رضاعهُ، يا نبيَّ اللهِ، قالَ: فرجمها "

(48)

، وفي الحديثِ: أنهُ حفرَ لها ن معَ أنهُ كانَ إقراراً، وقد قالَ المصنّفُ: وإن ثبتَ بالإقرارِ،

(45)

تقدم.

(46)

مسلم (5/ 120).

(47)

هنا بالأصل: فراغ قدر كلمة، ولعل محلها كلمة:" أثناء "، أو ما شابهها.

(48)

مسلم (5/ 119).

ص: 364

يُحفر، وقد خالفَهُ الشيخُ أبو الطيّبِ الطَّبريُّ، حيثُ قالَ: السنّةُ تَقضي: أنهُ بالخيارِ، سواءٌ ثبتَ بالبيّنةِ أو بالإقرارِ، لأنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حفرَ للغامديةِ إلى الثَّنْدُوةِ، ولمْ يحفرْ للجُهنيةِ، وكانَ الزّنا ثبتَ عليهما بإقرارِهما، وإنما حفرَ للمرأةِ دونَ الرّجلِ، لأنهُ أسترُ لها، نقلَهُ عنهُ الإمامُ أبو نضر بنُ الصبَّاغ في شاملِهِ، وهو كلامٌ جيّدٌ.

وقد صحَّ: أنهُ عليه السلام: أمرَ برجمِ ماعزٍ، ولمْ يُحفرْ لهُ شيءٌ، قصتهُ تنفي ذلك، وترُدُّ ما رُويَ: أنهُ حُفِر لهُ، واللهُ أعلمُ.

قالَ أبو هريرةَ في قصّةِ ماعزٍ: " فأخرج إلى الحرّةِ، فرُجمَ بالحجارةِ، فلما وجدَ مَسَّ الحجارةِ فرَّ يشتدُّ حتّى مرَّ برجلٍ معهُ لحيُ جملٍ، فضربَهُ بهِ، وضربَهُ الناسُ، حتّى ماتَ " فذَكرَ ذلكَ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: هلاّ تركتموهُ "

(49)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وابنُ ماجة، والترمذيُّ، وقال: حسَنٌ.

ولابنِ أبي شَيْبةَ من حديثِ يَزيدَ بنِ معنِ

(50)

بنِ هَزّالٍ عن أبيهِ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" هلاّ تركتموهُ، لعلّهُ يتوبُ، فيتوبُ اللهُ عليهِ "

(51)

.

فيُؤخذُ منهُ: أنهُ إذا هربَ لم يُتبعْ، واللهُ أعلمُ.

(49)

أحمد (16/ 86) وابن ماجة (2554) والترمذي (2/ 440) والبيهقي (8/ 228).

(50)

هكذا بالأصل أو كأنه، وعند البيهقي (8/ 228) يزيد بن نعيم بن هزال ولعله أصح.

(51)

ابن أبي شيبة (10/ 71)، والبيهقي (8/ 228) مع زيادة في متنه.

ص: 365