المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب النكاح - إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيوع

- ‌ بابُ: ما يَتمُّ بهِ البيعُ

- ‌ بابُ: ما يجوزُ بيعُهُ، وما لا يجوز

- ‌ بابُ: الرِّبا

- ‌ بابُ: بيعِ الأصولِ والثّمارِ

- ‌ بابُ: بيعِ المُصَرّاةِ، والرّدِّ بالعَيبِ

- ‌ بابُ: اختلافِ المُتبايعين

- ‌ بابُ: السَّلَمِ

- ‌ بابُ: القَرْضِ

- ‌ بابُ: الرَّهْن

- ‌ بابُ: التَّفْليسِ

- ‌ بابُ: الحَجْرِ

- ‌ بابُ: الصُّلْحِ

- ‌ بابُ: الحِوالةِ

- ‌ بابُ: الضَّمان

- ‌ بابُ: الشّرِكَةِ

- ‌ بابُ: الوكالةِ

- ‌ بابُ: الوَديعةِ

- ‌ بابُ: العاريَةِ

- ‌ بابُ: الغَصْبِ

- ‌ بابُ: الشُّفْعةِ

- ‌ بابُ: القِراض

- ‌ بابُ: العَبْدِ المَأذون

- ‌ بابُ: المُساقاةِ والمُزارَةِ

- ‌ بابُ: الإجارَةِ

- ‌ بابُ: المُسابَقةِ

- ‌ بابُ: إحياءِ المواتِ، وتملّكِ المُباحاتِ

- ‌ بابُ: اللُّقَطةِ

- ‌ بابُ: اللَّقيطِ

- ‌ بابُ: الوَقْفِ

- ‌ بابُ: الهِبَةِ

- ‌ بابُ: الوَصيَّةِ

- ‌ بابُ: العِتْقِ

- ‌ بابُ: التَّدبيرِ

- ‌ بابُ: الكتابةِ

- ‌ بابُ: عِتْقِ أُمِّ الوَلدِ

- ‌ بابُ: الوَلاءِ

- ‌ كتابُ الفَرائض

- ‌ بابُ: ميراثِ أهلِ الفَرْضِ

- ‌ بابُ: ميراثِ العَصَبةِ

- ‌ بابُ: ميراثِ الجد والإخوة

- ‌ كتابُ النِّكاحِ

- ‌ بابُ: ما يَحرمُ مِن النِّكاحِ

- ‌ بابُ(1): عيوب النكاح أو ما يثبت به الخيار أو (الخيار في النكاح، والرّدّ بالعيب)

- ‌ بابُ: نكاحِ المُشركِ

- ‌ كتابُ الصَّداقِ

- ‌ بابُ: المُتْعةِ

- ‌ بابُ: الوليمةِ والنَّثرِ

- ‌ بابُ: عِشرةِ النِّساءِ، والقَسْم، والنُّشوزِ

- ‌ بابُ: الخُلْعِ

- ‌ كتابُ الطَّلاقِ

- ‌ بابُ: عددِ الطَّلاقِ، والاستثناء فيهِ

- ‌ بابُ: الشَرْط في الطَّلاقِ

- ‌ بابُ: الشّكّ في الطلاقِ

- ‌ بابُ: الرَّجْعةِ

- ‌ بابُ: الإيلاءِ

- ‌ بابُ: الظِّهار

- ‌ بابُ: اللِّعانِ

- ‌ بابُ: ما يلحقُ من النَّسبِ، وما لا يلحقُ

- ‌ كتابُ الأيمان

- ‌ بابُ: مَنْ يَصحُّ يَمينُهُ، وما تَصِحُّ بهِ اليمينُ

- ‌ بابُ: جامعِ الأيمان

- ‌ بابُ: كفّارةِ اليمينِ

- ‌ كتابُ العِدَد

- ‌ بابُ: الاسْتبراءِ

- ‌ بابُ: الرّضاعِ

- ‌ كتابُ النَّفَقاتِ

- ‌ بابُ: نَفقةِ الزَّوجاتِ

- ‌ بابُ: نفقةِ الأقاربِ، والرَّقيقِ، والبهائمِ

- ‌ بابُ: الحَضانةِ

- ‌ كتابُ الجنايات

- ‌ بابُ: مَنْ يجبُ عليهِ القِصاصُ، ومنْ لا يجبُ

- ‌ بابُ: ما يجبُ بهِ القصاصُ مِنَ الجِناياتِ

- ‌ بابُ: العفْوِ والقِصاص

- ‌ بابُ: منْ يجبُ عليهِ الدِّيةُ من الجنايةِ

- ‌ بابُ: ما يجبُ فيهِ الدِّيةُ من الجناياتِ

- ‌ بابُ: الدِّياتِ

- ‌ بابُ: العاقلةِ، وما تحملُهُ

- ‌ بابُ: كفارة القتل

- ‌ بابُ: قتالِ أهلِ البَغْي

- ‌ بابُ: قتلِ المُرْتَدّ

- ‌ بابُ: قتال المشركين

- ‌ بابُ: قَسْمِ الفيءِ والغَنيمةِ

- ‌ بابُ: عقدِ الذِّمةِ، وضربِ الجزْيةِ

- ‌ بابُ: عقْدِ الهُدْنةِ

- ‌ بابُ: خراج السَّواد

- ‌ كتابُ الحدودِ

- ‌ بابُ: حَدِّ الزِّنا

- ‌ بابُ: حَدِّ القَذْفِ

- ‌ بابُ: قاطعِ الطّريقِ

- ‌ بابُ: حدِّ الخمرِ

- ‌ بابُ: التَّعزيرِ

- ‌ بابُ(1): أدب السّلطان

- ‌ كتابُ الأقضيةِ

- ‌ بابُ: ولايةِ القضاءِ، وأدبِ القاضي

- ‌ بابُ: صفةِ القضاءِ

- ‌ بابُ: القِسمةِ

- ‌ بابُ: الدعوى والبيّناتِ

- ‌ بابُ: اليمينِ في الدّعاوى

- ‌ كتابُ الشهادات

- ‌ بابُ: مَنْ تُقْبلُ شهادتُهُ، ومَن لا تُقْبلُ

- ‌ بابُ: تحمّلِ الشَّهادةِ وإدائِها، والشَّهادةِ على الشَّهادةِ

- ‌ بابُ: الإقرار

الفصل: ‌ كتاب النكاح

3 -

‌ كتابُ النِّكاحِ

عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، قالَ: قالَ عليه السلام: " يا معشرَ الشّبابِ، مَن استطاعَ منكمُ الباءَة فلْيتزوجْ، فإنهُ أغضُّ للبَصرِ، وأحْصنُ للفرجِ، ومنْ لمْ يَستطعْ فَعليهِ بالصّومِ، فإنهُ لهُ وِجاءٌ "

(1)

، أخرجاهُ.

عن أبي أيّوبَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أربعٌ من سُنَنِ المرسلين، " الحناءُ، والتَّعطُّرُ، والسِّواكُ، والنّكاحُ "

(2)

، رواهُ أحمدُ، والترمذيُّ، وقالَ: حسنٌ غريبٌ، وفي إسنادِهِ: الحجَّاجُ بنُ أرطأةٍ، وقد تكلّمَ فيهِ جماعةٌ من الحفّاظِ من قِبل حفظِهِ.

عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، وحَسبِها، وجمالِهَا، ولدينِها، فاظفرْ بذاتِ الدّين تَرِبتْ يَداك "

(3)

، أخرجاهُ.

ولمسلمٍ عن جابرٍ

(4)

: نحوهُ.

وعن ابنِ عمرَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال

(5)

: " الدّنيا مَتاعٌ، وخيرُ متاعِها المرأةُ الصّالحةُ "

(6)

، رواهُ مُسلمٌ.

عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، قالَ عليه السلام:" إذا نكحَ العبدُ بغيرِ إذنِ مولاهُ، فنكاحُهُ باطلٌ "

(7)

، رواهُ أبو داودَ من حديثِ عبدِ الله بنِ عمرَ العُمريِّ عن نافعٍ عنهُ، وقالَ: هو

(1)

البخاري (20/ 67) ومسلم (4/ 128).

(2)

أحمد (16/ 141) والترمذي (2/ 272).

(3)

البخاري (20/ 86) ومسلم (4/ 175).

(4)

مسلم (4/ 175).

(5)

كلمة " قال " ساقطة من الأصل، ولا بدّ من إثباتها.

(6)

مسلم (4/ 178).

(7)

أبو داود (1/ 480).

ص: 143

ضعيفٌ، وهو موقوفٌ، وهو من قولِ ابنِ عمرَ.

رواهُ ابن ماجة من حديثِ مَنْدَلِ بنِ عليِّ العَنزيّ وهو ضَعيفٌ أيضاً عن ابن جُريْجٍ عن موسى بنِ عُقْبةَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أيّما عبدٍ تزوّجَ بغيرِ إذنِ مَواليهِ، فهو زانٍ "

(8)

.

ولهُ أيضاً من حديثِ عبدِ الله بنِ محمدِ بنِ عقيلٍ عن ابن عمرَ مرفوعاً

(9)

: مثلُهُ.

وهذهِ طرقٌ يُقوِّي بعضُها بعضاً، ويُشبهُ أن يكونَ موقوفاً كما قالَ أبو داودَ.

عن عبد الحميدِ بنِ سليمانَ عن محمد بنِ عَجْلانَ عن ابن وَثيمةَ عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إذا خطبَ إليكُمْ من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ، فَزوِّجوهُ، إلاّ تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ "

(10)

، رواهُ الترمذيُّ، وابنُ ماجة، هكذا.

وقد رواهُ اللّيْثُ بنُ سَعدٍ عن ابنِ عجْلانَ عن أبي هُريرةَ نفسِهِ، قالَ البخاريُّ: وهذا أشبهُ، ولمْ يَعُدَّ حديثَ عبدِ الحميدِ، محفوظاً.

ثمَّ رواهُ الترمذيُّ عن أبي حاتمٍ المُزّنيِّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بنحوهِ، وقالَ: حسنٌ غريبٌ، وأبو حاتمٍ المُزَنيُّ لهُ صحبةٌ، لا نعرفُ لهُ غيرَ هذا الحديثِ.

ففي ذلكَ دلالةٌ على أنّ المرأةَ إذا دعتْ إلى كُفؤ إنه يجبُ على الوَليِّ تزويجُها، واللهُ أعلمُ.

عن عائشةَ: " أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تزوّجها وهي بنتُ ستّ سنينَ، وأُدخلتْ عليهِ وهي بنتُ تِسعٍ، ومَكثتْ عندَهُ تسْعاً "

(11)

، أخرجاهُ، وهذا لفظُ البخاريّ.

ففيه تزويجُ الصّغيرةِ بغيرِ إذنِها، لأنّ إذنَها والحالة هذهِ غيرُ مُعْتبرٍ، واللهُ أعلمُ، فأمّا إن كانتْ كبيرةً:

(8)

ابن ماجة (1960).

(9)

ابن ماجة (1959).

(10)

ابن ماجة (1967) والترمذي (2/ 274).

(11)

البخاري (1967) ومسلم (4/ 142).

ص: 144

فعن أبي هريرةَ، أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" لا تُنكَحُ الأيّمُ حتّى تُستأمَرَ، ولا تُنكَحُ البِكْرُ حتّى تُسْتأذَنَ، قالوا: وكيفَ إذنُها؟، قالَ: أنْ تسكتَ "

(12)

، أخرجاهُ.

ولهما عن عائشة

(13)

نحوه.

ولمسلمٍ عن ابنِ عبّاسٍ: نحوه

(14)

، وفي لَفْظٍ لهُ:" والبِكْرُ يَستأْذِنُها أبوها في نفسِها، وإذْنُها: صُماتُها ".

عن خَنساءَ بنتِ خِدَامِ بنِ خالدٍ الأنصاريّة: أنّ أباها زوّجها وهي ثيّبٌ، فكَرِهتْ ذلكَ، فأتتْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فردّ نكاحَهُ "

(15)

، رواهُ البخاريُّ.

قالَ اللهُ تعالى: " فانْكِحوهُنَّ بإذنِ أهلِهنَّ ".

وقال تعالى: " وإذا طَلَّقْتُم النّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنّ فلا تعضُلُوهُنَّ أنْ يَنْكِحْنَ أزْواجَهنَّ إذا تَراضَوا بيْنَهمْ بالمَعروفِ. . الآية "، فنهى الأولياءَ عن العَضلِ، فدلَّ على أنّ عُقدةَ النّكاحِ بأيديهم لا يصحُّ تزويجُ النّساءِ بدونهمْ، ويُؤيّدُهُ: ما قالَ الإمامُ أحمدُ: حدَّثنا وكيعٌ وعبدُ الرّحمن عن إسرائيلَ عن أبي إسحاقَ عن أبي بُرْدةَ عن أبي موسى الأشعَريّ: قالَ:

قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا نكاحَ إلا بوَليٍّ "

(16)

، وقد أخرجهُ أبو داودَ، والترمذيُّ، وابنُ ماجة، وغيرُهُمْ من حديثِ إسرائيلَ وشَريك القاضي، وقيسِ بنِ الرّبيعِ، ويونسَ بن أبي إسحاقَ، وزُهَيْرِ بنِ مُعاويةَ، كلّهمْ عن أبي إسحاقَ كذلكَ.

قالَ الترمذيُّ: رواهُ شُعْبةُ، والثَّوريُّ عن أبي إسحاقَ عن أبي بُرْدَةَ مُرْسَلاً، قالَ: والأولُ: عندي: أصحُّ، وهكذا صحَّحهُ عبدُالرحمن بنُ مَهْدي، فيما حَكاهُ ابنُ خُزَيْمةَ

(12)

البخاري (20/ 128) ومسلم (4/ 140).

(13)

البخاري (20/ 128) ومسلم (4/ 141).

(14)

مسلم (4/ 141).

(15)

البخاري (20/ 129).

(16)

أحمد (16/ 155) وأبو داود (1/ 481) والترمذي (2/ 280) وابن ماجة (1880).

ص: 145

عن ابنِ المُثَنّى عنهُ.

وقالَ عليُّ بنُ المَدينيِّ: حديثُ إسرائيلَ في النّكاحِ: صحيحٌ، وقالَ البخاريُّ: الزّيادةُ من الثقةِ: مقبولةٌ، وإسرائيلُ: ثقةٌ، وكذا صحَّحهُ البيهقيُّ، وغيرُ واحدٍ من الحُفّاظِ، ولهُ طرُقٌ أُخر، تَركْتُها اختصاراً.

ورَواهُ أبو يَعْلى المَوْصليُّ في مُسندِهِ عن جابر مرفوعاً، قالَ الحافظُ الضّياءُ: بإسنادٍ، رجالُه: ثقاتٌ.

وعن أبي هُريرة، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " لا تُزَوِّجُ المرأةُ المرأةَ، ولا تُزَوِّجُ المرأةُ نفسَها، فإنّ الزّانيةَ هيَ التي تُزَوِّجُ نفسَها "

(17)

، رواهُ ابنُ ماجة بإسنادٍ جيّدٍ، من حديثِ هشامِ بنِ حَسّانٍ عن محمدِ بنِ سيرينَ عنهُ، لكنْ رواهُ الشافعيُّ عن ابنِ عُيَيْنة عن هشامِ بنِ حسّانَ عن ابنِ سيرين عن أبي هريرة موقوفاً، وهو الصّحيح.

عن سليمانَ بنِ موسى عن الزُّهريّ عن عُرْوةَ عن عائشةَ، قالتْ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أيّما امرأةٍ لمْ يُنكِحْها الوَليُّ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فإنْ أصابَها، فلها مَهْرُها بما أصابَ منها، فإنْ اشْتجروا فالسلطانُ وليُّ من وَليَّ له "

(18)

، رواهُ الشافعيُّ، وأحمدُ، وأبو داود، وابنُ ماجة، والترمذيُّ، وقالَ: حسنٌ، وصحّحهُ يحيى بن مَعينٍ، وغيرُهُ من الحفّاظِ، وتكلّمَ غيرُ واحدٍ في سليمانَ من أجلِ هذا الحديثِ كما هو مبسوطٌ في ترجمتِهِ من كتابِ التّكميلِ في معرفةِ الرّجالِ، ولله الحمدُ.

وعن أُمِّ حَبيبةَ: " أنها كانتْ عندَ ابنِ جَحْشٍ، فهلَكَ عنْها، وكان ممنْ هاجرَ إلى أرضِ الحَبشةِ، فزَوّجَها النجاشيُّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهي عندَهمْ "

(19)

، رواهُ أبو داود، وهذا لفْظُهُ، والنسائيّ، فَيُستدلُّ بهِ على ولايةِ السّلطانِ عندَ غيبوبةِ الأولياءِ، لكنْ ذكرَ

(17)

ابن ماجة (1882).

(18)

الشافعي (5/ 11) وأحمد (16/ 154) وأبو داود (1/ 481) وابن ماجة (1879) والترمذي (2/ 281).

(19)

أبو داود (1/ 481) والنسائي في الكبرى كما في التحفة 11/ 308.

ص: 146

في السّيرةِ وغيرِها أنّ الذي وليَ عقْدَها كانَ خالدَ بنَ سعيد بنِ العاصِ، واللهُ أعلمُ.

وقالَ الشافعيُّ عن مالكٍ فيما بلغهُ عن سعيدِ بنِ المُسيّبِ، قالَ: قالَ عمرُ: " لا تُنكَح المرأة إلى بإذنِ وليِّها، أو ذي الرأي من أهلِها، أو السّلطانِ "

(20)

.

ورواهُ الدارَقُطنيّ من وجهٍ آخر عن سعيدِ بنِ المُسيّبِ، وهو: صحيحٌ.

قالَ: أخبرَنا ابنُ عليّة عن سعيدٍ عن قَتادَةَ عن الحَسنِ عن عُقْبةَ بنِ عامرٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أيّما امرأةٍ زوَّجها وَليّان، فهو للأوّلِ منهما "

(21)

.

رواهُ النسائيُّ من حديث إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ عن قَتادةَ عن الحسنِ عن عُقْبةَ وعن سَمُرةَ بهِ.

وأخرجهُ ابنُ ماجة من حديثِ خالد بنِ الحارثِ عن سعيدٍ عن قَتادةَ عن الحسنِ عن عُقبةَ أو سَمُرةَ بالشّكِّ.

وقد رواهُ الترمذيُّ من حديثِ غُنْدَرٍ عن سعيدِ بنِ أبي عَروبةَ عن قَتادَةَ عن الحَسنِ عن سَمُرةَ من غيرِ شَكٍّ، وقالَ: حسنٌ.

وهكذا رواهُ أحمد، وباقي أصحابِ السُّنَنِ من طرقٍ أُخَر عن قتادةَ عن الحسنِ عن سَمُرةَ بهِ، واللهُ أعلمُ، وهذهِ الطرقُ التي صحَّحها أبو زُرْعَة، وأبو حاتمٍ الرَّازيان رحمهمُا اللهُ.

عن ابنِ عباسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا نكاحَ إلا بوَليٍّ، وشاهدَيْ عدْلٍ، وأيُّما امرأةٍ أنكَحها وليٌّ مسخوطٌ عليهِ، فنكاحُها باطلٌ "

(22)

، رواهُ الدارَقُطنيُّ من حديثِ

(20)

الشافعي معلقاً عنه (8/ 162 - الأم مع مختصر المزني) والدارقطني (3/ 229)، والشافعي (7/ 222) هكذا عن مالك بلاغاً له عن سعيد.

(21)

النسائي (7/ 314) والشافعي (8/ 44 الأم مع المسند) والترمذي (2/ 288)، وأحمد (16/ 155) وأبو داود (1/ 482).

(22)

الدارقطني (3/ 221)، والبيهقي (7/ 124) وقال عقبه: كذا رواه عدي بن الفضل وهو =

ص: 147

عَديِّ بنِ الفَضل - وهو: مَتروكٌ.

ورواهُ الطَّبرانيُّ ولفْظُهُ: " لا نكاحَ إلا بإذنِ وَليٍّ مُرْشدٍ، أو سُلطانٍ "

(23)

.

وقد اعتمد الشافعيُّ في أنهُ لا يجوزُ أن يكونَ الوليُّ فاسقاً بما رواهُ عن مسلم بن خالدٍ عن ابنِ خُثَيْمٍ عن سعيد بن جُبيْرٍ عن ابن عبّاسٍ، قالَ:" لا نكاحَ إلا بوليٍّ مرشدٍ، وشاهديْ عَدْلٍ "

(24)

، وهذا موقوفٌ، وهو أصحّ من الأوّلِ.

قال البخاريُّ: " خطبَ المغيرةُ بنُ شُعْبةَ امرأةً هو أولى الناسِ بها، فأمرَ رجلاً فزَوَّجهُ "

(25)

.

وقالَ عبدُ الرحمن بنُ عوفٍ لأُمِّ حَكيم بنتِ قارِظٍ: " أتجعلينَ أمرَكِ إليَّ؟، قالتْ: نعَمْ، قالَ: قد تزوَّجْتُكِ ".

قالَ الله: " الخبيثاتُ للخبيثينَ والخبيثونَ للخَبيثاتِ والطَّيِّباتُ للطَّيِّبينَ والطَّيِّبونَ للطَّيِّباتِ. . الآية ".

وقالَ عمرُ: " لأمنعنَّ تَزوّجَ ذواتِ الأحسابِ إلا من الأكفاءِ "

(26)

، رواهُ الدارقُطنيُّ من حديثِ إبراهيمَ بنِ محمدِ بنِ طَلحةَ عنهُ، وفيهِ انقطاعُ.

عن ابن عمرَ مرفوعاً: " العربُ بعضُها أكفاءُ لبعضٍ قبليةٌ بقبليةٍ، ورجلٌ برجلٍ إلا حائكاً، أو حجّاماً "

(27)

.

وعن عائشةَ مرفوعاً: نحوهُ، رواهُما البيهقيُّ في سُنَنهِ الكبيرِ، ولا يصحّان لضعفِ

= ضعيف، والصحيح موقوف، والله أعلم.

(23)

الطبراني في الأوسط (525)، أخرجه البيهقي من طريقه (7/ 124) وقال: ولم يرفعه، من رواية الثوري بن خثيم.

(24)

الشافعي (5/ 19)، والبيهقي (7/ 124، 126) من طرق عن ابن خيثم وصحّحه موقوفاً.

(25)

البخاري (20/ 124).

(26)

الدارقطني (3/ 298)، والبيهقي (7/ 133).

(27)

البيهقي (7/ 135)، وكذا حديث عائشة وضعفهما.

ص: 148

إسنادَيْهما، قالَ أبو حاتم في حديثِ ابنِ عمرَ: هذا كذبٌ، لا أصلَ لهُ، ولكنْ رَوى أبو القاسمِ البَغَويُّ بإسنادٍ صحيحٍ عن سَلْمانَ الفارسيّ أنهُ قالَ:" لا نَؤُمّكم في صلاتِكمْ، ولا ننكحُ نساءَكم - يعني - العربَ ".

عن الزُّهريّ: " أنهُ بلغَه أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " قدّموا قريشاً، ولا تقدّموها، وتعَلّموا من قريشٍ ولا تعَلموها "

(28)

، رواهُ الشافعيّ عن ابن أبي فُدَيكٍ عن ابنِ أبي ذِئْبٍ عنهُ.

عن واثِلةَ بنِ الأسْقعِ، قالَ عليه السلام:" إنّ اللهَ اختارَ كِنانةَ من بني إسماعيلَ، ثمّ اختارَ من كِنانة قُريْشاً، ثمّ اختار من قريش بني هاشمٍ، ثمَّ اختارني من بني هاشمٍ "

(29)

، رواهُ مُسلمٌ.

عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عن سعيدٍ المقْبرِيِّ عن أبي هُريرةَ، قالَ: قالَ عليه السلام: " لا ينكح الزاني المَجلودُ إلا مثلَهُ "

(30)

، رواهُ أبو داود، وهذا إسنادٌ جيدٌ قويٌّ.

سيأتي حديثُ بريرةَ: " أنها أُعتِقَتْ وزوجُها عبدٌ، فخُيِّرتْ - الحديث بطولهِ في الخيارِ في النّكاحِ "

(31)

، وهو عُمدةُ الشافعيّ في إثباتِ الكفاءةِ كما نصّ عليهِ في البُوَيطيِّ وغيرِه.

قالَ اللهُ تعالى: " يا أيّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُمْ من ذَكرٍ وأُنثى وجَعَلناكُمْ شُعوباً وقبائلَ لتَعارَفوا إنَّ أكْرمَكمْ عندَ اللهِ أتقاكُمْ ".

عن ابنِ عمرَ أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خطبَ الناسَ يومَ فتحِ مكّةَ وقالَ: " يا أيها الناسُ: إنّ الله قد أذهبَ عنكُمْ عُبْيَةَ الجاهليّةِ وتعاظُمَها بآبائِها، فالناسُ رجلان: رجلٌ بَرٌّ تقيٌّ وكريمٌ على اللهِ، وفاجرٌ شَقيٌ هيّنٌ على اللهِ، والناسُ بنو آدمَ، وخلقَ اللهُ آدمَ من ترابٍ،

(28)

الشافعي (8/ 436) الأم مع المسند، والبيهقي (3/ 121)، وحديث سلمان موقوفاً عند البيهقي أيضاً (7/ 134). وكذا مرفوعاً وضعفه.

(29)

مسلم (7/ 58).

(30)

أبو داود (1/ 473).

(31)

سيأتي.

ص: 149

قالَ اللهُ: " يا أيّها الناسُ إنّا خَلَقْناكُمْ من ذَكرٍ وأُنثى وجَعَلناكُمْ شُعوباً وقبائلَ لتَعارَفوا إنَّ أكْرمَكمْ عندَ اللهِ أتقاكُمْ أنّ اللهَ عليمٌ خَبيرٌ "

(32)

.

رواهُ الترمذيُّ، وقالَ: غريبٌ لا نعرفُهُ إلا من هذا الوجهِ، وعبدُ اللهِ بنُ جَعفرٍ يُضَعَّفُ، ضَعَّفَهُ يحيى بنُ معينٍ، - وهو والدُ عليِّ بنِ المَديني - وغيرُه.

وفي البابِ عن أبي هريرةَ، وابنِ عبّاسٍ.

وعن الحسنِ عن سَمُرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الحسَبُ: المالُ، والكرمُ: التقوى "

(33)

، رواهُ ابنُ ماجة، والترمذيُّ، وقالَ: حسنٌ غريبٌ صحيحٌ، فدلَّ هذا كلّهُ على أنّ الكفاءَةَ ليستْ شَرْطاً في صحّةِ العقدِ، بلْ إنَّ زوَّجَها برضاها غيرَ كُفؤٍ صحَّ العقدُ، كما زوّجَ أبو حُذيفةَ مَولاهُ سالماً بابنةِ أخيهِ الوليدِ بنِ عُتبةَ "

(34)

، وكما تزوّجَ المقْدادُ بنُ الأسودِ الكِنْدِيُّ

(35)

ضُباعةَ بنتَ الزُّبيرِ بنِ عبدِ المُطَّلبِ، وكلاهما في الصحيحين.

ورَوى الدارَقُطنيُّ من حديثِ حَنْظلةَ بنِ أبي سُفيان الجُمحِيِّ عن أُمّهِ، قالتْ:" رأيتُ أُختَ عبدِ الرّحمنِ بنِ عَوْفٍ تحتَ بلالٍ "

(36)

.

وعن أبي هريرةَ: " أنّ أبا هندٍ حَجَمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في اليافوخِ، وقالَ عليه السلام: يا بني بَياضةَ أنكِحوا أبا هندٍ، وأنكحوا إليه "

(37)

، رواهُ أبو داود بإسنادٍ جيّدٍ.

وعن ابنِ عبّاسٍ: أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " البَغايا: اللاتي يُنكحْنَ أنفسَهنّ بغيرِ بيّنةٍ "

(38)

، وقالَ: صحيحٌ.

(32)

الترمذي (5/ 389 تفسيره سورة 49)، قلت: وأبو داود (2/ 624) عن أبي هريرة.

(33)

ابن ماجة (4219) والترمذي (5/ 390 تفسيرة سورة 49).

(34)

البخاري (20/ 83).

(35)

البخاري (20/ 85) ومسلم (4/ 26).

(36)

الدارقطني (3/ 302).

(37)

أبو داود (1/ 484).

(38)

الترمذي (2/ 284)، والبيهقي (7/ 125).

ص: 150

عن ابنِ عبّاسٍ قولهِ: " لا نكاحَ إلا بِبَيِّنةٍ "

(39)

.

وروى أحمدُ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مُحرّرٍ - وهو متروكٌ - عن قَتادَة عن الحسن عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" لا نكاحَ إلا بوَليٍّ وشاهدين "

(40)

، والصحيحُ ما قالهُ الشافعيُّ: وُويَ عن الحسنِ: أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " لا نكاحَ إلا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدْلٍ ".

ثمَّ قالَ: وهذا، وإن كانَ مُنْقَطعاً فإنَّ أكثرَ أهلِ العلمِ يقولُ بهِ.

وعن عائشةَ، قالتْ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا نكاحَ إلا بوَليٍّ وشاهدَيْ عَدْلٍ، فإنْ تشاجروا، فالسُّلطانُ وليُّ من لا وَليٍّ لهُ "

(41)

، رواهُ ابنُ حِبّانَ في صحيحِهِ، وقالَ: لا يصحُّ في الشاهدين سواهُ.

ورواهُ الدارَقُطنيُّ في سُنَنِهِ، وهو من روايةِ عيسى بنِ يُونُسَ، وحَفصِ بنِ غِياثٍ، وخالدِ بنِ الحارثِ ثلاثتهم عن ابن جُرَيْجٍ عن سُليمانَ بنِ موسى عن الزُّهريِّ عن عُرْوةَ عن عائشةَ، وعلّلهُ الدارَقُطنيُّ في العَلَلِ بأنّ الثّوريَّ، ويحيى بنَ سعيدٍ، وغيرَهما من الحُفّاظِ رَوَوْهُ ولمْ يَذكروا فيهِ الشّاهدين.

ورواهُ الدارَقُطنيُّ من وجهٍ آخرَ عن عائشةَ مرفوعاً: " لا بُدَّ في النِّكاحِ من أربعة: الزّوجِ، والوليّ، والشاهدينِ "، ولكنْ في إسنادِهِ: أبو الخَصيب نافعُ بن مَيْسرةَ، قالَ: وهو: مجهولٌ، ثمَّ رواهُ من طريقٍ آخرَ عن ابنِ عمرَ مرفوعاً، ولا يصحُّ، لأنهُ من رواية ثابتِ بنِ زُهَيْرٍ، وهو متروكٌ عن نافعٍ عنهُ، وأحسنُ ما في ذلكَ ما رواهُ الشافعيّ عن مالكٍ عن أبي الزبير:" أنَّ عمرَ أُتِيَ بنكاحٍ لم يشهدْ عليهِ إلا رجلٌ وامرأةٌ، فقالَ: هذا: هو نكاحُ السّرِّ، ولا أُجيزُهُ، ولو كنتُ تقدّمتُ فيهِ، لرجمتُ "

(42)

. وهكذا رواهُ سعيدُ بنُ

(39)

الترمذي (2/ 284).

(40)

لم أجده في مسند أحمد والشافعي (5/ 151)، والبيهقي (7/ 125) موصولاً بذكر عمران، ومرسلاً عن الحسن.

(41)

ابن حبان (305 الموارد) والدارقطني (3/ 226) و (3/ 225)، والبيهقي (7/ 125).

(42)

الشافعي (5/ 19)، والبيهقي (8/ 126)، (8/ 440 الأم مع المسند).

ص: 151

المُسيّبِ، والحسنُ البَصْريُّ، وأبو الشّعْثاءِ وإبراهيمُ النَّخعيُّ، وقَتادَةُ.

عن ابنِ مسعودٍ، قالَ:" علَّمنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّشهُّدَ في الحاجةِ في النكاحِ وغيرهِ: إنَّ الحمدَ لله نَستعينُهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، " يا أيُّها الناسُ اتقوا ربكم الذي خَلقكُم منْ نفْسٍ واحدةٍ، وخلقَ منها زوْجَها، وبثَّ منها رجالاً كثيراً ونساءً، واتّقُوا اللهَ الذي تَساءَلونَ بهِ والأرحامَ إنَّ اللهَ كانَ عَليْكُمْ رَقيباً "، " يا أيّها الذينَ آمَنُوا اتّقوا اللهَ حقَّ تقاتِهِ ولا تموتُنَّ إلا وأنْتُم مُسْلمونَ "، يا أيّها الذينَ آمنوا اتّقوا اللهَ وقولوا قوْلاً سديداً يُصلحْ لكُمْ أعمالكُمْ ويَغفِرْ لكُم ذُنوبَكُمْ ومنْ يُطِع اللهَ ورسولَهُ فقدْ فازَ فوزاً عظيماً "

(43)

، رواهُ أحمدُ. وأهلُ السُّننِ، وهذا لفظُ أبي داودَ، وقالَ الترمذيُّ: حسنٌ، وفي لفْظٍ لأبي داودَ بعدَ قَولِه:" ورسولِهِ ". أرسَلَهُ بَشيراً ونَذيراً بينَ يَدَي السّاعةِ، مَنْ يُطعِ اللهَ ورسولَهُ فقدْ رشَدَ، ومنْ يَعْصِهمَا فإنّهُ لا يَضرُّ إلا نفسَهُ، ولا يضرُّ اللهَ شيْئاً ".

وفي إسنادِ هذا الحديثِ اختلافٌ على أبي إسحاقَ السَّبيعي عن عبد اللهِ قولهِ، فاللهُ أعلمُ.

قالَ الشافعيُّ: أخبرَنا سفيانُ عن عَمْرٍو - هو ابنُ دينارٍ عن ابنِ أبي مليْكَةَ عن ابنِ عمرَ: " أنهُ كانَ إذا أنكحَ قالَ: " أنكَحْتُكَ على ما أمرَ اللهُ وعلى إمساكٍ بمعروفٍ أو تسريحٍ بإحسانٍ "

(44)

.

قالَ الشافعيُّ: فإنْ لمْ يَزدْ على عَقدِ النّكاحِ جازَ.

قلتُ: ودليلُهُ: ما رواهُ أبو داود من حديثِ شُعبةَ عن العَلاءِ بنِ أخي شُعَيْبٍ الرّازيّ عن إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ عن رجلٍ من بَني سُليْمٍ، قالَ: " خطبتُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(43)

أحمد (16/ 165) وأبو داود (1/ 489) والترمذي (2/ 285)) والنسائي (3/ 150) وابن ماجة (1892).

(44)

الشافعي (5/ 34)، والبيهقي (7/ 147).

ص: 152

أُمامةَ بنتَ عبدِ المُطّلبِ، فأنكَحني من غيرِ أن يَتَشهّدَ "

(45)

.

قالَ أبو داودَ: وفي هذا أحاديثُ.

قالَ اللهُ: " فلمّا قَضَى زيدٌ مِنْهَا وطَراً زوّجْناكَها ".

وقالَ: " فانكحوهُنَّ بإذْنِ أهْلِهنَّ ".

وعن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ في قصّةِ الواهبةِ نفْسَها: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ للرّجلِ، الذي خَطبها: إذهبْ فقدْ ملَّكتَكَها بما مَعكَ من القُرآنِ "

(46)

، أخرجاهُ.

وللبخاريّ: " أنكَحْنَاكَها بما مَعكَ من القرآن "

(47)

.

ولمسلم: " زوَّجْتُكَها، فعَلِّمْها من القُرآنِ "

(48)

.

عن عَمرِو بنِ شُعيْبٍ عن أبيهِ عن جدّهِ، قالَ: قالَ عليه السلام: " إذا أفاد أحدُكُمْ امرأةً، أو خادماً، أو دابةً، فلْيأخذْ بناصيتها، ولْيقلْ: إني أسألكَ خيرَها. وخيرَ ما جُبِلتْ عليهِ، وأعوذُ بكَ من شرِّها، وشرِّ ما جُبِلتْ عليهِ "

(49)

، رواهُ أبو داودَ، والنّسائيُّ، وابنُ ماجة، وهذا لفْظُهُ.

تقدَّمَ حديثُ بَهْزِ بنِ حَكيمِ بنِ مُعاويةَ بنِ حَيْدةَ القُشَيْريِّ عن أبيهِ عن جدّهِ: " قلتُ: با رسولَ اللهِ: عوراتُنا ما نأتي منها وما نَذَرُ، قال: احفظْ عورتَكَ إلا من زوجتِكَ وما مَلَكَتْ يمينُكَ "

(50)

.

(45)

أبو داود (1/ 489).

(46)

البخاري (20/ 114) ومسلم (4/ 143).

(47)

البخاري (20/ 139).

(48)

مسلم (4/ 144).

(49)

أبو داود (1/ 498) والنسائي في اليوم واليلة (263) وابن ماجة (1918).

(50)

تقدم.

ص: 153

وتقدَّمَ حديثُ عائشةَ: " كنتُ أغتسلُ أنا ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ، كلانا جُنُبٌ "

(51)

.

وهذا قد يكونُ ظاهراً في النّظرِ إلى جميعِ البدنِ إلا ما رواهُ أحمدُ، وابنُ ماجة عن عائشةَ، قالتْ:" ما نظرتُ إلى، أو ما رأيتُ فرجَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ "

(52)

.

عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ عليه السلام:" لا ينظرْ أحدُكم إلى فَرجِ زوجتِهِ، ولا فرجِ جاريتِهِ إذا جامَعها، فإنّ ذلكَ يُورثُ العَمى "

(53)

. رواهُ الحافظُ أبو أحمدَ بنُ عَديّ في كامِلهِ في ترجمةِ بقيّةَ بنِ الوليدِ بن قُتيبةَ عن هشامِ بنِ خالدٍ عن بقيّةَ حدّثني ابنُ جُرَيْج عن عَطاءٍ عن ابنِ عبّاسٍ فذكرَهُ.

ثمَّ رَوى بهذا السّندِ مرفوعاً: " تربوا الكتابَ، وأسْموا من أسفلِه فإنهُ أنجحُ للحاجةِ "، قالَ: وحدّثنا بهذا الإسنادِ ثلاثةَ أحاديثَ مَناكيرَ، ثمّ قالَ: وهذهِ الأحاديثُ يُشبهُ أن يكونَ بينَ بقيّة، وبينَ ابن جُرَيْج بعضُ المجهولين أو بعضُ الضُّعفاءِ ألا أن هشامَ بنَ خالد قالَ: عن بقيّةَ حدَّثني ابنُ جريْج، وقالَ الحافظُ أبو الفضل محمدُ بنُ عَسْكر بن المكحية

(54)

، هذا حديثٌ غريبٌ جداً، لا أعرفُهُ إلا من حديثِ بقيّةَ، وحكمَ بأنهُ موضوعٌ أبو حاتم بنُ حِبّانَ البُسْتيّ، وابنُ الجَوْزي، وضعَّفه أبو نَصْر بنُ الصَّباغِ وحسَّنهُ ابنُ الصَّلاحِ لظاهرِ سَندِهِ، وقولُ الجمهورِ أوْلى.

قال اللهُ: " ويَسْألونَكَ عن المَحيضِ قُلْ هُوَ أذَىً فاعْتَزِلُوا النِّساءَ في المَحيضِ ولا تَقْربوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ فإذا تَطَهّرنَ فأتوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أمَركُمُ اللهُ، إنَّ اللهَ يُحبُّ التَّوابينَ ويُحبُّ المُتَطَهِّرينَ "، وقدْ تقدّمَ في بابِ الحيضِ بيانُ تحريمِ وطْءِ الحائضِ بالسّنةِ الصحيحةِ، وأمّا مَسْألةُ الدُّبُرِ، فقد نُقِلَ فيها شيءٌ عن السّلَفِ، والصحيحُ ما عليهِ الجمهورُ من تحريمِ ذلكَ:

(51)

تقدم.

(52)

أحمد (المتن 6/ 63) وابن ماجة (662).

(53)

ابن عدي (3/ 149 التلخيص)، عزاه الحافظ له ولابن حبان.

(54)

بالأصل غير واضحة، أبي جد أبي الفضل فلم أتبينها.

ص: 154

قالَ اللهُ: " نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لكُمْ فائْتوا حَرْثَكُمْ أنّى شِئْتُمْ. . الآية "، قالَ العلماءُ: الحَرْثُ: هو مَحلُّ الوَلدِ، فأمّا الدُّبُرُ فَحُشٌ.

عن جابرٍ، قالَ:" كانت اليهودُ تقولُ: إذا أتى الرجلُ امرأتَهُ من دُبُرِها في قُبلِها كانَ الولدُ أحولَ، فنزَلتْ: " نِساؤكُمْ حَرْثٌ لكُمْ فأتُوا حَرْثَكُمْ أنّى شِئتُمْ "

(55)

، أخرجاهُ، ولمسلمٍ:" إن شاءَ مُجَبِّيةً، وإن شاءَ غيرَ مُجَبِّيةٍ، غير أنّ ذلكَ في صَمّامٍ واحدٍ "

(56)

.

وعن ابنِ عبّاسٍ، قالَ:" أتى عمرُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، هلكتُ، قالَ: وما الذي أهلكَكَ؟، قالَ: حوَّلتُ رحْلي البارحةَ، قالَ: فلمْ يَرُدَّ عليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شيئاً، قالَ: فأوحى اللهُ إلى رسولِهِ: " نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ "، أقبِلْ وأدْبِر، واتّقِ الدُّبرَ والحيضةَ "

(57)

، رواهُ أحمدُ، والترمذيُّ، وقالَ: حسنٌ غريبٌ.

وعنهُ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا ينظرُ اللهُ إلى رجلٍ أتى رجلاً، أو امرأةً في دُبُرِها "

(58)

، رواهُ الترمذيُّ، وقالَ: حسنٌ غريبٌ، وأخرجَهُ أبو حاتمٍ بنُ حِبّانَ في صحيحهِ، ورواهُ النّسائيُّ مَوقوفاً. .

وقدْ رُويَ في ذلكَ عن أبي هُريرةَ، وخُزيْمةَ بنِ ثابتٍ، وعليِّ بنِ طَلْقٍ، وعَمرو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدّهِ، وفي إسنادِ كلٍّ منها نَظرٌ، لكنْ يُقَوّي بعضُها بَعْضاً.

عن أبي سعيد، قال:" أصبْنا سَبايا، فكُنّا نَعزِلُ، فسألْنا رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: أو إنّكُمْ لتَفعلونَ، قالَها ثَلاثاً، ما مِن نَسَمةٍ كائنةٍ إلى يومِ القيامةِ إلا هيَ كائنةٌ "

(59)

، أخرجاهُ، لفْظُهُ للبخاريّ.

(55)

البخاري (18/ 118) ومسلم (4/ 156).

(56)

مسلم (4/ 156).

(57)

أحمد (المتن 1/ 297) والترمذي (4/ 284).

(58)

الترمذي (2/ 316) وابن حبان (1303) والنسائي مرفوعاً وموقوفاً كما في التحفة 5/ 120، قلت: وأحمد دون ذكر رجلاً (16/ 224).

(59)

البخاري (20/ 196) ومسلم (4/ 158).

ص: 155

ولمسلمٍ: " لا عَليْكُم ألا تفْعلوا "

(60)

.

وعن جابرٍ قالَ: " كنّا نعزِلُ والقرآنُ ينزلُ، ولو كانَ شيئاً نُهي عنهُ لنهانا عنهُ القرآن "

(61)

، أخرجاهُ.

ولمسلم: " فبلغَ ذلك نبيَّ اللهِ، فلمْ يَنْهَنا "

(62)

، وهذا في الحرائرِ والإماءِ.

عن عمرَ: " أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عن العزْلِ عن الحرّةِ "

(63)

، رواهُ أحمدُ وابنُ ماجة من حديثِ ابنِ لهيعةَ، وقد تكلّموا فيه.

عن أبي هريرةَ، قالَ عليه السلام:" إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِهِ فأبتْ أن تجيءَ لَعَنَتْها الملائكةُ حتى تُصبحَ "

(64)

، أخرجاهُ، ولفظُهُ للبخاري، فيُؤخَذُ منهُ إجبارُها على ما يتوقّفُ الاستمتاعُ عليهِ لأنهُ واجبٌ عليها طاعتهُ في الاسْتمتاعِ، ويشهدُ لذلكَ حديثُ معاذٍ: أوصاني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعشرِ كلماتٍ، فذكرَ في آخرهِنَّ:" وأنفقْ على عيالِكَ من طَولِكَ، ولا ترفعْ عنهم عصاك أدباً، وأخِفْهمْ في اللهِ "

(65)

، رواهُ الإمامُ أحمدُ.

عن جابرٍ، قالَ:" كُنّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلما قَدمْنا المدينةَ ذهبنا ندخلُ، فقالَ: أمهلوا، حتّى ندخلَ ليلاً أي: عِشاءً، كيْ تَمْتشطَ الشَّعثةُ، وتستحِدُّ المغيبةُ "

(66)

، أخرجاهُ.

(60)

مسلم (4/ 158).

(61)

البخاري (20/ 195) ومسلم (4/ 160).

(62)

مسلم (4/ 160).

(63)

أحمد (16/ 218) وابن ماجة (1928).

(64)

البخاري (18420) ومسلم (4/ 157).

(65)

أحمد (المتن 5/ 238).

(66)

البخاري (20/ 221) ومسلم (6/ 55).

ص: 156